قد يبدو العنوان اعلاه غريبا لدى البعض لكنها الحقيقة المؤكد بكل تداعياتها واليكم تفاصيل ما جرى علاقات الصداقة الحميمة القائمة بين تركيا وكوريا الجنوبية الان تشكلت مع بدء الحرب بين كوريا الشمالية والجنوبية عام 1950 وبعد انتهائها عام 1953حين اضطلعت تركيا بدور رئيسي في تقديم الدعم العسكري المباشر لكوريا الجنوبية أثناء الحرب الامر الذي قادهما عام 1957الى تدشين علاقات دبلوماسية ابدية وراسخة بين الشعبين وصلت إلى مستوى فريد امتزجت فيه التضحيات بالروح والحياة بالدم
خلال تلك الحرب لعبت القوات العسكرية التركية المشاركة في المعارك دوراً محورياً للغاية في استعادة العاصمة الجنوبية ( سيئول ) حيث سخرت القوات التركية تجربتها العسكرية التي اكتسبتها خلال المعارك التاريخية بمدينة ( جناق قلعة ) حين هزم العثمانيون الانجليز وحلفائهم والتي وقعت بين عامي ( 1915- 1916 ) وقد مارس الجنود الاتراك نفس التكتيك العسكري أثناء مواجهتهم للقوات الصينية المجحفلة التي كانت تحارب بجانب كوريا الشمالية وألحقت بهم خسائر فادحة الأمر الذي مكن كوريا الجنوبية من إعادة عاصمتها لسيادتها مجدداً وإنقاذ البلاد من قبضة قوات الثوار الشيوعيين
في تلك المرحلة كانت شبه الجزيرة الكورية مقسمة إلى جزأين شمالي يخضع تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي وجنوبي يخضع لسيطرة لجنة الأمم المتحدة المؤقتة لكوريا في 25 حزيران 1950 تأججت الحرب الأهلية بين الطرفين بدأت بغزو ومهاجمة كوريا الشمالية لجارتها الجنوبية وتوسعت الحرب ميدانيا بعد دخول الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ثم الصين كطرفين في الصراع وقد اعتبرت الأمم المتحدة في حينها الغزو الشمالي خرقاً للسلم العالمي وطالبت بالانسحاب الفوري لقوات الشيوعيين من كوريا الجنوبية
إلا أن الشيوعيين الكوريين الشماليين رفضوا ذلك واستمروا في القتال الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى مطالبة الدول الأعضاء بتقديم مساعدات عسكرية من أجل مساعدة كوريا الجنوبية وبناء على ذلك أرسلت 16 دولة من ضمنهم تركيا قوات عسكرية لمساعدة كوريا الجنوبية كما أرسلت 41 دولة معدات عسكرية وأغذية وإمدادات أخرى فيما حاربت الصين إلى جانب كوريا الشمالية واكتفى الاتحاد السوفييتي بتقديم معدات عسكرية لبيونغ يانغ ( عاصمة كوريا الشمالية ) كما بعث بعدد من المستشارين والخبراء العسكريين والطيارين الحربيين
بعد أن وضعت الحرب أوزارها في 27 تموز 1953والتي اعتبرت من أكثر الحروب سفكاً للدماء في التاريخ حيث قُتل نحو مليون كوري جنوبي مدني وشرد ملايين آخرون فيما قتل وجرح وفُقد نحو 580 ألفاً من قوات الأمم المتحدة وكوريا الجنوبية ومليون و600 ألف من القوات الثورية الشيوعية
اما عن مشاركة القوات التركية في الحرب فقد صادق البرلمان التركي في حزيران من عام 1950 على ارسال قوات عسكرية إلى كوريا ضمن قوات الأمم المتحدة ليس فقط من أجل المساهمة في الأمن والاستقرار العالمي بل أيضاً للحفاظ على الأمن القومي التركي حيث نظر الحزب الديمقراطي التركي الحاكم آنذاك بقيادة رئيس الوزراء الراحل ( عدنان مندريس ) الذي اعدم في 17 أيلول 1960 إلى أن في المشاركة فرصة مهمة من أجل الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ( ناتو ) لمجابهة التهديد المتزايد من قبل روسيا السوفييتية
