طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

خَمْسَةُ دَقَائِقَ فَقَطْ


الْكَاتِبَةُ : هِبَةُ أَحْمَدَ الْحَجَّاجِ

أَخْرِجَتْ مِنْ مِعْطِفَيْ الْجَرِيدَةِ ، وَعَلْبَةُ الثِّقَابِ تَنَاوَلْتُ السُّكَّرَ مِنْ أَمَامِي، أَذَبْتُ فِي فَنْجَانِي قِطْعَتَيْنِ .

كُنْتُ هُنَاكَ جَالِسًا أُطَالِعُ الْأَخْبَارَ ، وَصَفْتُ نَفْسِي كَمَا وَصَفْتُ مَاجِدَةَ الرُّومِي فِي أُغْنِيَةِ ' مَعَ الْجَرِيدَةِ ' الشَّخْصِ الَّذِي لَفَتَ انْتِبَاهَهَا لَكِنَّنِي لَمْ يَنْتَبِهْ لِي أَحَدٌ فَانْتَبَهْتُ لِنَفْسِي هُهْهُهُهْهْهْهَهُ .

وَبَيْنَمَا أَنَّ كَذَلِكَ سُمِعَتْ أَصْوَاتُ ضِحْكَاتٍ تَتَعَالَى ، 'فَإِذَا يَجْلِسُ أَرْبَعَةَ أَصْدِقَاءٍ عَلَى طَاوِلَةٍ فِى ذَاكَ الْمَقْهَى . لَا يَهُمُّ فِى أَيَّةِ مَدِينَةٍ فَالْأَرْبَعَةُ يُمَارِسُونَ نَفْسَ الطُّقُوسِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَقَاهِي وَالْمُدُنِ ، يَتَوَاعَدُ الْأَصْدِقَاءُ يَوْمِيًّا بِإِصْرَارٍ شَدِيدٍ ، وَمَعَ كَثِيرٍ مِنْ الْوَلْهِ وَالْحَاجَةِ يَتَرَاكَضُونَ مُسْرِعِينَ لِلْمَوْعِدِ الْقَادِمِ ، يَتَحَلَّقُونَ حَوْلَ الْمَائِدَةِ وَيَسْتَدْعُونَ النَّادِلَ ، وَدُونَ الْحَاجَةِ لِقَائِمَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ' الَّتِى يَحْفَظُونَهَا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ ' وَقَبْلَ أَنْ تَصِلَ الطَّلَبَاتُ يَعُودُونَ إِلَى هَوَاتِفِهِمْ النَّقَّالَةِ ، يُرْسِلُونَ رَسَائِلَ عَلَى الْوَاتِسِ آبْ وَيُتَابِعُونَ 'الْبُوسْتَاتِ' عَلَى الْفِيسْ بُوكْ ، ثُمَّ مَا إِنْ تَصِلْ قَهْوَةُ الْكَابْتِشِينُو بِنَكْهَةِ الْبُنْدُقِ حَتَّى يَأْخُذُوا الصُّورَةَ لِتُرَحِّلَ سَرِيعًا عَلَى الِانْسِتِجْرَامِ وَلَا ضَرَرَ مِنْ 'سِيلْفِي' !!!'

كُنْتُ أَتَمَنَّى أَنْ أَقُولَ لَهُمْ ( اسْتَمْتِعُوا وَلَوْ لِخَمْسِ دَقَائِقَ وَ اتْرُكُوا الضَّجَّةَ لِلْفَارِغِينَ وَالْعَاطِلِينَ عَنْ الْحَيَاةِ ، اجْلِسُوا مَعَ أَحِبَّائِكُمْ ، اطْبُخُوا وَجَبَتْكُمْ الْمُفَضَّلَةَ ، امْسِكُوا كِتَابًاً ، شَاهِدُوا فَلَمَّاً ، اسْمَعُوا أُغْنِيَةً ، رَتِّبُوا غُرَفَكُمْ ، طَوِّرُوا أَنْفُسَكُمْ ، أَنْجِزُوا فِي الْعَمَلِ، اقْضُوا وَقْتًاً أَكْثَرَ فِي نَادِيكُمْ الرِّيَاضِيِّ أَوْ الْحَدِيقَةِ الْأَقْرَبِ لَكُمْ ، وَأَعْمَلُوا أَيَّ شَيْءٍ يُسْعِدُكُمْ حَقًّاً ، لَا تَتَرَاكَضُوا وَتَتَسَابَقُوا إِلَى السَّعَادَةِ الْمُزَيَّفَةِ ) .

