طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

هزاع المجالي .. رجلٌ بقامة النخيل لم تلده أمٌ بعد !!


 خاص- رائده الشلالفه - عندما تُطرح أسماء من يشبهونه ، نستشعر بما هو حقيقي وأصيل، حيث تلامس ذكراهم شغاف الروح وثمة صوت هادر مدويّ أن ها هنا كان ولا زال أردنيوّ الموقف والكلمة والرجالات الأوائل والأصائل كما خيول شامخة جامحة تشبه الأسود .


هزاع المجالي أحد رجالات الوطن الاول، واحد الرجالات ممن  اكتسبوا الهيبة والمحبة والاحترام دون سابق إنذار، ودون أن يكون وقد وُلد وفي فمه ملعقة من ذهب، بل .. ودون أن يسجّل على مدونّة البرجوازية والرفاهية وتوريث المناصب كما هو الحال مع اغلب من استلموا المناصب الحكومية في اكثر من مجال.


هزاع المجالي نبتة جنوبية أصيلة تترجم اعمق المعاني الاردنية عبر تاريخ الدولة، رجل بقامة لها شكل النخيل، وإرادة لها لون البياض والانتماء، لم يزاود ولم يساوم، كان عتيّا في الحق، رؤوما لمصالح الشعب، هدياَ حقيقيا من ربٍ أعلى في ملكوت كان وسيظل يبارك الصادقين الاوفياء ممن حملوا الهم العربي والاسلامي وقبلا الاردني كأجمل وأقدس الرسالات .


نسوق هذه المقدمة تجاه احد أوائل الرجالات الاردنيين، لاننا في الاردن الحديث وفي هذه المرحلة الراهنة بالتحديد،بتنا نفتقد لهذه المعالم الانسانية، ونخشى أن نصل الى اليوم الذي نترحم فيه على وجود نماذج تقول بالرجال فالرجال !

، فهذا الرجل الذي اختط حياته السياسية بخطوات مشبعة بالايمان الوطني والرسالة الوطنية لهو فخر حقيقي لكل من شرب من نهر الاردن، ولكل من التحف صحراء حوران، هو فخر نقي لكل من عبر الجسر، ولمن وقف قبالة أغوار الاردن ليستذكر موقعة  "الكرامة" التي وضعت الاردن عاليا قرابة سماء الله بدحره الالة الصهيونية لغزاة معتدين هم اليوم دولة الكيان.. لم يكن هزاع موجوداً آنذاك، لكن أنفاسه الموشّاة بالوطن ولا شيء سوى الوطن ظلت عالقة في أرواح وأنفاس من قدموا دمائهم لفداء الوطن والقضية، ممن سكنت أرواحهم تعاليم المعلّم والمخلّص هزاع المجالي صاحب الفكر الحر الذي كان عنوانه الوطن الثرى والهامة السماء.
 
الذين عايشوا هذه الهامة الاردنية من الأباء والاجداد يصرّون من جانبهم، ان هزاع المجالي لا زال حاضراً بما خلفّه من إرث في الذاكرة الجمعية الاردنية، وهو الزعيم النموذج كرجل دولة ورئيس وزراء، استلم الحكومة في احلك الاوقات التي عاصرتها الدولة الاردنية والمنطقة العربية وقد اشتدت رياح التغيير وتقلصّت الثوابت عند الكثيرين.
مدير التحرير .


من اجمل ما قيل عنه حسب ما تنقله تلك الذاكرة الجمعية ( ان الشهيد هزاع المجالي قيادي فذ وزعيم بارز يشار له بالبنان ورجل حكم من الطراز الرفيع ظل طيلة حياته قابضا على جمر المبدأ لم يتغير ولم يتلون في كل الظروف والاحوال يجاهر بكلمة الحق ويطرح ما عنده على الملأ وفي وضوح الشمس ولا يخشى في الحق لومة لائم ولا يهادن ولا يناور في قناعاته وفي مصلحة الاردن وخير الامة. ومثلما كان محاميا قديرا كان برلمانيا مخضرما له صولات وجولات تحت القبة وخارجها وكان انحيازه للصالح العام فلم يكن يبحث عن مغانم شخصية ولا اعطيات ومكاسب وكان ديمقراطيا بحق فمارس الحزبية عن قناعة وعلى قاعدة برامج معلنة ومثلما كان يطرح ما عنده ليقنع الاخرين بوجهة نظره كان يحترم الرأي الاخر ويجادل بالتي هي احسن وأحب خصومه الصادقين مثلما اخلص لاصدقائه).

وتسلم الشهيد هزاع المجالي زمام الحكم في احلك وأخطر المراحل واصعب الظروف فلم يضعف ولم تلن له قناة ولم يحد عن جادة ما يراه صوابا وظل مرفوع الهامة وهو يواجه اعاصير تطورات الاحداث ومعارضة الداخل وتآمرالخارج فظل الوفي للعرش كما كان على الدوام ابن الاردن البار الذي يفتديه بالدم والروح وبالممارسة والايثار ومثلما كان اردنيا حتى النخاع كان عروبيا حتى العظم وحتى لحظة استشهاده ظل الاخلص للقضية الفلسطينية والاحرص على شعبها والاوفى في حمله لهم القضية ولعله اختزل هذا الموقف بأفقه الواسع ونظرته البعيدة بطرحه للكيان والهوية الفلسطينية في وقت مبكر.

