أقر مجلس النواب قبل أيام مشروع قانون الأحزاب السياسية الجديد الذي اقترحته اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. فعبد أن دخلت التعديلات الدستورية لعام 2022 حيز النفاذ، جاء الدور على قانون الأحزاب السياسية حيث أحسن المجلس النيابي في التراتبية التي اتبعها في التعاطي مع تشريعات الإصلاح السياسي، فقد بدأ بتعديل الدستور، ليتبعه قانون الأحزاب السياسية، وأخيرا سيناقش قانون الانتخاب.
ومن خلال الإطلاع على مشروع القانون الجديد كما وافق عليه مجلس النواب، نجد بأنه لم يختلف كثيرا عما اقترحته اللجنة الملكية، وذلك من حيث تعريف الحزب السياسي، والمرتكزات الأساسية لتأسيس الأحزاب السياسية وآلية عملها، والضمانات القانونية لممارسة الحق في تشكيل الأحزاب السياسية والانضمام إليها.
فعلى الرغم من أن الحزب كمكّون سياسي برامجي يهدف بطبيعته إلى المشاركة في الانتخابات النيابية والوصول إلى السلطة لغايات تمكينه من تطبيق أفكاره ومشاريعه، إلا أن المادة (3) من مشروع القانون الجديد قد نصت صراحة على حق الحزب السياسي في خوض الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومات أو المشاركة فيها.
وللمرة الأولى في قوانين الأحزاب السياسية المتعاقبة، جرت الإشارة إلى المادة (35) من الدستور في تعريف الحزب السياسي الوارد في المادة (3) من مشروع القانون. فهذه المادة الدستورية تعتبر الأساس الذي يستند إليه جلالة الملك في اختيار رئيس الوزراء والوزراء وقبول استقالتهم وإقالتهم، حيث تكمن الفلسفة التشريعية من هذا الربط في طمأنة الأحزاب السياسية بأن الحق الدستوري لجلالة الملك في اختيار رئيس الوزراء سيكون مرتبطا بالمادة (3) من قانون الأحزاب، وذلك كأساس لاختيار رئيس الحزب الفائز في الانتخابات رئيسا للوزراء.
في المقابل، فإنه يتعين على الأحزاب السياسية أن تعي أن استفادتها من نص المادة (35) من الدستور بخصوص تشكيل الحكومات، سيقابله أيضا تعريضها لتطبيق الجزء الآخر من النص الدستوري السابق، والمتعلق بحق جلالة في إقالة رئيس الوزراء والوزراء وقبول استقالتهم. فالحكومة الحزبية سيثبت الحق لجلالة الملك بإقالتها وقبول استقالتها استنادا للمادة (35) من الدستور ذاتها، والتي أصرت الأحزاب السياسية على تضمينها تعريف الحزب في القانون الجديد.
إن التوافق النيابي مع أعضاء اللجنة الملكية فيما يخص تعريف الحزب السياسي والمبادئ الأساسية لقانون الأحزاب ومن قبله التعديلات الدستورية يؤكد على أن اللجنة الملكية قد خطت لنفسها نهجا سليما من العمل والإنجاز، وبأن مخرجاتها لاقت قبولا نيابيا وسياسيا عريضا، ذلك على الرغم من أن الضمانات الملكية بتبني توصياتها وعدم تغييرها قد اقتصرت فقط على الحكومة دون السلطة التشريعية.
ومع ذلك، فقد اختار مجلس النواب إجراء تعديلات محدودة على مشروع قانون الأحزاب السياسية قبل إقراره، وبالأخص فيما يتعلق بتضييق الفئات المستثناة من الانتساب إلى الأحزاب السياسية في المادة (6) من مشروع القانون. فقد أخرج مجلس النواب من هذه الشخصيات التي لا يحق لها تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام إليها كلا من القناصل الفخريين وموظفي دائرة الجمارك.
