دردشة عامة حول تصوير و اسلوب عرض الفيلم في دور العرض،
يفضل للقارئ العزيز ان يكون قد شاهد الفيلم قبل قراءة هذه المقالة،
فيلم يوم 13 هو فيلم من فئة الرعب و التراجيدي صدر في مصر في موسم عيد الفطر في 21 ابريل من عام 2023، و بحسب المصادر الإعلامية فقد حقق 25 ميلون جنيه1 مصري في شباك التذاكر اي ما يعادل 573 ألف دينار اردني في ذاك الوقت، و هو من بطولة عدد لامع جدا من الفنانين من بينهم احمد داود، دينا الشربيني، شريف منير، اروى جودة، محمد ثروت، محمود عبدالغني و فيدرا، اخرجه و كتب السيناريو و الحوار له المخرج وائل عبدالله، و هو من انتاج شركة اوسكار للإنتاج و دور العرض، و بالرغم من صدوره العام الماضي الا انني شاهدته منذ بضعة ايام فقط على نتفلكس، و بحسب صُنًاعُهْ فهو اول فيلم عربي روائي طويل تم تصويره و بثه بإستخدام تقنية الd3 او ثلاثية الأبعاد، و للذي لا يعلم كثيرا عن هذه التقنية سأشرح بإيجاز عنها حيث لها تفاصيل كثيرة، فلذلك لن اخوض الا بالعموميات،
هذه التقنية تم البحث بها منذ بزوغ عصر السينما بأمريكا، حيث التجارب الأولى لتقنية ال3d تعود الى السابع و العشرين من ايلول لعام 1922 لفيلم صامت بإسم The Power of Love،2 و تم عرض هذا الفيلم في مسرح فندق الأمبسدور خارج دور العرض حينها، صمم الكاميرا التي صورت الفيلم المنتج هاري فيرال و المصور السينمائي روبرت إلدر، حيث تم تصوير الفيلم على شريطين سينمائين (اي على نسختين) و تم طبع نسخة ملونة منه بواسطة اسلوب تلوين للأفلام تم اختراعه من قِبَلْ هاري فيرال، تم مشاهدة الفيلم بواسطة مسلاط سينمائي (projector) عادي و لكن كان على المشاهدين ارتداء نظارات تسمى anaglyphic، و هذه تسمية للناتج من تصوير الفيلم بشريطين حيث لكل منهما زاوية تصويرية خاصة، و هذا الأسلوب يسمى ايضا stereoscopic، و الجدير بالذكر ان رقم تسجيل هذه الإختراعات للمخترعين بأميريكا موجود و مسجل بتاريخ التاسع من ايلول سنة 1930، و لكن بعد عرض سريع للإعلام و لعدد من المشاهدين فقدت نسخته و لم تعرض او تنوجد بعد هذه التواريخ، عرف عام 1922 عدة تجارب ناجحة آخرى، فاثارت تجارب فيرال المصور وليام فان دورين مخترع كاميرا البريزما3، و نجح بتصوير لقطات من كاميرا من اختراعه، فاتفق مع ساميويل روكسي روثافيل (مالك لدور عرض في نيويورك) بعرض اولى افلامه القصيرة من مجموعة بعنوان 'افلام المستقبل “Movies of the Future في سينما ريفولي،
لولا هذه التجارب السينمائية الناجحة لصناع الأفلام في هذه العهود العتيقة لما نجحت تجارب صانعوا لأفلام الحاليون على الإطلاق، فعلى سبيل المثال لا الحصر تقنية البريزما التي اخترعها فان دورين في 1913 كانت الأساس لعمليات تصوير الأفلام بالألوان بكاميرات حديثة اكثر بعقود لاحقة، و لولا تجارب ال3D بهذه العصور العتيقة في محاولة لإثراء تجربة المشاهدين بالسينما لما بُنِيَتْ تجارب ناجحة أكثر بفورة السينما و عِزْ عنفوانها بمنتصف القرن العشرين و التي تمتد الى يومنا هذا حتى، فيجب ان لا ننسى ان الإبهار هو عنصر من عناصر الفيلم السينمائي لذلك تجربة اي تكنولوجيا او طرق جديدة لتصوير او عرض الفيلم السينمائي هدف نبيل لاي صانع افلام او مخرج في عالم الدراما، فالأساس دائما يكون قاعدة متينة يُبْنَى فوقها ما يأتي لاحقا، في عصرنا الحالي تم استخدام تقنية ال3D في اكثر من مناسبة بالسينمات العربية و العالمية مع عروض افلام اميريكية لصانعي محتوى و مخرجين مشهورين، و اذا خضنا بحيثيات اكثر نستطيع القول ان معظم تقنيات التصوير تعتمد على إلتقاط صورة مسطحة عادية للعرض الروتيني الذي تعودنا عليه بدور العرض، فبذلك لا تعطينا صورة معمقة ثلاثية الأبعاد بل تعطينا صورة ثنائية الأبعاد 2d، فلذلك تلتقطها العين البشرية بكل سهولة حيث لا تحتاج الى نظارات خاصة اثناء المشاهدة بدور العرض، اما الصورة الثلاثية الأبعاد 3d فتعطينا فيلم مَشَاهِدَهُ معمقة اكثر للواقع البصري الذي تلتقطه اعيننا، فعلى سبيل المثال لا الحصر فيلم الفك المفترس الجزء الثالث اخراج جو ألفيس و الذي ابتدأ فريقه بتصويره قبل صدوره عام 1983 بعدة سنوات بالنسخة ثلاثية الأبعاد كان تجربة قوية و فريدة، و حين صدر هذا الفيلم شاهدته في الكويت و انا مازلت في اولي سنين مراهقتي، فكنا نقيم بها حينها، فذهبنا انا و والدي و شقيقتي الى سينما السالمية في الكويت، فهي فعليا ذكريات طيبة لن انساها اطلاقا، و كانت ادارة السينما توزع على الزائرين لها نظارات خاصة ليستطيعوا مشاهدة الفيلم بوضوح، و كانت جودة المَشَاهِد عالية جدا حيث استمتعنا بالفيلم ببعد بصري جديد لم نتعود عليه حينها، و لن انسى لهثات الألسن التي كنت اسمعها من حين لآخر من الجمهور و هم يراقبون احداث هذا الفيلم الشيق، بل سمعت صرخات حاولت بعض النساء اخفائها من لحظات الرعب التي عاشتها من هذا الفيلم،
لتصوير هذا النوع من الأفلام و بحسب المراجع المتوفرة على الإنترنت باللغة الإنجليزية تُسْتَخْدَمْ في ايامنا المعاصرة اساليب مختلفة، فعلى سبيل المثال لا الحصر لو كان بين ايدينا عملية تصوير لفيلم روائي، و يتم تصويره بكاميرة واحدة تستخدم هنا كاميرتين تستقل كل منها بمعداتها، و ترتكز الكاميرتين على سلايدر او sliding plateحيث يراعي المخرج و المتخصص بمراقبة هذه النوعية من التصوير عوامل عدة و على سبيل المثال لا الحصر كالمسافة الافقية للكاميرات و بُعْدُهَا عن بعض بنسبة تتناسب مع بعد الأبطال و مشهد التصوير عن هذه الكاميرات، حيث تتغير هذه المسافة لتكون ابعد كلما اقتربت الكاميرا من المشهد المراد تصويره، و تقترب الكاميرات من بعض كلما ابتعد المشهد المراد تصويره عن الكاميرات، و بالنهاية كل هذا يحدث ليصور الفيلم بنفس تقنية العين البشرية اليمين و اليسار، هنالك اسلوب أخر يضم كاميرتين مستقلتين بمعداتها تكون مثبتة على زاوية درجة تسعين بالمئة، فلا تتقابل عدساتها وجها لوجه بل بزاية تسعين، و تلتقط المشاهد من خلال عدسة او مرآة فالقة او شاطرة للأشعة مثبتة على زاوية 45 بالمئة، و هذه المرآة او العدسة تشبه الى حد كبير المرآة التي يتخفى من ورائها المراقبون لعملية الإستجواب في المراكز الأمينة، فبجانب من جوانبها تعكس الضوء الى الكاميرا السفلية بينما تلتقط الكاميرا الافقية ما تلتقطه من خلال جانب آخر من المرآة في زواية مختلفة، و بهذا نحصل على نتيجة تصوير ايضا مطابقة لمبدأ العين اليمين و اليسار، و نفس الامر ينطبق على هذا الأسلوب من التصوير فهنالك كما اسلفت كاميرتين و يجب ان تستقل كل منها بمعداتها حيث اذا فسرنا الأمور اكثر للتوضيح، المَشَاهِدْ في هذه الأفلام تُصَوًرْ جميعها مرتين بنفس الوقت، هنالك امور عديدة يجب ان يكون المخرج ملم بها قبل إستخدام كاميرتين لتصوير ال 3d لا وقت معنا هنا للنناقشها جميعها بهذا المقال مع الأسف، فسردنا فقط العموميات لذا اقتضى التنويه لهذا الامر،
مونتاج فيلم الثلاثي الأبعاد او d3 يتطلب خبرات تختلف قليلا إذ نتعامل مع بُعْدْ اضافي اعمق بهذه العملية، فهذا الفن لا يتقنه إلا مخرجين و فنيين اثناء التصوير يتمتعون بحس فني و مهني رائع جدا، و لكن هنالك مخرجين يختارون تحويل افلامهم من 2d الى 3d بواسطة تقنيات حديثة عند متخصصين بهذا المجال بعد التصوير بسبب التكلفة المالية المرتفعة، فتصوير هذه الفئة من الأفلام يتطلب ميزانيات كبيرة، بالنسبة الي المخرجين تصوير الفيلم بواسطة تقنية ال3d يعطيهم فرصة لرفد الفيلم بدسامة بصرية و مشهدية رائعة جدا لذلك تحويل الفيلم بعد التصوير الى 3d يوفر لهم هذا المتنفس و لو بدرجة مقبولة، و لكي يتم مشاهدة فيلم 3d بدور العرض يتم توزيع نظارات معدة خصيصا لمشاهدة هذه الافلام، حيث لكل عدسة بالنظارة دورها بإرسال صورة بصرية معينة الى اعين البشر، و يعرض فيلم ال3d بواسطة مسلاط سينمائي film projector خاص، او قد يكون المسلاط السينمائي مجهز بإختيار العرض بين 3d و 2d بناءا على نوعه و امكانياته، فمنذ زمن كان بث أفلام 3d يعتمد على مسلاطين يتم تشغيلهم بنفس اللحظة لبث النسختين من الفيلم على شاشة العرض العملاقة، و كان يجب ضبط تزامن البث للمسلاطين ليكون بنفس الوقت لكي تكون الحركة على الشاشة متزامنة مع بعض و منسجمة، و هذا يحدث لكي يبث المسلاطين المشاهد للعين اليمين و اليسار، المساليط المجهزة بنظامين ال2d و 3d هي انظمة حديثة جدا، و يعتمد نظام ال3d على بث صورة للعين اليمين و صورة للعين اليسار بسرعة كبيرة جدا على سرعة 144 هيرتز، لتجنب اية شوائب بصرية blurللفيلم يمكن للعين ان تلتقطها كما من الممكن ان يحدث لو سرعة البث كان اقل وتيرة، لأن المسلاط الحديث يبث من عدسة واحدة صورة للعين اليسار و صورة للعين اليمين، و يجب ان يكون ذلك بسرعة كبيرة بأقل من الثانية لتفادي اية شوائب بصرية للفيلم اثناء المشاهدة، فإذا تم هذا بسرعات اقل من المطلوب لن يستطيع المشاهد الإستمتاع بالفيلم، المعتمد للفيلم السينمائي ان يتم تصويره على نحو 24 اطار بالثانية (frames per second or fps)، و هذا المثالي اذ حين العرض تلتقط اعين البشر الحركة الناتجة من على شاشة العرض بكل اريحية، و ال24 اطار بالثانية هو المعتمد لأي فيلم سينمائي حيث هذا السائد في عهد السينما الحديثة، و لأجل صورة و حركة انسيابية اقوى و مريحة اكثر للعين بعض المخرجين يحاولون تجارب مختلفة برفع هذه السرعات الى ربما 48 اطار بالثانية و 60 اطار بالثانية، و لكن يجب الأخذ بعين الإعتبار عدم تأثر الفيلم السينمائي وقت العرض بهذه السرعات، فيجب على المخرج معرفة و تدارك هذا الأمر حتى لو كان بنيته صنع حركة على الفيلم مريحة اكثر للعين و فيها انسايبية اكبر، تصوير مشاهد الأكشن له ادواته و تصوير المشاهد البطيئة لها ادواتها كأختلاف الكاميرات و تقنيات التصوير و لكن يجب على المخرج تدارك امور عدة ليخرج فيلمه الى صالات العرض بصورة مقبولة فيبقا التصوير على 24 اطار بالثانية هو الأنسب، على صعيد آخر هنالك بعض التجارب التي لم تكن ناجحة تماما بهذا الأمر، ففيلم The Hobbit للمخرج بيتر جاكسون تم تصويره على 48 اطار بالثانية و حيث كان 3d، و لكن خرجوا الناس من السينما و هم يعانون من motion sickness حيث لم تكن تجربة مشاهدة هذا الفيلم مريحة للمشاهدين4،
الفيلم الذي نحن بصدد نقاشه و كما اسلفت يقع ضمن فئة ال3d، و الجدير بالذكر ايضا عن الفيلم ان تقنيات الcomputer graphics و التي تختصر بالcg كانت متقنة جدا اذ مع تقنية ال3d وفرت خبرة رائعة جدا للمشاهدين بالسينما، هنالك العديد من المقالات حول هذا الفيلم الذي أَثْنَتْ على تجربة عرضه حيث في حقيقة الأمر نجح بوضع تحدي جديد امام صناع السينما، فأخذ تجربة العرض خطوة الى الأمام مما قد يُصَعِبْ الأمر على باقي الشركات الفاعلة بهذا المجال، و لكن على صعيد آخر إن قَيًمْنا الفيلم كعمل درامي بصورة شاملة سنصل الى انه مميز بالعديد من الأمور و يقدم الترفيه و التسلية المطلوبة لعشاق هذا النوع من الدراما، تصنيفه على صفحتي هو اربعة جماجم من اصل خمسة لأنه يعاني من ضعف تقني بالسيناريو، من الجائز و كما رأيت في العديد من الأعمال المعاصرة ان يراهن مخرج الفيلم و المنتج على عناصر الإبهار كالcg ليغطي على تقاط ضعف بالعمل، و لأسباب اجهلها فالذي يضع كل هذه الميزانية ليخرج فيلم بهذا الجمال البصري و السمعي من المفترض ان لا يرضى بأي سيناريو و حوار لعمله، فمن الجميل ان تكتمل العناصر الفنية لأي عمل درامي لنستمتع بقصة ايضا مقنعة و لكي لا نستغرب من مشاهد لم يتم الإعتناء بها كما يجدر، في حقيقة الأمر الدرجة من الروعة لتي وصلت اليها السينما المصرية لتجاري مثيلاتها حول العالم اثلجت قلوبنا جدا اذ نغالي بهذه السينما التي لطالما فعليا اتحفتنا باعمال تعد خالدة بتراثنا الفني العربي، و لكن فعليا اقف متحيرا مما ارى من تقصير بحق القصة او الرواية التي بين ايدينا،
دردشه عامة عن الفيلم
