كثيرة هي البلدان التي نجحت خلال عقود قليلة وربما سنوات في مواكبة العلم الحديث بأنواعه المتعددة، وبالتالي رفعت من شأنها بين الدول الكبار. حققت ذلك ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، ودول شرق آسيا في ثمانينيات القرن العشرين، والهند في تسعينياته، وتركيا والبرازيل في بدايات القرن الواحد والعشرين وتحديدا في عام 2003، بل هذا ما تعمله اليوم دول إفريقية مثل إثيوبيا ورواندا.
كذلك، وإن بصورة مغايرة، فعلت إسرائيل. وهذه الأخيرة التي أطلق عليها عديد الألقاب من مثل 'ورم سرطاني'، و'شذاذ الآفاق'، و'أحفاد الخنازير'... إلخ، أدركت مبكرا أن العلم هو مفتاح 'صمودها' و'بقائها' وتطورها!!! فعلى سبيل المثال، وخلافا لليهود، المسيطرين في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا على المال والسلطة والإعلام، تحولت 'إسرائيل' اليوم إلى واحة عالمية لاستقطاب الشركات الناشئة (Startups)لا سيما تلك المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات المتطورة، ومنها برامج التجسُّس الإلكترونية، وباتت تبيع منتجاتها بأغلى الأسعار إلى الأنظمة العالمية لمحاربة الإرهاب، وإلى الأنظمة الشمولية للتخلص من المعارضين. وقد أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية، مؤخرا، بحسب بيان صادر عن 'شعبة التصدير الأمني في الوزارة' أن العام 2018 'حقق رقما قياسيا آخر في التصدير الأمني، حيث بلغت قيمة العقود 7.5 مليار دولار'. وفي السياق، فإن (اريك شميدت) الذي كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة 'غوغل'، أشاد بقطاع التكنولوجيا في اسرائيل وقال انه 'يأتي في المرتبة الثانية بعد وادي السيليكون في الولايات المتحدة من حيث 'المبادرات'. وأن اسرائيل التي لا يزيد عدد سكانها عن ثمانية ملايين نسمة، تتجاوز حجمها في مجال التكنولوجيا'.
وعليه نسأل، ما بال العرب نائمون يرفضون أن يستيقضوا وقد منحهم الله في أرضهم كل مقومات التقدم؟!!! من الذي ضرب مشروع زعماء الإصلاح محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وعبد الرحمن الكواكبي، الذين، قبل عقود طوال، نبهوا المسلمين إلى تخلفهم وقالوا بأن علينا أن نلتحق بركب التقدم؟!!! وفي معرض الإجابة عن مثل هذين السؤالين الكبيرين، ثمة من يرى أن ظهور تيارات التشدد الديني الممولة تمويلا جيدا والتي رفعت شعار 'الإسلام هو الحل' هو السياق الذي أدى، إلى تخريب مشروع زعماء الإصلاح. فهذه التيارات – وفقا لهذا البعض - نجحت في قلب الآية! فعوضا أن يقتنعوا بأننا متخلفون والآخر متقدم وسبب تقدمه هو العقل والعلم واحترام حقوق الإنسان، قالوا إن الغرب منحل وقبيح ونحن مسلمون أفضل من الجميع ولسبب وحيد وهو أننا مسلمون. نعم، نحن متخلفون فكريا وتكنولوجيا وعلميا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، متخلفون على جميع الأصعدة، ولكننا أفضل من جميع الدول المتقدمة فقط لأننا مسلمون. هذه العقيدة السياسية ساهمت بشكل كبير في إضعاف الأمة. وفي السياق ذاته، أضافوا لقد حرمت هذه التمويلات المالية الكبرى الجاليات المسلمة في أوروبا من الاندماج وتحويل المسلم إلى مواطن صالح يعمل في الدولة التي تؤويه وتحميه وتوفر له التعليم والتأمين الصحي.
