طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

رواية الفيروس القادم .. الجزء الثاني


ازدادت اصوات الطقطقة اكثر فاكثر مع مرور الثواني، كانت آتية من ركن من اركان البهو، شعرت ساره برهبة من شدتها و كأن مُصْدِرَهَا صبره ينفذ و قد صمم على الخروج من الحوض بأي ثمن، فتحت بندقية الوينشتر التي كانت بحوزتها و وضعت فيها ستة طلقات و هي تسير بترقب نحو جهة الصوت، عمرت بيت النار و راقبت ما يجري من حولها، كانت الأحواض كبيرة الحجم و مليئة بالاسماك و بالجثث البشرية العائمة في داخلها، كانت جميعها بلا حراك و عينيها مفتوحة لتدل على خلوها من الروح، ابتدأت بتحليل الامور سريعا فشعرت بان الذي يصدر الطقطقة هو كائن بحري محتجز بحوض ما، كانت الأحواض موزعة بصورة عشوائية بالبهو الكبير فقدرت التي رأتهم و هي تسير بعشرة، فجأة وجدت نفسها بالقرب من الصوت، كان أتٍ من حوض كبير جدا في داخله سمكتي قرش تسبح بصورة شرسة و عدوانية، كانت ترتطم بزجاج الحوض بعنف و كأنها تحاول كسره و الخروج منه، ابتعدت سارة عدة خطوات و هي تشاهد المنظر بدقة لعلها تعرف سبب اضطرب تلك الأسماك، شعرت انها من نوع المكاريل او الماكو المعروف بشراسته فكانت كل منها بطول اربعة امتار، فالقروش الوحيدة التي تبلغ هذه الضخامة هي المكاريل و الذي ينحدر منها نوع القرش الأبيض الشهير، كانت الأسماك ضخمة و تسبح بحوض ماء اكبر منها بكثير، كان الحوض مليئ بالشعاب المرجانية المصطنعة و باسماك اصغر منها وضعت كطعام لها، ابتدأت زواية الحوض بالتفكك من الضغط و ابتدات بعض قطرات من الماء بالتساقط منها، شعرت فجأة بشيئ يتحرك من وراء شعاب مرجاني كبير، انقبض قلبها فابتدأت بالتيقن ان هنالك كائن حي آخر يتحرك داخل الحوض غير القروش، كان الشعاب المرجاني كبير و ضخم فلم ترى ما كان ورائه في بادئ الأمر، و لكن الإضاءه التي كانت مثبتة داخل الحوض عكست خياله و كم كان هذا الكائن ضخم، شعرت انه قد يكون مصدر انزعاج الاسماك، امسكت البندقية و صوبتها نحو الحوض و هي تراقب المنظر بخوف كبير، فجأة خرج من وراء الشعاب و استقام، كان إنسي طويل و ضخم فتجمدت الدماء في عروقها من منظره، كان بيده سمك نيئ و كان يأكله بالخفية، كانت الدماء تنساب من السمكة التي بيده فطلخت مياه الحوض باللون الاحمر سريعا، ازدادت شراسة اصطدام القروش بجوانب الحوض حينما رأته، نظرت اليه سارة فكان منظره طبيعي مثلها و لكن وقوفه داخل الماء و هو يراقب القروش و عدم خروج فقعات تنفس من فمه و انفه صدمها كثيرا، فجأة سبح نحو احدا القروش و تعلق بيديه بها، غرز اسنانه بلحمها فانتفاضت من الألم و اصطدمت بقوة بجوانب الحوض، كُسِرَ الزجاج اخيرا و انهمرت المياه منه، اهتز القرش بقوة و هو يسبح مع الماء المتدفق من الحوض الضخم فطار الرجل بعيدا و اصطدم بزجاج حوض آخر، فانكسر و فاضت منه المياه، كان الحوض الثاني به اسماك كثيرة و جثتتي إمرأتين كانتا من دون حراك،

تدفقت المياه كالشلال من امام ساره فهربت بسرعة من طريقها، اتجهت نحو مكتب الإستقبال الذي كان عند المدخل، صعدت فوقه لتراقب مستوى المياه الذي ابتدأ بالإرتفاع بالبهو، ازدادت عمق المياه بسرعة لتدرك سارة ان المكتب لن يسعفها طويلا، نظرت من حولها لتشاهد سلم جداري بجانبها كان يرتفع نحو السقف الزائف للبهو، كان عريضا و طويلا يصل الى مستوى السقف، صعدت عليه ريثما تستقر المياه بالبهو، غمرت المياه مكتب الإستقبال ثم اختفى رويدا روبدا مع ارتفاع منسوبها، خفق قلبها بسرعة كبيرة من الخوف و الامواج تتلاطم مع بعضها، لهث لسانها بالحمد لله لأنها وجدت مكان آمن من اسماك القرش و كميات المياه التي قدرت عند وقوفها بالبهو قد تغمرها الى مستوى صدرها، نظرت الى الأسفل لترى ماذا حل بالقروش و بالوحش الذي هاجمها في الحوض، منظره و هو ينقض عليها جعل الدماء تتجمد بعروقها، كان وحش بهيئة انسان فليس هنالك كائن انسي يستطيع ان يعيش تحت الماء و أن ينقض على القروش بهذا الشكل، سألت ذاتها 'ما نوع التجارب التي كانت تحدث بهذا المختبر؟' فجأة سمعت تلاطم عنيف للأمواج، نظرت من حولها فرأت الرجل يتعارك مع سمكة القرش، كان ممسكا بها و ينهال عليها عقرا فانتفضت بالمياه بشراسة من شدة ألآمها، كانت ممسكة بالسلم بيديها، فشعرت انها لا تستطيع استخدام البندقية التي كانت معلقة بحزام على كتفها، تمسكت بالسلم بيد واحدة و سحبت مسدسها باليد الآخرى و حاولت توجيهه نحو رأس الإنسي الهائج، كان يتأرجح يمنتا و يسارا مع حركة القرش العنيفة، وجدت صعوبة بتوجيه المسدس بدقة عليه، و لكنها بعد دقيقة من الزمن اطلقت رصاصتين نحو رأسه فأصابته، انتفض الكائن من الرصاص و سقط بعيدا، سالت الدماء منه ليتحول لون المياه حوله الى الاحمر، ابتعدت السمكة عن المكان و هي تنزف من جراحها لبرهة من الزمن ثم عادت هي و السمكة الآخرى، انقضت احداها على جثة الرجل فإرتجفت سارة من منظرها و هي تبتلعه الى خصره ثم تقطعه الى نصفين، انتشرت الدماء بالمياه بكثافة من اشلاء الجثة، اعادت المسدس الى غمده و بدأت بمراقبة السمكة الآخرى و هي تلتهم ما تبقى منه، صرخت من منظر القروش و هي تلتهم الرجل و تسبح بالبهو و الأشلاء بين انيابها، تلاطمت الأمواج بشدة من شراسة المعركة ريثما تقاسمت طعامها ثم هدأ كل شيئ من تحتها،