وفي مراسم تذكارية بمناسبة الذكرى 71 للحرب الكورية اقيمت في 25 حزيران الماضي استضافتها الرئاسة العامة لجمعية المحاربين القدامى التركية وسفارة جمهورية كوريا الجنوبية في العاصمة أنقرة ووزارة الدفاع التركية على حسابها الرسمي على موقع تويتر عرضت مجموعة ارشيفية من الصور للجنود الأتراك تظهر مشاركتهم في الحرب الكورية ودورهم البطولي في المعارك
حيث دخلت الجمهورية التركية الحديثة في صراع عسكري لأول مرة منذ تأسيسها عام 1923 وتحت قيادة العميد تحسين يازجي غادر اللواء التركي الأول المكون من 5090 عسكرياً وضابطاً من ميناء الإسكندرون في 17 أيلول 1950 وبعد شهر تقريباً وصلوا الى ( ميناء بوسان ) في كوريا الجنوبية وانضموا فورا إلى جيوش الأمم المتحدة التي كانت تتقدم بسرعة نحو الشمال
ثم أُتبع اللواء الأول بثلاثة ألوية أخرى خلال فترة الحرب التي امتدت لقرابة 3 سنوات من حزيران1950 حتى وقف إطلاق النار في تموز 1953 وبنتيجة الحرب فقد 721 من الجنود الاتراك حياتهم واختفى 175 وأُسر 234 وأصيب 2147 وبهذا وصلت تركيا إلى معدل إصابات بلغ 22% واحتلت المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من بين الدول الـ 16 المشاركة في الحرب
وهنا يمكن القول انه لولا تركيا وتضحيات قواتها العسكرية ( لما كانت كوريا الجنوبية موجودة الآن ) وقد اكد هذه المقولة الضابط في ملحقية الدفاع البحري التابعة لسفارة كوريا الجنوبية في أنقرة ( جاسيك بارك ) خلال لقائه مع وكالة الأناضول التركية عام 2018 إنه ( لولا وقوف الجيش والشعب التركي إلى جانب بلاده لما كانت كوريا الجنوبية الآن ) مذكراً بالإسهامات التي قدمتها تركيا لكوريا الجنوبية في حربها مع جارتها الشمالية
كما أشار الضابط بارك إلى أن تركيا شاركت ب 4 ألوية مؤلفة من 21 ألفاً و212 جندياً لا كما تذكر بعض المصادر من أن عدد الجنود الأتراك الذين شاركوا في الحرب بلغ 15 ألفاً فقط ولفت الانتباه إلى أن اللغط في هذا الامر يعود إلى كون ( اللواء الرابع التركي ) الذي خرج من تركيا ووصل إلى ميناء بوسان بعد رحلة بحرية استغرقت 30 يوماً قد تزامن وصوله مع إعلان وقف إطلاق النار
بعد احتلال كوريا الشمالية معظم المناطق في ( مدينة كونري ) الواقعة في إقليم بيونغ آن بكوريا الجنوبية تقدم اللواء التركي الأول القوات العسكرية المشتركة المتوجهة لتحرير المدينة إلا أنه فوجئ بوجود أعداد ضخمة من الجنود الصينيين في انتظاره الأمر الذي كلّفة خسائر كبيرة حيث سقط 60% من إجمالي شهداء تركيا في كوريا الجنوبية في تلك المدينة حتى ان القوات الامريكية عندما علمت بحشود وتعداد القوات الصينية اتخذت قرارا بالانسحاب العاجل وبقيت القوات التركية تقاتل حتى تحرير المدينة
كما ذكر بارك أن بلاده لم تكن قادرة على استعادة مدينة سيول ( العاصمة الكورية الجنوبي ) لولا النصر الذي حققته تركيا أمام الجيش الصيني في معركة ( كوميانغ جانغ ني ) في إقليم كيونغكي المجاور لسيئول والتي سقط فيها 12 جندي فقط للجيش التركي مقابل ألف و995 جندي عدد قتلى الجيش الصيني
يذكر انه يوجد في كوريا الجنوبية 462 ضريحا لجنود اتراك تركيا ارتقوا بالحرب وان حكومة كورية الجنوبية منحتهم اوسمة عالية وما زالت تتواصل مع الجنود الجرحى وذويهم وذوي الشهداء الأتراك