ويبقى التساؤل القانوني حول صحة إخراج القناصل الفخريين من الاستثناء من الحق في تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام إليها. فنظام القناصل الفخريين المعتمدين في المملكة الأردنية الهاشمية رقم (58) لسنة 2001 وتعديلاته ينص صراحة على أن يحظر على القنصل الفخري أن يكون أمينا عاما لأي حزب سياسي في المملكة أو أن يكون عضوا في قيادته.
وعليه، فإنه مقترح استثناء القناصل الفخريين من تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام إليها جاء متوافقا مع النظام المذكور. والقول بغير ذلك، يعني أنه سيسمح للقنصل الفخري بأن يؤسس حزبا سياسيا وأن ينضم إليه، إلا أنه سيحظر عليه الترشح لمنصب الأمين العام فيه أو أن يكون عضوا في قيادته.
ومن المقترحات الأخرى التي صوّت عليها مجلس النواب إلغاء فكرة استحداث مفوض خاص في الهيئة المستقلة للانتخاب اقتُرِح على تسميته بمفوض الأحزاب السياسية، والذي كان يفترض به أن يتابع مع أمين سجل الأحزاب السياسية استقبال طلبات تأسيس الأحزاب والتنسيب باتخاذ القرار المناسب حولها إلى مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب.
وعليه، فقد أصبحت الجهات الإدارية المناط بها متابعة شؤون الأحزاب السياسية في الهيئة المستقلة للانتخاب تتمثل بأمين سجل الأحزاب السياسية، الذي يتولى استلام طلبات تأسيس الأحزاب ويتابع مع الأعضاء المؤسسين إلى حين عقد المؤتمر التأسيسي الأول، ومن ثم يُصدر مجلس مفوضي الهيئة قراره بقبول تسجيل الحزب السياسي من عدمه.
ومن التعديلات الأخرى التي أدخلها مجلس النواب على مشروع قانون الأحزاب السياسية تلك المتعلقة بتخفيض نسبة المرأة والشباب بين الأعضاء المؤسسين، حيث اقترحت اللجنة الملكية أن تكون النسبة (20%) لكل منهما، في حين صوّت مجلس النواب على تخفيضها لتصبح (10%)، مع إيراد نص جديد يلزم الحزب بزيادة هذه النسبة لتصبح (20%) خلال ثلاث سنوات من تاريخ انعقاد المؤتمر التأسيسي.
وقد أحسن مجلس النواب في هذا الإطار عندما حدد التبعات القانونية لعدم التزام الحزب السياسي بهذه الزيادة خلال المدة الزمنية المقررة، إذ اعتبر هذه المخالفة مبررا لكي يتم وقف الحزب عن العمل، ومن ثم الطلب من محكمة البداية أن تصدر قرارها بحل الحزب وفق أحكام القانون.
أما تعديلات مجلس النواب التي قد يثور الخلاف حول مبرراتها وأسبابها فتتعلق بتخفيض الأغلبية المطلوبة لانعقاد المؤتمر التأسيسي، من أغلبية الأعضاء المؤسسين كما اقترحت اللجنة الملكية إلى الثلث فقط. فهذه النسبة الجديدة لا تتوافق مع طبيعة القرارات التي تصدر عن المؤتمر التأسيسي، والتي تشمل إقرار النظام الداخلي للحزب وانتخاب قيادته التنفيذية. فهذه القرارات على درجة عالية من الأهمية، وتستلزم بالضرورة حضور أغلبية الأعضاء المؤسسين وذلك لإضفاء مشروعية قانونية عليها.