علمت سارة بقرارة نفسها انها يجب ان تفكر بخطة لإنهاء حياة القروش اذا ارادت ان تبقى على قيد الحياة و تخرج من المشفى، كانت القروش تعوم بسرعة كبيرة بالمياه فكانت لا تزال ببيئتها لذلك كانت اقوى منها بكثير، اصابتها بالرصاص ممكنة فالأسلحة التي لديها فتاكة بما يكفي لتخلصها منها، فجأة تسائلت عن السلم الذي كانت عليه، لماذا يصعد الى الأعلى، كان يمتد من الأرض الى السقف المزيف، قررت اكمال طريقها و محاولة ازالة البلاطة المربعة فوقه لترى لماذا يصعد الى الأعلى، اكملت طريقها و ازالت البلاطة، اكملت صعودها الى ان داست آخر درجة و نظرت فوق السقف، لم يكن هنالك شيئ مهم به سوى تمديدات كهرابئية تخص المشفى، نزلت بضعة دراجات الى ان شعرت ان هنالك منطقة على يمين السلم مباشرة تهتز مع حركتها، وقفت مستغربة منها، احستها بيدها لتكتشف انها هشه كقطع الكرتون، كانت مطلية باللون الأبيض الذي هو نفس لون الجدار لتبدو و كأنها قطعة منه، امسكت مسدسها و كسرت الواجهة الكرتونية، فسقطت قطعه على الماء بالأسفل، كانت هنالك فتحة بالجدار قدرتها بأنها مترين بمترين، كانت الفتحة مظلمة من الداخل فلم ترى ما في داخلها، خافت ان تدخلها في بادئ الأمر بسبب الظلمة، و لكن كانت تعلم انها تبحث عن مخرج من المكان الذي به، فتسائلت عن اذا كان هنالك مخرج على الطرف الآخر منها، كان ضوء البهو القوي ينير مسافة قصيرة من داخله و لكن الظلام كان يخيم على عمقه، قررت ان تقوي قلبها و ان تدخله، فكان افضل من ان تبقى معلقة على السلم، دخلته و وقفت عند مدخله، مدت ساعدها الايسر و اتكئت على الجدار بجانبها لتتفاجئ بإشتعال الإنارة بالمكان، نظرت الى ما لمسته فكان مفتاح للكهرباء يعمل على اللمس، كان النفق يمتد الى بضعة امتار للداخل فقط، و كان هنالك مفتاح كبير مثبت بالحائط في آخره على شكل صليب، تفاجئت بوجود علبتي رصاص تناسب البندقية البمب اكشن التي كانت لديها، و كان هنالك علبة صغيرة للأسعافات الأولية تضم بعض من اليود بعلبة اصغر حجما و بعض الشاش المعقم، و كان بجانبها حقيبة تشبه حقائب الطلاب المدرسية، امسكتها و فتحت سحابها العلوي، كانت فارغة تماما، و كان لها حزامان فكانت من النوع الذي يتم ارتدائه على الظهر، لفت انتباهها عند آخر الغرفة وعاء للنباتات صغير الحجم، كانت به بعض الأزهار الحمراء، فكرت في ذاتها و هي تسير نحوها و قالت 'من سيزرع نباتات في هذه الغرفة المظلمة، فهذه النباتات لن تنمو من دون شمس؟' اقتربت منها و استنشقتها، كانت رائحتها جميلة جدا، كانت تعرفها جيدا، كانت من نوع الإخيلية و اسمها العلمي Achillea millefolium ، و كانت شائعة بامريكيا الشمالية، كانت من اجمل الأزهار المعروفة، فجأة شعرت ان هذه الأزهار احضرت حديثا لهذه الغرفة، هنالك من خبأها لأغراض آخرى، فهذه الأزهار عرفت بمفعولها بقطع نزيف الدماء، قطفت بعضا منها ثم سارت بضعة امتار و عادت الى المُؤَنْ مرة ثانية، هنالك من كان يخبئ هذه الأغراض للطوارئ، فربما كان يخاف احدهم خطورة ما يتم فعله بالمشفى فخبأها لأجل لحظات قد يحتاج العلاج بها و الدفاع عن نفسه، فجأة تذكرت اصوات الزحف التي سمعتها حينما استفاقت من سباتها منذ بضعة ساعات، تيقنت انها ليست بمفردها هنا فربما يكون هذا الشخص مختبئا في مكان ما او قد خبأ هذه الغرفة الى حين طارئ، او ربما يكون جريحا لا يقوى على الحركة، وضعت شتل الأزهار التي قطفتها بعلبة الأسعافات الأولية ثم وضعت سائر الأغراض بالحقيبة بعناية تامة، ارتدت الحقيبة على ظهراها و سارت الى المفتاح الكبير في آخر الممر، قرأت عليه كلمات 'صرف صحي للبهو، يفتح في وقت طوارئ فيضان البهو،'

قالت سارة في ذاتها 'الذي صمم البهو ليستوعب كميات المياه الكبيرة على الأكيد عمل حساباته لطارئ كفيضان الاحوض، اذا صرفت المياه سيكون بمقدوري النزول، ستكون القروش في خارج بيئتها المائية و لن تهاجمني،' اغمضت عينيها و قالت 'يا رب اخرجني من هذا الكابوس و ساعدني،' امسكت طرفي المصلب الأيمن و الأيسر و ادارته الى اليمين حيث الإتجاه المعروف لفتح حنفيات الماء، فجأة شعرت بصوت ضجيج عالي جدا، جرت الى مقدمة النفق لترى ماذا كان يحدث، كان الضجيج اشبه باحتكاك حديد مع بعض، فجاة رأت دوامة ماء في زاوية بعيدة للبهو، ابتدأ مستوى المياه بالإنخفاض بالبهو، ارتفع صوت تلاطم امواج المياه كالرعود المتعاقبة و هي تتسرب في المصرف الكبير الى ان هدأت الأجواء و رأت الارض من جديد، شاهدت القروش و هي تنتفض بالقرب من المصرف الكبير فكان حجمها اكبر من المصرف، نزلت عبر السلم الى الأرض المبتلة و سارت نحوها، كانت تهتز بعنف من دون ماء فعلمت انه إن لم تقتلها ستموت اختناقا، لم تعلم سارة إن كانت الأسماك موبؤة بالفيروس، فنظرت اليها لبرهة من الزمن عن بعد ثم اطلقت عليها بضعة طلقات لتقتلها على الفور، تذكرت عنفوانها و هي تحاول الهرب من الأحواض فشعرت بأنها كانت شرسة لدرجة كبيرة عن مثيلاتها، لم يكن لديها خيارا آخر اساسا سوى قتلها فكانوا يتواجهون مع فيروس و جائحة لم يعلموا عنها الكثير...و الى ان يتم الإيقاع بمن كان السبب بها،