دخول تركيا في الحرب الكورية كان مدفوع برغبة يائسة من انقره في توطيد علاقاتها مع الغرب حيث قامت بمقامرتها العسكرية في عام 1950 بأرسال جنودها لمحاربة القوى الشيوعية وتحقيقا لتلك الغاية في العام التالي تم قبول تركيا كعضو في حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) وعليه حصلت على مزيد من المساعدات من الولايات المتحدة والدول الأوروبية ادت الى بعض التطورات الاقتصادية بعدما غردت خارج سرب موسكو
من قبل مشاركة القوات التركية لم يكن الأمريكيون متأكدون حقا من قيمة تركيا لهذا كان على تركيا أن تثبت عمليا قيمتها في الدفاع الجماعي عن التحالف الأطلسي وقد كان الأمر أكثر من حسابات الدعم المالي في وقت كانت فيه أنقرة حذرة ومتخوفة بشكل متزايد من روسيا عدوها التاريخي وتهددها المتواصل لحدودها الشرقية وممراتها المائية
الآن وبعد مرور أكثر من 70 عام على الحرب الكورية فإن علاقات أنقرة مع واشنطن أصبحت في أدنى مستوياتها وأكثرها توترا منذ عقود بل إن الحكومة التركية تنظر الى إقامة تحالف أوثق مع روسيا بزعامة بوتين خاصة بعدما ألغت الولايات المتحدة وتركيا العديد من خدمات التأشيرات لمواطني كل منهما
فضلا عن تصاعد الخطاب السياسي السلبي ضد بعضهما البعض وسط اتهامات بالخيانة وادعاءات باحتجاز الرهائن والتهديد بقضايا جنائية بشأن خرق العقوبات واتهامات بدعم الجماعات الإرهابية ومخططي الانقلاب وامام كل ذلك يتم حاليا توجيه عدة أسئلة متعلقة بقيمة الشراكة بين الولايات المتحدة وتركيا كما كانت عليه عام 1950 في الحرب الكورية التي استمرت ثلاث سنوات وانتهت بوقف ( إطلاق النار وليس اتفاق سلام ) ثم انتهت بتقسيم شبه الجزيرة الى قطبين عدوين منذ ذلك الحين الى اليوم
واخيرا حينما يتذكر الاتراك ماسي تلك الحرب وخسائرها البشرية والمادية والنفسية يقولون بغضب واستنكار شديدين ان أي حرب مقبلة توجب مشاركة الجنود الاتراك خارج البلاد يجب ان تكون لـ ( حماية الوطن ) فقط وليس لإرضاء سياسات دولية أو اقليمية مهما كانت دواعيها واهميتها على غرار ما حصل من خطأ عسكري بمشاركة القوات التركية في الحرب بين الكوريتين
mahdimubarak@gmail.com
قد يبدو العنوان اعلاه غريبا لدى البعض لكنها الحقيقة المؤكد بكل تداعياتها واليكم تفاصيل ما جرى علاقات الصداقة الحميمة القائمة بين تركيا وكوريا الجنوبية الان تشكلت مع بدء الحرب بين كوريا الشمالية والجنوبية عام 1950 وبعد انتهائها عام 1953حين اضطلعت تركيا بدور رئيسي في تقديم الدعم العسكري المباشر لكوريا الجنوبية أثناء الحرب الامر الذي قادهما عام 1957الى تدشين علاقات دبلوماسية ابدية وراسخة بين الشعبين وصلت إلى مستوى فريد امتزجت فيه التضحيات بالروح والحياة بالدم
خلال تلك الحرب لعبت القوات العسكرية التركية المشاركة في المعارك دوراً محورياً للغاية في استعادة العاصمة الجنوبية ( سيئول ) حيث سخرت القوات التركية تجربتها العسكرية التي اكتسبتها خلال المعارك التاريخية بمدينة ( جناق قلعة ) حين هزم العثمانيون الانجليز وحلفائهم والتي وقعت بين عامي ( 1915- 1916 ) وقد مارس الجنود الاتراك نفس التكتيك العسكري أثناء مواجهتهم للقوات الصينية المجحفلة التي كانت تحارب بجانب كوريا الشمالية وألحقت بهم خسائر فادحة الأمر الذي مكن كوريا الجنوبية من إعادة عاصمتها لسيادتها مجدداً وإنقاذ البلاد من قبضة قوات الثوار الشيوعيين