فيلم يوم 13 يحكي قصة عزالدين فاروق الدمرداش (احمد داود)، و هو شاب مغترب يعيش في كندا، و يقرر العودة فجأة الى مصر ليحاول بيع قصرعائلته الذي ورثه عن والده لِيَحُلً بعض من مشاكله الماديه، و لكن حينما يعود قي ذات ليلة الى القاهرة و يقرر زيارة القصر يخبره مرعي (محمد الصاوي) خادم العقار بأنه بحالة مهملة و لا يمكن لأحد العيش به، و يطلب منه ان يراجع محامي العائلة حيث هنالك امور يجب ان يعرفها، و يتعرف عز في هذه الأثناء على عربي (محمد ثروت) سائق التكسي حيث يرافقه في رحلته من المطار الى القصر و من ثم الفندق الذي يقرر المكوث به مؤقتا، و تبدأ بينهما صداقة تمتد الى آخر مشاهد الفيلم، و في النهار التالي يذهب عز الى ابراهيم الحناوي المحامي (مجدي كامل) حث يكون صديق قديم لعائلته، و يستعلم منه عن ظروف القصر و امكانية بيعه، فيخبره بأنه مسكون و غير صالح للبيع، و يتعرف عز على حنان (دينا الشربيني) زوجة ابراهيم حيث تكون مديرة مكتب زوجها خصوصا و ان ابراهيم مقعد على كرسي متحرك، و بالرغم من مشاكل القصر يقرر عز المكوث به ليثبت للذي قد يشتريه انه صالح لسكن و بأن الاشاعات بأنه مسكون غير صحيحة، تساعده حنان و عربي كثيرا في هذه الأثناء و زوجة مرعي لقاء (نسرين امين) حيث يهتموا بتنظيف القصر و توضيبه ليعود اليه بريقه رويدا رويدا، و لكن يصدم عز و الذين معه بخوارق عديدة تحدث باروقته الكبيره و غرفه الكثيرة، و اثناء عشاء عربي مع عز تدخل فجأة إمرأة اليه لتفاجئهما، ليتبين انها علياء (فيدرا) التي تأتي لزيارة عز حينما ترى انواره مضاءه من جديد، و اثناء حديثها مع عز نعلم عن الجريمة البشعة التي حدثت به فنكتشف انه لا يعرف شيئا عن جريمة قتل والدته بالقصر في ليلة عيد ميلادها، تسأل عليا عن خاتم لها غالي الثمن فقدته في القصر منذ تلك الليلة المشؤمة ثم تترك عز و علامات التوتر و القلق مرسومة على وجهه بسبب صدمته من خبر قتل والدته،
تبدأ هنا خلال احداث الفيلم سلسلة من الإسترجاعات الفنية flashbacks الفيصلية حيث نبدأ بالتعرف اكثر على عائلة عزالدين و اجوائها و بعض من علاقاتها الإجتماعية، و مع مرور المشاهد يتباين بصورة درامية رائعة من خلال هذه الإسترجاعات ماضي القصر البهيج المليئ بالحياة مع حاضره المعتم الذي يكاد يخلو من الروح، و كأن كلمة علياء عن جريمة القتل فتحت صندوق للذكريات في داخل عز، فتتوالى احداث كثيرة تتمحور حول ذكريات طفولته، و لعل ما لفت إنتباهي هو مشهد اتى بعد مغادرت علياء للقصر، فتذكر نفسه و هو جالس بجانب دنيا عازفة البيانيو(ايناس كامل) حيث كان والده فاروق الدمرداش (محمود عبدالغني) يلعب مع والدته احلام (جومانا مراد) الشطرنج، و بعد ان يحرك والده حجر على طاولة اللعب يعود عز الى وعيه لينتبه ان الطاولة مازالت كما كانت منذ طفولته و حيث تركاها والديه، و فجأة يتحرك حجر بمفرده، و لعلني اقرأ بهذا المشهد امرين رائعين، فأولهم استخدام المخرج هذا المشهد لينذر المشاهد بأن الأمور ستأخذ منحى مرعب اكثر، فللذي ينتبه للمشهد سيرى ان في ذكريات عز كانت احلام جالسة الى اليمين بالمشهد مقابل زوجها، و حيث كان دور فاروق حيث حرك حجره و اكل حجر من احجار أحلام، و بعد عملية الإسترجاع حركة روح احلام حجر من الأحجار التي كانت تلعب بها اي حيث كانت جالسة الى يمين المشهد، و أكلت حجرا من احجار زوجها، فيصاب عز بالذهول حيث يبدأ بتصديق ما قيل عن القصر، و ثانيا عن طريق هذه الحركة اشعرنا المخرج بأن الروح ستبدأ بالتحرك اكثر من قبل بالقصر، فارادت الروح القول بأن الخطوة الآن لها، و لفت انتباهي ان روح احلام حركة وزيرا ليأكل قلعة، فالقلعة هو كيان شبيه بالقصر الذي تسكنه منذ مدة طويلة،
رغم التوتر الذي يخيم على المشهد الا اننا نبدأ بفهم هنا بعض من ماضي عز مع اهله، فاثناء تجواله بعد مشهد الشطرنج نرى اقدام مبلولة للروح تظهر امام خطوات عز لتقوده الى غرفة كان قد وجدها مغلقة بالسابق، و هي غرفة والديه حيث سأل مرعي عن مفتاحها، ليكتشف انها مغلقة ولا احد يعلم عن مفتاحها شيئ الا والده، فهنا بهذه الأثناء يرى ابواب الغرفة فجأة تفتح بمفردها، فيصاب بالخوف و يبتعد عنها لنراه يدخل الى غرفته، و يجدها كما تركها منذ ان كان طفل صغير، فيكمل هنا عملية استرجاع لذكرياته و لوالدته و هي تضعه بالسرير لينام، و نرى هنا والدته تتعثر بمنظار على الأرض، فتوبخه لإستخدامه بالنظر الى لقاء من نافذة الغرفة، و يتذكر كيف ركلته والدته ليتدحرج تحت السرير، ينظر عز تحت السرير ليتفاجئ برؤية طفل نائم تحته و اداة حادة مغروزة بصدره، ينتابه رعب كبير للرؤية لبرهة من الزمن، و لكن حينما ينظر مرة آخرى يرى المنظار تحت السرير حيث عهده منذ ايام طفولته، لنفهم من طبيعة تتابع هذه الذكريات انها حدثت بوقت قريب من مقتل والدته بليلة عيد ميلادها،
تستمر الأحداث المريبة مع عز حيث تقرر حنان اصطحابه الى سيدة مشهورة بصنع الأعمال و معروفة بمُخَاواتِها الجن، و لكن يحدث معهم حادث مريب قبل وصولهم للمكان، فتشل ساق حنان بصورة مؤقتها اثناء قيادتها لمركبتها و يحصل معهم حادث يكاد أن يؤدي بحياتهم، نرى هنا تغير درامتيكي لللأحداث، يجتمع بعدها عز مع ابراهيم و حنان بمكتب ابراهيم للتقاش حول ما حدث، و تعثر فجأة حنان على كرت عمل لقيسون الناصر (شريف منير) في اجندة زوجها، و يتضح انه معالج روحاني سَمِعَ بالسابق عن القصر بأنه مسكون، فاتصل بالمحامي ليأذن له دراسة الخوارق التي به، و لكن أجل فاروق الموضوع لحين عودته الى القاهرة...امر لم يحدث بسبب وفاته،
تقرر حنان الإتصال به حيث الذي حدث معها بالسيارة اخافها كثيرا و اشعرها بالريبة، و يلتقي عز و حنان بقيسون حيث يتحدثا لبرهة من الوقت في القصر، و يقرر قيسون المبيت معهم به ليراقب الأمور عن قرب، و حيث يطلب من حنان المبيت معهم لأن القتيلة كانت سيدة و حنان سيدة، مما قد يكون مفيد لعملياته بالمكان، تقرر حنان التجاوب مع قيسون رغم اعتراض زوجها، و يقرر قيسون تركيب كاميرات مراقبة بالمكان ليراقب اية خوارق قد تحدث اثناء الليل، و هنا يحدث مع حنان امور مرعبة و مخيفة، فيتبين ان حدس قيسون كان بمحله، فترى حنان رؤية لإمرأة مخيفة عند دخولها لغرفتها مما يعرضها لصدمة عصبية عنيفة، و يتعرض سلم قيصون الذي يقف عليه و هو يركب كاميراته للدفع مما يجعله يقع عن السلم، و لكن يمسك بطرف الصور (الدربزين) حيث يهرع اليه عز و ينقذ حياته، و تستمر الأحداث المرعبة مع حنان حيث و هي نائمة تبدأ مرايا الأثاث بالغرفة بالتكسر، و فجأة ترفعها قوة مريبة نحو السقف و تعلقها عليه لتبدأ الصراخ بجنون، كما تقوم بتثبيتها على جدار الغرفة و رسم بجانبها صورة مقص، تصرخ حنان بجنون للنجدة و لكن لا تجد من يساعدها و الروح تهاجمها،
في هذه الأثناء تنقطع الكهرباء من عاصفة قوية تضرب المنطقة، و يصاب قيسون بخيبة امل حيث يعلم ان كاميراته لن تسجل احداث الليل كلها، و يدخل بنقاش مع عز حول الأرواح و عموميات عن اوضاع القصر، حيث يتفاجئ عز بأن الدكتور قيسون ليس لديه إجابات واضحة حول ما يحصل بالمكان، فلا يعلم حتى إن كان الكيان الخفي الذي يُحْدِثْ الخوارق من حولهم جن او روح بشرية، فيتبين ان الدكتور بحاجة لمزيد من الوقت ليفهم ما يجري، يذهب عز الى غرفة حنان ليجدها مرعوبة مما واجهته، و سرعان ما تروي لهم ما حصل معاها و عن صورة المقص، ليبدأ الدكتور بفهم ان الروح تريد اخبراهم شيئ، يتواجه الأبطال مع المزيد من المواقف المرعبة الى ان يصلوا الى غرفة احلام والدة عز، ليتبين لهم تفاصيل كثيرة حول ليلة عيد ميلادها التي قتلت فيها، يبدأ بالظهور على عز بهذه الاثناء علامات قلق و توتر من حين لآخر فنشعر انه ليس على ما يرام،
يلاحظ دكتور قيسون و هو يتجول في الغرفة ثلاثة اوراق مغبرة على مكتب، و يتبين منهم ان عليهم تفاصيل للحفل الذي قتلت به احلام، و من بين الأوراق نرى قائمة مدعوين للحفل، و بعد سؤال عز عن القائمة يتبين انها لأقرباء و اصدقاء مقربين من عائلته، فمنهم من توفي و منهم من لايزال على قيد الحياة، و منهم قريبة تعاني من مرض عقلي و صرع بمستشفى، و وسط استمرار الحوادث الخارقة كمياه تفيض من حوض للإستحمام من غرفة احلام من دون ان يكون هنالك سدادة في مصرفه و ظهور ثعبان كوبرا كبير فجأة من مصرف الحوض، و بعد ان يستجوب قيسون مرعي بتفاصيل جريمة القتل حيث يشعر بأن هنالك ما ليس بمقنع بقصة اللص الذي طعن احلام، يصل الى نتيجة ان الذي يسكن القصر روح احلام، و يقرر استفزازها لتخبرهم ما عندها، و يقرر اعادة تمثيل حفل عيد ميلادها كما حدث بالماضي و دعوة ما تبقى احياء من اقربائها كانوا موجودين بالحفل، و استبدال الأموات بأحياء ليقوموا بدورهم، و يوجه عز و حنان دعوات لللفيف المتبقى الذي حضر حفل عيد ميلاد احلام، و ينجح الدكتور بإعداد احياء الحفل بالكامل كما حدث وقت الجريمة، و نرى حنان ترتدي ثوب احلام الذي ارتدته وقت الجريمة لتأخذ مكانها، و هنا تبدأ سلسلة من الإسترجاعات الدرامية حيث نتعرف اكثر على ما حدث بالحفل في تلك الليلة، و نعلم الخفي عن سيدة هذا القصر الراقي، فكانت بجمالها الآخاذ سندريلة اكثر من رجل من دائرة معارفها، حيث نرى بالحفل ابراهيم المحامي و هو ينظر اليها بإعجاب بأكثر من مناسبة و يتودد لها، و نرى ناجي الروبي (احمد زاهر) الرسام و هو يعلن على الملأ انه بعادته لا يعطي لوحاته لأحد، و لكن بسابقة هي الأولى بمسيرته كفنان اعطى لوحة خاصة لأحلام بمناسبة الحفل، و نرى من يستفز زوجها حينما تقوم بتقبيل ناجي كشكر على اللوحة، و نرى حديث جانبي من بعض العائلة ينتقدون حرية احلام مع رجال الحفل، و نرى فاروق يهدد ناجي حينما يرمي بعض كلمات مستفزه عليه بخصوص زوجته، بل نرى فاروق ينظر الى دنيا عزفة البيانو و كأنه معجب بها حيث يتنبه له ناجي، فيتضح لنا كم هذه الأسرة لامعة من الخارج و مفككة من الداخل، و نرى حتى استفزازات ناجي تستمر على عز حتى بعد وفاة والده حيث يقول له بالحفل الذي نظمه قيسون بأن والده كان عاشق لعازفة البيانو،
و في لحظات تستمر بها الإسترجاعات بصورة قوية نرى ما حصل بالفعل في القصر، بل تتكرر الجريمة بنفس تفاصيلها التي حدثت بالماضي، فنرى عز ينقض بالغرفة على حنان و يطعنها بمقص وسط اصابته بنوبة صرع شديدة، لنرى بالإسترجاع انه قام بنفس الجريمة في طفولته بعد ان راى ناجي بغرفة امه يغازلها، فطعنها وسط نوبة صرع شديدة تملكته من الصدمة، و نرى كيف يدخل فاروق الى غرفة زوجته و يرى ابنه و هو بنوبة يتلعثم عن خيانة امه، فبسبب استفزازات الناس و وسط فوران اعصابه مما سمع من ابنه يكمل طعنها، و نرى ثريا (اروى جوده) تدخل بنوبة صرع في اثناء تمثيل الحفل حيث كانت ضلع بالماضي في إخفاء الجريمة، فطلب فاروق وقت الجريمة من شقيقه اسماعيل (محمد الكيلاني) و ثريا اخفاء ما حصل و اخبار الشرطة انها جريمة من فعل لص دخل القصر ليسرق، تنتهي الأحداث بعز في زنزانة السجن و بعودة ثريا الى مستشفى الأمراض النفسية، و وسط توقعات الدكتور قيسون بأن الاحداث الخارقة للطبيعة ستنتهي من القصر ألا اننا نرى روح احلام ترسم مقص على جدار الزنزانة بجانب عز و نرى الخوارق تستمر في مشهاد النهاية،
الجوانب القوية بالفيلم
هذا الفيلم هو فيلم رعب كلاسيكي القلب و القالب، حيث لدينا كالعادة قصر او عقار مسكون ، و كثيرة هي تلك الروايات و الأفلام المصرية التي انتهجت نفس هذا النهج الكلاسيكي ، فنظرة سريعة لأفلام الرعب المصرية المعاصرة سيكشف لنا ان هذا هو السيناريو المفضل لدي العديد من صناع السينما، قد يطول الجدل حول ما اذا كانت ناجحة او لا فعدد منها عانى من ضعف بالمؤثرات البصرية فقط لا اكثر و لا اقل، و لكن تَجَذُرْ هذه الروايات بالموروث الشعبي لدينا كعرب جعلها الهدف المفضل لمحبي الرعب بمنطقتنا العربية، و لكن مع قدوم الثَوْرَة التكنولوجية الحاسوبية و تقنية الcg اصبح المخرج بمنطقتنا العربية اقدر بصناعة مؤثراتها بحرفية اكبر مما ساهم بنضوج اكبر للعمل، لذلك أفلام رعب كلاسيكية من زمن الفن الجميل و أفلام معاصرة أكثر قليلا و على سبيل المثال لا الحصر كأنياب (و أنوه ان انياب عمل ضعيف المحتوى) و البيت الملعون و التعويذة و الإنس و الجن و إستغاثة من العالم الآخر و عاد لينتقم و غيرها لا تقارن بالأعمال المعاصرة من نفس الفئة فستظلم كثيرا بسبب نضوج المؤثرات البصرية حاليا، لذلك فيلم يوم 13 له حسبة خاصة به فمنافسه هو أفلام جودتها عالية و على سبيل المثال لا الحصر مثل بارانورمال و الإنس و النمس (بالرغم من ان هذا العمل هو من فئة الكوميدي الرعب) و الفيل الأزرق بجزئيه الأول و الثاني و تراب ألماس و شبح للمخرج الإماراتي عامر سالمين المري، و هذه الأفلام استطاعت حصد جمهور كبير حين عرضها بدور العرض و على المنصات الخاصة من خلال ما قدمت من احداث، فَطَوًرَتْ على ما يستطيع كاتب السيناريو و الرواية تقديمه فاصبح ما هو غير ممكن بالماضي ممكنا، و اصبحت هذه الإمكانيات غير محتكرة على السينما الغربية، تخطت السينما العربية تُهَمْ الإستخفاف بذكاء المشاهدين و اسبحت تقدم اعمال تضاهي السينما العالمية فكنا من قبل نتكل على سيناريو و حوار ضعيف المحتوى إما بسبب قلة الإمكانيات المادية لتخرج لنا السينما العربية بأعمال يشعر الجمهور انها من المقبول، او بسبب قلة المقدرات عند المخرجين و عدم تحكمهم بأدواتهم اثناء صنع المؤثرات،