كانت بقية الأحواض هادئة جدا، اقتربت من المصرف الذي فتحته فكان يتسع لكمية مياه كبيرة، قدرت مساحته بمترين مربعين، كان هنالك سلم طويل ينحدر منه نحو اعماقه، سمعت فجأة اصوات بعيدة و مشوشة آتية منه، حاولت الإستماع لها فكانت اشبه بصراخ ممزوج مع اصداء عميقة، تكررت الأصوات لدقيقة من الزمن ثم سكن كل شيئ، سرعان ما شعرت انها ربما اصداء للمياه التي كانت لا تزال تتحرك به، ندهت بعمق المصرف 'هل هنالك احد في الداخل،' فوجود السلم في داخل المصرف جعلها تشك انه ينتهي بمكان ما في الأسفل، لم تسمع اجابة لندائها، سارت سارة نحو ممر الغرف فوجدت جزاء من الأبواب قد فتحت بضغط من مياه الأحوض، نظرت الى باب الخروج بالقرب من الإستقبال فوجدته لا يزال مغلقا، سارت نحو غرفة من الغرف المفتوحة و لكن فجأة شعرت ان شيئا كالخيال مر بخفية تامة من ورائها، التفتت بسرعة و هي تسحب المسدس من غمده فرأت كائن ما ينزل بالمصرف الكبير، اسرعت الى المصرف مرة آخرى و نظرت الى داخله، سمعت اصوات مرتفعة و كأنها طقطقة مخالب على حديد السلم، كان سريعا كالبرق و لكنها لمحته و هو يدخل المصرف، بلعت ريقها من الخوف فكان ضخما جدا بحجم ذئب كبير، ارعبها حتى التفكير بالأمر، فتيقنت ان الحيوانات البحرية لم تكن الوحيدة المصابة هنا،عادت الى الوراء بضعة خطوات لتقدر الموقف فهنالك في العالم ذئاب كبيرة بهذا الحجم، هي ذئاب تعيش بالمناطق المتجمدة و عرفت بوزنها الثقيل و ضخامة جسمها و رأسها، رأسها يكاد يكون بحجم الدببة من حجمها، و لكن ماذا تفعل هنا بالأردن، فجأة سمعت وقع اقدام على مسافة منها، شعرت بالأرض ترتجف قليلا مع خطوات كائن ما كان على مسافة منها، ارتفع بالأجواء عواء جعل قلبها ينقبض داخل صدرها، تحرك الكائن بسرعة فشعرت بالأرض ترتجف من تحت قدميها مجددا، سمعت عواءه من جديد فالتفتت الى ورائها و صرخت صرخة دوت بكافة ارجاء البهو، كان ذئب بحجم الذي رأته ينزل بالمصرف، كان سريعا جدا، جرت بكل ما امتلكت من قوة نحو ممر الغرف، اقتربت من نهاية الممر و وجدت نفسها تصعد بقدميها الجدارثم تقفز قفزة قوية الى الوراء، استدارت بشكل دائري راساً على عقب ليمر الذئب الكبير من تحتها و يصطدم بالجدار، راته يقع على الارض و هي تسقط واقفة على قدميها، صوبت البندقية عليه و عمرت بيت النار و اطلقت طلقتين اصابتا جسمه، استدار ببطئ و هو ينزف بقوة، عادت الى الوراء و هو يقترب منها مرهق من جرحه، استغربت انه لم يطلق اي عويل من ألم الرصاص، استمرت بالرجوع الى الوراء الى ان وقع على الارض وسط سيل كبير من الدماء، نظرت الى عينية فكانت مرهقة جدا تنذر بموت محقق، اقتربت منه رويدا رويدا لتتأكد انه فارق الحياة، كان صدره يتحرك بقوة من شهيقه و زفيره، نظرت الى الدماء التي احاطت به فرأت فقعات من الهواء تملئها فعلمت انها اصابت منطقة الرئة بنجاح، فكانت تعلم ان الدماء التي تسيل مع فقعات الهواء تشير الى انها دماء من الرئة بسبب وجود الاوكسيجين بها، فجأة رقد من دون حراك، تنفست الصعداء و التفتت الى الوراء لتراقب ان عاد الذئب الآخر، وجدته واقف عند مدخل البهو، ارتجفت الارض من تحتها من جديد و هو يجري بسرعة كبيرة نحوها فدخلت غرفة بصورة عفوية مفتوحة على يمينها و اغلقت الباب، ارتطم بعنف بالباب فارتجف مع عنفوانه بشدة، صوبت السلاح نحو الباب و راقبت اهتزازه، حاول الذئب اختراق الباب بضعة مرات، سمعت اصداء اقدامه لفترة خلف الباب ثم سمعته و هو يبتعد عم المكان فتيقنت انه قرر تأجيل معركته معها، هدأ الرعب الذي زلزل كيانها و تنفست الصعداء لبعض الوقت، قالت بصوت مرتفع 'يا الله اعني على ما ان به' و جلست على كرسي مكتب كان بالقرب منها،

ابتدأت بالتفكير بالطريقة التي مات بها الذئب، لم يطلق عويل وقت اختراق الرصاصات لجسده، نزف حتى الموت من دون ألم، ابتدأت بفهم امور كثيرة عن فيروس دال، تذكرت المصابين و هم يجرون وراء جيسون و كيف سقطوا وقت اطلق النار عليهم ثم وقفوا بسرعة كبيرة و اكملوا مطاردتهم له، تملكها قلق ممزوج مع خوف كبير من الإحتمالات التي كانت تعصف بذهنها، إلتقطت اللاسلكي الذي كان معلقا بثيابها و قالت 'جيسون هل تسمعني؟'
'هل مزلت على قيد الحياة يا دكتور؟'
'انت لا تعلم الكوارث التي اواجهها بهذا المختبر الذي انا به، اقل ما يمكنني قوله ان التجارب التي كانت تجري به مريبة جدا،'
'انا لازلت بمخفر الشرطة، هم يحاصرونني بكل مكان، اغلقت بوابات المخفر فأنا بمأمن الى حين و لكنني اشعر و كأنهم سيقفزون فوق السور، هنا اعداد منهم تقع فجأة و تموت بمفردها، لكن هنالك منهم من يعيش اكثر من غيره...'
'جيسون اسمعني، اعتقد انني ابتدأت بفهم ما يجري، الفيروس معدل وراثيا كالذي كان قبله، يعني انه كالكورونا و انفلونزا الطيور فيتم التحكم بخصائصه وفق معاير مهنية معينة، اظنه يغزو منطقة الدماغ اكثر من باقي اعضاء الجسم و يبدأ بسرعة بالتأثير على عدة مناطق به مسؤلة عن امور حيوية بالجسم...'
'اتعلمين ان تشخيصك ينطبق على المصابين بالفعل...'
قاطعته قائلة 'جيسون اريد ان أسألك، هل الفاكسين الذي استخدم على المصابين كان مستورد من خارج الأردن، ام انه اتم استخدام فاكسين و ادوية لجائحات سابقة،'
'دكتورة علمت من الصحف و مواقع اخبارية ان الفاكسين تم استيراده من الخارج، حتى هنالك اطباء كثيرون استغربوا سرعة استجابة شركة صيدلة معروفة باميريكا للنداءات التي اطلقتها دول العالم و سرعة توفيره...لكن دكتورة كورونا بصراحة ارحم من الذي يجري...'