ولقد دفع هزاع المجالي حياته ثمنا لمبادئه واخلاصه للوطن وللقيادة التي التصق بها بالوعي والاقتناع وظل منسجما مع نفسه يقرن القول بالفعل والنظرية بالممارسة ولذلك كانت له مبادرات في الاصلاح والتطوير ومحاربة الفاسدين والمفسدين ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب واعطى للاعلام حيزا كبيرا من اهتماته وكانت مصلحة االوطن والمواطن عنده اولوية مقدسة وتتقدم على كل اعتبار وابقى على جسور التواصل سالكة بين الحكم والمواطنين تعزيزا للثقة والمصارحة فاستن سنة الباب المفتوح وخصص وهو رئيس للوزراء يوما لاستقبال المواطنين في مكتبه لتلمس اوجاعهم وتلبية احتاجاتهم علاوة على ديمومة التشاور مع اهل الحل والربط والفكر والنواب والقيادات الشعبية والسياسية.

وهزاع المجالي مفصل مهم من مفاصل الاردن وشاهد على مرحلة من اصعب واهم مراحل المسيرة الاردنية وهو علامة مميزة في تاريخ الاردن وتستحق سيرته ومسيرته ان توثق بكل تفاصيلها وبدراسة متعمقة وشمولية ومن المعيب ان لا يعرف الابناء والجيل الجديد من هو هزاع المجالي واقرانه من قادة الاردن وعظمائه وشخصية هذا الشهيد تبعث على الاعتزاز وتستحق ان تدرس ليبقى هزاع المجالي خالدا في قلوب وضمائر الشرفاء وكل من يتناول حياته وآداءه بحيادية وتحليل صادق ومدرك لدقائق المرحلة التي عاشها والرحمة لشهيد الوطن والمبدأ.

ولد الشهيد هزاع المجالي التميمي في اواخر عام 1919 وتلقى دراسته الابتدائية في مضارب اخواله الونديين في ماعين ودخل الى مدرسة الربة حيث التحق بعدها بمدرسة الكرك ثم انتقل لانهاء الثانوية العامة في مدرسة السلط الثانوية واستمر بتفوقه وتميزه وهذا كله بفضل الله ثم خاله الشيخ / عبدالعزيز ابو وندي وبعد انهائه دراسته الثانوية العامة في مدرسة السلط الثانوية قام خاله بتدريبه على الفروسيه وقلده سلاحا وأركبه على فرس وسار به ويصحبه بعض المماليك (عبيده) على الخيل الى اهله قبيلة المجالي ولكن هزاع لم يطيب له المكان حيث نشأ وترعرع في كنف خواله مما جعله يعود اليهم ثانيه. فعمل في ادارة الاراضي والمساحة ثم كاتبا في محكمة صلح مادبا بعدها اختار دراسة القانون في دمشق ليعود ويعمل في التشريفات الملكية.

واصدر المغفور له جلالة الملك عبد الله الاول قرارا بتعيينه رئيسا لبلدية عمان رغم صغر سنه ثم عين وزيرا للزراعة ووزيرا للعدل في حكومة سمير الرفاعي وفاز في الانتخابات النيابية عن منطقة الكرك مرتين الاولى عام 1951 و 1954 وعين خلالها وزيرا للداخلية. وشكل هزاع المجالي الحكومة اول مرة عام 1955 ولم تدم سوى ستة ايام ثم عين وزيرا للبلاط الملكي عام 1958 والف الوزارة مرة اخرى عام 1959 حيث شهدت تلك الحقبة اقامة مشروعات هادفة وتطورا في الاداء الاعلامي والاذاعي واختار ليساعده في تطوير الاعلام رفيق دربه المرحوم الشهيد وصفي التل ليكون مديرا للتوجيه الوطني.

حكومة هزاع المجالي الثانية

تألفت هذه الحكومة في 6 ايار 1959 , وتقدمت ببيانها الوزاري يوم 3 حزيران 1959 واتخذت سياسة تستهدف تحقيق رسالة الملك حسين في كتاب التكليف والتي تضمن الاستقرار والطمأنينة للاردن وخدمة الامة وتوفير الخير لها ببذل الجهد في سبيل البناء في شتى الميادين ودعم كيان الوطن وتأمين العدالة الاجتماعية والمساواة الكاملة

وفاته

وفي الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الاثنين التاسع والعشرين من آب 1960 كان هزاع على موعد مع الشهادة حيث كان يستقبل كل يوم اثنين من كل اسبوع جموع المواطنين لتلبية مطالبهم وحل مشاكلهم وانفجرت عدة عبوات وقنابل ناسفة اودت بحياته

.. الاعلام الاردني كان له كلمة اخرى، فقد خرج المذيع صلاح ابو زيد في تمام الساعة الثالثة بعد الظهر ونعى هزاع المجالي بالنص الحرفي التالي: «بورك الدم يا كرك بورك الدم يا كرك .. بورك الدم يا خليل بورك الدم يا سلط بورك الدم يا نابلس بورك الدم يا اربد وبورك الدم يا جليل».

بقي ان نقول .. بمثل أولئك الابطال كان الاردن وسيظل.. وستظل كذلك الاعناق الاردنية مشرأبة نحو القادم الاجمل بانتظار من يشبهون ذلك البطل الحقيقي هزاع المجالي الشاهد والشهيد .

 


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/31408