أ. د. ليث كمال نصراوين
لقد تضمنت التشريعات الوطنية الناظمة للشؤون الصحية العديد من النصوص القانونية التي تفرض على وزارة الصحة تقديم المطاعيم والأمصال التي تندرج ضمن برنامج التطعيم الوطني إلى طلبة المدارس والحضانات ورياض الأطفال، وذلك بشكل إلزامي ومجاني.
فتعليمات التعطيم رقم (1) لسنة 2009 تعطي الحق لوزارة الصحة بأن تقوم بإجراء حملات تطعيم للفئات المستهدفة وبما يتماشى مع البرامج الدولية والوضع الوبائي للأمراض التي يُطعّم لها في المملكة الأردنية الهاشمية.
وقد توسع قانون الصحة العامة رقم (47) لسنة 2008 في هذا الإطار بأن أعطى الحق للوزير في حال تفشي مرض وبائي في المملكة أن يتخذ كافة الإجراءات الضرورية وبصورة عاجلة لمكافحته ومنع انتشاره، وله في سبيل ذلك فرض الأمصال والمطاعيم ذات الصلة.
وعلى الصعيد الدولي، فقد كرّست اتفاقيات حقوق الإنسان إلزامية قيام الدول باتخاذ كافة التدابير الوقائية لضمان أفضل مستوى من الرعاية الصحية للأطفال.
فالمادة (24) من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 تلزم الدول الأطراف بالاعتراف بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه، وأنه يتعين عليها اتخاذ التدابير المناسبة لتوفير المساعدة الطبية والرعاية الصحية اللازمتين لجميع الأطفال، ومكافحة الأمراض في إطار الرعاية الصحية الأولية.
وقد صادق الأردن على هذه الاتفاقية الدولية واستكمل كافة الإجراءات الدستورية لنفاذها في النظام القانوني الوطني، حيث جرى عرضها على مجلس الأمة الذي وافق عليها بموجب قانون خاص هو قانون التصديق على اتفاقية حقوق الطفل رقم (50) لسنة 2006، وذلك استنادا لأحكام المادة (33/2) من الدستور.
وضمن إطار حرصها على توفير الرعاية الصحية للأطفال، فقد أكدت لجنة حقوق الطفل المنشأة بموجب الاتفاقية الدولية لمتابعة التزام الدول بتنفيذ نصوصها، في العديد من التقارير الدورية الصادرة عنها على ضرورة قيام الدول الأعضاء بتوفير المطاعيم الصحية للأطفال، وذلك كمظهر أساسي من مظاهر الوقاية من الأمراض المعدية ولضمان أفضل مستوى من الرعاية الصحية لهم.
ففي تقريرها الصادر في شهر تشرين الثاني من عام 2012، أشارت اللجنة إلى ضرورة قيام الدول الأعضاء 'بتخصيص موارد بشرية وتقنية ومالية كافية لتعزيز برامجها المتعلقة بالتطعيم من خلال وضع جداول زمنية وأهداف واضحة، مع إيلاء اهتمام خاص بالأطفال المستضعفين'.
وفي تقريرها الأخير المقدم منها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين التي انعقدت في عام 2022، أشارت لجنة حقوق الطفل إلى مشكلة انخفاض فرص الحصول على أعلى مستوى من الخدمات الطبية للأطفال نتيجة انتشار جائحة كورونا والتأخير في تنفيذ حملات التطعيم، داعية الدول الأعضاء إلى اتخاذ الخطوات الضرورية لاستئناف الأنشطة المتعلقة بتحصين الأطفال والحد من هذه الخسائر في معدلات التطعيم، وذلك من خلال تعزيز تلقيح المواليد الجدد والأطفال الذين بلغوا سن تلقي اللقاحات الإلزامية.
وعلى صعيد التشريعات المقارنة، نجد بأن القوانين العربية ذات الصلة قد كرّست مبدأ إلزامية المطاعيم الأساسية للأطفال تحت طائلة العقوبات الجزائية.
ففي مصر مثلا، ينص قانون الطفل رقم (12) لسنة 1996 في المادة (25) منه على ضرورة تطعيم الأطفال وتحصينهم بالطعوم الواقية من الأمراض المعدية في مكاتب الصحة والوحدات الصحية وذلك دون مقابل، وأن واجب تقديم الطفل للتطعيم يقع على عاتق والده أو الشخص الذى يكون الطفل في حضانته.
وتعاقب المادة (26) من قانون الطفل المصري كل من يخالف الأحكام السابقة بغرامة لا تقل عن عشرين جنيها ولا تزيد على مائتى جنيه.
كما ينص القانون الاتحادي الإماراتي رقم (3) لسنة 2016 بشأن حقوق الطفل في المادة (20) منه على ضرورة قيام السلطات الصحية المختصة باتخاذ كافة التدابير الممكنة للوقاية من إصابة الأطفال بالأمراض المعدية والمزمنة وتوفير التطعيمات والتحصينات اللازمة لهم، وذلك دون تعليق ممارستها لهذا الدور على موافقة الوالدين.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
أ. د. ليث كمال نصراوين
لقد تضمنت التشريعات الوطنية الناظمة للشؤون الصحية العديد من النصوص القانونية التي تفرض على وزارة الصحة تقديم المطاعيم والأمصال التي تندرج ضمن برنامج التطعيم الوطني إلى طلبة المدارس والحضانات ورياض الأطفال، وذلك بشكل إلزامي ومجاني.