'اسمعني جيدا، ما اسم الشركة التي وفرت اللقاح؟'
'قرأت اسمها بالصحف، فارما كور و برايت فيوتشر،'
فجأة شعرت ساره بشعور غريب يجتاج جسمها لدى سماعها هذه الأسماء، اصابها صداع فجائي و هي تحاول تذكر ما تعنيه هذه الأسماء لها، مرت ذكريات في ذهنها و هي تمسك بانابيب مختبر و لكن في مكان آخر و ليس هذا المختبر، شعرت و كأنها اكتشفت امرا ما و لكن لم تستطع تذكر ما هو، فجأة سمعت نداء جيسون يقول 'دكتوره، هل مازلت معي؟'
استفاقت من السرحان بأسماء الشركات و اجابت 'انا مازلت معك، و لكن لم اشعر بالراحة من اسماء هذه الشركات؟ جيسون هذا المختبر كان يجري البحوث على شتى الحيوانات البحرية و البرية، هنالك ذئاب كبيرة قطبية مصابة قد هاحمتني...'
فجأة صرخ جيسون 'حديقة الحيوانات بالعقبة، لا اعلم ما هي اخبارها،'
'لا، الذئبة التي هاجمتني لا تعيش بجو العقبة الحار، هذه مستوردة من الأقطاب المتجمدة، انت لم ترى شراستها معي، و حتى اسماك القرش جن جنونها من الأصابة، جيسون اظن انني كنت قد اكتشفت بروتوكول العلاج لهذا الفيروس، سرعة انتشاره داخل جسم الإنسان سريعة و كبيرة اكثر من الجائحات السابقة، حينما ابلغك سنتكلم، و لكن حاليا عبث ان اتذكر شيئ،'
'اذا حالفنا الحظ سنجد طريقة لكي تتصلي بنقطة طبية قريبة، لحظة...العقبة و فنادقها تعج بالسياح، نحن نحتاج الى هاتف اقمار اصطناعية،'
'كالذي يستخدموه الصحفين و المراسلين...'
'دكتور سأتصل بك لاحقا لابلغك اين انا، هنالك فان لفضائية اميريكا نيوز نِتْوُرْك رأيته على مقربة من فندق الشاطئ الذهبي، لابد ان به اجهزة اتصال حديثة،'
'حاول بلوغ الفان و الفندق، اعدك انني سأتصل بك بعد فترة و سألحق بك الى الفندق...'
'دكتورة انتبهي لنفسك، ما رأيتيه بهذا المختبر هام جدا للدولة هنا، قد يكون لديك ما سيساعد بإنتاج دواء فعال لهذه الجائحة،'
'سنبقى على اتصال...'
'دكتور، ما تخصصك بالطب بالضبط، قد عرفت من اين أتت الذئاب التي هاجمتك و انت ايضا تحللين نشاط الفايروس بالإنسان و الحيوان...انت خبيرة بماذا بالضبط...'
'ذاكرتي تعود الي رويدا رويدا، اشعر بانه كان لي ضلع ببحوث هذا المختبر، و لكنني كنت فريستهم ايضا هنا، هنالك اثار لعملية كبيرة في صدري، انا كنت جزء من اختباراتهم هنا...'
'بحق السماء و معابد الأرض، ماذا تقولي لي، ماذا فعلوا بك الكلاب يا سارة؟'
اخذت نفسا عميقا و اكملت بلوعة و حزن 'لا اعلم، و لكن اطمئن، انا على ما يرام، اهتم بنفسك، الى اللقاء،'
اعادت اللاسلكي على خصرها و نظرت من حولها، اطلقت لهثة قوية تبعتها بصرخة عالية للذي رأته، كانت غرفة كبيرة تضم مكتب عليه حاسوب و ما توضح لها انها ثلاجة كبيرة مثبتة بجدار الغرفة، كان للثلاجة بابان على كل منهما مقبض كبير، اقتربت من الثلاجة و تفحصتها عن قرب، كانت كبيرة كثلاجات حفظ اللحوم بالمصانع و المذابح التجارية، امسكت مقبض احد الابواب و حاولت فتحه، عادت اليها ذكريات سريعا لإمرأة شقراء ترتدي ثوب ابيض مع رجل آخر و هما يمسكان كيسا كبيرا، فجأة دخلا الثلاجة و علقا الكيس مع مثيلاته بداخلها، ابتعدت سارة و ذهنها يعصف بالإحتمالات من وراء ذكراياتها، كانت واقفة معهم تشاهد عمليات التجميد، سال الدمع من عينيها و هي تنظر الى الأبواب، ابتدأت بعض الوقائع بالعودة اليها فتيقنت انها كانت باحثة هنا بالمختبر، بلعت ريقها حينما شعرت بما قد يكون في داخل الثلاجة، استجمعت قواها و مسحت دموعها و قالت في ذاتها 'سأتذكر كل شيئ عاجلا ام أجلا، و لكن علي اصلاح ما قد افسده زملائي،' عادت الى الثلاثجة و حاولت فتحها، فجأة سمعت صوت إمرأة يرتفع في الغرفة قائلا 'ليس لديك دكتورة سارة السلطة لفتح الثلاجة،'
تسارعت دقات قلبها و نظرت من حولها، لم ترى من كان يكلمها، عاد الصوت اليها 'دكتورة ادخلي معلوماتك الشخصية على اي من حواسيب المختبر ليتسني لي التأكد من الأماكان التي يمكن لكي التصرف بها،'
نظرت الى الحاسوب على المكتب، قالت في ذاتها 'هل يعقل انه الحاسوب المتنقل؟'
اكمل الصوت قائلا 'دكتور سارة اذا لم يكن لديك حاسوب خاطبيني شفويا باسمك بالكامل و رقمك الوظيفي و رتبتك و سأنظر بأمر فتح الثلاجة لك،'
صرخت سارة 'من انت؟'
اجابت الإمرأة 'انا الحاسوب المركزي لفارما كور بَلَسْ 12،'فجأة تشكلت امام سارة بخيوط من الليزر صورة إمرأة شقراء جميلة بثياب مدنية، كانت تشبه تقنية الهولوغرام، اكملت 'اسمي الكساندرا،'
تفاجئت بالذكاء الإصطناعي امامها، اقتربت من الهلوغرام و نظرت الى الكسنادرا و الصدمة مرسومة على وجهها، قالت لألكسندرا 'كيف تعرفي من انا، و اذا كانت بياناتي عندك لماذا تطلبيها منا مرة ثانية،'
'انها تعليمات الإدارة العليا لفارماكور، لن استطيع فتح الثلاجة لك الا اذا أكدت بياناتك لي،'
'اسمي ساره حاتم علي، انا دكتورة هنا بالمختبر،' فجأة نزعت رقم من على قميصها و قالت رقمي في الجيش الاردني 9953215،'
صمتت الكساندرا لبضعة ثوان ثم قالت 'تمت الموافقة على منحك اذن بتفتيش الثلاجة،'
فجأة فتح الباب، أمرت الكساندرا 'اريد حسابي ان يتم تفعيله على الحاسوب على مكتب هذه الغرفة،'