ذَاتِ مَرَّةٍ شَاهَدَتْ مُقَابَلَةً تِلِفِزْيُونِيَّةً لِعَالَمِ النَّفْسِ وَالْفَيْلَسُوفِ (إِرِيكْ فُرُومْ ) فِي لِقَاءٍ لَهُ يُنَاقِشُ فِيهِ السَّعَادَةَ الْمُزَيِّفَةَ الَّتِي يَعِيشُهَا إِنْسَانُ هَذَا الْقَرْنَ حَيْثُ قَالَ:

'أَنَّ النَّاسَ يَتَظَاهَرُونَ بِالسَّعَادَةِ حَتَّى أَمَامَ أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَقُومُوا بِذَلِكَ فَإِنَّ الْمُجْتَمَعَ لَايَرْغَبُ فِيهِمْ وَيُوصِمُهُمْ بِالْفَشَلِ' وَهَذِهِ حَالَةٌ مِنْ حَالَاتِ الْإِغْتِرَابِ يَعِيشُهَا الْإِنْسَانُ السَّوِيُّ .

وَبَيْنَمَا أَنَا فِي عُمْقِ التَّفْكِيرِ بِالْحَالِ الَّذِي وَصَلْنَا إِلَيْهِ ، إِذْ أَسْمَعُ صَوْتٌ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ وَكَانَ هَذَا الصَّوْتُ مَمْزُوجٌ بِالْفَرَحِ وَالدَّهْشَةِ يَقُولُ : مَالَّذِي حَدَثَ ؟

أَمْرَرْتِ مِنْ هُنَا ؟

كَيْفَ لَوْ بَقِيَتِي خَمْسَةَ دَقَائِقَ أَيْضًا ؟

لَأَصْبَحَتْ كُلُّ شَوَارِعِ رُوحِي مُورَقَةٍ ، مُزْهِرَةٍ ، عَاطِرَةٍ .

إِنَّهُ أَبٌ يَتَغَزَّلُ بِطِفْلَتِهِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي فَاجَأَتْهُ بِخُطُوَاتِهَا الصَّغِيرَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ تَمْشِي لِأَوَّلِ مَرِّهٍ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ ، كَانَ شُعُورُ فَرْحَتِهِ بِهَا لَا يُوصَفُ ، أَشْعَرُ وَكَأَنَّهُ امْتَلَكَ الْعَالَمَ أَجْمَعَ .

وَاذْ أَسْمَعُ صَوْتًا آخَرَ شَعَرْتُ لِوَهْلِهِ أَنَّ صَاحِبَةَ هَذَا الصَّوْتِ بِجَانِبِي ! وَبِالْفِعْلِ كَانَتْ كَذَلِكَ ، كَانَتْ تَتَكَلَّمُ عَلَى الْهَاتِفِ وَهِيَ تَمْشِي وَدُمُوعُهَا تَذْرِفُ عَلَى خَدَّيْهَا وَكَأَنَّ الْعَالَمَ بِأَكْمَلِهِ غَادَرَهَا أَوْ بِالْأَحْرَى تَرَكَهَا ، كَانَ صَوْتُهَا يَمْلَؤُهُ الْعِتَابُ وَالْحَسْرَةُ وَهِيَ تَقُولُ : لَوْ انْتَظَرْتُكَ قَلِيلًاً هَلْ سَتَبْقَى ؟ كَمْ دَقِيقَةً ؟ خَمْسَةُ دَقَائِقَ أَيْضًاً ؟ أَمْ سَاعَةَ ؟ أَيَّامٍ ، كَمْ سَأَظَلُّ انْتَظِرْكَ لَوْ أَنِّي بَقِيتُ ؟ قُلْ ، أَجِبْنِي .. تَكَلَّمْ ، ثُمَّ أَقْفَلْتُ الْهَاتِفَ وَذَهَبْتُ .