فلفسفة المكان و الزمان كبُعْدْ درامي : مما لا شك به ان ابعاد القصر و اوضاعه المتباينة كانت قيمة مضافة للعمل، فإنتقال المشاهد بنجاح بين ماضي كان به القصر الأنيق يزهو بالروح و الوَنَسْ و بين حاضر تآكل به حاله كان يقطع عامل الملل و يضفي بعداً درامياً جميل على الأحداث، فكانت الكاميرا تنقل لنا بين الحين و الآخر بعض من الأحداث الخفية بسردية فريدة من نوعها موزعة بعناية فائقة من اول المادة الى آخرها لنبقى بترقب مثير لما سيحصل بالفيلم، فتارة نرى عز و هو يسكن بالقصر و يحاول نفض غبار الزمن عنه ليحاول السكن به و تارة نراه و هو يضج بالحياة حينما كان صغيرا يلهو بين أهله، تارة نرى الروح تخاطبه من خلال سلسة خوارق ابدعت مؤثرات الcg بتقديمها بصورة مريبة و مخيفة وسط اروقته التي اصبحت بلا روح و تارة نراه يتذكر ما حدث به بعهد طفولته البهيجة، و هو القصر الكبير الذي تضفي ضخامته الهيبة و الرهبة و التي تتكامل مع ثيمة الرعب بصورة درامية متناغمة، و تُجَمٍلْ الأبعاد المكانية للفيلم حيث كانت تسكنه عائلة و أخلته فجأة ليغدو بأورقته الضخمة فارغ تملئه بيوت العناكب و الغبائر، فأصبح يخيف الناس و تنتشر الشائعات حوله بأنه مسكون، طريقة تقديم فلسفة القصر بثيمتها التقليدية بهذه الأناقة و سرد وضعه بين عصرين مختلفين و تباين جماله بالِقَدْم و ترديه لاحقا اضفى قيمة درامية رائعة ساهمت بسردية مشهدية فريدة من نوعها كمُرْتَكَزْ لأحداث الفيلم، و الذي اكمل هذه الفلسفة الدرامية الرائعة طبيعة المؤثرات و الذكاء في وضعها و تفاعلها مع الأبطال، فمن المؤثرات التي لفتت انتباهي الأقدام التي كانت تظهر وسط المياه التي كانت تنهمر من سطح العقار في اوقات الشتاء و هي تتجه نحو غرفة نوم اهل عز، و كأنها كانت ترشده على شيئ بالغرفة، ظهور الرؤى لعز كالطفل الذي رآه و هو يتذكر كيف وضعته احلام والدته بالسرير، و حينما ركلت المقص بقدمها الى تحت السرير، فحينما ركع لينظر إن كان لا يزال هناك رأى طفلا في صدره مقص،
الذي حدث مع حنان حينما قرر الدكتور قيسون تركيب الكاميرات، فرأينا مؤثرات مخيفة و الروح تهاجم حنان، فرفعتها على السقف ثم انزلتها الى السرير، رأيناها تثبتها على الجدار و تحفر صورة مقص على الحائط،رأينا ألعاب معلقة بالهواء و رأينا زجاج مرايا الخزائن بالغرفة تتكسر، و هنا بالطبع كانت رسائل تريد الروح ارسالها للدكتور و حنان و عز لِمَا حدث ليلة الجريمة، الأفعى التي ظهرت من بانيو الإستحمام ثم اختفت من صرفه الصحي كتحذير للقاطنين به، حتى في آخر الفيلم و نحن تنفاجئ بأن الروح كانت لا تزال تسكن القصر بالرغم من مراهنة الدكتور قيسون ان الخوارق المرعبة ستخف بإنكشاف لغز الجريمة، رأينا سلسلة من المؤثرات البصرية المتقنة مثل اهتزاز انارة السقف و وقوع الكتب على الموجودين من المكاتب بالطابق العلوي و تغير اشكال التماثيل فجأة و تكسر زجاج السقف، و حيث تم استخدامها لختم الفيلم بنهاية مفتوحة و مثيرة للغاية،
الجوانب الضعيفة بالفيلم : مع تضافر هذه الأبعاد جميعها لتعطي هذا الفيلم نكهة رعب و اثارة باهرة مع تقنية ال3d و مع عوامل الزمان و المكان، فرهان المخرج وائل عبدالله على نجاحها و صياغة فلسفة اخراجية منها كان في محله، الا ان الفيلم عانى من ضعف واضح لم تستطع تقنية صناعتة العصرية اخفائها، او ربما تخفيف ضعفها، فالدكتور قيسون الناصر هو معالج روحاني، و المعالج الروحاني يؤمن بعالم الماورائيات حيث يحاول شفاء امراض الجسد عن طريق الطاقة، و هنالك قوم منهم و ليس الكل يؤمنون بعالم الأرواح و الجان و قد يلجأون الى البحث بهذا العالم للخوض بتجارب معينة تتعلق بعلمهم، و ليس من الغريب ان تتصل حنان زوجة المحامي ابراهيم بالدكتور قيسون لدعوته للبحث بما يحدث بالقصر من خوارق فهذا الأمر يدخل بصلب تخصصه، و رأيناه يزور القصرو حيث طلب ان يبيت به ليكون في قلب الأحداث، و رأيناه يُرَكِبْ كاميرات مراقبة بأماكن مختلفة بغرفه لمحاولة إلتقاط الخوارق التي تحدث به، و رأيناه يلعب دور محقق ناجح حينما بحث بما حدث مع احلام و بزيارة غرفة اهل عز حيث اوصل عدة احداث مع بعض حول حادثة وفاة احلام بليلة عيد ميلادها، و رأيناه يقوم بإعادة تنظيم حفل عيد ميلاد احلام ليحاول معرفة ما حدث بالقصر في تلك الليلة المشؤمة من الروح، و لكن لم نراه يدخل بعمق عمله في الفيلم، لم نراه يحاول الإتصال بالروح و محاولة مخاطبتها لمعرفة ماذا تريد، رأيناه فقط يقوم بتركيب كاميرات و رأينا قدرته كمحقق جريمة و لكن لم يدخل الى عمقه المهني كدكتور روحاني، فبات هذا الدور قشريا لا يقدم لنا هذه الشخصية كما يجب، و الإستعانة بفنان صاحب خبرة و مقدرة درامية كبيرة كشريف منير كان يجب دفع الكاتب و المخرج للإستفادة من طاقته و خبرته الدرامية بصياغة له دور اعمق يتناسب مع مقدرته الدرامية، لم نرى الدكتور قيسون الا منظم للحفلات و فني تركيب كاميرات و محقق فقط...فأين شخصية المعالج الروحاني من روح احلام التي تسكن القصر؟ المشكلة انه بعد كل الذي حدث بَقِيَتْ روح احلام بالقصر مما يوضح اخفاقه بأداء واجبه،
في الحقيقة ان هذا الفيلم عمل درامي اخذ الصناعة الدرامية في مصر الى مسافة اعمق مما كانت عليه و قدم لنا افلام الرعب بصيغة ال3d و بتقنيات الcg مما صَعِدَ بالمنافسة الدرامية في مصر الى د رجة ارقى و اعمق مما كانت عليه، لذلك قررت الوقوف عنده بهذه المقالة للنقاش حوله و للأستفادة من هذه التجربة حيث رأيت بها نجاح جميل و محاولة لتقديم اعمال الرعب بصورة عصرية و ناضجة، ألعلًنا وصلنا الى نشوة جميلة بصناعة الدراما بما قُدِمْ؟ ألعلًنا نستطيع ان نقول بأن مصر ام الدنيا تنافس بقوة بهذه الفئات من الافلام بسبب ارادة صناع السينما دائما مجاراة التقدم التكنولوجي الذي يدعم سوقها و يساهم بنضوج جميل للمادة التي يصنعونها؟ الجواب هو نعم فمصر لطالما كانت معقل قوي للصناعة الدرامية و صنعت الفارق على مر التاريخ بهذا المجال و قدمت اعمال اكتسبت رواجاً كبيراً بالشارع العربي حيث عَبَرَتْ اعمالها حدودها كدولة منذ سينما زمن الفن الجميل و عانقت وجدان الدول العربية كافة بما قَدًمَتْ، فلطالما كانت سند ضخم لصناع السينما بالوطن العربي فليس غريب عليها ان تقدم هذه الفئة من الأعمال بصورة جميلة و رائعة و اجزم ان تجربة فيلم يوم 13 كانت ناجحة و ريادية بهذا السياق،
المراجع/الهوامش :
1) مقال من صحيفة الشروق بتاريخ 25 مايو 2023 بإسم 'اليوم عرض فيلم يوم 13 بعدد من سينمات الدول العربية،'
2) معلومات مآخوذه عن مرجع بالويكيبيديا باللغة الإنجليزية بإسم 3D فيلم،
3) عن صفحة بالويكيبيديا بإسم “prizma”، و هو نظام ألوان خاص بنظام تصوير بكاميرا اخترعها ويليام فان دورين كيلي،
4) هذه المعلومات من عدة مصادر و مراجع على الإنترنت، و الشكر للدكتور مروان الياسين استاذ بصناعة الأفلام بجامعة SAE في عمان - الأردن على اثراء هذه المقالة ببعض المعلومات القيمة، مقال عن فيلم The Hobbit و كيف تسبب بحالات غثيان و دوار بسبب تقنياته الخاصة وقت العرض، https://theweek.com/articles/469863/why-isthe-hobbit-making-some-moviegoers-sick
5) تصنيف خاص بصفحتي على الفيس بوك بأفلام الرعب، و هو من جمجة الى خمسة جماجم (ريتنغ 1-5)، حيث يُقاصْ نضوج فيلم الرعب بعدد الجماجم، و كلما كان انضج و متكامل الأبعاد كلما حصل على تصنيف اعلى، ال1 هو الأضعف و ال5 هو الأعلى،
6) مقال في صحيفة الوطن نشر بتاريخ 24 ديسمبر 2019 بإسم 'تسريت صور من يوم 13 رغم التكتم...'مش هحرق شغل ب9 ملايين' '،
دردشة عامة حول تصوير و اسلوب عرض الفيلم في دور العرض،
يفضل للقارئ العزيز ان يكون قد شاهد الفيلم قبل قراءة هذه المقالة،
فيلم يوم 13 هو فيلم من فئة الرعب و التراجيدي صدر في مصر في موسم عيد الفطر في 21 ابريل من عام 2023، و بحسب المصادر الإعلامية فقد حقق 25 ميلون جنيه1 مصري في شباك التذاكر اي ما يعادل 573 ألف دينار اردني في ذاك الوقت، و هو من بطولة عدد لامع جدا من الفنانين من بينهم احمد داود، دينا الشربيني، شريف منير، اروى جودة، محمد ثروت، محمود عبدالغني و فيدرا، اخرجه و كتب السيناريو و الحوار له المخرج وائل عبدالله، و هو من انتاج شركة اوسكار للإنتاج و دور العرض، و بالرغم من صدوره العام الماضي الا انني شاهدته منذ بضعة ايام فقط على نتفلكس، و بحسب صُنًاعُهْ فهو اول فيلم عربي روائي طويل تم تصويره و بثه بإستخدام تقنية الd3 او ثلاثية الأبعاد، و للذي لا يعلم كثيرا عن هذه التقنية سأشرح بإيجاز عنها حيث لها تفاصيل كثيرة، فلذلك لن اخوض الا بالعموميات،
هذه التقنية تم البحث بها منذ بزوغ عصر السينما بأمريكا، حيث التجارب الأولى لتقنية ال3d تعود الى السابع و العشرين من ايلول لعام 1922 لفيلم صامت بإسم The Power of Love،2 و تم عرض هذا الفيلم في مسرح فندق الأمبسدور خارج دور العرض حينها، صمم الكاميرا التي صورت الفيلم المنتج هاري فيرال و المصور السينمائي روبرت إلدر، حيث تم تصوير الفيلم على شريطين سينمائين (اي على نسختين) و تم طبع نسخة ملونة منه بواسطة اسلوب تلوين للأفلام تم اختراعه من قِبَلْ هاري فيرال، تم مشاهدة الفيلم بواسطة مسلاط سينمائي (projector) عادي و لكن كان على المشاهدين ارتداء نظارات تسمى anaglyphic، و هذه تسمية للناتج من تصوير الفيلم بشريطين حيث لكل منهما زاوية تصويرية خاصة، و هذا الأسلوب يسمى ايضا stereoscopic، و الجدير بالذكر ان رقم تسجيل هذه الإختراعات للمخترعين بأميريكا موجود و مسجل بتاريخ التاسع من ايلول سنة 1930، و لكن بعد عرض سريع للإعلام و لعدد من المشاهدين فقدت نسخته و لم تعرض او تنوجد بعد هذه التواريخ، عرف عام 1922 عدة تجارب ناجحة آخرى، فاثارت تجارب فيرال المصور وليام فان دورين مخترع كاميرا البريزما3، و نجح بتصوير لقطات من كاميرا من اختراعه، فاتفق مع ساميويل روكسي روثافيل (مالك لدور عرض في نيويورك) بعرض اولى افلامه القصيرة من مجموعة بعنوان 'افلام المستقبل “Movies of the Future في سينما ريفولي،
لولا هذه التجارب السينمائية الناجحة لصناع الأفلام في هذه العهود العتيقة لما نجحت تجارب صانعوا لأفلام الحاليون على الإطلاق، فعلى سبيل المثال لا الحصر تقنية البريزما التي اخترعها فان دورين في 1913 كانت الأساس لعمليات تصوير الأفلام بالألوان بكاميرات حديثة اكثر بعقود لاحقة، و لولا تجارب ال3D بهذه العصور العتيقة في محاولة لإثراء تجربة المشاهدين بالسينما لما بُنِيَتْ تجارب ناجحة أكثر بفورة السينما و عِزْ عنفوانها بمنتصف القرن العشرين و التي تمتد الى يومنا هذا حتى، فيجب ان لا ننسى ان الإبهار هو عنصر من عناصر الفيلم السينمائي لذلك تجربة اي تكنولوجيا او طرق جديدة لتصوير او عرض الفيلم السينمائي هدف نبيل لاي صانع افلام او مخرج في عالم الدراما، فالأساس دائما يكون قاعدة متينة يُبْنَى فوقها ما يأتي لاحقا، في عصرنا الحالي تم استخدام تقنية ال3D في اكثر من مناسبة بالسينمات العربية و العالمية مع عروض افلام اميريكية لصانعي محتوى و مخرجين مشهورين، و اذا خضنا بحيثيات اكثر نستطيع القول ان معظم تقنيات التصوير تعتمد على إلتقاط صورة مسطحة عادية للعرض الروتيني الذي تعودنا عليه بدور العرض، فبذلك لا تعطينا صورة معمقة ثلاثية الأبعاد بل تعطينا صورة ثنائية الأبعاد 2d، فلذلك تلتقطها العين البشرية بكل سهولة حيث لا تحتاج الى نظارات خاصة اثناء المشاهدة بدور العرض، اما الصورة الثلاثية الأبعاد 3d فتعطينا فيلم مَشَاهِدَهُ معمقة اكثر للواقع البصري الذي تلتقطه اعيننا، فعلى سبيل المثال لا الحصر فيلم الفك المفترس الجزء الثالث اخراج جو ألفيس و الذي ابتدأ فريقه بتصويره قبل صدوره عام 1983 بعدة سنوات بالنسخة ثلاثية الأبعاد كان تجربة قوية و فريدة، و حين صدر هذا الفيلم شاهدته في الكويت و انا مازلت في اولي سنين مراهقتي، فكنا نقيم بها حينها، فذهبنا انا و والدي و شقيقتي الى سينما السالمية في الكويت، فهي فعليا ذكريات طيبة لن انساها اطلاقا، و كانت ادارة السينما توزع على الزائرين لها نظارات خاصة ليستطيعوا مشاهدة الفيلم بوضوح، و كانت جودة المَشَاهِد عالية جدا حيث استمتعنا بالفيلم ببعد بصري جديد لم نتعود عليه حينها، و لن انسى لهثات الألسن التي كنت اسمعها من حين لآخر من الجمهور و هم يراقبون احداث هذا الفيلم الشيق، بل سمعت صرخات حاولت بعض النساء اخفائها من لحظات الرعب التي عاشتها من هذا الفيلم،