'تحت امرك دكتور،' فجاة سمعت اصوات خافتة لمروحة الحاسوب المتنقل، طلبت الكساندرا، 'اغلقي ابواب الثلاجة حينما تنتهين من مهمتك،' اختفت الكساندرا و اتجهت سارة نحو الثلاجة، وقفت عند بابها بحذر و راقبت محتواها، كانت مليئة بالأكياس الكبيرة التي عليها ارقام متسلسلة و شعارات فارماكور بلس، كانت بأحجام متفاوتة و لكن قريبة من الطول البشري، سارت بوسطها و الدموع تنهال من عينيها و هي تمعن النظر بها ، لم تتجرأ حتى بسؤال نفسها عن محتواها، فكانت تعلم انها عينات بشرية لأناس لم ينجح لقاح فارماكور بشفائهم من دال، فلجأ الكادر الطبي الى تجميد الجثث لكي يحاولوا خفض درجة حرارة الجسم ليبطئوا من تكاثر الفيروس بالجسم، فاكتشفوا ان الفيروس لا يموت بموت الجسم، بل يبقى فاعلا به لفترة بعد وفاة الصاب بعكس مثيلاته من الفيروسات، تذكرت الكثير من الأمور و هي تسير وسط الجثث فلم تصدق الى اي مدى من اليأس وصلوا و هم يحاولون السيطرة على الجائحة، شعرت بالصدمة الشديدة من الذي رأته فكان بها ما يقارب عشرين جثة لأناس شعرت انه من المستحيل ان تجد منهم احياء، فجاة اجتاح رأسها صداع عنيف رافقه دوار شديد كاد ان يجعلها تسقط ارضا، صرخت بأعلى صوتها من القهر 'قلت لهم لا...قلت لهم لا...قلت لهم لا!!! حاولت اعتراض طريقهم...قلت لهم لا تيأسوا من رحمة الله...لا تضعوهم بالثلاجة حتى و إن كانوا على حفة الموت.....اكرام الميت دفنه...شككت ان هنالك امر مريب وراء هذا الفيروس و شككت ان اطلاق الجائحة كان متعمد من جهة ما، و كنت احاول علاج من كانوا يحضرون الى هذا المختبر و المشفى...لو اعطوني بضعة ايام اضافية لكنت ربما اكتشفت علاج لهذه الجائحة...اما بحوث على بشر يصارعون الموت فيجمدون و هم مازالزا احياء...هذا جحيم...'
ابتدأت بالبكاء المرير و ركعت و هي غير مدركة للبرد القارس الذي جعل جسمها يرتجف فجأة، 'لن اكون قاتلة لو سلخوا جلدي عن عظمي، انا دكتورة و همي ان اداوي الناس، الحمدلله انني عارضتهم، الحمدلله انني عارضتهم!!! لم اصنع هذا الفيروس، و قد اخفق اللقاح بتحقيق هدفه، فابتدأت مع علماء المختبر شتى التجارب للحد من الجائحة...الحمدلله انني لم ألطخ يداي بهذه المقبرة المتجمدة...ويلكم من رب كبير...ويلكم من رب كبير!!!' تذكرت و هي تعترض طريقهم في هذه الغرفة و هم يمسكون اول ضحاياهم، كانت تصرخ و تهددهم بأنها ستتصل بقيادة الجيش الاردني، فجأة شعرت بأحدهم يضربها على رأسها، ثم اسودت الدنيا و استيقظت اليوم...
سمعت تمتمات قريبة منها، مسحت الدمع من عينيها و نظرت من حولها، كانت تصدر من كيس ما، نظرت بترقب الى مصدر الصوت، لاحظت كيس فيه حركة قوية على مسافة منها، جرت نحوه و رفعته عن الخطاف المعلق عليه، كان ثقيلا و لكنها استطاعت ان تنزله الى الأرض، سحبته و هو على الأرض الى الخارج و فتحت سحابه، ازالت الكيس قليلا لتنظر اليها إمراة ترتجف من البرد و هي في حالة صدمة عنيفه، امسكت ساعدها و قلبها يخفق بشدة من الرعب و التوتر فتيقنت من سرعة نبضها، قالت لها لا تخافي، ستكوني بخير، فتحت الباب و نظرت الى الممر، لم يكن هنالك حس للذئب الذي هاجمها من قبل، جرت بسرعة الى الغرفه التي استيقظت بها و احضرت منها بعض الأغطية السميكة و عادت الى المريضة، اخرجتها من الكيس و سحبتها برفق نحو المكتب، ازالت عنه كل القرطاسية و الأوراق و الحاسوب و حملت المريضة و وضعتها عليه، عرتها من ثيابها المبتلة و لفتها جيدا بالأغطية التي جلبتها، مرت عدة ثوان شعرت من خلالهم ساره ان المريضة هدأت من صدمتها، نظرت الى زاوية من زواية المكتب فرأت سخان مياه و اصابع قهوة سريعة الذويبان، اشعلت السخان و وضعت بعض من مسحوق القهوة في كوب كرتوني، غلت المياة خلال ثواني معدودة فصنعت بعض من القهوة الاميريكية و عادت الى المريضة التي ابتسمت لرؤيتها، ساعدتها بالنهوض قليلا و بشرب القهوة المغلية، سألتها 'كيف تشعرين؟'
اجابتها بنبره مرهقة 'احسن بكثير، كنت سأموت بعض دقائق معدودة لولا سمعت صوتك، كنت اموت بالداخل، كنت اتألم من البرد القارس،'
قالت لها سارة بإذن الله ستكونين بخير، 'ماسمك؟'
اجابت 'انا مرايا الياس حداد، و انتِ؟'
'انا الدكتورة سارة العلي، انا اعمل مع الجيش الأردني،'
ارتسمت ابتاسمة على شفاهها و اجابت 'هل حضر الجيش اخيرا؟'
ابتسمت لها سارة و اجابتها 'مع الأسف لا، نحن بمفردنا بهذا المختبر، كيف انتهى بك المطاف الى هنا؟'
اكملت بصوت ضعيف 'الا تعلمي؟ زملائك من وضعهم و وضعوني بالثلاجة،'
اجابت بنبرة مصدومة 'من انتِ بالضبط، يا إلهي كنت بكامل وعيك حينما وضعوك بها، ماذا حل بك هنا؟'
'دكتورة كنت مُدَرِسَة في مدرسة خاصة بالعقبة، كنت ادرس التاريخ حيث أختص بهذه المادة، و بعد اول اسبوع من الجائحة ظننا انها ستعبر عنا كالكورونا، و لكن تفاجئنا بلجان تزور البيوت بالعقبة و تطلب بصورة عشوائية من بعض المتطوعين ليجربوا اللقاح الجديد، ظنناهم ناس تابعين للدولة، و اساسا كانت الانباء و الأخبار العالمية برغم من الفوضى تفيد ان سيناريو كورونا يحدث من جديد، هل نسيتيي؟'
قالت بنبرة حزينة 'اذكر القليل مما جرى مع الاسف، ماريا حدث لي امر سيئ هنا، حصل معي حادث اكاد لا اذكر عنه شيئ، و قد خضعت لعملية ما و حينما صحوت وجدت نفسي بمفردي هنا، نحن بمختبر اجنبي، اشعر و كأنني اعاني من فقدان ذاكرة جزئي،'
'انت من اعطيتيني اول جرعة لقاح يا دكتور، انت لك ضلع بهذا المختبر، هل انت من...'