ويبقى السؤال: العالم العربي مليء بالثروات، الخطوة الأولى الميسرة دون عناء كبير للسير في ركب الحضارة والتقدم، فلماذا – إذن - ما زلنا متخلفين؟!!! في العصر الحديث، الشعوب المتخلفة فقط هي التي تنتظر ما سيخرج لها بطن الأرض كي تعيش، وتؤمن 'واهمة' بأن الثروة وحدها ستجعلها في غنى دون الحاجة إلى إعمال العقل، فيما أضحى الإنسان عالميا الاستثمار الأنجح والأكثر ربحاً.
كم هو مؤلم أن إسرائيل تتقدم في امتلاك عناصر القوة فيما عالمنا العربي (والإسلامي) يتراجع في كل شيء باستثناء الفساد والاستبداد، وفي وقت ما تزال فيه 'الأمية' تمثل واحدة من أولى قضايا الأمن القومي العربي! فرغم انخفاض معدلاتها بشكل كبير منذ العام 1970، إلا أن معدل الأمية في البلدان العربية لا يزال مرتفعا، مقارنة بالمتوسط العالمي لها. ولقد أظهرت إحصائيات 'ألكسو' (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) لعام 2018، بأن معدلات الأمية في الوطن العربي 'وصلت لـ21% وهو مرتفع عن المتوسط العالمي والذي يبلغ 13.6%'. وأضاف المركز بأن هذه الأرقام 'قابلة للارتفاع في ظل الأوضاع التعليمية التي تعانيها بعض الدول العربية بسبب الأزمات والنزاعات المسلحة والتي نتج عنها عدم التحاق قرابة 13.5 مليون طفل عربي بالتعليم النظامي بين متسربين وغير ملتحقين'، موضحا: 'نسبة الأمية لدى الذكور في الوطن العربي هي في حدود 14.6%، بينما ترتفع لدى الإناث إلى 25.9%، وتتراوح نسبة الإناث الأميات في عدد من دول المنطقة بين 60 و80%'!!!
قضية إصلاح التعليم قضية من أهم وأخطر القضايا، وصلاح الحياة وإصلاح الأحياء يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بإصلاح التعليم، فالأمر لا يخص فردا بعينه، بل هو قضية تخص المجتمع كله بل والأمة بأسرها. لذا، لا بد من البدء من التعليم المبكر، الذي منه تنطلق قدرات الإنسان نحو بناء مجتمع معتز بهويته وتراثه وثقافته، وفي ذات الوقت منفتح على ما أنجزته الإنسانية جمعاء في مجال المعرفة، عندها تبدأ الخطوة الأولى نحو بناء المجتمع الناجح. نعم، عبر إدارة وتنمية قطاع التعليم الأساسي قبل الجامعي للاستجابة إلى الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمع بهوية وطنية لا تنفصل عن الاتجاهات العالمية، وطبعا على أساس تنمية عقلية نقدية تتساءل وتتحاور وليس على قاعدة اجترار عقلية أساسها التلقين.
كثيرة هي البلدان التي نجحت خلال عقود قليلة وربما سنوات في مواكبة العلم الحديث بأنواعه المتعددة، وبالتالي رفعت من شأنها بين الدول الكبار. حققت ذلك ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، ودول شرق آسيا في ثمانينيات القرن العشرين، والهند في تسعينياته، وتركيا والبرازيل في بدايات القرن الواحد والعشرين وتحديدا في عام 2003، بل هذا ما تعمله اليوم دول إفريقية مثل إثيوبيا ورواندا.
كذلك، وإن بصورة مغايرة، فعلت إسرائيل. وهذه الأخيرة التي أطلق عليها عديد الألقاب من مثل 'ورم سرطاني'، و'شذاذ الآفاق'، و'أحفاد الخنازير'... إلخ، أدركت مبكرا أن العلم هو مفتاح 'صمودها' و'بقائها' وتطورها!!! فعلى سبيل المثال، وخلافا لليهود، المسيطرين في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا على المال والسلطة والإعلام، تحولت 'إسرائيل' اليوم إلى واحة عالمية لاستقطاب الشركات الناشئة (Startups)لا سيما تلك المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات المتطورة، ومنها برامج التجسُّس الإلكترونية، وباتت تبيع منتجاتها بأغلى الأسعار إلى الأنظمة العالمية لمحاربة الإرهاب، وإلى الأنظمة الشمولية للتخلص من المعارضين. وقد أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية، مؤخرا، بحسب بيان صادر عن 'شعبة التصدير الأمني في الوزارة' أن العام 2018 'حقق رقما قياسيا آخر في التصدير الأمني، حيث بلغت قيمة العقود 7.5 مليار دولار'. وفي السياق، فإن (اريك شميدت) الذي كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة 'غوغل'، أشاد بقطاع التكنولوجيا في اسرائيل وقال انه 'يأتي في المرتبة الثانية بعد وادي السيليكون في الولايات المتحدة من حيث 'المبادرات'. وأن اسرائيل التي لا يزيد عدد سكانها عن ثمانية ملايين نسمة، تتجاوز حجمها في مجال التكنولوجيا'.