لتصوير هذا النوع من الأفلام و بحسب المراجع المتوفرة على الإنترنت باللغة الإنجليزية تُسْتَخْدَمْ في ايامنا المعاصرة اساليب مختلفة، فعلى سبيل المثال لا الحصر لو كان بين ايدينا عملية تصوير لفيلم روائي، و يتم تصويره بكاميرة واحدة تستخدم هنا كاميرتين تستقل كل منها بمعداتها، و ترتكز الكاميرتين على سلايدر او sliding plateحيث يراعي المخرج و المتخصص بمراقبة هذه النوعية من التصوير عوامل عدة و على سبيل المثال لا الحصر كالمسافة الافقية للكاميرات و بُعْدُهَا عن بعض بنسبة تتناسب مع بعد الأبطال و مشهد التصوير عن هذه الكاميرات، حيث تتغير هذه المسافة لتكون ابعد كلما اقتربت الكاميرا من المشهد المراد تصويره، و تقترب الكاميرات من بعض كلما ابتعد المشهد المراد تصويره عن الكاميرات، و بالنهاية كل هذا يحدث ليصور الفيلم بنفس تقنية العين البشرية اليمين و اليسار، هنالك اسلوب أخر يضم كاميرتين مستقلتين بمعداتها تكون مثبتة على زاوية درجة تسعين بالمئة، فلا تتقابل عدساتها وجها لوجه بل بزاية تسعين، و تلتقط المشاهد من خلال عدسة او مرآة فالقة او شاطرة للأشعة مثبتة على زاوية 45 بالمئة، و هذه المرآة او العدسة تشبه الى حد كبير المرآة التي يتخفى من ورائها المراقبون لعملية الإستجواب في المراكز الأمينة، فبجانب من جوانبها تعكس الضوء الى الكاميرا السفلية بينما تلتقط الكاميرا الافقية ما تلتقطه من خلال جانب آخر من المرآة في زواية مختلفة، و بهذا نحصل على نتيجة تصوير ايضا مطابقة لمبدأ العين اليمين و اليسار، و نفس الامر ينطبق على هذا الأسلوب من التصوير فهنالك كما اسلفت كاميرتين و يجب ان تستقل كل منها بمعداتها حيث اذا فسرنا الأمور اكثر للتوضيح، المَشَاهِدْ في هذه الأفلام تُصَوًرْ جميعها مرتين بنفس الوقت، هنالك امور عديدة يجب ان يكون المخرج ملم بها قبل إستخدام كاميرتين لتصوير ال 3d لا وقت معنا هنا للنناقشها جميعها بهذا المقال مع الأسف، فسردنا فقط العموميات لذا اقتضى التنويه لهذا الامر،
مونتاج فيلم الثلاثي الأبعاد او d3 يتطلب خبرات تختلف قليلا إذ نتعامل مع بُعْدْ اضافي اعمق بهذه العملية، فهذا الفن لا يتقنه إلا مخرجين و فنيين اثناء التصوير يتمتعون بحس فني و مهني رائع جدا، و لكن هنالك مخرجين يختارون تحويل افلامهم من 2d الى 3d بواسطة تقنيات حديثة عند متخصصين بهذا المجال بعد التصوير بسبب التكلفة المالية المرتفعة، فتصوير هذه الفئة من الأفلام يتطلب ميزانيات كبيرة، بالنسبة الي المخرجين تصوير الفيلم بواسطة تقنية ال3d يعطيهم فرصة لرفد الفيلم بدسامة بصرية و مشهدية رائعة جدا لذلك تحويل الفيلم بعد التصوير الى 3d يوفر لهم هذا المتنفس و لو بدرجة مقبولة، و لكي يتم مشاهدة فيلم 3d بدور العرض يتم توزيع نظارات معدة خصيصا لمشاهدة هذه الافلام، حيث لكل عدسة بالنظارة دورها بإرسال صورة بصرية معينة الى اعين البشر، و يعرض فيلم ال3d بواسطة مسلاط سينمائي film projector خاص، او قد يكون المسلاط السينمائي مجهز بإختيار العرض بين 3d و 2d بناءا على نوعه و امكانياته، فمنذ زمن كان بث أفلام 3d يعتمد على مسلاطين يتم تشغيلهم بنفس اللحظة لبث النسختين من الفيلم على شاشة العرض العملاقة، و كان يجب ضبط تزامن البث للمسلاطين ليكون بنفس الوقت لكي تكون الحركة على الشاشة متزامنة مع بعض و منسجمة، و هذا يحدث لكي يبث المسلاطين المشاهد للعين اليمين و اليسار، المساليط المجهزة بنظامين ال2d و 3d هي انظمة حديثة جدا، و يعتمد نظام ال3d على بث صورة للعين اليمين و صورة للعين اليسار بسرعة كبيرة جدا على سرعة 144 هيرتز، لتجنب اية شوائب بصرية blurللفيلم يمكن للعين ان تلتقطها كما من الممكن ان يحدث لو سرعة البث كان اقل وتيرة، لأن المسلاط الحديث يبث من عدسة واحدة صورة للعين اليسار و صورة للعين اليمين، و يجب ان يكون ذلك بسرعة كبيرة بأقل من الثانية لتفادي اية شوائب بصرية للفيلم اثناء المشاهدة، فإذا تم هذا بسرعات اقل من المطلوب لن يستطيع المشاهد الإستمتاع بالفيلم، المعتمد للفيلم السينمائي ان يتم تصويره على نحو 24 اطار بالثانية (frames per second or fps)، و هذا المثالي اذ حين العرض تلتقط اعين البشر الحركة الناتجة من على شاشة العرض بكل اريحية، و ال24 اطار بالثانية هو المعتمد لأي فيلم سينمائي حيث هذا السائد في عهد السينما الحديثة، و لأجل صورة و حركة انسيابية اقوى و مريحة اكثر للعين بعض المخرجين يحاولون تجارب مختلفة برفع هذه السرعات الى ربما 48 اطار بالثانية و 60 اطار بالثانية، و لكن يجب الأخذ بعين الإعتبار عدم تأثر الفيلم السينمائي وقت العرض بهذه السرعات، فيجب على المخرج معرفة و تدارك هذا الأمر حتى لو كان بنيته صنع حركة على الفيلم مريحة اكثر للعين و فيها انسايبية اكبر، تصوير مشاهد الأكشن له ادواته و تصوير المشاهد البطيئة لها ادواتها كأختلاف الكاميرات و تقنيات التصوير و لكن يجب على المخرج تدارك امور عدة ليخرج فيلمه الى صالات العرض بصورة مقبولة فيبقا التصوير على 24 اطار بالثانية هو الأنسب، على صعيد آخر هنالك بعض التجارب التي لم تكن ناجحة تماما بهذا الأمر، ففيلم The Hobbit للمخرج بيتر جاكسون تم تصويره على 48 اطار بالثانية و حيث كان 3d، و لكن خرجوا الناس من السينما و هم يعانون من motion sickness حيث لم تكن تجربة مشاهدة هذا الفيلم مريحة للمشاهدين4،
الفيلم الذي نحن بصدد نقاشه و كما اسلفت يقع ضمن فئة ال3d، و الجدير بالذكر ايضا عن الفيلم ان تقنيات الcomputer graphics و التي تختصر بالcg كانت متقنة جدا اذ مع تقنية ال3d وفرت خبرة رائعة جدا للمشاهدين بالسينما، هنالك العديد من المقالات حول هذا الفيلم الذي أَثْنَتْ على تجربة عرضه حيث في حقيقة الأمر نجح بوضع تحدي جديد امام صناع السينما، فأخذ تجربة العرض خطوة الى الأمام مما قد يُصَعِبْ الأمر على باقي الشركات الفاعلة بهذا المجال، و لكن على صعيد آخر إن قَيًمْنا الفيلم كعمل درامي بصورة شاملة سنصل الى انه مميز بالعديد من الأمور و يقدم الترفيه و التسلية المطلوبة لعشاق هذا النوع من الدراما، تصنيفه على صفحتي هو اربعة جماجم من اصل خمسة لأنه يعاني من ضعف تقني بالسيناريو، من الجائز و كما رأيت في العديد من الأعمال المعاصرة ان يراهن مخرج الفيلم و المنتج على عناصر الإبهار كالcg ليغطي على تقاط ضعف بالعمل، و لأسباب اجهلها فالذي يضع كل هذه الميزانية ليخرج فيلم بهذا الجمال البصري و السمعي من المفترض ان لا يرضى بأي سيناريو و حوار لعمله، فمن الجميل ان تكتمل العناصر الفنية لأي عمل درامي لنستمتع بقصة ايضا مقنعة و لكي لا نستغرب من مشاهد لم يتم الإعتناء بها كما يجدر، في حقيقة الأمر الدرجة من الروعة لتي وصلت اليها السينما المصرية لتجاري مثيلاتها حول العالم اثلجت قلوبنا جدا اذ نغالي بهذه السينما التي لطالما فعليا اتحفتنا باعمال تعد خالدة بتراثنا الفني العربي، و لكن فعليا اقف متحيرا مما ارى من تقصير بحق القصة او الرواية التي بين ايدينا،
دردشه عامة عن الفيلم
فيلم يوم 13 يحكي قصة عزالدين فاروق الدمرداش (احمد داود)، و هو شاب مغترب يعيش في كندا، و يقرر العودة فجأة الى مصر ليحاول بيع قصرعائلته الذي ورثه عن والده لِيَحُلً بعض من مشاكله الماديه، و لكن حينما يعود قي ذات ليلة الى القاهرة و يقرر زيارة القصر يخبره مرعي (محمد الصاوي) خادم العقار بأنه بحالة مهملة و لا يمكن لأحد العيش به، و يطلب منه ان يراجع محامي العائلة حيث هنالك امور يجب ان يعرفها، و يتعرف عز في هذه الأثناء على عربي (محمد ثروت) سائق التكسي حيث يرافقه في رحلته من المطار الى القصر و من ثم الفندق الذي يقرر المكوث به مؤقتا، و تبدأ بينهما صداقة تمتد الى آخر مشاهد الفيلم، و في النهار التالي يذهب عز الى ابراهيم الحناوي المحامي (مجدي كامل) حث يكون صديق قديم لعائلته، و يستعلم منه عن ظروف القصر و امكانية بيعه، فيخبره بأنه مسكون و غير صالح للبيع، و يتعرف عز على حنان (دينا الشربيني) زوجة ابراهيم حيث تكون مديرة مكتب زوجها خصوصا و ان ابراهيم مقعد على كرسي متحرك، و بالرغم من مشاكل القصر يقرر عز المكوث به ليثبت للذي قد يشتريه انه صالح لسكن و بأن الاشاعات بأنه مسكون غير صحيحة، تساعده حنان و عربي كثيرا في هذه الأثناء و زوجة مرعي لقاء (نسرين امين) حيث يهتموا بتنظيف القصر و توضيبه ليعود اليه بريقه رويدا رويدا، و لكن يصدم عز و الذين معه بخوارق عديدة تحدث باروقته الكبيره و غرفه الكثيرة، و اثناء عشاء عربي مع عز تدخل فجأة إمرأة اليه لتفاجئهما، ليتبين انها علياء (فيدرا) التي تأتي لزيارة عز حينما ترى انواره مضاءه من جديد، و اثناء حديثها مع عز نعلم عن الجريمة البشعة التي حدثت به فنكتشف انه لا يعرف شيئا عن جريمة قتل والدته بالقصر في ليلة عيد ميلادها، تسأل عليا عن خاتم لها غالي الثمن فقدته في القصر منذ تلك الليلة المشؤمة ثم تترك عز و علامات التوتر و القلق مرسومة على وجهه بسبب صدمته من خبر قتل والدته،
تبدأ هنا خلال احداث الفيلم سلسلة من الإسترجاعات الفنية flashbacks الفيصلية حيث نبدأ بالتعرف اكثر على عائلة عزالدين و اجوائها و بعض من علاقاتها الإجتماعية، و مع مرور المشاهد يتباين بصورة درامية رائعة من خلال هذه الإسترجاعات ماضي القصر البهيج المليئ بالحياة مع حاضره المعتم الذي يكاد يخلو من الروح، و كأن كلمة علياء عن جريمة القتل فتحت صندوق للذكريات في داخل عز، فتتوالى احداث كثيرة تتمحور حول ذكريات طفولته، و لعل ما لفت إنتباهي هو مشهد اتى بعد مغادرت علياء للقصر، فتذكر نفسه و هو جالس بجانب دنيا عازفة البيانيو(ايناس كامل) حيث كان والده فاروق الدمرداش (محمود عبدالغني) يلعب مع والدته احلام (جومانا مراد) الشطرنج، و بعد ان يحرك والده حجر على طاولة اللعب يعود عز الى وعيه لينتبه ان الطاولة مازالت كما كانت منذ طفولته و حيث تركاها والديه، و فجأة يتحرك حجر بمفرده، و لعلني اقرأ بهذا المشهد امرين رائعين، فأولهم استخدام المخرج هذا المشهد لينذر المشاهد بأن الأمور ستأخذ منحى مرعب اكثر، فللذي ينتبه للمشهد سيرى ان في ذكريات عز كانت احلام جالسة الى اليمين بالمشهد مقابل زوجها، و حيث كان دور فاروق حيث حرك حجره و اكل حجر من احجار أحلام، و بعد عملية الإسترجاع حركة روح احلام حجر من الأحجار التي كانت تلعب بها اي حيث كانت جالسة الى يمين المشهد، و أكلت حجرا من احجار زوجها، فيصاب عز بالذهول حيث يبدأ بتصديق ما قيل عن القصر، و ثانيا عن طريق هذه الحركة اشعرنا المخرج بأن الروح ستبدأ بالتحرك اكثر من قبل بالقصر، فارادت الروح القول بأن الخطوة الآن لها، و لفت انتباهي ان روح احلام حركة وزيرا ليأكل قلعة، فالقلعة هو كيان شبيه بالقصر الذي تسكنه منذ مدة طويلة،
رغم التوتر الذي يخيم على المشهد الا اننا نبدأ بفهم هنا بعض من ماضي عز مع اهله، فاثناء تجواله بعد مشهد الشطرنج نرى اقدام مبلولة للروح تظهر امام خطوات عز لتقوده الى غرفة كان قد وجدها مغلقة بالسابق، و هي غرفة والديه حيث سأل مرعي عن مفتاحها، ليكتشف انها مغلقة ولا احد يعلم عن مفتاحها شيئ الا والده، فهنا بهذه الأثناء يرى ابواب الغرفة فجأة تفتح بمفردها، فيصاب بالخوف و يبتعد عنها لنراه يدخل الى غرفته، و يجدها كما تركها منذ ان كان طفل صغير، فيكمل هنا عملية استرجاع لذكرياته و لوالدته و هي تضعه بالسرير لينام، و نرى هنا والدته تتعثر بمنظار على الأرض، فتوبخه لإستخدامه بالنظر الى لقاء من نافذة الغرفة، و يتذكر كيف ركلته والدته ليتدحرج تحت السرير، ينظر عز تحت السرير ليتفاجئ برؤية طفل نائم تحته و اداة حادة مغروزة بصدره، ينتابه رعب كبير للرؤية لبرهة من الزمن، و لكن حينما ينظر مرة آخرى يرى المنظار تحت السرير حيث عهده منذ ايام طفولته، لنفهم من طبيعة تتابع هذه الذكريات انها حدثت بوقت قريب من مقتل والدته بليلة عيد ميلادها،