في تلك المرحلة كانت شبه الجزيرة الكورية مقسمة إلى جزأين شمالي يخضع تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي وجنوبي يخضع لسيطرة لجنة الأمم المتحدة المؤقتة لكوريا في 25 حزيران 1950 تأججت الحرب الأهلية بين الطرفين بدأت بغزو ومهاجمة كوريا الشمالية لجارتها الجنوبية وتوسعت الحرب ميدانيا بعد دخول الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ثم الصين كطرفين في الصراع وقد اعتبرت الأمم المتحدة في حينها الغزو الشمالي خرقاً للسلم العالمي وطالبت بالانسحاب الفوري لقوات الشيوعيين من كوريا الجنوبية
إلا أن الشيوعيين الكوريين الشماليين رفضوا ذلك واستمروا في القتال الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى مطالبة الدول الأعضاء بتقديم مساعدات عسكرية من أجل مساعدة كوريا الجنوبية وبناء على ذلك أرسلت 16 دولة من ضمنهم تركيا قوات عسكرية لمساعدة كوريا الجنوبية كما أرسلت 41 دولة معدات عسكرية وأغذية وإمدادات أخرى فيما حاربت الصين إلى جانب كوريا الشمالية واكتفى الاتحاد السوفييتي بتقديم معدات عسكرية لبيونغ يانغ ( عاصمة كوريا الشمالية ) كما بعث بعدد من المستشارين والخبراء العسكريين والطيارين الحربيين
بعد أن وضعت الحرب أوزارها في 27 تموز 1953والتي اعتبرت من أكثر الحروب سفكاً للدماء في التاريخ حيث قُتل نحو مليون كوري جنوبي مدني وشرد ملايين آخرون فيما قتل وجرح وفُقد نحو 580 ألفاً من قوات الأمم المتحدة وكوريا الجنوبية ومليون و600 ألف من القوات الثورية الشيوعية
اما عن مشاركة القوات التركية في الحرب فقد صادق البرلمان التركي في حزيران من عام 1950 على ارسال قوات عسكرية إلى كوريا ضمن قوات الأمم المتحدة ليس فقط من أجل المساهمة في الأمن والاستقرار العالمي بل أيضاً للحفاظ على الأمن القومي التركي حيث نظر الحزب الديمقراطي التركي الحاكم آنذاك بقيادة رئيس الوزراء الراحل ( عدنان مندريس ) الذي اعدم في 17 أيلول 1960 إلى أن في المشاركة فرصة مهمة من أجل الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ( ناتو ) لمجابهة التهديد المتزايد من قبل روسيا السوفييتية
وفي مراسم تذكارية بمناسبة الذكرى 71 للحرب الكورية اقيمت في 25 حزيران الماضي استضافتها الرئاسة العامة لجمعية المحاربين القدامى التركية وسفارة جمهورية كوريا الجنوبية في العاصمة أنقرة ووزارة الدفاع التركية على حسابها الرسمي على موقع تويتر عرضت مجموعة ارشيفية من الصور للجنود الأتراك تظهر مشاركتهم في الحرب الكورية ودورهم البطولي في المعارك
حيث دخلت الجمهورية التركية الحديثة في صراع عسكري لأول مرة منذ تأسيسها عام 1923 وتحت قيادة العميد تحسين يازجي غادر اللواء التركي الأول المكون من 5090 عسكرياً وضابطاً من ميناء الإسكندرون في 17 أيلول 1950 وبعد شهر تقريباً وصلوا الى ( ميناء بوسان ) في كوريا الجنوبية وانضموا فورا إلى جيوش الأمم المتحدة التي كانت تتقدم بسرعة نحو الشمال
ثم أُتبع اللواء الأول بثلاثة ألوية أخرى خلال فترة الحرب التي امتدت لقرابة 3 سنوات من حزيران1950 حتى وقف إطلاق النار في تموز 1953 وبنتيجة الحرب فقد 721 من الجنود الاتراك حياتهم واختفى 175 وأُسر 234 وأصيب 2147 وبهذا وصلت تركيا إلى معدل إصابات بلغ 22% واحتلت المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من بين الدول الـ 16 المشاركة في الحرب