قُلْتُ فِي نَفْسِي : هَكَذَا هِيَ الْحَيَاةُ حَزِينٌ وَسَعِيدٌ ، وَمَوْجُوعٌ وَضَاحِكٌ ، وَمَرِيضٌ وَفَقِيرٌ ، وَمُبْتَهِجٌ وَسَجِينٌ ، وَبَعِيدٍ وَرَاحِلٍ ، وَقَرِيبٍ وَمُتَأَلِّمٌ ..خَلِيطٌ مُخْتَلِفٌ وَمُتَخَالِفٌ !

نَظَرْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَأَمْسَكْتُ كَامِيرْتِي ، أَرَدْتُ أَنْ أُصَوِّرَ مَشْهَدٍ لِطَائِرٍ جَمِيلٍ يَحْلِقُ فِي السَّمَاءِ ، وَإِذْ أَرَى عَبْرَ عَدْسَتَيْ شَابٍّ وَفَتَاةٍ وَاقِفَانِ مُتَوَازِيَانِ لِبَعْضِهِمْ الْبَعْضِ ، كَانَا يَتَحَاوَرَانِ ، وَشَعَرَتْ أَنَّهُمَا مُنْسَجِمَانِ ، كَانَ الْمَشْهَدُ أَقْرَبَ لِمُسَلْسَلٍ تِلِفِزْيُونِيٍّ أَوْ حَتَّى سِينَمَائِيٍّ، وَمِنْ ثَمَّ ذَهَبَ الرَّجُلُ وَبَقِيَتْ الْفَتَاةُ ، تَسَاءَلَتْ لِمَاذَا ذَهَبَ ؟ لِمَاذَا لَمْ يَذْهَبَا مَعًا ؟ اقْتَرَبْتُ مِنْهَا وَقُلْتُ مُجَامِلًا لَهَا : أَعْتَقِدُ أَنَّكُمَا لَوْ تَمَثَّلَانِ فِي مُسَلْسَلٍ أَوْ فِيلْمٍ سَوْفَ تَنْجَحَانِ ، كَانَتْ مَلَامِحُ الْفَتَاةِ تُظْهِرُ أَنَّهَا قَوِيَّةُ الشَّخْصِيَّةِ وَ إِنْسَانَةٌ مُعْتَدَّةً بِنَفْسِهَا ، تَنَهَّدَتْ لِي وَقَالَتْ مُتَسَائِلَةً : مِنْ ! نَحْنُ ؟

هَذَا زَوْجِي وَقَدْ رَحَلَ ؛ وَ رَحَلَتْ مَعَهُ كَلِمَاتٌ كُنْتُ سَأَسْمَعُهَا لَوْ بَقِيَ قَلِيلًاً ؛ الْآنَ الْكَلِمَاتُ تَبَخَّرّتْ وَالْحُرُوفُ صَارَتْ أَمَانِي ..

وَجَلَسَتْ تَبْكِي بِحِرْقَةٍ ثُمَّ تَنَهَّدْتُ وَقَالَتْ : أَتَعْلَمُ ؟ لَوْ بَقِيَ خَمْسَةُ دَقَائِقَ أُخْرَى لَرَأَيْتُنِي مُنْهَارَةً أَمَامَهُ .

نَظَرَتُ إِلَيْهَا نَظْرَةٌ تَعْجَبُ وَ دَهْشَةً ثُمَّ قُلْتُ لَهَا : لَا عَلَيْكِ ، مَهْمَا كَانَ حَجْمُ الْمُشْكِلَةِ ، الْحَبُّ وَالْمَوَدَّةُ سَيَحِلَّانِهَا لَا تَقْلَقِي .

وَلَكِنْ فِي نَفْسِي كَانَ يُرَادُونِي سُؤَالٌ : هِيَ مَاذَا تُرِيدُ ؟ أَنْ يَبْقَى أَمْ يَذْهَبُ ؟! تُرِيدُهُ أَنْ يَبْقَى خَمْسَةُ دَقَائِقَ ؟ وَأَيْضًاً لَوْ بَقِيَ سَتَنْهَارُ ، لَا عَلَيْنَا مَشَاكِلُ عَائِلِيَّةٌ لَا عَلَاقَةَ لَنَا فِيهَا .