وبخصوص ما أثاره النواب من صعوبة اجتماع أغلبية الأعضاء المؤسسين وعدم توفر الامكانيات الفنية واللوجستية لاستضافة هذا العدد الكبير منهم، فإنه يمكن الاستئناس بهذا الخصوص بما أوردته المادة (83) من قانون نقابة المحامين التي تشترط في اجتماع الهيئة العامة للنقابة أن تحضره الأغلبية المطلقة من المحامين الأساتذة، وفي حال عدم تحقق النصاب يتم الدعوة لاجتماع ثان بعد خمسة عشر يوما من الاجتماع الأول، بحيث يكون الاجتماع الثاني قانونيا مهما كان عدد الحاضرين. ويمكن لغايات قانون الأحزاب اشتراط ثلث الأعضاء المؤسسين للحزب السياسي في الاجتماع الثاني.
ويبقى التعديل المثير للجدل الذي أقره مجلس النواب والمتعلق بالمدة الزمنية المقررة للأحزاب المرخصة القائمة لكي تصوب أوضاعها بما يتوافق مع القانون الجديد. فقد اقترح مجلس النواب زيادة هذه المدة من سنة واحدة لتصبح سنة ونصف.
إن هذا التعديل لا يتوافق مع ضرورة الإسراع في إنفاذ القانون الجديد على جميع الأحزاب السياسية العاملة في الأردن، خاصة وأن شروط توفيق الأوضاع ليست بالتعجيزية. وعليه، فقد أحسنت اللجنة القانونية في مجلس الأعيان عندما خالفت قرار النواب حول هذه النقطة، وأعادت المدة الزمنية لسنة واحدة فقط.
أقر مجلس النواب قبل أيام مشروع قانون الأحزاب السياسية الجديد الذي اقترحته اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. فعبد أن دخلت التعديلات الدستورية لعام 2022 حيز النفاذ، جاء الدور على قانون الأحزاب السياسية حيث أحسن المجلس النيابي في التراتبية التي اتبعها في التعاطي مع تشريعات الإصلاح السياسي، فقد بدأ بتعديل الدستور، ليتبعه قانون الأحزاب السياسية، وأخيرا سيناقش قانون الانتخاب.
ومن خلال الإطلاع على مشروع القانون الجديد كما وافق عليه مجلس النواب، نجد بأنه لم يختلف كثيرا عما اقترحته اللجنة الملكية، وذلك من حيث تعريف الحزب السياسي، والمرتكزات الأساسية لتأسيس الأحزاب السياسية وآلية عملها، والضمانات القانونية لممارسة الحق في تشكيل الأحزاب السياسية والانضمام إليها.
فعلى الرغم من أن الحزب كمكّون سياسي برامجي يهدف بطبيعته إلى المشاركة في الانتخابات النيابية والوصول إلى السلطة لغايات تمكينه من تطبيق أفكاره ومشاريعه، إلا أن المادة (3) من مشروع القانون الجديد قد نصت صراحة على حق الحزب السياسي في خوض الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومات أو المشاركة فيها.
وللمرة الأولى في قوانين الأحزاب السياسية المتعاقبة، جرت الإشارة إلى المادة (35) من الدستور في تعريف الحزب السياسي الوارد في المادة (3) من مشروع القانون. فهذه المادة الدستورية تعتبر الأساس الذي يستند إليه جلالة الملك في اختيار رئيس الوزراء والوزراء وقبول استقالتهم وإقالتهم، حيث تكمن الفلسفة التشريعية من هذا الربط في طمأنة الأحزاب السياسية بأن الحق الدستوري لجلالة الملك في اختيار رئيس الوزراء سيكون مرتبطا بالمادة (3) من قانون الأحزاب، وذلك كأساس لاختيار رئيس الحزب الفائز في الانتخابات رئيسا للوزراء.
في المقابل، فإنه يتعين على الأحزاب السياسية أن تعي أن استفادتها من نص المادة (35) من الدستور بخصوص تشكيل الحكومات، سيقابله أيضا تعريضها لتطبيق الجزء الآخر من النص الدستوري السابق، والمتعلق بحق جلالة في إقالة رئيس الوزراء والوزراء وقبول استقالتهم. فالحكومة الحزبية سيثبت الحق لجلالة الملك بإقالتها وقبول استقالتها استنادا للمادة (35) من الدستور ذاتها، والتي أصرت الأحزاب السياسية على تضمينها تعريف الحزب في القانون الجديد.