وعليه نسأل، ما بال العرب نائمون يرفضون أن يستيقضوا وقد منحهم الله في أرضهم كل مقومات التقدم؟!!! من الذي ضرب مشروع زعماء الإصلاح محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وعبد الرحمن الكواكبي، الذين، قبل عقود طوال، نبهوا المسلمين إلى تخلفهم وقالوا بأن علينا أن نلتحق بركب التقدم؟!!! وفي معرض الإجابة عن مثل هذين السؤالين الكبيرين، ثمة من يرى أن ظهور تيارات التشدد الديني الممولة تمويلا جيدا والتي رفعت شعار 'الإسلام هو الحل' هو السياق الذي أدى، إلى تخريب مشروع زعماء الإصلاح. فهذه التيارات – وفقا لهذا البعض - نجحت في قلب الآية! فعوضا أن يقتنعوا بأننا متخلفون والآخر متقدم وسبب تقدمه هو العقل والعلم واحترام حقوق الإنسان، قالوا إن الغرب منحل وقبيح ونحن مسلمون أفضل من الجميع ولسبب وحيد وهو أننا مسلمون. نعم، نحن متخلفون فكريا وتكنولوجيا وعلميا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، متخلفون على جميع الأصعدة، ولكننا أفضل من جميع الدول المتقدمة فقط لأننا مسلمون. هذه العقيدة السياسية ساهمت بشكل كبير في إضعاف الأمة. وفي السياق ذاته، أضافوا لقد حرمت هذه التمويلات المالية الكبرى الجاليات المسلمة في أوروبا من الاندماج وتحويل المسلم إلى مواطن صالح يعمل في الدولة التي تؤويه وتحميه وتوفر له التعليم والتأمين الصحي.
ويبقى السؤال: العالم العربي مليء بالثروات، الخطوة الأولى الميسرة دون عناء كبير للسير في ركب الحضارة والتقدم، فلماذا – إذن - ما زلنا متخلفين؟!!! في العصر الحديث، الشعوب المتخلفة فقط هي التي تنتظر ما سيخرج لها بطن الأرض كي تعيش، وتؤمن 'واهمة' بأن الثروة وحدها ستجعلها في غنى دون الحاجة إلى إعمال العقل، فيما أضحى الإنسان عالميا الاستثمار الأنجح والأكثر ربحاً.
كم هو مؤلم أن إسرائيل تتقدم في امتلاك عناصر القوة فيما عالمنا العربي (والإسلامي) يتراجع في كل شيء باستثناء الفساد والاستبداد، وفي وقت ما تزال فيه 'الأمية' تمثل واحدة من أولى قضايا الأمن القومي العربي! فرغم انخفاض معدلاتها بشكل كبير منذ العام 1970، إلا أن معدل الأمية في البلدان العربية لا يزال مرتفعا، مقارنة بالمتوسط العالمي لها. ولقد أظهرت إحصائيات 'ألكسو' (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) لعام 2018، بأن معدلات الأمية في الوطن العربي 'وصلت لـ21% وهو مرتفع عن المتوسط العالمي والذي يبلغ 13.6%'. وأضاف المركز بأن هذه الأرقام 'قابلة للارتفاع في ظل الأوضاع التعليمية التي تعانيها بعض الدول العربية بسبب الأزمات والنزاعات المسلحة والتي نتج عنها عدم التحاق قرابة 13.5 مليون طفل عربي بالتعليم النظامي بين متسربين وغير ملتحقين'، موضحا: 'نسبة الأمية لدى الذكور في الوطن العربي هي في حدود 14.6%، بينما ترتفع لدى الإناث إلى 25.9%، وتتراوح نسبة الإناث الأميات في عدد من دول المنطقة بين 60 و80%'!!!
