طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

حين يُصـبحُ الملك شعباً


يتسابق صناع القرار في دول العالم على اصطياد أسماء برّاقة تليق بما وصلوا إليه من مراكز مهمة ، وهم في بحثهم يسعون إلى صفات أوسع مساحة من مناصبهم كي تكون قابلة للاختباء خلفها أمام تقصيرهم بدورهم الحقيقي الذي ألبسهم هذه الصفة ، رُغم أن القوانين والأنظمة قد سعت إلى حل يعفيهم من التوتر والحيرة بتحديدها أسماء المناصب والرتب بعيداً عن الارتباك وجهد البحث .
حُمى السباق هذا لم يخلُ منه عصر على مر العصور ، فالألقاب الفضفاضة قد انتشرت عند جميع صُناع القرار ، ففي عصر الفراعنة والبابليين كانت الألقاب منحة من الحاكم الذي حصل على لقب الإله ، وعند الفرس كان لقب ملك الملوك / شاهٍ شاه هو المسيطر بين الألقاب جميعاً ، أما عند العباسيين فقد كان التفاخر باللقب الذي يتصل بالله ، فهناك الواثق بالله ، والمعتصم بالله ، وفي بلاد الإنجليز كان ريتشارد قلب الأسد ، ولكن وحده عمر بن الخطاب منحه المؤرخون لقب الخليفة العادل ، وهو لقب لم يسع إليه أبداً .
إن مملكتنا ، الصغيرة بحجمها ، الكبيرة بشعبها ومليكها ، وعظيمة بتاريخها وحاضرها استطاعت في أقل من قرن من الزمان أن تثبت وجودها على خارطة العالم الحضارية ، والإنسانية ، والعلمية ، واستطاعت أن تُزاحم ممالك وحكومات دفعت مئات السنين من عمرها حتى تصل إلى ما وصلت إليه . هذا الحضور على صفحات التاريخ الإنساني المعاصر ، لم يكن ليكون لولا توأمة الروح بين الملك والشعب ، فالشعب هو حصان المراهنة لهذا التطور والإنجاز والازدهار ، وهذا الملك الفارس هو سر النجاح ، وهو المفتاح الحقيقي لبوابة العبور نحو مستقبل مزهر يليق بوطن يعي أبناؤه دورهم ، ويسعون إلى المجد والكرامة .
إن المزاوجة في الأردن بين الملك والشعب ليست بحاجة إلى حُمى السباق من أجل الألقاب ، فقد أصبحا روحاً واحدة في جسد الوطن ، حتى أصبحنا لا نستطيع التفريق هل نحن أمام شعب قد أصبح ملكاً ، أم أمام ملك قد أصبح شعباً ؟ وفي الصورتين التوأم هدف نبيل لن تصل إليه دول تسعى إلى ديمقراطية تتوحّـــــد فيها رغبة الشعب في الحُكم مع سلطة الحاكم من أجل قرار .
هنا فقط ، وعلى أرض الأردن تتوقف السباقات نحو الألقاب بعد أن توحّــدنا بملك قد أصبح شعباً .


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/58478