تستمر الأحداث المريبة مع عز حيث تقرر حنان اصطحابه الى سيدة مشهورة بصنع الأعمال و معروفة بمُخَاواتِها الجن، و لكن يحدث معهم حادث مريب قبل وصولهم للمكان، فتشل ساق حنان بصورة مؤقتها اثناء قيادتها لمركبتها و يحصل معهم حادث يكاد أن يؤدي بحياتهم، نرى هنا تغير درامتيكي لللأحداث، يجتمع بعدها عز مع ابراهيم و حنان بمكتب ابراهيم للتقاش حول ما حدث، و تعثر فجأة حنان على كرت عمل لقيسون الناصر (شريف منير) في اجندة زوجها، و يتضح انه معالج روحاني سَمِعَ بالسابق عن القصر بأنه مسكون، فاتصل بالمحامي ليأذن له دراسة الخوارق التي به، و لكن أجل فاروق الموضوع لحين عودته الى القاهرة...امر لم يحدث بسبب وفاته،
تقرر حنان الإتصال به حيث الذي حدث معها بالسيارة اخافها كثيرا و اشعرها بالريبة، و يلتقي عز و حنان بقيسون حيث يتحدثا لبرهة من الوقت في القصر، و يقرر قيسون المبيت معهم به ليراقب الأمور عن قرب، و حيث يطلب من حنان المبيت معهم لأن القتيلة كانت سيدة و حنان سيدة، مما قد يكون مفيد لعملياته بالمكان، تقرر حنان التجاوب مع قيسون رغم اعتراض زوجها، و يقرر قيسون تركيب كاميرات مراقبة بالمكان ليراقب اية خوارق قد تحدث اثناء الليل، و هنا يحدث مع حنان امور مرعبة و مخيفة، فيتبين ان حدس قيسون كان بمحله، فترى حنان رؤية لإمرأة مخيفة عند دخولها لغرفتها مما يعرضها لصدمة عصبية عنيفة، و يتعرض سلم قيصون الذي يقف عليه و هو يركب كاميراته للدفع مما يجعله يقع عن السلم، و لكن يمسك بطرف الصور (الدربزين) حيث يهرع اليه عز و ينقذ حياته، و تستمر الأحداث المرعبة مع حنان حيث و هي نائمة تبدأ مرايا الأثاث بالغرفة بالتكسر، و فجأة ترفعها قوة مريبة نحو السقف و تعلقها عليه لتبدأ الصراخ بجنون، كما تقوم بتثبيتها على جدار الغرفة و رسم بجانبها صورة مقص، تصرخ حنان بجنون للنجدة و لكن لا تجد من يساعدها و الروح تهاجمها،
في هذه الأثناء تنقطع الكهرباء من عاصفة قوية تضرب المنطقة، و يصاب قيسون بخيبة امل حيث يعلم ان كاميراته لن تسجل احداث الليل كلها، و يدخل بنقاش مع عز حول الأرواح و عموميات عن اوضاع القصر، حيث يتفاجئ عز بأن الدكتور قيسون ليس لديه إجابات واضحة حول ما يحصل بالمكان، فلا يعلم حتى إن كان الكيان الخفي الذي يُحْدِثْ الخوارق من حولهم جن او روح بشرية، فيتبين ان الدكتور بحاجة لمزيد من الوقت ليفهم ما يجري، يذهب عز الى غرفة حنان ليجدها مرعوبة مما واجهته، و سرعان ما تروي لهم ما حصل معاها و عن صورة المقص، ليبدأ الدكتور بفهم ان الروح تريد اخبراهم شيئ، يتواجه الأبطال مع المزيد من المواقف المرعبة الى ان يصلوا الى غرفة احلام والدة عز، ليتبين لهم تفاصيل كثيرة حول ليلة عيد ميلادها التي قتلت فيها، يبدأ بالظهور على عز بهذه الاثناء علامات قلق و توتر من حين لآخر فنشعر انه ليس على ما يرام،
يلاحظ دكتور قيسون و هو يتجول في الغرفة ثلاثة اوراق مغبرة على مكتب، و يتبين منهم ان عليهم تفاصيل للحفل الذي قتلت به احلام، و من بين الأوراق نرى قائمة مدعوين للحفل، و بعد سؤال عز عن القائمة يتبين انها لأقرباء و اصدقاء مقربين من عائلته، فمنهم من توفي و منهم من لايزال على قيد الحياة، و منهم قريبة تعاني من مرض عقلي و صرع بمستشفى، و وسط استمرار الحوادث الخارقة كمياه تفيض من حوض للإستحمام من غرفة احلام من دون ان يكون هنالك سدادة في مصرفه و ظهور ثعبان كوبرا كبير فجأة من مصرف الحوض، و بعد ان يستجوب قيسون مرعي بتفاصيل جريمة القتل حيث يشعر بأن هنالك ما ليس بمقنع بقصة اللص الذي طعن احلام، يصل الى نتيجة ان الذي يسكن القصر روح احلام، و يقرر استفزازها لتخبرهم ما عندها، و يقرر اعادة تمثيل حفل عيد ميلادها كما حدث بالماضي و دعوة ما تبقى احياء من اقربائها كانوا موجودين بالحفل، و استبدال الأموات بأحياء ليقوموا بدورهم، و يوجه عز و حنان دعوات لللفيف المتبقى الذي حضر حفل عيد ميلاد احلام، و ينجح الدكتور بإعداد احياء الحفل بالكامل كما حدث وقت الجريمة، و نرى حنان ترتدي ثوب احلام الذي ارتدته وقت الجريمة لتأخذ مكانها، و هنا تبدأ سلسلة من الإسترجاعات الدرامية حيث نتعرف اكثر على ما حدث بالحفل في تلك الليلة، و نعلم الخفي عن سيدة هذا القصر الراقي، فكانت بجمالها الآخاذ سندريلة اكثر من رجل من دائرة معارفها، حيث نرى بالحفل ابراهيم المحامي و هو ينظر اليها بإعجاب بأكثر من مناسبة و يتودد لها، و نرى ناجي الروبي (احمد زاهر) الرسام و هو يعلن على الملأ انه بعادته لا يعطي لوحاته لأحد، و لكن بسابقة هي الأولى بمسيرته كفنان اعطى لوحة خاصة لأحلام بمناسبة الحفل، و نرى من يستفز زوجها حينما تقوم بتقبيل ناجي كشكر على اللوحة، و نرى حديث جانبي من بعض العائلة ينتقدون حرية احلام مع رجال الحفل، و نرى فاروق يهدد ناجي حينما يرمي بعض كلمات مستفزه عليه بخصوص زوجته، بل نرى فاروق ينظر الى دنيا عزفة البيانو و كأنه معجب بها حيث يتنبه له ناجي، فيتضح لنا كم هذه الأسرة لامعة من الخارج و مفككة من الداخل، و نرى حتى استفزازات ناجي تستمر على عز حتى بعد وفاة والده حيث يقول له بالحفل الذي نظمه قيسون بأن والده كان عاشق لعازفة البيانو،
و في لحظات تستمر بها الإسترجاعات بصورة قوية نرى ما حصل بالفعل في القصر، بل تتكرر الجريمة بنفس تفاصيلها التي حدثت بالماضي، فنرى عز ينقض بالغرفة على حنان و يطعنها بمقص وسط اصابته بنوبة صرع شديدة، لنرى بالإسترجاع انه قام بنفس الجريمة في طفولته بعد ان راى ناجي بغرفة امه يغازلها، فطعنها وسط نوبة صرع شديدة تملكته من الصدمة، و نرى كيف يدخل فاروق الى غرفة زوجته و يرى ابنه و هو بنوبة يتلعثم عن خيانة امه، فبسبب استفزازات الناس و وسط فوران اعصابه مما سمع من ابنه يكمل طعنها، و نرى ثريا (اروى جوده) تدخل بنوبة صرع في اثناء تمثيل الحفل حيث كانت ضلع بالماضي في إخفاء الجريمة، فطلب فاروق وقت الجريمة من شقيقه اسماعيل (محمد الكيلاني) و ثريا اخفاء ما حصل و اخبار الشرطة انها جريمة من فعل لص دخل القصر ليسرق، تنتهي الأحداث بعز في زنزانة السجن و بعودة ثريا الى مستشفى الأمراض النفسية، و وسط توقعات الدكتور قيسون بأن الاحداث الخارقة للطبيعة ستنتهي من القصر ألا اننا نرى روح احلام ترسم مقص على جدار الزنزانة بجانب عز و نرى الخوارق تستمر في مشهاد النهاية،
الجوانب القوية بالفيلم
هذا الفيلم هو فيلم رعب كلاسيكي القلب و القالب، حيث لدينا كالعادة قصر او عقار مسكون ، و كثيرة هي تلك الروايات و الأفلام المصرية التي انتهجت نفس هذا النهج الكلاسيكي ، فنظرة سريعة لأفلام الرعب المصرية المعاصرة سيكشف لنا ان هذا هو السيناريو المفضل لدي العديد من صناع السينما، قد يطول الجدل حول ما اذا كانت ناجحة او لا فعدد منها عانى من ضعف بالمؤثرات البصرية فقط لا اكثر و لا اقل، و لكن تَجَذُرْ هذه الروايات بالموروث الشعبي لدينا كعرب جعلها الهدف المفضل لمحبي الرعب بمنطقتنا العربية، و لكن مع قدوم الثَوْرَة التكنولوجية الحاسوبية و تقنية الcg اصبح المخرج بمنطقتنا العربية اقدر بصناعة مؤثراتها بحرفية اكبر مما ساهم بنضوج اكبر للعمل، لذلك أفلام رعب كلاسيكية من زمن الفن الجميل و أفلام معاصرة أكثر قليلا و على سبيل المثال لا الحصر كأنياب (و أنوه ان انياب عمل ضعيف المحتوى) و البيت الملعون و التعويذة و الإنس و الجن و إستغاثة من العالم الآخر و عاد لينتقم و غيرها لا تقارن بالأعمال المعاصرة من نفس الفئة فستظلم كثيرا بسبب نضوج المؤثرات البصرية حاليا، لذلك فيلم يوم 13 له حسبة خاصة به فمنافسه هو أفلام جودتها عالية و على سبيل المثال لا الحصر مثل بارانورمال و الإنس و النمس (بالرغم من ان هذا العمل هو من فئة الكوميدي الرعب) و الفيل الأزرق بجزئيه الأول و الثاني و تراب ألماس و شبح للمخرج الإماراتي عامر سالمين المري، و هذه الأفلام استطاعت حصد جمهور كبير حين عرضها بدور العرض و على المنصات الخاصة من خلال ما قدمت من احداث، فَطَوًرَتْ على ما يستطيع كاتب السيناريو و الرواية تقديمه فاصبح ما هو غير ممكن بالماضي ممكنا، و اصبحت هذه الإمكانيات غير محتكرة على السينما الغربية، تخطت السينما العربية تُهَمْ الإستخفاف بذكاء المشاهدين و اسبحت تقدم اعمال تضاهي السينما العالمية فكنا من قبل نتكل على سيناريو و حوار ضعيف المحتوى إما بسبب قلة الإمكانيات المادية لتخرج لنا السينما العربية بأعمال يشعر الجمهور انها من المقبول، او بسبب قلة المقدرات عند المخرجين و عدم تحكمهم بأدواتهم اثناء صنع المؤثرات،
فلفسفة المكان و الزمان كبُعْدْ درامي : مما لا شك به ان ابعاد القصر و اوضاعه المتباينة كانت قيمة مضافة للعمل، فإنتقال المشاهد بنجاح بين ماضي كان به القصر الأنيق يزهو بالروح و الوَنَسْ و بين حاضر تآكل به حاله كان يقطع عامل الملل و يضفي بعداً درامياً جميل على الأحداث، فكانت الكاميرا تنقل لنا بين الحين و الآخر بعض من الأحداث الخفية بسردية فريدة من نوعها موزعة بعناية فائقة من اول المادة الى آخرها لنبقى بترقب مثير لما سيحصل بالفيلم، فتارة نرى عز و هو يسكن بالقصر و يحاول نفض غبار الزمن عنه ليحاول السكن به و تارة نراه و هو يضج بالحياة حينما كان صغيرا يلهو بين أهله، تارة نرى الروح تخاطبه من خلال سلسة خوارق ابدعت مؤثرات الcg بتقديمها بصورة مريبة و مخيفة وسط اروقته التي اصبحت بلا روح و تارة نراه يتذكر ما حدث به بعهد طفولته البهيجة، و هو القصر الكبير الذي تضفي ضخامته الهيبة و الرهبة و التي تتكامل مع ثيمة الرعب بصورة درامية متناغمة، و تُجَمٍلْ الأبعاد المكانية للفيلم حيث كانت تسكنه عائلة و أخلته فجأة ليغدو بأورقته الضخمة فارغ تملئه بيوت العناكب و الغبائر، فأصبح يخيف الناس و تنتشر الشائعات حوله بأنه مسكون، طريقة تقديم فلسفة القصر بثيمتها التقليدية بهذه الأناقة و سرد وضعه بين عصرين مختلفين و تباين جماله بالِقَدْم و ترديه لاحقا اضفى قيمة درامية رائعة ساهمت بسردية مشهدية فريدة من نوعها كمُرْتَكَزْ لأحداث الفيلم، و الذي اكمل هذه الفلسفة الدرامية الرائعة طبيعة المؤثرات و الذكاء في وضعها و تفاعلها مع الأبطال، فمن المؤثرات التي لفتت انتباهي الأقدام التي كانت تظهر وسط المياه التي كانت تنهمر من سطح العقار في اوقات الشتاء و هي تتجه نحو غرفة نوم اهل عز، و كأنها كانت ترشده على شيئ بالغرفة، ظهور الرؤى لعز كالطفل الذي رآه و هو يتذكر كيف وضعته احلام والدته بالسرير، و حينما ركلت المقص بقدمها الى تحت السرير، فحينما ركع لينظر إن كان لا يزال هناك رأى طفلا في صدره مقص،
الذي حدث مع حنان حينما قرر الدكتور قيسون تركيب الكاميرات، فرأينا مؤثرات مخيفة و الروح تهاجم حنان، فرفعتها على السقف ثم انزلتها الى السرير، رأيناها تثبتها على الجدار و تحفر صورة مقص على الحائط،رأينا ألعاب معلقة بالهواء و رأينا زجاج مرايا الخزائن بالغرفة تتكسر، و هنا بالطبع كانت رسائل تريد الروح ارسالها للدكتور و حنان و عز لِمَا حدث ليلة الجريمة، الأفعى التي ظهرت من بانيو الإستحمام ثم اختفت من صرفه الصحي كتحذير للقاطنين به، حتى في آخر الفيلم و نحن تنفاجئ بأن الروح كانت لا تزال تسكن القصر بالرغم من مراهنة الدكتور قيسون ان الخوارق المرعبة ستخف بإنكشاف لغز الجريمة، رأينا سلسلة من المؤثرات البصرية المتقنة مثل اهتزاز انارة السقف و وقوع الكتب على الموجودين من المكاتب بالطابق العلوي و تغير اشكال التماثيل فجأة و تكسر زجاج السقف، و حيث تم استخدامها لختم الفيلم بنهاية مفتوحة و مثيرة للغاية،