قضية إصلاح التعليم قضية من أهم وأخطر القضايا، وصلاح الحياة وإصلاح الأحياء يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بإصلاح التعليم، فالأمر لا يخص فردا بعينه، بل هو قضية تخص المجتمع كله بل والأمة بأسرها. لذا، لا بد من البدء من التعليم المبكر، الذي منه تنطلق قدرات الإنسان نحو بناء مجتمع معتز بهويته وتراثه وثقافته، وفي ذات الوقت منفتح على ما أنجزته الإنسانية جمعاء في مجال المعرفة، عندها تبدأ الخطوة الأولى نحو بناء المجتمع الناجح. نعم، عبر إدارة وتنمية قطاع التعليم الأساسي قبل الجامعي للاستجابة إلى الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمع بهوية وطنية لا تنفصل عن الاتجاهات العالمية، وطبعا على أساس تنمية عقلية نقدية تتساءل وتتحاور وليس على قاعدة اجترار عقلية أساسها التلقين.
كثيرة هي البلدان التي نجحت خلال عقود قليلة وربما سنوات في مواكبة العلم الحديث بأنواعه المتعددة، وبالتالي رفعت من شأنها بين الدول الكبار. حققت ذلك ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، ودول شرق آسيا في ثمانينيات القرن العشرين، والهند في تسعينياته، وتركيا والبرازيل في بدايات القرن الواحد والعشرين وتحديدا في عام 2003، بل هذا ما تعمله اليوم دول إفريقية مثل إثيوبيا ورواندا.
كذلك، وإن بصورة مغايرة، فعلت إسرائيل. وهذه الأخيرة التي أطلق عليها عديد الألقاب من مثل 'ورم سرطاني'، و'شذاذ الآفاق'، و'أحفاد الخنازير'... إلخ، أدركت مبكرا أن العلم هو مفتاح 'صمودها' و'بقائها' وتطورها!!! فعلى سبيل المثال، وخلافا لليهود، المسيطرين في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا على المال والسلطة والإعلام، تحولت 'إسرائيل' اليوم إلى واحة عالمية لاستقطاب الشركات الناشئة (Startups)لا سيما تلك المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات المتطورة، ومنها برامج التجسُّس الإلكترونية، وباتت تبيع منتجاتها بأغلى الأسعار إلى الأنظمة العالمية لمحاربة الإرهاب، وإلى الأنظمة الشمولية للتخلص من المعارضين. وقد أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية، مؤخرا، بحسب بيان صادر عن 'شعبة التصدير الأمني في الوزارة' أن العام 2018 'حقق رقما قياسيا آخر في التصدير الأمني، حيث بلغت قيمة العقود 7.5 مليار دولار'. وفي السياق، فإن (اريك شميدت) الذي كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة 'غوغل'، أشاد بقطاع التكنولوجيا في اسرائيل وقال انه 'يأتي في المرتبة الثانية بعد وادي السيليكون في الولايات المتحدة من حيث 'المبادرات'. وأن اسرائيل التي لا يزيد عدد سكانها عن ثمانية ملايين نسمة، تتجاوز حجمها في مجال التكنولوجيا'.