قَرَّرْتُ أَنْ أُغَيِّرَ الْمَكَانَ ، لَعَلَّنِي أَحْظَى بِشَيْءٍ مِنْ الطَّاقَةِ الْإِيجَابِيَّةِ ، فَجَلَسْتُ بِالْحَدِيقَةِ الْعَامَّةِ وَأَخَذَتُ أَقْرَأُ كِتَابًا بِعُنْوَانِ : فَنُّ اللَّامُبَالَاةِ.

وَبَيْنَمَا كُنْتُ مُنْغَمِسًا فِي قِرَاءَةِ الْكِتَابِ وَإِذْ أَسْمَعُ صَوْتَ سَيِّدَةٍ عَجُوزٍ تُلْقِي التَّحِيَّةَ ، وَمِنْ ثَمَّ جَلَسَتْ هَذِهِ السَّيِّدَةُ بِجَانِبِ رَجُلٍ كَبِيرٍ فِي السِّنِّ عَلَى مَقْعَدٍ خَشَبِيٍّ فِي حَدِيقَةٍ تُشْرِفُ عَلَى مَلْعَبٍ لِلْأَطْفَالِ ، وَكَانَ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ كِلَاهُمَا لَدَيْهِ ابْنٌ أَوْ حَفِيدٌ يَلْعَبُ ضِمْنَ مَنْ يَلْعَبُ مِنْ الْأَطْفَالِ . وَفِي مُحَاوَلَةٍ لِتَمْضِيَةِ الْوَقْتِ أَشَارَتْ السَّيِّدَةُ إِلَى أَحَدِ الْأَطْفَالِ وَقَالَتْ:

' هَذَا الْوَلَدُ ، هُنَاكَ ، إِنَّهُ ابْنِي ' .

بَعْدَ أَنْ أَلْقَى نَظْرَةً عَلَى ابْنِهَا ، إِلْتَفَتْ الرَّجُلُ إِلَيْهَا وَقَالَ :

' يَبْدُو وَسِيمًا وَقَوِيُّ الْبِنْيَةِ ' ،

ثُمَّ أَشَارَ إِلَى إِحْدَى الْبَنَاتِ اللَّوَاتِي يَلْعَبْنَ وَقَالَ لِلسَّيِّدَةِ :

' هَذِهِ الْبِنْتُ ،هُنَاكَ تِلْكَ الَّتِى تَلْعَبُ وَتُرْتَدِى الْبَلُّوزَةُ الزُّهْرِيَّةُ ، إِنَّهَا ابْنَتِي ' .

ثُمَّ نَظَرَ إِلَى سَاعَتِهِ وَ نَادَى عَلَى ابْنَتِهِ مُتَسَائِلًاً :

' هْيَا يَا آمَالُ ، أَمَا حَانَ مَوْعِدُ الِانْصَرَفِ ؟! '

اقْتَرَبَتْ آمَالٌ مِنْ وَالِدِهَا وَقَالَتْ لَهُ فِى لَهْجَةٍ مُسْتَعْطَفَةٍ :

- ' خَمْسُ دَقَائِقَ أُخْرَى يَا وَالِدِي ، مِنْ فَضْلِكَ خَمْسُ دَقَائِقَ أُخْرَى '.

ابْتَسَمَ الرَّجُلُ وَقَالَ :

- ' حَسَنًا ، خَمْسَ دَقَائِقَ أُخْرَى ' .

أَحْنَى الرَّجُلُ رَأْسَهُ قَلِيلًاً عَلَامَةً عَلَى مُوَافَقَتِهِ ، فَمَضَتْ آمَالٌ تَنْطَلِقُ وَقَدْ بَدَتْ عَلَيْهَا الْفَرْحَةُ الْغَامِرَةُ . وَلَمَّا مَضَى بَعْضُ الْوَقْتِ وَقَفَ الرَّجُلُ وَنَظَرَ إِلَى سَاعَتِهِ وَنَادَى عَلَى ابْنَتِهِ قَائِلًاً:

- ' حَانَ الْوَقْتُ لِلذَّهَابِ يَا آمَالُ ، هَيَا بِنَا ' .