فتعليمات التعطيم رقم (1) لسنة 2009 تعطي الحق لوزارة الصحة بأن تقوم بإجراء حملات تطعيم للفئات المستهدفة وبما يتماشى مع البرامج الدولية والوضع الوبائي للأمراض التي يُطعّم لها في المملكة الأردنية الهاشمية.
وقد توسع قانون الصحة العامة رقم (47) لسنة 2008 في هذا الإطار بأن أعطى الحق للوزير في حال تفشي مرض وبائي في المملكة أن يتخذ كافة الإجراءات الضرورية وبصورة عاجلة لمكافحته ومنع انتشاره، وله في سبيل ذلك فرض الأمصال والمطاعيم ذات الصلة.
وعلى الصعيد الدولي، فقد كرّست اتفاقيات حقوق الإنسان إلزامية قيام الدول باتخاذ كافة التدابير الوقائية لضمان أفضل مستوى من الرعاية الصحية للأطفال.
فالمادة (24) من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 تلزم الدول الأطراف بالاعتراف بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه، وأنه يتعين عليها اتخاذ التدابير المناسبة لتوفير المساعدة الطبية والرعاية الصحية اللازمتين لجميع الأطفال، ومكافحة الأمراض في إطار الرعاية الصحية الأولية.
وقد صادق الأردن على هذه الاتفاقية الدولية واستكمل كافة الإجراءات الدستورية لنفاذها في النظام القانوني الوطني، حيث جرى عرضها على مجلس الأمة الذي وافق عليها بموجب قانون خاص هو قانون التصديق على اتفاقية حقوق الطفل رقم (50) لسنة 2006، وذلك استنادا لأحكام المادة (33/2) من الدستور.
وضمن إطار حرصها على توفير الرعاية الصحية للأطفال، فقد أكدت لجنة حقوق الطفل المنشأة بموجب الاتفاقية الدولية لمتابعة التزام الدول بتنفيذ نصوصها، في العديد من التقارير الدورية الصادرة عنها على ضرورة قيام الدول الأعضاء بتوفير المطاعيم الصحية للأطفال، وذلك كمظهر أساسي من مظاهر الوقاية من الأمراض المعدية ولضمان أفضل مستوى من الرعاية الصحية لهم.
ففي تقريرها الصادر في شهر تشرين الثاني من عام 2012، أشارت اللجنة إلى ضرورة قيام الدول الأعضاء 'بتخصيص موارد بشرية وتقنية ومالية كافية لتعزيز برامجها المتعلقة بالتطعيم من خلال وضع جداول زمنية وأهداف واضحة، مع إيلاء اهتمام خاص بالأطفال المستضعفين'.
وفي تقريرها الأخير المقدم منها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين التي انعقدت في عام 2022، أشارت لجنة حقوق الطفل إلى مشكلة انخفاض فرص الحصول على أعلى مستوى من الخدمات الطبية للأطفال نتيجة انتشار جائحة كورونا والتأخير في تنفيذ حملات التطعيم، داعية الدول الأعضاء إلى اتخاذ الخطوات الضرورية لاستئناف الأنشطة المتعلقة بتحصين الأطفال والحد من هذه الخسائر في معدلات التطعيم، وذلك من خلال تعزيز تلقيح المواليد الجدد والأطفال الذين بلغوا سن تلقي اللقاحات الإلزامية.
وعلى صعيد التشريعات المقارنة، نجد بأن القوانين العربية ذات الصلة قد كرّست مبدأ إلزامية المطاعيم الأساسية للأطفال تحت طائلة العقوبات الجزائية.
ففي مصر مثلا، ينص قانون الطفل رقم (12) لسنة 1996 في المادة (25) منه على ضرورة تطعيم الأطفال وتحصينهم بالطعوم الواقية من الأمراض المعدية في مكاتب الصحة والوحدات الصحية وذلك دون مقابل، وأن واجب تقديم الطفل للتطعيم يقع على عاتق والده أو الشخص الذى يكون الطفل في حضانته.
وتعاقب المادة (26) من قانون الطفل المصري كل من يخالف الأحكام السابقة بغرامة لا تقل عن عشرين جنيها ولا تزيد على مائتى جنيه.
كما ينص القانون الاتحادي الإماراتي رقم (3) لسنة 2016 بشأن حقوق الطفل في المادة (20) منه على ضرورة قيام السلطات الصحية المختصة باتخاذ كافة التدابير الممكنة للوقاية من إصابة الأطفال بالأمراض المعدية والمزمنة وتوفير التطعيمات والتحصينات اللازمة لهم، وذلك دون تعليق ممارستها لهذا الدور على موافقة الوالدين.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
أ. د. ليث كمال نصراوين
لقد تضمنت التشريعات الوطنية الناظمة للشؤون الصحية العديد من النصوص القانونية التي تفرض على وزارة الصحة تقديم المطاعيم والأمصال التي تندرج ضمن برنامج التطعيم الوطني إلى طلبة المدارس والحضانات ورياض الأطفال، وذلك بشكل إلزامي ومجاني.