إن التوافق النيابي مع أعضاء اللجنة الملكية فيما يخص تعريف الحزب السياسي والمبادئ الأساسية لقانون الأحزاب ومن قبله التعديلات الدستورية يؤكد على أن اللجنة الملكية قد خطت لنفسها نهجا سليما من العمل والإنجاز، وبأن مخرجاتها لاقت قبولا نيابيا وسياسيا عريضا، ذلك على الرغم من أن الضمانات الملكية بتبني توصياتها وعدم تغييرها قد اقتصرت فقط على الحكومة دون السلطة التشريعية.
ومع ذلك، فقد اختار مجلس النواب إجراء تعديلات محدودة على مشروع قانون الأحزاب السياسية قبل إقراره، وبالأخص فيما يتعلق بتضييق الفئات المستثناة من الانتساب إلى الأحزاب السياسية في المادة (6) من مشروع القانون. فقد أخرج مجلس النواب من هذه الشخصيات التي لا يحق لها تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام إليها كلا من القناصل الفخريين وموظفي دائرة الجمارك.
ويبقى التساؤل القانوني حول صحة إخراج القناصل الفخريين من الاستثناء من الحق في تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام إليها. فنظام القناصل الفخريين المعتمدين في المملكة الأردنية الهاشمية رقم (58) لسنة 2001 وتعديلاته ينص صراحة على أن يحظر على القنصل الفخري أن يكون أمينا عاما لأي حزب سياسي في المملكة أو أن يكون عضوا في قيادته.
وعليه، فإنه مقترح استثناء القناصل الفخريين من تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام إليها جاء متوافقا مع النظام المذكور. والقول بغير ذلك، يعني أنه سيسمح للقنصل الفخري بأن يؤسس حزبا سياسيا وأن ينضم إليه، إلا أنه سيحظر عليه الترشح لمنصب الأمين العام فيه أو أن يكون عضوا في قيادته.
ومن المقترحات الأخرى التي صوّت عليها مجلس النواب إلغاء فكرة استحداث مفوض خاص في الهيئة المستقلة للانتخاب اقتُرِح على تسميته بمفوض الأحزاب السياسية، والذي كان يفترض به أن يتابع مع أمين سجل الأحزاب السياسية استقبال طلبات تأسيس الأحزاب والتنسيب باتخاذ القرار المناسب حولها إلى مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب.
وعليه، فقد أصبحت الجهات الإدارية المناط بها متابعة شؤون الأحزاب السياسية في الهيئة المستقلة للانتخاب تتمثل بأمين سجل الأحزاب السياسية، الذي يتولى استلام طلبات تأسيس الأحزاب ويتابع مع الأعضاء المؤسسين إلى حين عقد المؤتمر التأسيسي الأول، ومن ثم يُصدر مجلس مفوضي الهيئة قراره بقبول تسجيل الحزب السياسي من عدمه.
ومن التعديلات الأخرى التي أدخلها مجلس النواب على مشروع قانون الأحزاب السياسية تلك المتعلقة بتخفيض نسبة المرأة والشباب بين الأعضاء المؤسسين، حيث اقترحت اللجنة الملكية أن تكون النسبة (20%) لكل منهما، في حين صوّت مجلس النواب على تخفيضها لتصبح (10%)، مع إيراد نص جديد يلزم الحزب بزيادة هذه النسبة لتصبح (20%) خلال ثلاث سنوات من تاريخ انعقاد المؤتمر التأسيسي.
وقد أحسن مجلس النواب في هذا الإطار عندما حدد التبعات القانونية لعدم التزام الحزب السياسي بهذه الزيادة خلال المدة الزمنية المقررة، إذ اعتبر هذه المخالفة مبررا لكي يتم وقف الحزب عن العمل، ومن ثم الطلب من محكمة البداية أن تصدر قرارها بحل الحزب وفق أحكام القانون.