اقْتَرَبَتْ آمَالٌ مِنْ وَالِدِهَا وَتَعَلَّقَتْ بِهِ وَقَالَتْ لَهُ مُسْتَعْطَفَةٌ:

- ' خَمْسُ دَقَائِقَ أُخْرَى يَا وَالِدِي، مِنْ فَضْلِكَ خَمْسُ دَقَائِقَ أُخْرَى ، خَمْسُ دَقَائِقَ إِضَافِيَّةٍ ' .

ابْتَسَمَ الرَّجُلُ ابْتِسَامَتَهُ الْهَادِئَةَ وَوَافَقَ ، ثُمَّ عَادَ لِلْجُلُوسِ بِجَانِبِ السَّيِّدَةِ مَرَّةً أُخْرَى ، فَقَالَتْ لَهُ السَّيِّدَةُ:

- ' يَا لَكَ مِنْ أَبٍ رَؤُوفٍ رَحِيمٍ ، وَالْأَهَمُّ أَنَّكَ صَبُورٌ .. ' .

ابْتَسَمَ الرَّجُلُ وَقَالَ لِلسَّيِّدَةِ:

- سَيِّدَتِى، لَقَدْ مَاتَ أَخُوهَا الْأَكْبَرُ صَابِرٌ مُنْذُ عَامَيْنِ فِى حَادِثِ سَيَّارَةٍ ، وَلَمْ أَقْضِي مَعَ صَابِرٍ أَبَدًا مِثْلَ هَذَا الْوَقْتِ الَّذِي أَقْضِيهِ مَعَ آمَالٍ ، وَالْآنَ فَأَنَا عَلَى اسْتِعْدَادٍ لِعَمَلِ أَىِّ شَيْءٍ أَوْ دَفْعِ أَيِّ مَبَالِغَ مَالِيَّةٍ مُقَابِلَ خَمْسِ دَقَائِقَ أُخْرَى إِضَافِيَّةٍ مَعَ صَابِرٍ ، وَلِذَا فَأَنَا أَحْرِصُ أَنْ لَا أُكَرِّرَ نَفْسَ الْخَطَأِ مَعَ آمَالٍ .

ثُمَّ صَمَتَ لَوْهَلَةَ ، وَعَادَ إِلَى حَدِيثِهِ هَامِسًا وَكَأَنَّهُ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ:

إِنَّهَا تَظُنُّ أَنَّهَا سَتَلْعَبُ خَمْسَ دَقَائِقَ إِضَافِيَّةٍ ، وَلَكِنَّ الْحَقِيقَةَ هِيَ أَنَّنِى أَنَا الَّذِى سَوْفَ أَسْتَمْتِعُ بِخَمْسِ دَقَائِقَ إِضَافِيَّةٍ أُخْرَى أُشَاهِدُهَا وَهِيَ تَلْعَبُ .

الْحَيَاةُ مَا هِىَ إِلَّا أَوْلَوِيَّاتٌ ، وَعَلَيْكَ أَنْ تُقَرِّرَ مَا هِيَ أَوْلَوِيَّاتُكَ !!

وَأَنَا هَمَسْتُ فِي نَفْسِي أَيْضًاً وَقُلْتُ : أَعْطِ مَنْ تُحِبُّ خَمْسَ دَقَائِقَ إِضَافِيَّةٍ الْآنَ ، حَتَّى لَا تَنْدَمَ عَلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ .

لِأَنَّ قَضَاءَ الْوَقْتِ مَعَ الْأَحِبَّةِ يُسَاعِدُ عَلَى تَحْفِيزِ هُرْمُونِ الْأُوكْسِيتُوسِينْ فِي الْجِسْمِ مِمَّا يَمْنَحُ الشُّعُورَ بِالسَّعَادَةِ ، لِذَا إِلْتُقُوا بِأَحَبَّتِكُمْ بَعْدَ الْمَهَامِّ حَتَّى وَلَوْ هَاتِفِيًّا .

'الْوَقْتُ مَعَ الْأَحِبَّةِ قَصِيرٌ' وَ الدُّنْيَا تَمْشِي سِرَاعًاً، وَ الْفِرَاقُ قَادِمٌ لَا مَحَالَةَ ؛ أَحْسِنُوا قَضَاءَ الْوَقْتِ مَعَهُمْ ، وَ اُتْرُكُوا أَحْسَنَ الْأَثَرِ .


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/528032