فتعليمات التعطيم رقم (1) لسنة 2009 تعطي الحق لوزارة الصحة بأن تقوم بإجراء حملات تطعيم للفئات المستهدفة وبما يتماشى مع البرامج الدولية والوضع الوبائي للأمراض التي يُطعّم لها في المملكة الأردنية الهاشمية.
وقد توسع قانون الصحة العامة رقم (47) لسنة 2008 في هذا الإطار بأن أعطى الحق للوزير في حال تفشي مرض وبائي في المملكة أن يتخذ كافة الإجراءات الضرورية وبصورة عاجلة لمكافحته ومنع انتشاره، وله في سبيل ذلك فرض الأمصال والمطاعيم ذات الصلة.
وعلى الصعيد الدولي، فقد كرّست اتفاقيات حقوق الإنسان إلزامية قيام الدول باتخاذ كافة التدابير الوقائية لضمان أفضل مستوى من الرعاية الصحية للأطفال.
فالمادة (24) من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 تلزم الدول الأطراف بالاعتراف بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه، وأنه يتعين عليها اتخاذ التدابير المناسبة لتوفير المساعدة الطبية والرعاية الصحية اللازمتين لجميع الأطفال، ومكافحة الأمراض في إطار الرعاية الصحية الأولية.
وقد صادق الأردن على هذه الاتفاقية الدولية واستكمل كافة الإجراءات الدستورية لنفاذها في النظام القانوني الوطني، حيث جرى عرضها على مجلس الأمة الذي وافق عليها بموجب قانون خاص هو قانون التصديق على اتفاقية حقوق الطفل رقم (50) لسنة 2006، وذلك استنادا لأحكام المادة (33/2) من الدستور.
وضمن إطار حرصها على توفير الرعاية الصحية للأطفال، فقد أكدت لجنة حقوق الطفل المنشأة بموجب الاتفاقية الدولية لمتابعة التزام الدول بتنفيذ نصوصها، في العديد من التقارير الدورية الصادرة عنها على ضرورة قيام الدول الأعضاء بتوفير المطاعيم الصحية للأطفال، وذلك كمظهر أساسي من مظاهر الوقاية من الأمراض المعدية ولضمان أفضل مستوى من الرعاية الصحية لهم.
ففي تقريرها الصادر في شهر تشرين الثاني من عام 2012، أشارت اللجنة إلى ضرورة قيام الدول الأعضاء 'بتخصيص موارد بشرية وتقنية ومالية كافية لتعزيز برامجها المتعلقة بالتطعيم من خلال وضع جداول زمنية وأهداف واضحة، مع إيلاء اهتمام خاص بالأطفال المستضعفين'.
وفي تقريرها الأخير المقدم منها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين التي انعقدت في عام 2022، أشارت لجنة حقوق الطفل إلى مشكلة انخفاض فرص الحصول على أعلى مستوى من الخدمات الطبية للأطفال نتيجة انتشار جائحة كورونا والتأخير في تنفيذ حملات التطعيم، داعية الدول الأعضاء إلى اتخاذ الخطوات الضرورية لاستئناف الأنشطة المتعلقة بتحصين الأطفال والحد من هذه الخسائر في معدلات التطعيم، وذلك من خلال تعزيز تلقيح المواليد الجدد والأطفال الذين بلغوا سن تلقي اللقاحات الإلزامية.
وعلى صعيد التشريعات المقارنة، نجد بأن القوانين العربية ذات الصلة قد كرّست مبدأ إلزامية المطاعيم الأساسية للأطفال تحت طائلة العقوبات الجزائية.
ففي مصر مثلا، ينص قانون الطفل رقم (12) لسنة 1996 في المادة (25) منه على ضرورة تطعيم الأطفال وتحصينهم بالطعوم الواقية من الأمراض المعدية في مكاتب الصحة والوحدات الصحية وذلك دون مقابل، وأن واجب تقديم الطفل للتطعيم يقع على عاتق والده أو الشخص الذى يكون الطفل في حضانته.
وتعاقب المادة (26) من قانون الطفل المصري كل من يخالف الأحكام السابقة بغرامة لا تقل عن عشرين جنيها ولا تزيد على مائتى جنيه.
كما ينص القانون الاتحادي الإماراتي رقم (3) لسنة 2016 بشأن حقوق الطفل في المادة (20) منه على ضرورة قيام السلطات الصحية المختصة باتخاذ كافة التدابير الممكنة للوقاية من إصابة الأطفال بالأمراض المعدية والمزمنة وتوفير التطعيمات والتحصينات اللازمة لهم، وذلك دون تعليق ممارستها لهذا الدور على موافقة الوالدين.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
التعليقات