وهنا يمكن القول انه لولا تركيا وتضحيات قواتها العسكرية ( لما كانت كوريا الجنوبية موجودة الآن ) وقد اكد هذه المقولة الضابط في ملحقية الدفاع البحري التابعة لسفارة كوريا الجنوبية في أنقرة ( جاسيك بارك ) خلال لقائه مع وكالة الأناضول التركية عام 2018 إنه ( لولا وقوف الجيش والشعب التركي إلى جانب بلاده لما كانت كوريا الجنوبية الآن ) مذكراً بالإسهامات التي قدمتها تركيا لكوريا الجنوبية في حربها مع جارتها الشمالية
كما أشار الضابط بارك إلى أن تركيا شاركت ب 4 ألوية مؤلفة من 21 ألفاً و212 جندياً لا كما تذكر بعض المصادر من أن عدد الجنود الأتراك الذين شاركوا في الحرب بلغ 15 ألفاً فقط ولفت الانتباه إلى أن اللغط في هذا الامر يعود إلى كون ( اللواء الرابع التركي ) الذي خرج من تركيا ووصل إلى ميناء بوسان بعد رحلة بحرية استغرقت 30 يوماً قد تزامن وصوله مع إعلان وقف إطلاق النار
بعد احتلال كوريا الشمالية معظم المناطق في ( مدينة كونري ) الواقعة في إقليم بيونغ آن بكوريا الجنوبية تقدم اللواء التركي الأول القوات العسكرية المشتركة المتوجهة لتحرير المدينة إلا أنه فوجئ بوجود أعداد ضخمة من الجنود الصينيين في انتظاره الأمر الذي كلّفة خسائر كبيرة حيث سقط 60% من إجمالي شهداء تركيا في كوريا الجنوبية في تلك المدينة حتى ان القوات الامريكية عندما علمت بحشود وتعداد القوات الصينية اتخذت قرارا بالانسحاب العاجل وبقيت القوات التركية تقاتل حتى تحرير المدينة
كما ذكر بارك أن بلاده لم تكن قادرة على استعادة مدينة سيول ( العاصمة الكورية الجنوبي ) لولا النصر الذي حققته تركيا أمام الجيش الصيني في معركة ( كوميانغ جانغ ني ) في إقليم كيونغكي المجاور لسيئول والتي سقط فيها 12 جندي فقط للجيش التركي مقابل ألف و995 جندي عدد قتلى الجيش الصيني
يذكر انه يوجد في كوريا الجنوبية 462 ضريحا لجنود اتراك تركيا ارتقوا بالحرب وان حكومة كورية الجنوبية منحتهم اوسمة عالية وما زالت تتواصل مع الجنود الجرحى وذويهم وذوي الشهداء الأتراك
دخول تركيا في الحرب الكورية كان مدفوع برغبة يائسة من انقره في توطيد علاقاتها مع الغرب حيث قامت بمقامرتها العسكرية في عام 1950 بأرسال جنودها لمحاربة القوى الشيوعية وتحقيقا لتلك الغاية في العام التالي تم قبول تركيا كعضو في حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) وعليه حصلت على مزيد من المساعدات من الولايات المتحدة والدول الأوروبية ادت الى بعض التطورات الاقتصادية بعدما غردت خارج سرب موسكو
من قبل مشاركة القوات التركية لم يكن الأمريكيون متأكدون حقا من قيمة تركيا لهذا كان على تركيا أن تثبت عمليا قيمتها في الدفاع الجماعي عن التحالف الأطلسي وقد كان الأمر أكثر من حسابات الدعم المالي في وقت كانت فيه أنقرة حذرة ومتخوفة بشكل متزايد من روسيا عدوها التاريخي وتهددها المتواصل لحدودها الشرقية وممراتها المائية
الآن وبعد مرور أكثر من 70 عام على الحرب الكورية فإن علاقات أنقرة مع واشنطن أصبحت في أدنى مستوياتها وأكثرها توترا منذ عقود بل إن الحكومة التركية تنظر الى إقامة تحالف أوثق مع روسيا بزعامة بوتين خاصة بعدما ألغت الولايات المتحدة وتركيا العديد من خدمات التأشيرات لمواطني كل منهما