أما تعديلات مجلس النواب التي قد يثور الخلاف حول مبرراتها وأسبابها فتتعلق بتخفيض الأغلبية المطلوبة لانعقاد المؤتمر التأسيسي، من أغلبية الأعضاء المؤسسين كما اقترحت اللجنة الملكية إلى الثلث فقط. فهذه النسبة الجديدة لا تتوافق مع طبيعة القرارات التي تصدر عن المؤتمر التأسيسي، والتي تشمل إقرار النظام الداخلي للحزب وانتخاب قيادته التنفيذية. فهذه القرارات على درجة عالية من الأهمية، وتستلزم بالضرورة حضور أغلبية الأعضاء المؤسسين وذلك لإضفاء مشروعية قانونية عليها.
وبخصوص ما أثاره النواب من صعوبة اجتماع أغلبية الأعضاء المؤسسين وعدم توفر الامكانيات الفنية واللوجستية لاستضافة هذا العدد الكبير منهم، فإنه يمكن الاستئناس بهذا الخصوص بما أوردته المادة (83) من قانون نقابة المحامين التي تشترط في اجتماع الهيئة العامة للنقابة أن تحضره الأغلبية المطلقة من المحامين الأساتذة، وفي حال عدم تحقق النصاب يتم الدعوة لاجتماع ثان بعد خمسة عشر يوما من الاجتماع الأول، بحيث يكون الاجتماع الثاني قانونيا مهما كان عدد الحاضرين. ويمكن لغايات قانون الأحزاب اشتراط ثلث الأعضاء المؤسسين للحزب السياسي في الاجتماع الثاني.
ويبقى التعديل المثير للجدل الذي أقره مجلس النواب والمتعلق بالمدة الزمنية المقررة للأحزاب المرخصة القائمة لكي تصوب أوضاعها بما يتوافق مع القانون الجديد. فقد اقترح مجلس النواب زيادة هذه المدة من سنة واحدة لتصبح سنة ونصف.
إن هذا التعديل لا يتوافق مع ضرورة الإسراع في إنفاذ القانون الجديد على جميع الأحزاب السياسية العاملة في الأردن، خاصة وأن شروط توفيق الأوضاع ليست بالتعجيزية. وعليه، فقد أحسنت اللجنة القانونية في مجلس الأعيان عندما خالفت قرار النواب حول هذه النقطة، وأعادت المدة الزمنية لسنة واحدة فقط.
أقر مجلس النواب قبل أيام مشروع قانون الأحزاب السياسية الجديد الذي اقترحته اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. فعبد أن دخلت التعديلات الدستورية لعام 2022 حيز النفاذ، جاء الدور على قانون الأحزاب السياسية حيث أحسن المجلس النيابي في التراتبية التي اتبعها في التعاطي مع تشريعات الإصلاح السياسي، فقد بدأ بتعديل الدستور، ليتبعه قانون الأحزاب السياسية، وأخيرا سيناقش قانون الانتخاب.
ومن خلال الإطلاع على مشروع القانون الجديد كما وافق عليه مجلس النواب، نجد بأنه لم يختلف كثيرا عما اقترحته اللجنة الملكية، وذلك من حيث تعريف الحزب السياسي، والمرتكزات الأساسية لتأسيس الأحزاب السياسية وآلية عملها، والضمانات القانونية لممارسة الحق في تشكيل الأحزاب السياسية والانضمام إليها.
فعلى الرغم من أن الحزب كمكّون سياسي برامجي يهدف بطبيعته إلى المشاركة في الانتخابات النيابية والوصول إلى السلطة لغايات تمكينه من تطبيق أفكاره ومشاريعه، إلا أن المادة (3) من مشروع القانون الجديد قد نصت صراحة على حق الحزب السياسي في خوض الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومات أو المشاركة فيها.