الجوانب الضعيفة بالفيلم : مع تضافر هذه الأبعاد جميعها لتعطي هذا الفيلم نكهة رعب و اثارة باهرة مع تقنية ال3d و مع عوامل الزمان و المكان، فرهان المخرج وائل عبدالله على نجاحها و صياغة فلسفة اخراجية منها كان في محله، الا ان الفيلم عانى من ضعف واضح لم تستطع تقنية صناعتة العصرية اخفائها، او ربما تخفيف ضعفها، فالدكتور قيسون الناصر هو معالج روحاني، و المعالج الروحاني يؤمن بعالم الماورائيات حيث يحاول شفاء امراض الجسد عن طريق الطاقة، و هنالك قوم منهم و ليس الكل يؤمنون بعالم الأرواح و الجان و قد يلجأون الى البحث بهذا العالم للخوض بتجارب معينة تتعلق بعلمهم، و ليس من الغريب ان تتصل حنان زوجة المحامي ابراهيم بالدكتور قيسون لدعوته للبحث بما يحدث بالقصر من خوارق فهذا الأمر يدخل بصلب تخصصه، و رأيناه يزور القصرو حيث طلب ان يبيت به ليكون في قلب الأحداث، و رأيناه يُرَكِبْ كاميرات مراقبة بأماكن مختلفة بغرفه لمحاولة إلتقاط الخوارق التي تحدث به، و رأيناه يلعب دور محقق ناجح حينما بحث بما حدث مع احلام و بزيارة غرفة اهل عز حيث اوصل عدة احداث مع بعض حول حادثة وفاة احلام بليلة عيد ميلادها، و رأيناه يقوم بإعادة تنظيم حفل عيد ميلاد احلام ليحاول معرفة ما حدث بالقصر في تلك الليلة المشؤمة من الروح، و لكن لم نراه يدخل بعمق عمله في الفيلم، لم نراه يحاول الإتصال بالروح و محاولة مخاطبتها لمعرفة ماذا تريد، رأيناه فقط يقوم بتركيب كاميرات و رأينا قدرته كمحقق جريمة و لكن لم يدخل الى عمقه المهني كدكتور روحاني، فبات هذا الدور قشريا لا يقدم لنا هذه الشخصية كما يجب، و الإستعانة بفنان صاحب خبرة و مقدرة درامية كبيرة كشريف منير كان يجب دفع الكاتب و المخرج للإستفادة من طاقته و خبرته الدرامية بصياغة له دور اعمق يتناسب مع مقدرته الدرامية، لم نرى الدكتور قيسون الا منظم للحفلات و فني تركيب كاميرات و محقق فقط...فأين شخصية المعالج الروحاني من روح احلام التي تسكن القصر؟ المشكلة انه بعد كل الذي حدث بَقِيَتْ روح احلام بالقصر مما يوضح اخفاقه بأداء واجبه،
في الحقيقة ان هذا الفيلم عمل درامي اخذ الصناعة الدرامية في مصر الى مسافة اعمق مما كانت عليه و قدم لنا افلام الرعب بصيغة ال3d و بتقنيات الcg مما صَعِدَ بالمنافسة الدرامية في مصر الى د رجة ارقى و اعمق مما كانت عليه، لذلك قررت الوقوف عنده بهذه المقالة للنقاش حوله و للأستفادة من هذه التجربة حيث رأيت بها نجاح جميل و محاولة لتقديم اعمال الرعب بصورة عصرية و ناضجة، ألعلًنا وصلنا الى نشوة جميلة بصناعة الدراما بما قُدِمْ؟ ألعلًنا نستطيع ان نقول بأن مصر ام الدنيا تنافس بقوة بهذه الفئات من الافلام بسبب ارادة صناع السينما دائما مجاراة التقدم التكنولوجي الذي يدعم سوقها و يساهم بنضوج جميل للمادة التي يصنعونها؟ الجواب هو نعم فمصر لطالما كانت معقل قوي للصناعة الدرامية و صنعت الفارق على مر التاريخ بهذا المجال و قدمت اعمال اكتسبت رواجاً كبيراً بالشارع العربي حيث عَبَرَتْ اعمالها حدودها كدولة منذ سينما زمن الفن الجميل و عانقت وجدان الدول العربية كافة بما قَدًمَتْ، فلطالما كانت سند ضخم لصناع السينما بالوطن العربي فليس غريب عليها ان تقدم هذه الفئة من الأعمال بصورة جميلة و رائعة و اجزم ان تجربة فيلم يوم 13 كانت ناجحة و ريادية بهذا السياق،
المراجع/الهوامش :
1) مقال من صحيفة الشروق بتاريخ 25 مايو 2023 بإسم 'اليوم عرض فيلم يوم 13 بعدد من سينمات الدول العربية،'
2) معلومات مآخوذه عن مرجع بالويكيبيديا باللغة الإنجليزية بإسم 3D فيلم،
3) عن صفحة بالويكيبيديا بإسم “prizma”، و هو نظام ألوان خاص بنظام تصوير بكاميرا اخترعها ويليام فان دورين كيلي،
4) هذه المعلومات من عدة مصادر و مراجع على الإنترنت، و الشكر للدكتور مروان الياسين استاذ بصناعة الأفلام بجامعة SAE في عمان - الأردن على اثراء هذه المقالة ببعض المعلومات القيمة، مقال عن فيلم The Hobbit و كيف تسبب بحالات غثيان و دوار بسبب تقنياته الخاصة وقت العرض، https://theweek.com/articles/469863/why-isthe-hobbit-making-some-moviegoers-sick
5) تصنيف خاص بصفحتي على الفيس بوك بأفلام الرعب، و هو من جمجة الى خمسة جماجم (ريتنغ 1-5)، حيث يُقاصْ نضوج فيلم الرعب بعدد الجماجم، و كلما كان انضج و متكامل الأبعاد كلما حصل على تصنيف اعلى، ال1 هو الأضعف و ال5 هو الأعلى،
6) مقال في صحيفة الوطن نشر بتاريخ 24 ديسمبر 2019 بإسم 'تسريت صور من يوم 13 رغم التكتم...'مش هحرق شغل ب9 ملايين' '،
دردشة عامة حول تصوير و اسلوب عرض الفيلم في دور العرض،
يفضل للقارئ العزيز ان يكون قد شاهد الفيلم قبل قراءة هذه المقالة،
فيلم يوم 13 هو فيلم من فئة الرعب و التراجيدي صدر في مصر في موسم عيد الفطر في 21 ابريل من عام 2023، و بحسب المصادر الإعلامية فقد حقق 25 ميلون جنيه1 مصري في شباك التذاكر اي ما يعادل 573 ألف دينار اردني في ذاك الوقت، و هو من بطولة عدد لامع جدا من الفنانين من بينهم احمد داود، دينا الشربيني، شريف منير، اروى جودة، محمد ثروت، محمود عبدالغني و فيدرا، اخرجه و كتب السيناريو و الحوار له المخرج وائل عبدالله، و هو من انتاج شركة اوسكار للإنتاج و دور العرض، و بالرغم من صدوره العام الماضي الا انني شاهدته منذ بضعة ايام فقط على نتفلكس، و بحسب صُنًاعُهْ فهو اول فيلم عربي روائي طويل تم تصويره و بثه بإستخدام تقنية الd3 او ثلاثية الأبعاد، و للذي لا يعلم كثيرا عن هذه التقنية سأشرح بإيجاز عنها حيث لها تفاصيل كثيرة، فلذلك لن اخوض الا بالعموميات،
هذه التقنية تم البحث بها منذ بزوغ عصر السينما بأمريكا، حيث التجارب الأولى لتقنية ال3d تعود الى السابع و العشرين من ايلول لعام 1922 لفيلم صامت بإسم The Power of Love،2 و تم عرض هذا الفيلم في مسرح فندق الأمبسدور خارج دور العرض حينها، صمم الكاميرا التي صورت الفيلم المنتج هاري فيرال و المصور السينمائي روبرت إلدر، حيث تم تصوير الفيلم على شريطين سينمائين (اي على نسختين) و تم طبع نسخة ملونة منه بواسطة اسلوب تلوين للأفلام تم اختراعه من قِبَلْ هاري فيرال، تم مشاهدة الفيلم بواسطة مسلاط سينمائي (projector) عادي و لكن كان على المشاهدين ارتداء نظارات تسمى anaglyphic، و هذه تسمية للناتج من تصوير الفيلم بشريطين حيث لكل منهما زاوية تصويرية خاصة، و هذا الأسلوب يسمى ايضا stereoscopic، و الجدير بالذكر ان رقم تسجيل هذه الإختراعات للمخترعين بأميريكا موجود و مسجل بتاريخ التاسع من ايلول سنة 1930، و لكن بعد عرض سريع للإعلام و لعدد من المشاهدين فقدت نسخته و لم تعرض او تنوجد بعد هذه التواريخ، عرف عام 1922 عدة تجارب ناجحة آخرى، فاثارت تجارب فيرال المصور وليام فان دورين مخترع كاميرا البريزما3، و نجح بتصوير لقطات من كاميرا من اختراعه، فاتفق مع ساميويل روكسي روثافيل (مالك لدور عرض في نيويورك) بعرض اولى افلامه القصيرة من مجموعة بعنوان 'افلام المستقبل “Movies of the Future في سينما ريفولي،
لولا هذه التجارب السينمائية الناجحة لصناع الأفلام في هذه العهود العتيقة لما نجحت تجارب صانعوا لأفلام الحاليون على الإطلاق، فعلى سبيل المثال لا الحصر تقنية البريزما التي اخترعها فان دورين في 1913 كانت الأساس لعمليات تصوير الأفلام بالألوان بكاميرات حديثة اكثر بعقود لاحقة، و لولا تجارب ال3D بهذه العصور العتيقة في محاولة لإثراء تجربة المشاهدين بالسينما لما بُنِيَتْ تجارب ناجحة أكثر بفورة السينما و عِزْ عنفوانها بمنتصف القرن العشرين و التي تمتد الى يومنا هذا حتى، فيجب ان لا ننسى ان الإبهار هو عنصر من عناصر الفيلم السينمائي لذلك تجربة اي تكنولوجيا او طرق جديدة لتصوير او عرض الفيلم السينمائي هدف نبيل لاي صانع افلام او مخرج في عالم الدراما، فالأساس دائما يكون قاعدة متينة يُبْنَى فوقها ما يأتي لاحقا، في عصرنا الحالي تم استخدام تقنية ال3D في اكثر من مناسبة بالسينمات العربية و العالمية مع عروض افلام اميريكية لصانعي محتوى و مخرجين مشهورين، و اذا خضنا بحيثيات اكثر نستطيع القول ان معظم تقنيات التصوير تعتمد على إلتقاط صورة مسطحة عادية للعرض الروتيني الذي تعودنا عليه بدور العرض، فبذلك لا تعطينا صورة معمقة ثلاثية الأبعاد بل تعطينا صورة ثنائية الأبعاد 2d، فلذلك تلتقطها العين البشرية بكل سهولة حيث لا تحتاج الى نظارات خاصة اثناء المشاهدة بدور العرض، اما الصورة الثلاثية الأبعاد 3d فتعطينا فيلم مَشَاهِدَهُ معمقة اكثر للواقع البصري الذي تلتقطه اعيننا، فعلى سبيل المثال لا الحصر فيلم الفك المفترس الجزء الثالث اخراج جو ألفيس و الذي ابتدأ فريقه بتصويره قبل صدوره عام 1983 بعدة سنوات بالنسخة ثلاثية الأبعاد كان تجربة قوية و فريدة، و حين صدر هذا الفيلم شاهدته في الكويت و انا مازلت في اولي سنين مراهقتي، فكنا نقيم بها حينها، فذهبنا انا و والدي و شقيقتي الى سينما السالمية في الكويت، فهي فعليا ذكريات طيبة لن انساها اطلاقا، و كانت ادارة السينما توزع على الزائرين لها نظارات خاصة ليستطيعوا مشاهدة الفيلم بوضوح، و كانت جودة المَشَاهِد عالية جدا حيث استمتعنا بالفيلم ببعد بصري جديد لم نتعود عليه حينها، و لن انسى لهثات الألسن التي كنت اسمعها من حين لآخر من الجمهور و هم يراقبون احداث هذا الفيلم الشيق، بل سمعت صرخات حاولت بعض النساء اخفائها من لحظات الرعب التي عاشتها من هذا الفيلم،
لتصوير هذا النوع من الأفلام و بحسب المراجع المتوفرة على الإنترنت باللغة الإنجليزية تُسْتَخْدَمْ في ايامنا المعاصرة اساليب مختلفة، فعلى سبيل المثال لا الحصر لو كان بين ايدينا عملية تصوير لفيلم روائي، و يتم تصويره بكاميرة واحدة تستخدم هنا كاميرتين تستقل كل منها بمعداتها، و ترتكز الكاميرتين على سلايدر او sliding plateحيث يراعي المخرج و المتخصص بمراقبة هذه النوعية من التصوير عوامل عدة و على سبيل المثال لا الحصر كالمسافة الافقية للكاميرات و بُعْدُهَا عن بعض بنسبة تتناسب مع بعد الأبطال و مشهد التصوير عن هذه الكاميرات، حيث تتغير هذه المسافة لتكون ابعد كلما اقتربت الكاميرا من المشهد المراد تصويره، و تقترب الكاميرات من بعض كلما ابتعد المشهد المراد تصويره عن الكاميرات، و بالنهاية كل هذا يحدث ليصور الفيلم بنفس تقنية العين البشرية اليمين و اليسار، هنالك اسلوب أخر يضم كاميرتين مستقلتين بمعداتها تكون مثبتة على زاوية درجة تسعين بالمئة، فلا تتقابل عدساتها وجها لوجه بل بزاية تسعين، و تلتقط المشاهد من خلال عدسة او مرآة فالقة او شاطرة للأشعة مثبتة على زاوية 45 بالمئة، و هذه المرآة او العدسة تشبه الى حد كبير المرآة التي يتخفى من ورائها المراقبون لعملية الإستجواب في المراكز الأمينة، فبجانب من جوانبها تعكس الضوء الى الكاميرا السفلية بينما تلتقط الكاميرا الافقية ما تلتقطه من خلال جانب آخر من المرآة في زواية مختلفة، و بهذا نحصل على نتيجة تصوير ايضا مطابقة لمبدأ العين اليمين و اليسار، و نفس الامر ينطبق على هذا الأسلوب من التصوير فهنالك كما اسلفت كاميرتين و يجب ان تستقل كل منها بمعداتها حيث اذا فسرنا الأمور اكثر للتوضيح، المَشَاهِدْ في هذه الأفلام تُصَوًرْ جميعها مرتين بنفس الوقت، هنالك امور عديدة يجب ان يكون المخرج ملم بها قبل إستخدام كاميرتين لتصوير ال 3d لا وقت معنا هنا للنناقشها جميعها بهذا المقال مع الأسف، فسردنا فقط العموميات لذا اقتضى التنويه لهذا الامر،