فضلا عن تصاعد الخطاب السياسي السلبي ضد بعضهما البعض وسط اتهامات بالخيانة وادعاءات باحتجاز الرهائن والتهديد بقضايا جنائية بشأن خرق العقوبات واتهامات بدعم الجماعات الإرهابية ومخططي الانقلاب وامام كل ذلك يتم حاليا توجيه عدة أسئلة متعلقة بقيمة الشراكة بين الولايات المتحدة وتركيا كما كانت عليه عام 1950 في الحرب الكورية التي استمرت ثلاث سنوات وانتهت بوقف ( إطلاق النار وليس اتفاق سلام ) ثم انتهت بتقسيم شبه الجزيرة الى قطبين عدوين منذ ذلك الحين الى اليوم
واخيرا حينما يتذكر الاتراك ماسي تلك الحرب وخسائرها البشرية والمادية والنفسية يقولون بغضب واستنكار شديدين ان أي حرب مقبلة توجب مشاركة الجنود الاتراك خارج البلاد يجب ان تكون لـ ( حماية الوطن ) فقط وليس لإرضاء سياسات دولية أو اقليمية مهما كانت دواعيها واهميتها على غرار ما حصل من خطأ عسكري بمشاركة القوات التركية في الحرب بين الكوريتين
mahdimubarak@gmail.com
قد يبدو العنوان اعلاه غريبا لدى البعض لكنها الحقيقة المؤكد بكل تداعياتها واليكم تفاصيل ما جرى علاقات الصداقة الحميمة القائمة بين تركيا وكوريا الجنوبية الان تشكلت مع بدء الحرب بين كوريا الشمالية والجنوبية عام 1950 وبعد انتهائها عام 1953حين اضطلعت تركيا بدور رئيسي في تقديم الدعم العسكري المباشر لكوريا الجنوبية أثناء الحرب الامر الذي قادهما عام 1957الى تدشين علاقات دبلوماسية ابدية وراسخة بين الشعبين وصلت إلى مستوى فريد امتزجت فيه التضحيات بالروح والحياة بالدم
خلال تلك الحرب لعبت القوات العسكرية التركية المشاركة في المعارك دوراً محورياً للغاية في استعادة العاصمة الجنوبية ( سيئول ) حيث سخرت القوات التركية تجربتها العسكرية التي اكتسبتها خلال المعارك التاريخية بمدينة ( جناق قلعة ) حين هزم العثمانيون الانجليز وحلفائهم والتي وقعت بين عامي ( 1915- 1916 ) وقد مارس الجنود الاتراك نفس التكتيك العسكري أثناء مواجهتهم للقوات الصينية المجحفلة التي كانت تحارب بجانب كوريا الشمالية وألحقت بهم خسائر فادحة الأمر الذي مكن كوريا الجنوبية من إعادة عاصمتها لسيادتها مجدداً وإنقاذ البلاد من قبضة قوات الثوار الشيوعيين
في تلك المرحلة كانت شبه الجزيرة الكورية مقسمة إلى جزأين شمالي يخضع تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي وجنوبي يخضع لسيطرة لجنة الأمم المتحدة المؤقتة لكوريا في 25 حزيران 1950 تأججت الحرب الأهلية بين الطرفين بدأت بغزو ومهاجمة كوريا الشمالية لجارتها الجنوبية وتوسعت الحرب ميدانيا بعد دخول الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ثم الصين كطرفين في الصراع وقد اعتبرت الأمم المتحدة في حينها الغزو الشمالي خرقاً للسلم العالمي وطالبت بالانسحاب الفوري لقوات الشيوعيين من كوريا الجنوبية
إلا أن الشيوعيين الكوريين الشماليين رفضوا ذلك واستمروا في القتال الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى مطالبة الدول الأعضاء بتقديم مساعدات عسكرية من أجل مساعدة كوريا الجنوبية وبناء على ذلك أرسلت 16 دولة من ضمنهم تركيا قوات عسكرية لمساعدة كوريا الجنوبية كما أرسلت 41 دولة معدات عسكرية وأغذية وإمدادات أخرى فيما حاربت الصين إلى جانب كوريا الشمالية واكتفى الاتحاد السوفييتي بتقديم معدات عسكرية لبيونغ يانغ ( عاصمة كوريا الشمالية ) كما بعث بعدد من المستشارين والخبراء العسكريين والطيارين الحربيين