وللمرة الأولى في قوانين الأحزاب السياسية المتعاقبة، جرت الإشارة إلى المادة (35) من الدستور في تعريف الحزب السياسي الوارد في المادة (3) من مشروع القانون. فهذه المادة الدستورية تعتبر الأساس الذي يستند إليه جلالة الملك في اختيار رئيس الوزراء والوزراء وقبول استقالتهم وإقالتهم، حيث تكمن الفلسفة التشريعية من هذا الربط في طمأنة الأحزاب السياسية بأن الحق الدستوري لجلالة الملك في اختيار رئيس الوزراء سيكون مرتبطا بالمادة (3) من قانون الأحزاب، وذلك كأساس لاختيار رئيس الحزب الفائز في الانتخابات رئيسا للوزراء.
في المقابل، فإنه يتعين على الأحزاب السياسية أن تعي أن استفادتها من نص المادة (35) من الدستور بخصوص تشكيل الحكومات، سيقابله أيضا تعريضها لتطبيق الجزء الآخر من النص الدستوري السابق، والمتعلق بحق جلالة في إقالة رئيس الوزراء والوزراء وقبول استقالتهم. فالحكومة الحزبية سيثبت الحق لجلالة الملك بإقالتها وقبول استقالتها استنادا للمادة (35) من الدستور ذاتها، والتي أصرت الأحزاب السياسية على تضمينها تعريف الحزب في القانون الجديد.
إن التوافق النيابي مع أعضاء اللجنة الملكية فيما يخص تعريف الحزب السياسي والمبادئ الأساسية لقانون الأحزاب ومن قبله التعديلات الدستورية يؤكد على أن اللجنة الملكية قد خطت لنفسها نهجا سليما من العمل والإنجاز، وبأن مخرجاتها لاقت قبولا نيابيا وسياسيا عريضا، ذلك على الرغم من أن الضمانات الملكية بتبني توصياتها وعدم تغييرها قد اقتصرت فقط على الحكومة دون السلطة التشريعية.
ومع ذلك، فقد اختار مجلس النواب إجراء تعديلات محدودة على مشروع قانون الأحزاب السياسية قبل إقراره، وبالأخص فيما يتعلق بتضييق الفئات المستثناة من الانتساب إلى الأحزاب السياسية في المادة (6) من مشروع القانون. فقد أخرج مجلس النواب من هذه الشخصيات التي لا يحق لها تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام إليها كلا من القناصل الفخريين وموظفي دائرة الجمارك.
ويبقى التساؤل القانوني حول صحة إخراج القناصل الفخريين من الاستثناء من الحق في تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام إليها. فنظام القناصل الفخريين المعتمدين في المملكة الأردنية الهاشمية رقم (58) لسنة 2001 وتعديلاته ينص صراحة على أن يحظر على القنصل الفخري أن يكون أمينا عاما لأي حزب سياسي في المملكة أو أن يكون عضوا في قيادته.
وعليه، فإنه مقترح استثناء القناصل الفخريين من تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام إليها جاء متوافقا مع النظام المذكور. والقول بغير ذلك، يعني أنه سيسمح للقنصل الفخري بأن يؤسس حزبا سياسيا وأن ينضم إليه، إلا أنه سيحظر عليه الترشح لمنصب الأمين العام فيه أو أن يكون عضوا في قيادته.
ومن المقترحات الأخرى التي صوّت عليها مجلس النواب إلغاء فكرة استحداث مفوض خاص في الهيئة المستقلة للانتخاب اقتُرِح على تسميته بمفوض الأحزاب السياسية، والذي كان يفترض به أن يتابع مع أمين سجل الأحزاب السياسية استقبال طلبات تأسيس الأحزاب والتنسيب باتخاذ القرار المناسب حولها إلى مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب.