وعليه نسأل، ما بال العرب نائمون يرفضون أن يستيقضوا وقد منحهم الله في أرضهم كل مقومات التقدم؟!!! من الذي ضرب مشروع زعماء الإصلاح محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وعبد الرحمن الكواكبي، الذين، قبل عقود طوال، نبهوا المسلمين إلى تخلفهم وقالوا بأن علينا أن نلتحق بركب التقدم؟!!! وفي معرض الإجابة عن مثل هذين السؤالين الكبيرين، ثمة من يرى أن ظهور تيارات التشدد الديني الممولة تمويلا جيدا والتي رفعت شعار 'الإسلام هو الحل' هو السياق الذي أدى، إلى تخريب مشروع زعماء الإصلاح. فهذه التيارات – وفقا لهذا البعض - نجحت في قلب الآية! فعوضا أن يقتنعوا بأننا متخلفون والآخر متقدم وسبب تقدمه هو العقل والعلم واحترام حقوق الإنسان، قالوا إن الغرب منحل وقبيح ونحن مسلمون أفضل من الجميع ولسبب وحيد وهو أننا مسلمون. نعم، نحن متخلفون فكريا وتكنولوجيا وعلميا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، متخلفون على جميع الأصعدة، ولكننا أفضل من جميع الدول المتقدمة فقط لأننا مسلمون. هذه العقيدة السياسية ساهمت بشكل كبير في إضعاف الأمة. وفي السياق ذاته، أضافوا لقد حرمت هذه التمويلات المالية الكبرى الجاليات المسلمة في أوروبا من الاندماج وتحويل المسلم إلى مواطن صالح يعمل في الدولة التي تؤويه وتحميه وتوفر له التعليم والتأمين الصحي.
ويبقى السؤال: العالم العربي مليء بالثروات، الخطوة الأولى الميسرة دون عناء كبير للسير في ركب الحضارة والتقدم، فلماذا – إذن - ما زلنا متخلفين؟!!! في العصر الحديث، الشعوب المتخلفة فقط هي التي تنتظر ما سيخرج لها بطن الأرض كي تعيش، وتؤمن 'واهمة' بأن الثروة وحدها ستجعلها في غنى دون الحاجة إلى إعمال العقل، فيما أضحى الإنسان عالميا الاستثمار الأنجح والأكثر ربحاً.
كم هو مؤلم أن إسرائيل تتقدم في امتلاك عناصر القوة فيما عالمنا العربي (والإسلامي) يتراجع في كل شيء باستثناء الفساد والاستبداد، وفي وقت ما تزال فيه 'الأمية' تمثل واحدة من أولى قضايا الأمن القومي العربي! فرغم انخفاض معدلاتها بشكل كبير منذ العام 1970، إلا أن معدل الأمية في البلدان العربية لا يزال مرتفعا، مقارنة بالمتوسط العالمي لها. ولقد أظهرت إحصائيات 'ألكسو' (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) لعام 2018، بأن معدلات الأمية في الوطن العربي 'وصلت لـ21% وهو مرتفع عن المتوسط العالمي والذي يبلغ 13.6%'. وأضاف المركز بأن هذه الأرقام 'قابلة للارتفاع في ظل الأوضاع التعليمية التي تعانيها بعض الدول العربية بسبب الأزمات والنزاعات المسلحة والتي نتج عنها عدم التحاق قرابة 13.5 مليون طفل عربي بالتعليم النظامي بين متسربين وغير ملتحقين'، موضحا: 'نسبة الأمية لدى الذكور في الوطن العربي هي في حدود 14.6%، بينما ترتفع لدى الإناث إلى 25.9%، وتتراوح نسبة الإناث الأميات في عدد من دول المنطقة بين 60 و80%'!!!
قضية إصلاح التعليم قضية من أهم وأخطر القضايا، وصلاح الحياة وإصلاح الأحياء يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بإصلاح التعليم، فالأمر لا يخص فردا بعينه، بل هو قضية تخص المجتمع كله بل والأمة بأسرها. لذا، لا بد من البدء من التعليم المبكر، الذي منه تنطلق قدرات الإنسان نحو بناء مجتمع معتز بهويته وتراثه وثقافته، وفي ذات الوقت منفتح على ما أنجزته الإنسانية جمعاء في مجال المعرفة، عندها تبدأ الخطوة الأولى نحو بناء المجتمع الناجح. نعم، عبر إدارة وتنمية قطاع التعليم الأساسي قبل الجامعي للاستجابة إلى الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمع بهوية وطنية لا تنفصل عن الاتجاهات العالمية، وطبعا على أساس تنمية عقلية نقدية تتساءل وتتحاور وليس على قاعدة اجترار عقلية أساسها التلقين.
التعليقات