بعد أن وضعت الحرب أوزارها في 27 تموز 1953والتي اعتبرت من أكثر الحروب سفكاً للدماء في التاريخ حيث قُتل نحو مليون كوري جنوبي مدني وشرد ملايين آخرون فيما قتل وجرح وفُقد نحو 580 ألفاً من قوات الأمم المتحدة وكوريا الجنوبية ومليون و600 ألف من القوات الثورية الشيوعية
اما عن مشاركة القوات التركية في الحرب فقد صادق البرلمان التركي في حزيران من عام 1950 على ارسال قوات عسكرية إلى كوريا ضمن قوات الأمم المتحدة ليس فقط من أجل المساهمة في الأمن والاستقرار العالمي بل أيضاً للحفاظ على الأمن القومي التركي حيث نظر الحزب الديمقراطي التركي الحاكم آنذاك بقيادة رئيس الوزراء الراحل ( عدنان مندريس ) الذي اعدم في 17 أيلول 1960 إلى أن في المشاركة فرصة مهمة من أجل الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ( ناتو ) لمجابهة التهديد المتزايد من قبل روسيا السوفييتية
وفي مراسم تذكارية بمناسبة الذكرى 71 للحرب الكورية اقيمت في 25 حزيران الماضي استضافتها الرئاسة العامة لجمعية المحاربين القدامى التركية وسفارة جمهورية كوريا الجنوبية في العاصمة أنقرة ووزارة الدفاع التركية على حسابها الرسمي على موقع تويتر عرضت مجموعة ارشيفية من الصور للجنود الأتراك تظهر مشاركتهم في الحرب الكورية ودورهم البطولي في المعارك
حيث دخلت الجمهورية التركية الحديثة في صراع عسكري لأول مرة منذ تأسيسها عام 1923 وتحت قيادة العميد تحسين يازجي غادر اللواء التركي الأول المكون من 5090 عسكرياً وضابطاً من ميناء الإسكندرون في 17 أيلول 1950 وبعد شهر تقريباً وصلوا الى ( ميناء بوسان ) في كوريا الجنوبية وانضموا فورا إلى جيوش الأمم المتحدة التي كانت تتقدم بسرعة نحو الشمال
ثم أُتبع اللواء الأول بثلاثة ألوية أخرى خلال فترة الحرب التي امتدت لقرابة 3 سنوات من حزيران1950 حتى وقف إطلاق النار في تموز 1953 وبنتيجة الحرب فقد 721 من الجنود الاتراك حياتهم واختفى 175 وأُسر 234 وأصيب 2147 وبهذا وصلت تركيا إلى معدل إصابات بلغ 22% واحتلت المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من بين الدول الـ 16 المشاركة في الحرب
وهنا يمكن القول انه لولا تركيا وتضحيات قواتها العسكرية ( لما كانت كوريا الجنوبية موجودة الآن ) وقد اكد هذه المقولة الضابط في ملحقية الدفاع البحري التابعة لسفارة كوريا الجنوبية في أنقرة ( جاسيك بارك ) خلال لقائه مع وكالة الأناضول التركية عام 2018 إنه ( لولا وقوف الجيش والشعب التركي إلى جانب بلاده لما كانت كوريا الجنوبية الآن ) مذكراً بالإسهامات التي قدمتها تركيا لكوريا الجنوبية في حربها مع جارتها الشمالية
كما أشار الضابط بارك إلى أن تركيا شاركت ب 4 ألوية مؤلفة من 21 ألفاً و212 جندياً لا كما تذكر بعض المصادر من أن عدد الجنود الأتراك الذين شاركوا في الحرب بلغ 15 ألفاً فقط ولفت الانتباه إلى أن اللغط في هذا الامر يعود إلى كون ( اللواء الرابع التركي ) الذي خرج من تركيا ووصل إلى ميناء بوسان بعد رحلة بحرية استغرقت 30 يوماً قد تزامن وصوله مع إعلان وقف إطلاق النار