وعليه، فقد أصبحت الجهات الإدارية المناط بها متابعة شؤون الأحزاب السياسية في الهيئة المستقلة للانتخاب تتمثل بأمين سجل الأحزاب السياسية، الذي يتولى استلام طلبات تأسيس الأحزاب ويتابع مع الأعضاء المؤسسين إلى حين عقد المؤتمر التأسيسي الأول، ومن ثم يُصدر مجلس مفوضي الهيئة قراره بقبول تسجيل الحزب السياسي من عدمه.
ومن التعديلات الأخرى التي أدخلها مجلس النواب على مشروع قانون الأحزاب السياسية تلك المتعلقة بتخفيض نسبة المرأة والشباب بين الأعضاء المؤسسين، حيث اقترحت اللجنة الملكية أن تكون النسبة (20%) لكل منهما، في حين صوّت مجلس النواب على تخفيضها لتصبح (10%)، مع إيراد نص جديد يلزم الحزب بزيادة هذه النسبة لتصبح (20%) خلال ثلاث سنوات من تاريخ انعقاد المؤتمر التأسيسي.
وقد أحسن مجلس النواب في هذا الإطار عندما حدد التبعات القانونية لعدم التزام الحزب السياسي بهذه الزيادة خلال المدة الزمنية المقررة، إذ اعتبر هذه المخالفة مبررا لكي يتم وقف الحزب عن العمل، ومن ثم الطلب من محكمة البداية أن تصدر قرارها بحل الحزب وفق أحكام القانون.
أما تعديلات مجلس النواب التي قد يثور الخلاف حول مبرراتها وأسبابها فتتعلق بتخفيض الأغلبية المطلوبة لانعقاد المؤتمر التأسيسي، من أغلبية الأعضاء المؤسسين كما اقترحت اللجنة الملكية إلى الثلث فقط. فهذه النسبة الجديدة لا تتوافق مع طبيعة القرارات التي تصدر عن المؤتمر التأسيسي، والتي تشمل إقرار النظام الداخلي للحزب وانتخاب قيادته التنفيذية. فهذه القرارات على درجة عالية من الأهمية، وتستلزم بالضرورة حضور أغلبية الأعضاء المؤسسين وذلك لإضفاء مشروعية قانونية عليها.
وبخصوص ما أثاره النواب من صعوبة اجتماع أغلبية الأعضاء المؤسسين وعدم توفر الامكانيات الفنية واللوجستية لاستضافة هذا العدد الكبير منهم، فإنه يمكن الاستئناس بهذا الخصوص بما أوردته المادة (83) من قانون نقابة المحامين التي تشترط في اجتماع الهيئة العامة للنقابة أن تحضره الأغلبية المطلقة من المحامين الأساتذة، وفي حال عدم تحقق النصاب يتم الدعوة لاجتماع ثان بعد خمسة عشر يوما من الاجتماع الأول، بحيث يكون الاجتماع الثاني قانونيا مهما كان عدد الحاضرين. ويمكن لغايات قانون الأحزاب اشتراط ثلث الأعضاء المؤسسين للحزب السياسي في الاجتماع الثاني.
ويبقى التعديل المثير للجدل الذي أقره مجلس النواب والمتعلق بالمدة الزمنية المقررة للأحزاب المرخصة القائمة لكي تصوب أوضاعها بما يتوافق مع القانون الجديد. فقد اقترح مجلس النواب زيادة هذه المدة من سنة واحدة لتصبح سنة ونصف.
إن هذا التعديل لا يتوافق مع ضرورة الإسراع في إنفاذ القانون الجديد على جميع الأحزاب السياسية العاملة في الأردن، خاصة وأن شروط توفيق الأوضاع ليست بالتعجيزية. وعليه، فقد أحسنت اللجنة القانونية في مجلس الأعيان عندما خالفت قرار النواب حول هذه النقطة، وأعادت المدة الزمنية لسنة واحدة فقط.
التعليقات