مونتاج فيلم الثلاثي الأبعاد او d3 يتطلب خبرات تختلف قليلا إذ نتعامل مع بُعْدْ اضافي اعمق بهذه العملية، فهذا الفن لا يتقنه إلا مخرجين و فنيين اثناء التصوير يتمتعون بحس فني و مهني رائع جدا، و لكن هنالك مخرجين يختارون تحويل افلامهم من 2d الى 3d بواسطة تقنيات حديثة عند متخصصين بهذا المجال بعد التصوير بسبب التكلفة المالية المرتفعة، فتصوير هذه الفئة من الأفلام يتطلب ميزانيات كبيرة، بالنسبة الي المخرجين تصوير الفيلم بواسطة تقنية ال3d يعطيهم فرصة لرفد الفيلم بدسامة بصرية و مشهدية رائعة جدا لذلك تحويل الفيلم بعد التصوير الى 3d يوفر لهم هذا المتنفس و لو بدرجة مقبولة، و لكي يتم مشاهدة فيلم 3d بدور العرض يتم توزيع نظارات معدة خصيصا لمشاهدة هذه الافلام، حيث لكل عدسة بالنظارة دورها بإرسال صورة بصرية معينة الى اعين البشر، و يعرض فيلم ال3d بواسطة مسلاط سينمائي film projector خاص، او قد يكون المسلاط السينمائي مجهز بإختيار العرض بين 3d و 2d بناءا على نوعه و امكانياته، فمنذ زمن كان بث أفلام 3d يعتمد على مسلاطين يتم تشغيلهم بنفس اللحظة لبث النسختين من الفيلم على شاشة العرض العملاقة، و كان يجب ضبط تزامن البث للمسلاطين ليكون بنفس الوقت لكي تكون الحركة على الشاشة متزامنة مع بعض و منسجمة، و هذا يحدث لكي يبث المسلاطين المشاهد للعين اليمين و اليسار، المساليط المجهزة بنظامين ال2d و 3d هي انظمة حديثة جدا، و يعتمد نظام ال3d على بث صورة للعين اليمين و صورة للعين اليسار بسرعة كبيرة جدا على سرعة 144 هيرتز، لتجنب اية شوائب بصرية blurللفيلم يمكن للعين ان تلتقطها كما من الممكن ان يحدث لو سرعة البث كان اقل وتيرة، لأن المسلاط الحديث يبث من عدسة واحدة صورة للعين اليسار و صورة للعين اليمين، و يجب ان يكون ذلك بسرعة كبيرة بأقل من الثانية لتفادي اية شوائب بصرية للفيلم اثناء المشاهدة، فإذا تم هذا بسرعات اقل من المطلوب لن يستطيع المشاهد الإستمتاع بالفيلم، المعتمد للفيلم السينمائي ان يتم تصويره على نحو 24 اطار بالثانية (frames per second or fps)، و هذا المثالي اذ حين العرض تلتقط اعين البشر الحركة الناتجة من على شاشة العرض بكل اريحية، و ال24 اطار بالثانية هو المعتمد لأي فيلم سينمائي حيث هذا السائد في عهد السينما الحديثة، و لأجل صورة و حركة انسيابية اقوى و مريحة اكثر للعين بعض المخرجين يحاولون تجارب مختلفة برفع هذه السرعات الى ربما 48 اطار بالثانية و 60 اطار بالثانية، و لكن يجب الأخذ بعين الإعتبار عدم تأثر الفيلم السينمائي وقت العرض بهذه السرعات، فيجب على المخرج معرفة و تدارك هذا الأمر حتى لو كان بنيته صنع حركة على الفيلم مريحة اكثر للعين و فيها انسايبية اكبر، تصوير مشاهد الأكشن له ادواته و تصوير المشاهد البطيئة لها ادواتها كأختلاف الكاميرات و تقنيات التصوير و لكن يجب على المخرج تدارك امور عدة ليخرج فيلمه الى صالات العرض بصورة مقبولة فيبقا التصوير على 24 اطار بالثانية هو الأنسب، على صعيد آخر هنالك بعض التجارب التي لم تكن ناجحة تماما بهذا الأمر، ففيلم The Hobbit للمخرج بيتر جاكسون تم تصويره على 48 اطار بالثانية و حيث كان 3d، و لكن خرجوا الناس من السينما و هم يعانون من motion sickness حيث لم تكن تجربة مشاهدة هذا الفيلم مريحة للمشاهدين4،
الفيلم الذي نحن بصدد نقاشه و كما اسلفت يقع ضمن فئة ال3d، و الجدير بالذكر ايضا عن الفيلم ان تقنيات الcomputer graphics و التي تختصر بالcg كانت متقنة جدا اذ مع تقنية ال3d وفرت خبرة رائعة جدا للمشاهدين بالسينما، هنالك العديد من المقالات حول هذا الفيلم الذي أَثْنَتْ على تجربة عرضه حيث في حقيقة الأمر نجح بوضع تحدي جديد امام صناع السينما، فأخذ تجربة العرض خطوة الى الأمام مما قد يُصَعِبْ الأمر على باقي الشركات الفاعلة بهذا المجال، و لكن على صعيد آخر إن قَيًمْنا الفيلم كعمل درامي بصورة شاملة سنصل الى انه مميز بالعديد من الأمور و يقدم الترفيه و التسلية المطلوبة لعشاق هذا النوع من الدراما، تصنيفه على صفحتي هو اربعة جماجم من اصل خمسة لأنه يعاني من ضعف تقني بالسيناريو، من الجائز و كما رأيت في العديد من الأعمال المعاصرة ان يراهن مخرج الفيلم و المنتج على عناصر الإبهار كالcg ليغطي على تقاط ضعف بالعمل، و لأسباب اجهلها فالذي يضع كل هذه الميزانية ليخرج فيلم بهذا الجمال البصري و السمعي من المفترض ان لا يرضى بأي سيناريو و حوار لعمله، فمن الجميل ان تكتمل العناصر الفنية لأي عمل درامي لنستمتع بقصة ايضا مقنعة و لكي لا نستغرب من مشاهد لم يتم الإعتناء بها كما يجدر، في حقيقة الأمر الدرجة من الروعة لتي وصلت اليها السينما المصرية لتجاري مثيلاتها حول العالم اثلجت قلوبنا جدا اذ نغالي بهذه السينما التي لطالما فعليا اتحفتنا باعمال تعد خالدة بتراثنا الفني العربي، و لكن فعليا اقف متحيرا مما ارى من تقصير بحق القصة او الرواية التي بين ايدينا،
دردشه عامة عن الفيلم
فيلم يوم 13 يحكي قصة عزالدين فاروق الدمرداش (احمد داود)، و هو شاب مغترب يعيش في كندا، و يقرر العودة فجأة الى مصر ليحاول بيع قصرعائلته الذي ورثه عن والده لِيَحُلً بعض من مشاكله الماديه، و لكن حينما يعود قي ذات ليلة الى القاهرة و يقرر زيارة القصر يخبره مرعي (محمد الصاوي) خادم العقار بأنه بحالة مهملة و لا يمكن لأحد العيش به، و يطلب منه ان يراجع محامي العائلة حيث هنالك امور يجب ان يعرفها، و يتعرف عز في هذه الأثناء على عربي (محمد ثروت) سائق التكسي حيث يرافقه في رحلته من المطار الى القصر و من ثم الفندق الذي يقرر المكوث به مؤقتا، و تبدأ بينهما صداقة تمتد الى آخر مشاهد الفيلم، و في النهار التالي يذهب عز الى ابراهيم الحناوي المحامي (مجدي كامل) حث يكون صديق قديم لعائلته، و يستعلم منه عن ظروف القصر و امكانية بيعه، فيخبره بأنه مسكون و غير صالح للبيع، و يتعرف عز على حنان (دينا الشربيني) زوجة ابراهيم حيث تكون مديرة مكتب زوجها خصوصا و ان ابراهيم مقعد على كرسي متحرك، و بالرغم من مشاكل القصر يقرر عز المكوث به ليثبت للذي قد يشتريه انه صالح لسكن و بأن الاشاعات بأنه مسكون غير صحيحة، تساعده حنان و عربي كثيرا في هذه الأثناء و زوجة مرعي لقاء (نسرين امين) حيث يهتموا بتنظيف القصر و توضيبه ليعود اليه بريقه رويدا رويدا، و لكن يصدم عز و الذين معه بخوارق عديدة تحدث باروقته الكبيره و غرفه الكثيرة، و اثناء عشاء عربي مع عز تدخل فجأة إمرأة اليه لتفاجئهما، ليتبين انها علياء (فيدرا) التي تأتي لزيارة عز حينما ترى انواره مضاءه من جديد، و اثناء حديثها مع عز نعلم عن الجريمة البشعة التي حدثت به فنكتشف انه لا يعرف شيئا عن جريمة قتل والدته بالقصر في ليلة عيد ميلادها، تسأل عليا عن خاتم لها غالي الثمن فقدته في القصر منذ تلك الليلة المشؤمة ثم تترك عز و علامات التوتر و القلق مرسومة على وجهه بسبب صدمته من خبر قتل والدته،
تبدأ هنا خلال احداث الفيلم سلسلة من الإسترجاعات الفنية flashbacks الفيصلية حيث نبدأ بالتعرف اكثر على عائلة عزالدين و اجوائها و بعض من علاقاتها الإجتماعية، و مع مرور المشاهد يتباين بصورة درامية رائعة من خلال هذه الإسترجاعات ماضي القصر البهيج المليئ بالحياة مع حاضره المعتم الذي يكاد يخلو من الروح، و كأن كلمة علياء عن جريمة القتل فتحت صندوق للذكريات في داخل عز، فتتوالى احداث كثيرة تتمحور حول ذكريات طفولته، و لعل ما لفت إنتباهي هو مشهد اتى بعد مغادرت علياء للقصر، فتذكر نفسه و هو جالس بجانب دنيا عازفة البيانيو(ايناس كامل) حيث كان والده فاروق الدمرداش (محمود عبدالغني) يلعب مع والدته احلام (جومانا مراد) الشطرنج، و بعد ان يحرك والده حجر على طاولة اللعب يعود عز الى وعيه لينتبه ان الطاولة مازالت كما كانت منذ طفولته و حيث تركاها والديه، و فجأة يتحرك حجر بمفرده، و لعلني اقرأ بهذا المشهد امرين رائعين، فأولهم استخدام المخرج هذا المشهد لينذر المشاهد بأن الأمور ستأخذ منحى مرعب اكثر، فللذي ينتبه للمشهد سيرى ان في ذكريات عز كانت احلام جالسة الى اليمين بالمشهد مقابل زوجها، و حيث كان دور فاروق حيث حرك حجره و اكل حجر من احجار أحلام، و بعد عملية الإسترجاع حركة روح احلام حجر من الأحجار التي كانت تلعب بها اي حيث كانت جالسة الى يمين المشهد، و أكلت حجرا من احجار زوجها، فيصاب عز بالذهول حيث يبدأ بتصديق ما قيل عن القصر، و ثانيا عن طريق هذه الحركة اشعرنا المخرج بأن الروح ستبدأ بالتحرك اكثر من قبل بالقصر، فارادت الروح القول بأن الخطوة الآن لها، و لفت انتباهي ان روح احلام حركة وزيرا ليأكل قلعة، فالقلعة هو كيان شبيه بالقصر الذي تسكنه منذ مدة طويلة،
رغم التوتر الذي يخيم على المشهد الا اننا نبدأ بفهم هنا بعض من ماضي عز مع اهله، فاثناء تجواله بعد مشهد الشطرنج نرى اقدام مبلولة للروح تظهر امام خطوات عز لتقوده الى غرفة كان قد وجدها مغلقة بالسابق، و هي غرفة والديه حيث سأل مرعي عن مفتاحها، ليكتشف انها مغلقة ولا احد يعلم عن مفتاحها شيئ الا والده، فهنا بهذه الأثناء يرى ابواب الغرفة فجأة تفتح بمفردها، فيصاب بالخوف و يبتعد عنها لنراه يدخل الى غرفته، و يجدها كما تركها منذ ان كان طفل صغير، فيكمل هنا عملية استرجاع لذكرياته و لوالدته و هي تضعه بالسرير لينام، و نرى هنا والدته تتعثر بمنظار على الأرض، فتوبخه لإستخدامه بالنظر الى لقاء من نافذة الغرفة، و يتذكر كيف ركلته والدته ليتدحرج تحت السرير، ينظر عز تحت السرير ليتفاجئ برؤية طفل نائم تحته و اداة حادة مغروزة بصدره، ينتابه رعب كبير للرؤية لبرهة من الزمن، و لكن حينما ينظر مرة آخرى يرى المنظار تحت السرير حيث عهده منذ ايام طفولته، لنفهم من طبيعة تتابع هذه الذكريات انها حدثت بوقت قريب من مقتل والدته بليلة عيد ميلادها،
تستمر الأحداث المريبة مع عز حيث تقرر حنان اصطحابه الى سيدة مشهورة بصنع الأعمال و معروفة بمُخَاواتِها الجن، و لكن يحدث معهم حادث مريب قبل وصولهم للمكان، فتشل ساق حنان بصورة مؤقتها اثناء قيادتها لمركبتها و يحصل معهم حادث يكاد أن يؤدي بحياتهم، نرى هنا تغير درامتيكي لللأحداث، يجتمع بعدها عز مع ابراهيم و حنان بمكتب ابراهيم للتقاش حول ما حدث، و تعثر فجأة حنان على كرت عمل لقيسون الناصر (شريف منير) في اجندة زوجها، و يتضح انه معالج روحاني سَمِعَ بالسابق عن القصر بأنه مسكون، فاتصل بالمحامي ليأذن له دراسة الخوارق التي به، و لكن أجل فاروق الموضوع لحين عودته الى القاهرة...امر لم يحدث بسبب وفاته،
تقرر حنان الإتصال به حيث الذي حدث معها بالسيارة اخافها كثيرا و اشعرها بالريبة، و يلتقي عز و حنان بقيسون حيث يتحدثا لبرهة من الوقت في القصر، و يقرر قيسون المبيت معهم به ليراقب الأمور عن قرب، و حيث يطلب من حنان المبيت معهم لأن القتيلة كانت سيدة و حنان سيدة، مما قد يكون مفيد لعملياته بالمكان، تقرر حنان التجاوب مع قيسون رغم اعتراض زوجها، و يقرر قيسون تركيب كاميرات مراقبة بالمكان ليراقب اية خوارق قد تحدث اثناء الليل، و هنا يحدث مع حنان امور مرعبة و مخيفة، فيتبين ان حدس قيسون كان بمحله، فترى حنان رؤية لإمرأة مخيفة عند دخولها لغرفتها مما يعرضها لصدمة عصبية عنيفة، و يتعرض سلم قيصون الذي يقف عليه و هو يركب كاميراته للدفع مما يجعله يقع عن السلم، و لكن يمسك بطرف الصور (الدربزين) حيث يهرع اليه عز و ينقذ حياته، و تستمر الأحداث المرعبة مع حنان حيث و هي نائمة تبدأ مرايا الأثاث بالغرفة بالتكسر، و فجأة ترفعها قوة مريبة نحو السقف و تعلقها عليه لتبدأ الصراخ بجنون، كما تقوم بتثبيتها على جدار الغرفة و رسم بجانبها صورة مقص، تصرخ حنان بجنون للنجدة و لكن لا تجد من يساعدها و الروح تهاجمها،
في هذه الأثناء تنقطع الكهرباء من عاصفة قوية تضرب المنطقة، و يصاب قيسون بخيبة امل حيث يعلم ان كاميراته لن تسجل احداث الليل كلها، و يدخل بنقاش مع عز حول الأرواح و عموميات عن اوضاع القصر، حيث يتفاجئ عز بأن الدكتور قيسون ليس لديه إجابات واضحة حول ما يحصل بالمكان، فلا يعلم حتى إن كان الكيان الخفي الذي يُحْدِثْ الخوارق من حولهم جن او روح بشرية، فيتبين ان الدكتور بحاجة لمزيد من الوقت ليفهم ما يجري، يذهب عز الى غرفة حنان ليجدها مرعوبة مما واجهته، و سرعان ما تروي لهم ما حصل معاها و عن صورة المقص، ليبدأ الدكتور بفهم ان الروح تريد اخبراهم شيئ، يتواجه الأبطال مع المزيد من المواقف المرعبة الى ان يصلوا الى غرفة احلام والدة عز، ليتبين لهم تفاصيل كثيرة حول ليلة عيد ميلادها التي قتلت فيها، يبدأ بالظهور على عز بهذه الاثناء علامات قلق و توتر من حين لآخر فنشعر انه ليس على ما يرام،