بعد احتلال كوريا الشمالية معظم المناطق في ( مدينة كونري ) الواقعة في إقليم بيونغ آن بكوريا الجنوبية تقدم اللواء التركي الأول القوات العسكرية المشتركة المتوجهة لتحرير المدينة إلا أنه فوجئ بوجود أعداد ضخمة من الجنود الصينيين في انتظاره الأمر الذي كلّفة خسائر كبيرة حيث سقط 60% من إجمالي شهداء تركيا في كوريا الجنوبية في تلك المدينة حتى ان القوات الامريكية عندما علمت بحشود وتعداد القوات الصينية اتخذت قرارا بالانسحاب العاجل وبقيت القوات التركية تقاتل حتى تحرير المدينة
كما ذكر بارك أن بلاده لم تكن قادرة على استعادة مدينة سيول ( العاصمة الكورية الجنوبي ) لولا النصر الذي حققته تركيا أمام الجيش الصيني في معركة ( كوميانغ جانغ ني ) في إقليم كيونغكي المجاور لسيئول والتي سقط فيها 12 جندي فقط للجيش التركي مقابل ألف و995 جندي عدد قتلى الجيش الصيني
يذكر انه يوجد في كوريا الجنوبية 462 ضريحا لجنود اتراك تركيا ارتقوا بالحرب وان حكومة كورية الجنوبية منحتهم اوسمة عالية وما زالت تتواصل مع الجنود الجرحى وذويهم وذوي الشهداء الأتراك
دخول تركيا في الحرب الكورية كان مدفوع برغبة يائسة من انقره في توطيد علاقاتها مع الغرب حيث قامت بمقامرتها العسكرية في عام 1950 بأرسال جنودها لمحاربة القوى الشيوعية وتحقيقا لتلك الغاية في العام التالي تم قبول تركيا كعضو في حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) وعليه حصلت على مزيد من المساعدات من الولايات المتحدة والدول الأوروبية ادت الى بعض التطورات الاقتصادية بعدما غردت خارج سرب موسكو
من قبل مشاركة القوات التركية لم يكن الأمريكيون متأكدون حقا من قيمة تركيا لهذا كان على تركيا أن تثبت عمليا قيمتها في الدفاع الجماعي عن التحالف الأطلسي وقد كان الأمر أكثر من حسابات الدعم المالي في وقت كانت فيه أنقرة حذرة ومتخوفة بشكل متزايد من روسيا عدوها التاريخي وتهددها المتواصل لحدودها الشرقية وممراتها المائية
الآن وبعد مرور أكثر من 70 عام على الحرب الكورية فإن علاقات أنقرة مع واشنطن أصبحت في أدنى مستوياتها وأكثرها توترا منذ عقود بل إن الحكومة التركية تنظر الى إقامة تحالف أوثق مع روسيا بزعامة بوتين خاصة بعدما ألغت الولايات المتحدة وتركيا العديد من خدمات التأشيرات لمواطني كل منهما
فضلا عن تصاعد الخطاب السياسي السلبي ضد بعضهما البعض وسط اتهامات بالخيانة وادعاءات باحتجاز الرهائن والتهديد بقضايا جنائية بشأن خرق العقوبات واتهامات بدعم الجماعات الإرهابية ومخططي الانقلاب وامام كل ذلك يتم حاليا توجيه عدة أسئلة متعلقة بقيمة الشراكة بين الولايات المتحدة وتركيا كما كانت عليه عام 1950 في الحرب الكورية التي استمرت ثلاث سنوات وانتهت بوقف ( إطلاق النار وليس اتفاق سلام ) ثم انتهت بتقسيم شبه الجزيرة الى قطبين عدوين منذ ذلك الحين الى اليوم
واخيرا حينما يتذكر الاتراك ماسي تلك الحرب وخسائرها البشرية والمادية والنفسية يقولون بغضب واستنكار شديدين ان أي حرب مقبلة توجب مشاركة الجنود الاتراك خارج البلاد يجب ان تكون لـ ( حماية الوطن ) فقط وليس لإرضاء سياسات دولية أو اقليمية مهما كانت دواعيها واهميتها على غرار ما حصل من خطأ عسكري بمشاركة القوات التركية في الحرب بين الكوريتين
mahdimubarak@gmail.com
التعليقات