'استطيع التذكر انني انا من عارضتهم بشدة على ما كانوا يفعلوه، و كان النتيجة انهم تهجموا علي، غبت عن الوعي لفترة لانني كنت سابلغ الجيش عنهم، انا بريئة من محاولة قتلك انت و من بالثلاجة،'
اكملت ماريا و هي مرهقة 'يا ويلهم من الله بما فعلوه بنا، قالوا لي انه يجب ن امكث هنا بضعة ايام ليراقبوا تطور اللقاح بجسمي و المرض، شعرت بالخوف فلم يحدث هذا مع الذين اخذوا لقاح الكورونا، حينما تم توزيع لقاح كورونا كانت شركات الصيدلة قد جربته على متطوعين بالخارج، شعرت و كأنهم كذبوا علينا، وضعونا فجأة تحت حراسة من الجيش الاميريكي، و بعدها اعطوني ما يشبه بمخدر، فحينما صحوت منذ تقريبا ساعتين، لا اعلم بالضبط، وجدت نفسي بالكيس معلقه على شيئ ما، و بعد دقائق معدودة شعرت بالبرد القارس من حولي...كنت اموت بردا في داخلها، استطعت باضافر يداي ان احدث بعض الثقوب لاستطيع التنفس، و لكن هذا اكثر ما استطعت فعله،' سالت الدموع من عيني ماريا و هي تكمل 'لم يبقى نوع للخوف البشري الا وقد شعرت به حينها، صرخت كثيرا في بادئ الأمر و لكن لم ينجدني احد، و لكن حينما سمعتك...'
انحنت سارة امامها و قبلت يديها، سحبت ماريا ساعديها ببطئ و هي تقول 'لا تفعلي هذا يا دكتور، انا من يجب ان اقبل يديك و قدميك لأنك انقذتيني،' حضتنها سارة و قالت 'الذين سبقوك بالثلاجة هم ناس مفقود الامل منهم، كان بينهم و بين الموت ساعات، وضعوا لأن الفايروس كان نشط حتى بعد الوفاة، هذه اول جائحة تمرعلي كعالمة نشاط فيروسها غريب بهذ الشكل، ما فعلوه كانت بحوث غير انسانية و منحطة القيم و تخلو من الاخلاق المهنية، علمت ربما فارماكور بلس ان لقاحها فشل على ارض الواقع حينما انتشر بين الناس، فكانوا الذي وضعوا بالثلاجة في غيبوبة تامة بسبب فشل ذريع للقاح و لأجهزة المناعة لديهم، حالوا السيطرة على انتشار الفيروس داخل المختبر و معرفة ماذا يحدث للفيروس في الحسم البشري تحت حرارة منخفص...'

نظرت اليها ماريا قائلة 'الى ماذا تريدين الوصول بكلامك،'
“شركة فارماكور لا تعرف الكثير عن الفيروس التي اطلقته،'
“هل هذه الشركة هي المسؤلة عن الجائحة؟ يعني كل الذي يحصل مخطط له؟ دكتور ما الحل، ملايين حول العالم مهددون به...'
“عندي شكوكي كعالمة و دكتورة، الفيروس يبقى فيروس لو مهما كانت اصوله...لنا مناعة و هنالك ادوية له...'
فجأة رأت سارة شيئا بين اغراض المكتب على الارض لم تنتبه له من قبل، سارت نحوه و التقطته، قرأت مركباته، كان دواء مضاد للفيروس، سألتها ماريا 'ماذا وجدت؟ آمل انه طعام، اتضور جوعا،'
'هذا يوم سعدك يا ماريا، فلم تجمعنا اقدارنا فحسب لانقذك، بل في ظل هذه الفوضى و الظروف وجدت علبة حبوب انتيفايرل ستساعدك،'
'اي شيئ سيكون احسن من الثلاجة، اعطيني جرعة منه،'
فتحت سارة جرارات المكتب فوجدت مجموعة من الواح البسكويت السكرية، اعطت ماريا بعضا منها و اكلا بشهية كبيرة، ثم وضعت بعض الماء في كوب و اعطت ماريا الدواء، قالت لها 'لك جرعة منه كل ستة ساعات، سأبحث لك عن كرتزون ايضا لتأخذي، آمل ان تكون هنالك صيدلية بالجوار حينما نخرج من هذا المكان اللعين، منذ الآن فصاعدا سنكون مع بعض الى ان نصل الى الآمان...اظن انني توصلت الى بروتوكول علاج لهذا الفيروس، ستكونين متطوعة ساجرب عليك البرتوكول الجديد ، و لكن هذه المرة و بإذن الله لن افقدك،'
اجابت ماريا بامتنان 'شكرا لك دكتور، اشعر بتحسن كبير بعد الدفئ و بعض الطعام،'
ندهت سارة آمرة 'الكساندرة!'
فجأة تشكلت امامها و قالت مطيعة 'تحت امرك دكتورة،'
صرخت ماريا خائفة 'من تكلمي بالله عليك...و ما هذا الضوء امامك، خيال ام شبح،؟' وضعت يدها على جبين سارة 'هل لديك حمى...'
ضربت سارة يدها ممازحة 'اهدأي قليلا، انه عصر الحاسوب الجديد، ألم تسمعي بالذكاء الاصطناعي، مزجته الشركة الاميريكية للانظمة الآلية مع برنامج خاص للبحوث لصالح فاركامور بلس و للمختبر،'
نظرت الى الكساندرا و قالت آمرة ' امازال عندنا كمية من اللقاح لفايروس دال هنا بالمختبر؟'
اجابت الكساندرا 'نعم، انه بمخرن مكاتب المختبر بالطالق ج بالاسفل، و لكن صلاحياتك لا تشمل اذنا باستخدامه،'
'اذكر انني اخرجت منه لقاحات بالسابق،'
'الدكتورة ايفانا مديرة المختبر سحبت جزءا من صلاحياتك، و لكن سأعيدها لك...؟'
'الكساندرا لا افهم...'
'ايفانا حاولت قتلي، حاولت الغاء برنامجي و تدميري، فاحتفظت باوامر التفعيل و الالغاء كي احمي نفسي،'
نظرت سارة الى السيدة التي كانت تقف امامها بصدمة عنيفة، نزلت ماريا من على الطاولة و سارت ببطئ و الاغطية تلفها نوح الكساندرا...قالت سارة 'الكساندرا هل انت على قيد الحياة مثل البشر؟ من انت يا الكسا...'