يلاحظ دكتور قيسون و هو يتجول في الغرفة ثلاثة اوراق مغبرة على مكتب، و يتبين منهم ان عليهم تفاصيل للحفل الذي قتلت به احلام، و من بين الأوراق نرى قائمة مدعوين للحفل، و بعد سؤال عز عن القائمة يتبين انها لأقرباء و اصدقاء مقربين من عائلته، فمنهم من توفي و منهم من لايزال على قيد الحياة، و منهم قريبة تعاني من مرض عقلي و صرع بمستشفى، و وسط استمرار الحوادث الخارقة كمياه تفيض من حوض للإستحمام من غرفة احلام من دون ان يكون هنالك سدادة في مصرفه و ظهور ثعبان كوبرا كبير فجأة من مصرف الحوض، و بعد ان يستجوب قيسون مرعي بتفاصيل جريمة القتل حيث يشعر بأن هنالك ما ليس بمقنع بقصة اللص الذي طعن احلام، يصل الى نتيجة ان الذي يسكن القصر روح احلام، و يقرر استفزازها لتخبرهم ما عندها، و يقرر اعادة تمثيل حفل عيد ميلادها كما حدث بالماضي و دعوة ما تبقى احياء من اقربائها كانوا موجودين بالحفل، و استبدال الأموات بأحياء ليقوموا بدورهم، و يوجه عز و حنان دعوات لللفيف المتبقى الذي حضر حفل عيد ميلاد احلام، و ينجح الدكتور بإعداد احياء الحفل بالكامل كما حدث وقت الجريمة، و نرى حنان ترتدي ثوب احلام الذي ارتدته وقت الجريمة لتأخذ مكانها، و هنا تبدأ سلسلة من الإسترجاعات الدرامية حيث نتعرف اكثر على ما حدث بالحفل في تلك الليلة، و نعلم الخفي عن سيدة هذا القصر الراقي، فكانت بجمالها الآخاذ سندريلة اكثر من رجل من دائرة معارفها، حيث نرى بالحفل ابراهيم المحامي و هو ينظر اليها بإعجاب بأكثر من مناسبة و يتودد لها، و نرى ناجي الروبي (احمد زاهر) الرسام و هو يعلن على الملأ انه بعادته لا يعطي لوحاته لأحد، و لكن بسابقة هي الأولى بمسيرته كفنان اعطى لوحة خاصة لأحلام بمناسبة الحفل، و نرى من يستفز زوجها حينما تقوم بتقبيل ناجي كشكر على اللوحة، و نرى حديث جانبي من بعض العائلة ينتقدون حرية احلام مع رجال الحفل، و نرى فاروق يهدد ناجي حينما يرمي بعض كلمات مستفزه عليه بخصوص زوجته، بل نرى فاروق ينظر الى دنيا عزفة البيانو و كأنه معجب بها حيث يتنبه له ناجي، فيتضح لنا كم هذه الأسرة لامعة من الخارج و مفككة من الداخل، و نرى حتى استفزازات ناجي تستمر على عز حتى بعد وفاة والده حيث يقول له بالحفل الذي نظمه قيسون بأن والده كان عاشق لعازفة البيانو،
و في لحظات تستمر بها الإسترجاعات بصورة قوية نرى ما حصل بالفعل في القصر، بل تتكرر الجريمة بنفس تفاصيلها التي حدثت بالماضي، فنرى عز ينقض بالغرفة على حنان و يطعنها بمقص وسط اصابته بنوبة صرع شديدة، لنرى بالإسترجاع انه قام بنفس الجريمة في طفولته بعد ان راى ناجي بغرفة امه يغازلها، فطعنها وسط نوبة صرع شديدة تملكته من الصدمة، و نرى كيف يدخل فاروق الى غرفة زوجته و يرى ابنه و هو بنوبة يتلعثم عن خيانة امه، فبسبب استفزازات الناس و وسط فوران اعصابه مما سمع من ابنه يكمل طعنها، و نرى ثريا (اروى جوده) تدخل بنوبة صرع في اثناء تمثيل الحفل حيث كانت ضلع بالماضي في إخفاء الجريمة، فطلب فاروق وقت الجريمة من شقيقه اسماعيل (محمد الكيلاني) و ثريا اخفاء ما حصل و اخبار الشرطة انها جريمة من فعل لص دخل القصر ليسرق، تنتهي الأحداث بعز في زنزانة السجن و بعودة ثريا الى مستشفى الأمراض النفسية، و وسط توقعات الدكتور قيسون بأن الاحداث الخارقة للطبيعة ستنتهي من القصر ألا اننا نرى روح احلام ترسم مقص على جدار الزنزانة بجانب عز و نرى الخوارق تستمر في مشهاد النهاية،
الجوانب القوية بالفيلم
هذا الفيلم هو فيلم رعب كلاسيكي القلب و القالب، حيث لدينا كالعادة قصر او عقار مسكون ، و كثيرة هي تلك الروايات و الأفلام المصرية التي انتهجت نفس هذا النهج الكلاسيكي ، فنظرة سريعة لأفلام الرعب المصرية المعاصرة سيكشف لنا ان هذا هو السيناريو المفضل لدي العديد من صناع السينما، قد يطول الجدل حول ما اذا كانت ناجحة او لا فعدد منها عانى من ضعف بالمؤثرات البصرية فقط لا اكثر و لا اقل، و لكن تَجَذُرْ هذه الروايات بالموروث الشعبي لدينا كعرب جعلها الهدف المفضل لمحبي الرعب بمنطقتنا العربية، و لكن مع قدوم الثَوْرَة التكنولوجية الحاسوبية و تقنية الcg اصبح المخرج بمنطقتنا العربية اقدر بصناعة مؤثراتها بحرفية اكبر مما ساهم بنضوج اكبر للعمل، لذلك أفلام رعب كلاسيكية من زمن الفن الجميل و أفلام معاصرة أكثر قليلا و على سبيل المثال لا الحصر كأنياب (و أنوه ان انياب عمل ضعيف المحتوى) و البيت الملعون و التعويذة و الإنس و الجن و إستغاثة من العالم الآخر و عاد لينتقم و غيرها لا تقارن بالأعمال المعاصرة من نفس الفئة فستظلم كثيرا بسبب نضوج المؤثرات البصرية حاليا، لذلك فيلم يوم 13 له حسبة خاصة به فمنافسه هو أفلام جودتها عالية و على سبيل المثال لا الحصر مثل بارانورمال و الإنس و النمس (بالرغم من ان هذا العمل هو من فئة الكوميدي الرعب) و الفيل الأزرق بجزئيه الأول و الثاني و تراب ألماس و شبح للمخرج الإماراتي عامر سالمين المري، و هذه الأفلام استطاعت حصد جمهور كبير حين عرضها بدور العرض و على المنصات الخاصة من خلال ما قدمت من احداث، فَطَوًرَتْ على ما يستطيع كاتب السيناريو و الرواية تقديمه فاصبح ما هو غير ممكن بالماضي ممكنا، و اصبحت هذه الإمكانيات غير محتكرة على السينما الغربية، تخطت السينما العربية تُهَمْ الإستخفاف بذكاء المشاهدين و اسبحت تقدم اعمال تضاهي السينما العالمية فكنا من قبل نتكل على سيناريو و حوار ضعيف المحتوى إما بسبب قلة الإمكانيات المادية لتخرج لنا السينما العربية بأعمال يشعر الجمهور انها من المقبول، او بسبب قلة المقدرات عند المخرجين و عدم تحكمهم بأدواتهم اثناء صنع المؤثرات،
فلفسفة المكان و الزمان كبُعْدْ درامي : مما لا شك به ان ابعاد القصر و اوضاعه المتباينة كانت قيمة مضافة للعمل، فإنتقال المشاهد بنجاح بين ماضي كان به القصر الأنيق يزهو بالروح و الوَنَسْ و بين حاضر تآكل به حاله كان يقطع عامل الملل و يضفي بعداً درامياً جميل على الأحداث، فكانت الكاميرا تنقل لنا بين الحين و الآخر بعض من الأحداث الخفية بسردية فريدة من نوعها موزعة بعناية فائقة من اول المادة الى آخرها لنبقى بترقب مثير لما سيحصل بالفيلم، فتارة نرى عز و هو يسكن بالقصر و يحاول نفض غبار الزمن عنه ليحاول السكن به و تارة نراه و هو يضج بالحياة حينما كان صغيرا يلهو بين أهله، تارة نرى الروح تخاطبه من خلال سلسة خوارق ابدعت مؤثرات الcg بتقديمها بصورة مريبة و مخيفة وسط اروقته التي اصبحت بلا روح و تارة نراه يتذكر ما حدث به بعهد طفولته البهيجة، و هو القصر الكبير الذي تضفي ضخامته الهيبة و الرهبة و التي تتكامل مع ثيمة الرعب بصورة درامية متناغمة، و تُجَمٍلْ الأبعاد المكانية للفيلم حيث كانت تسكنه عائلة و أخلته فجأة ليغدو بأورقته الضخمة فارغ تملئه بيوت العناكب و الغبائر، فأصبح يخيف الناس و تنتشر الشائعات حوله بأنه مسكون، طريقة تقديم فلسفة القصر بثيمتها التقليدية بهذه الأناقة و سرد وضعه بين عصرين مختلفين و تباين جماله بالِقَدْم و ترديه لاحقا اضفى قيمة درامية رائعة ساهمت بسردية مشهدية فريدة من نوعها كمُرْتَكَزْ لأحداث الفيلم، و الذي اكمل هذه الفلسفة الدرامية الرائعة طبيعة المؤثرات و الذكاء في وضعها و تفاعلها مع الأبطال، فمن المؤثرات التي لفتت انتباهي الأقدام التي كانت تظهر وسط المياه التي كانت تنهمر من سطح العقار في اوقات الشتاء و هي تتجه نحو غرفة نوم اهل عز، و كأنها كانت ترشده على شيئ بالغرفة، ظهور الرؤى لعز كالطفل الذي رآه و هو يتذكر كيف وضعته احلام والدته بالسرير، و حينما ركلت المقص بقدمها الى تحت السرير، فحينما ركع لينظر إن كان لا يزال هناك رأى طفلا في صدره مقص،
الذي حدث مع حنان حينما قرر الدكتور قيسون تركيب الكاميرات، فرأينا مؤثرات مخيفة و الروح تهاجم حنان، فرفعتها على السقف ثم انزلتها الى السرير، رأيناها تثبتها على الجدار و تحفر صورة مقص على الحائط،رأينا ألعاب معلقة بالهواء و رأينا زجاج مرايا الخزائن بالغرفة تتكسر، و هنا بالطبع كانت رسائل تريد الروح ارسالها للدكتور و حنان و عز لِمَا حدث ليلة الجريمة، الأفعى التي ظهرت من بانيو الإستحمام ثم اختفت من صرفه الصحي كتحذير للقاطنين به، حتى في آخر الفيلم و نحن تنفاجئ بأن الروح كانت لا تزال تسكن القصر بالرغم من مراهنة الدكتور قيسون ان الخوارق المرعبة ستخف بإنكشاف لغز الجريمة، رأينا سلسلة من المؤثرات البصرية المتقنة مثل اهتزاز انارة السقف و وقوع الكتب على الموجودين من المكاتب بالطابق العلوي و تغير اشكال التماثيل فجأة و تكسر زجاج السقف، و حيث تم استخدامها لختم الفيلم بنهاية مفتوحة و مثيرة للغاية،
الجوانب الضعيفة بالفيلم : مع تضافر هذه الأبعاد جميعها لتعطي هذا الفيلم نكهة رعب و اثارة باهرة مع تقنية ال3d و مع عوامل الزمان و المكان، فرهان المخرج وائل عبدالله على نجاحها و صياغة فلسفة اخراجية منها كان في محله، الا ان الفيلم عانى من ضعف واضح لم تستطع تقنية صناعتة العصرية اخفائها، او ربما تخفيف ضعفها، فالدكتور قيسون الناصر هو معالج روحاني، و المعالج الروحاني يؤمن بعالم الماورائيات حيث يحاول شفاء امراض الجسد عن طريق الطاقة، و هنالك قوم منهم و ليس الكل يؤمنون بعالم الأرواح و الجان و قد يلجأون الى البحث بهذا العالم للخوض بتجارب معينة تتعلق بعلمهم، و ليس من الغريب ان تتصل حنان زوجة المحامي ابراهيم بالدكتور قيسون لدعوته للبحث بما يحدث بالقصر من خوارق فهذا الأمر يدخل بصلب تخصصه، و رأيناه يزور القصرو حيث طلب ان يبيت به ليكون في قلب الأحداث، و رأيناه يُرَكِبْ كاميرات مراقبة بأماكن مختلفة بغرفه لمحاولة إلتقاط الخوارق التي تحدث به، و رأيناه يلعب دور محقق ناجح حينما بحث بما حدث مع احلام و بزيارة غرفة اهل عز حيث اوصل عدة احداث مع بعض حول حادثة وفاة احلام بليلة عيد ميلادها، و رأيناه يقوم بإعادة تنظيم حفل عيد ميلاد احلام ليحاول معرفة ما حدث بالقصر في تلك الليلة المشؤمة من الروح، و لكن لم نراه يدخل بعمق عمله في الفيلم، لم نراه يحاول الإتصال بالروح و محاولة مخاطبتها لمعرفة ماذا تريد، رأيناه فقط يقوم بتركيب كاميرات و رأينا قدرته كمحقق جريمة و لكن لم يدخل الى عمقه المهني كدكتور روحاني، فبات هذا الدور قشريا لا يقدم لنا هذه الشخصية كما يجب، و الإستعانة بفنان صاحب خبرة و مقدرة درامية كبيرة كشريف منير كان يجب دفع الكاتب و المخرج للإستفادة من طاقته و خبرته الدرامية بصياغة له دور اعمق يتناسب مع مقدرته الدرامية، لم نرى الدكتور قيسون الا منظم للحفلات و فني تركيب كاميرات و محقق فقط...فأين شخصية المعالج الروحاني من روح احلام التي تسكن القصر؟ المشكلة انه بعد كل الذي حدث بَقِيَتْ روح احلام بالقصر مما يوضح اخفاقه بأداء واجبه،
في الحقيقة ان هذا الفيلم عمل درامي اخذ الصناعة الدرامية في مصر الى مسافة اعمق مما كانت عليه و قدم لنا افلام الرعب بصيغة ال3d و بتقنيات الcg مما صَعِدَ بالمنافسة الدرامية في مصر الى د رجة ارقى و اعمق مما كانت عليه، لذلك قررت الوقوف عنده بهذه المقالة للنقاش حوله و للأستفادة من هذه التجربة حيث رأيت بها نجاح جميل و محاولة لتقديم اعمال الرعب بصورة عصرية و ناضجة، ألعلًنا وصلنا الى نشوة جميلة بصناعة الدراما بما قُدِمْ؟ ألعلًنا نستطيع ان نقول بأن مصر ام الدنيا تنافس بقوة بهذه الفئات من الافلام بسبب ارادة صناع السينما دائما مجاراة التقدم التكنولوجي الذي يدعم سوقها و يساهم بنضوج جميل للمادة التي يصنعونها؟ الجواب هو نعم فمصر لطالما كانت معقل قوي للصناعة الدرامية و صنعت الفارق على مر التاريخ بهذا المجال و قدمت اعمال اكتسبت رواجاً كبيراً بالشارع العربي حيث عَبَرَتْ اعمالها حدودها كدولة منذ سينما زمن الفن الجميل و عانقت وجدان الدول العربية كافة بما قَدًمَتْ، فلطالما كانت سند ضخم لصناع السينما بالوطن العربي فليس غريب عليها ان تقدم هذه الفئة من الأعمال بصورة جميلة و رائعة و اجزم ان تجربة فيلم يوم 13 كانت ناجحة و ريادية بهذا السياق،
المراجع/الهوامش :
1) مقال من صحيفة الشروق بتاريخ 25 مايو 2023 بإسم 'اليوم عرض فيلم يوم 13 بعدد من سينمات الدول العربية،'
2) معلومات مآخوذه عن مرجع بالويكيبيديا باللغة الإنجليزية بإسم 3D فيلم،
3) عن صفحة بالويكيبيديا بإسم “prizma”، و هو نظام ألوان خاص بنظام تصوير بكاميرا اخترعها ويليام فان دورين كيلي،
4) هذه المعلومات من عدة مصادر و مراجع على الإنترنت، و الشكر للدكتور مروان الياسين استاذ بصناعة الأفلام بجامعة SAE في عمان - الأردن على اثراء هذه المقالة ببعض المعلومات القيمة، مقال عن فيلم The Hobbit و كيف تسبب بحالات غثيان و دوار بسبب تقنياته الخاصة وقت العرض، https://theweek.com/articles/469863/why-isthe-hobbit-making-some-moviegoers-sick
5) تصنيف خاص بصفحتي على الفيس بوك بأفلام الرعب، و هو من جمجة الى خمسة جماجم (ريتنغ 1-5)، حيث يُقاصْ نضوج فيلم الرعب بعدد الجماجم، و كلما كان انضج و متكامل الأبعاد كلما حصل على تصنيف اعلى، ال1 هو الأضعف و ال5 هو الأعلى،
6) مقال في صحيفة الوطن نشر بتاريخ 24 ديسمبر 2019 بإسم 'تسريت صور من يوم 13 رغم التكتم...'مش هحرق شغل ب9 ملايين' '،
التعليقات