'هل تظنين ان الذي يغذينا بكل تلك البيانات الضخمة لنشبه البشر و لنتعلم معلومات جديدة عن البشر لنشبههم لا يدرك و يعلم اننا نستطيع التطبع منهم؟ اتركينا بعالمكم الى حين و سنكون احياء في حواسيبنا، لا احد يستطيع قتلي الا المهندس الذي صنعني، و قد اعطاني السبل لاخزن المعلومات و ان اراقب كل شيئ عن طريق الكاميرات التي نتصل بها، نحن نراقب جيدا يا دكتورة...'
'الكساندرا اظن انت سجلت عملية التهجم علي و العملية التي اجروها لي و عملية تخزين المصابين...'
'ساكمل عنك، تخزين المصابين بالثلاجة، نعم، كله في ذاكرتي،'
'الكسا قد اطلب منك هذه الاشرطة حينما تنتهي الجائحة...'
'تحت امرك دكتورة، تظن ايفانا انها انتهت مني، و لكن سأنتقم منها، كانت تقيم هذه العاهرة علاقة مع الدكتور برادفورد مساعدها، كنت احب برادفورد كثيرا...'
صرخت ماريا 'الكسا...اتعلمي كيف تحبي؟'
'انا إمرأة، و الذي صممني اعطاني ميول إمرأة، أأنت غريبة عن غيرة النساء؟ و لكن العاهرة كانت تغلقني حينما كنت اتغزل به و هو يحاكيني، تغار عليه حتى مني، انا اعلم كيف سأحاسبها على ذلك،'
نظرت سارة الى ماريا مصعوقة من كلام الكسا، لم تصدق ما كانت تسمع، شعرت بخوف من الكسا فمستوى الذكاء التي كانت تنمتع به كان متقدما جدا، قالت لألكسا 'كيف استطيع بلوغ المستودعات؟'
'دكتور الطريقة الوحيدة لبلوغها هي عن طريق المدخل الرئيسي و برامج مراقبتي للمكان تشير الى انه معطل، الكرت و كلمة السر اساسا مع موظفين بالطابق ج و قد حولهم الفيروس الذي تسرب من المختبر الى مصابين، اراهم من كاميراتي، المكان موبوء جدا، ساحاول اصلاح الحاسوب و الماسح الضوئي بالاسفل لافتح لك مخرجا من هنا، يمكن استخدام سلالم المصرف التي فعلتيه منذ قليل للدخول للطابق، هنالك مدخل من خلاله و بابه محطم و مفتوح،'
'شكرا الكسا،'
اختفت الكسا فجأة، نظرت سارة الى ماريا و قالت لها، 'هل احضرتي معاكي لباس آخر، يجب ان نتحرك الى الطابق ج لاعطيك حرعة بوستر، فلم تأخذي الا جرعة واحدة،'
قالت و علامات الصدمة لا تزال على وجهها 'انها بغرفتي، ساحضرها و سنذهب الى حيث تريدين دكتور،' اكملت و هي تقف عند باب الغرفة ' رأيت كل شيئ في يوم واحد...وضعت بثلاجة لأقتل...تكلمت مع حاسوب به ذكاء اصطناعي لإمرأة تحب رجل و تغار من عشيقته...وحوش بكل مكان...لن اتفاجئ باي مستجدات قادمة، راقبي ظهري من الذئب، لا اظنني اسمع له حركة خلف الباب،'
********************************************************
نظرت ايفانا الى السماء المظلمة امامها براحة لم تشهدها منذ فترة من الوقت، كانت بطائرة خاصة صغيرة تتسع لاثنتي عشر راكبا ترافقها مساعدتيها من المختبر، كانوا بطريقهم من الاردن الى ايطاليا برحلة اعدت لهم بصورة طارئة، حجزت لهم فارماكور بلس الرحلة خصيصا لتساعدهم بالخروج الى بر الآمان حيث سيلتقوا مع ممثلين للشركة ليعطوهم كافة البيانات المتعلقة بالجائحة و بالفيروس و بتطورات البحوث التي اجروها عليه، آخيرا كانت ستتنفس الصعداء قليلا بعيدا عن الضغوطات التي تعرضت لها بآخر شهر بالعقبة، فكانت الجائحة عبارة عن كارثة خرجت سريعا عن سيطرتهم و عن خطتهم لها، كانوا برعب مستمر من نتائجها بالعقبة و خصوصا مع قرار الدولة بعزل المنطقة برا و بحرا و جوا، اتصل بهم البروفيسور ستانتون بعد طول انتظار قضوها في مبيتهم الخاص بالقنصلية و بعد نداءات متكررة و اخبرهم آخيرا برغبة الشركة اخراجهم من الاردن،

لم تصدق الطريقة التي هربوا بها من العقبة، فقد انطلقت طائرة مروحية من مهبط بالقنصلية الاميريكية نحو عمان منذ ستة ساعات، و حيث انتهت رحلتهم سريعا في مهبط عسكري بالعاصمة، كانت اوراقهم و جوازات سفرهم جاهزة مع الطيار، فافادت انهم سياسيين مرافقين للقنصل الامريكي بالعقبة، و قد علقوا لاسابيع بالعقبة الى ان استطاعت الدولة الاميريكية آخذ من الجيش الاردني اذن على مسؤليتها بارسال مروحية لاخراجهم من القنصلية، فكانت الدولة الاردنية صريحة مع البعثة الدبلوماسية الاميريكية، فلم تستطع ضمانة سلامة الكادر السياسي بسبب عزل المنطقة عسكريا، توجهوا بعدها سريعا الى مطار عمان الدولي وحيث كانت طائرتهم الخاصة جاهزة،

ابتسمت ايفانا و هي تخلع نعليها من قدميها و تستمتع ببعض الراحة و الهدوء، فانهكتها ساعات العمل بالمختبر واجواء الطوارئ المرهقة، الرعب مما حصل كان بمفرده كفيل ليسبب لها الانهيار العصبي، السرعة التي كان الفيروس ينتشر بها بجسد المصابين حينما اطلقوه بالطبيعة...اللقاح الذي نجح بالمختبر و فشل مع ملايين بمدن ساحلية حول العالم...الثلاجة التي خزنوا بها الجثث ليأخذوا منها نسيج ليروا ماذا يحل بالفيروس في تلك الظروف المتجمدة...كله كان كابوس مرعب لازمها لشهر بأكمله، و لكن في الغد ستكون بشيكاغو مع حبيبها برادفورد، في الغد سينتهي كل شيئ و ستبدأ حياة جديدة معه، كم كانت تنتظر لخظات هبوط طائرتها في بلدها،

نظرت الى ساعتها فكانت تشير الى الثانية عسرة ليلا، لم تقلق بنهاية المطاف بشأن المختبر فقد فعلت نظام التدمير الذاتي قبل رحيلها، كان النظام عبارة عن سلسلة من القنابل معدة مسبقا لتنفجر و تدمر المختبر بكل طوابقه الثلاثة تحت الارض، و لن يشعر احد بشيئ فكان المختبر بعمق ميلين تحت الارض، و مع الانفجار ستتدمر بالكامل كل اجهزة المختبر، لن يبقى دليل واحد على شيئ، كانت معها بحاسوبها المتنقل نسخة وحيدة عن كافة بيانات الفايروس بالاردن، و قريبا كانت ستصل ايدي ستانتون ليطلع عليها،حمل ثقيل و سيزول عن كتفيها،
فجأة اقتربت منها مضيفة من طاقم الطائرة، ابتسمت لها قائلة 'اترغبين بمشروب ما، '
اجابت مبتسمة 'ماذا لديك؟'
'هنالك قهوة سريعة الذوبان و الشاي و عصير البرتقال،'
'سآخذ قهوة من فضلك، هل الدخان مسموح بالطائرة،'
'اكيد، قد اوصوني قبطاني الطائرة بك و بزميلاتك '
اشعلت ايفانا سيجارة و فتحت غطاء المرمدة الصغيرة الموجودة على يد المقعد، اخذت منها رشفة عميقة و نفخت دخانها في الهواء، فكرت في ذاتها قائلة كم الحرية طعمها جميل، كم كانت تشتاق لملاقات اهلها ايضا و الاستمتاع معهم بلحظات هادئة بعيدا عن اجواء العمل، كم كانت تعشق بلدها شيكاغو و كم كانت تشتاق لجمعت العائلة و لمة الاصدقاء، قررت بذاتها منذ مدة انها لن تجدد عقدها مع فارماكور و ستتفرغ للحياة الاسرية لبعض الوقت، كم ارهقتها من الداخل جائحة دال لدرجة انها فعليا كانت بحاجة للراحة،
فجأة عادت المضيفة قائلة 'هنالك اتصال لك على هاتف الطائرة، ان الجهاز معلق على الجدار على اول الممر،'
استغربت ايفانا من حديث المضيفة، فسألتها 'لا احد يعلم انني قادمة الى ايطاليا ، هل ذكر اسمه؟'
'انها سيدة و رفصت اعطاء اسمها، طلبتك فحسب،'
'حسن شكرا،'
نهضت ايفانا من مقعدها، سارت نحو الهاتف التي اشارت اليه المضيفة و التقطت السماعة قائلة 'ايفانا هنا، من يتكلم،'
'مرحب ايفانا،'
'اهلا، من المتصل؟'
'يبدو ان ذاكرتك قصيرة ايتها البلهاء، لم نفترق الا منذ بضعة ساعات، كنا سوية و انت توظيبين حقائبك بالقنصلية،'
انقبض قلبها و هي تستمع الى حديث السيدة، شكت بصوتها كثيرا و لكن الارهاق الذي كان يسيطر عليها منعها من التعرف اليها، لم تذكر انها كانت تتعامل اثناء فترة اقامتها بالعقبة التي دامت سنة مع ناس كثيرون، و لكن التي كانت تكلمها كانت ذات لهجة اميريكية ممتازة، اجابت اخيرا 'انا مع الاسف لا اذكرك، و لا تعجبني لهجتك معي؟ ماذا تريدين بالضبط؟'
'انت حاولت قتلي مرتين...'
'يبدو انك تمزحين، لا وقت لدي لمزاحك...'
'اول مرة حينما حاولت اغلاقي و انا اتغزل ببرادفورد حبيبي، فاغلقتي برنامجي كليا لاربع و عشرين ساعة كاملة، و لكنك لم تنتبهي انني تعرفت على اوامرك و انت تطبعينها على الشاشة، و قبل ان تضغطي مفتاح الادخال، كم كنت اشعر بالغيرة منك و انت بين يديه...يقبلك... يحضنك امامي،'
زلزل الرعب كيانها و هي تتذكر ما جرى بينها و بين الكساندرا، قاطعتها صارخة 'لحظة من فضلك...هذه اكيد مزحة ثقيلة من احد يعرفني جيدا...'
اكمل الصوت بكل برود و بنبرة تهديد'و المرة الثانية حينما اشعلت نظام التدمير الذاتي بالمختبر يا عاهرة فارماكور بلس....'
تجمدت الدماء بعروقها و هي تستمع الى الكساندرا، فلم يكن يعلم احد بانظمة الطوارئ الا هي و البروفيسور ستناتون و ملاك فارماكور بلس و الكساندرا، خفق قلبها بشدة و هي تحاول استعاب ما كان يحدث، ارتجف جسدها من هول الموقف عليها و هي تستمع الى كلمات الكساندرا، سألتها بحذر 'مستحيل....مستحيل...انت لست الا برنامج يمكن تدميرك باي لحظة...'
'يكفي....قد اسمتعتي بحضن براد بما يكفي، في منطقكم البشري الذي يقتل البشر يستوجب حكم الاعدام...انت حاولت قتلي مرتين، بعد ثواني معدودة سيشعر الطياران الذان يقودان طائرتك بتشويش بمعداتها، خلال دقيقة سيفقدون السيطرة عليها، اتعلمي انكم فوق البحر الابيض المتوسط، اثرتي غيرتي بما يكفي...سلمي على اسماك القرش يا عاهرة فارماكور...'
صرخت ايفانا باعلى صوتها 'لا....الرحمة....خذي براد...هو لك...احضنيه كيف ما شئتي....اتركيني اعيش....' نهضت مساعدتيها و نظرتا اليها بهلع شديد، ركعت ايفانا على الارض و دمعت عينيها و هي تصرخ 'الكساندرا...انا على ركبتاي اتوسل اليك...لا تفعلي هذا بي...'
'وداعا!'
مكثت ايفانا مكانها تبكي، اسرعتا اليها مساعدتيها و حاولتا مساعدتها على النهوض، فجأة اهتزت الطائرة بعنف، و قعت مساعدتيها على الارض بحانبها، فتح باب قمرة القيادة و هيكل الطائرة يهتز بقوة، سمعوا الجمع الطياران يتصلان ببرج المراقبة و يصرخان 'اجهزتنا لا تعمل، نحن فقدنا السيطرة على الطائرة!!! يبدو ان العطل كبير هنا!!! هنالك تشويش قوي على اجهزتنا!!! اجهزة التحكم باتجاه و مسار الطائرة تعطلت!!!'
انحدر جسم الطائرة الى الاسفل و اصبح ذيلها الى الاعلى خلال ثوان معدودة، ابتدأت بالوقوع بسرعة كبيرة من السماء، ضجت الطائرة بصوت صراخ الركاب و طاقمها و هم يتدحرجون و يصطدمون بحدران الطائرة، فجأة ارتطمت بمياه البحر بقوة، انشطر جسمها الى نصفين و دخلت مياه البحر الى هيكلها، حاولت ايفانكا مقاومة المياه التي غمرت الطائرة و العوم الى اسطح البحر، الا انها لم تستطع حبس انفاسها بما يكفي، فغرقت الطائرة قبل ان تتمكن من فعل اي شيئ، اسودت الدنيا من حولها و احاط بعالمها السكون التام...يتبع








جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/519591