زرت مدينة القدس ثلاث مرات في حياتي، ولكنني صليت في المسجد الأقصى مرتين:
في المرة الأولى كنت شاباً يافعاً، يومها نقلتني الحافلة من مخيم خان يونس للاجئين، لأجد نفسي فجأة في مدينة تلتقي على ضفافها حضارات الأمم، وتزدهر بحاضر يتفاخر بانتمائه لأمة المسلمين، انبهرت لمشهد المدينة المقدسة، التي تعج بالزائرين والباعة المتجولين، ورحت أقارن سنة 1969 بين حياة المدينة المقدسة وحياة مخيم خان يونس للاجئين، وبين حجارة المدينة الضخمة المنحوتة من الصخر، وحجارة المخيم المصنوعة من رمل البحر، وانتبهت إلى الأسوار الشاهقة للمدينة المقدسة، ورحت أقارنها بجدران بيوت القرميد في المخيم، يومها أيقنت أن فلسطين هي القدس؛ مدينة ومسجداً وكنسيةً، وما دون القدس هي أماكن لتكاثر الفلسطينيين.
في ذلك اليوم صليت في المسجد الأقصى ركعتين.
وزرت القدس في المرة الثانية سنة 1983، دخلت المدينة المقدسة وأنا أقود سيارتي الخاصة، مررت بالأحياء اليهودية قبل أن أدخل الأحياء العربية، فاكتشفت أن القدس تضيع في زحمة الأيام، وتنمو على جدرانها المستوطنات اليهودية، واكتشفت أن المسجد الأقصى لم يعد خالصاً للمسلمين، فقد بدأت تحاصره البنادق الإسرائيلية، وصار يخضع للمراقبة على مدار الساعة، واكتشفت أن الناس في القدس يعانون شظف العيش، وتسلط القوانين الإسرائيلية الفاجرة.
وفي ذلك اليوم صليت في المسجد الأقصى ركعتين
وزرت القدس للمرة الثالثة والأخيرة في حياتي سنة 1993، فقد دخلت المدينة المقدسة وأنا سجين، مقيد اليدين والقدمين، مرهق الجسد، دخلت القدس محشوراً في سيارة نقل السجناء، التي جلبتني من سجن نفحة الصحراوي في أقصى جنوب فلسطين حتى المحكمة العليا في القدس، يومها انتظرت في زنازين محكمة القدس عدة ساعات قبل أن ينظر القضاء الإسرائيلي في طلبي تطبيق قانون انقضاء ثلثي المدة على الأسرى الفلسطينيين!.
لقد رفضت المحكمة أن تعامل السجناء الفلسطينيين معاملة السجناء الإسرائيليين، ولم أتمكن من رؤية القدس التي تحاصرها المستوطنات، ولم أتمكن من رؤية المسجد الأقصى الذي حجبته المباني اليهودية الشاهقة، ولم أتعرف من خلف زجاج حافلة نقل السجناء على معالم القدس العربية، التي انزوت أحياؤها حزينة، تحاصرها الأحقاد، غير قادرة على شد أزر سجين فلسطيني تقيده الأصفاد، لقد صرت أنا ومدينة القدس العربية غريبين، يختلس أحدنا النظر إلى الآخر من خلف شبابيك الحسرة، وأمام الواقع الذي سيطر عليه التطرف الصهيوني المتصاعد بعناد.
وفي ذلك اليوم لم أَصِلْ إلى المسجد الأقصى، ولم أُصَلِّ في رحابه ركعتين.
فكيف حال مدينتنا المقدسة اليوم، بعد عشرات السنين من التهويد؟
هل هي حزينة وهي ترى أعداءها يرقصون في ذكرى مرور خمسين عاماً على اغتصابها؟
كيف حال مدينة القدس الذي يزورها الرئيس الأمريكي ليتقرب إلى اليهود، ويقف أمام حائط البراق معترفاُ باسمه المزيف 'حائط المبكى' ؟
كيف حال مسجدنا الأقصى في هذه الأيام التي تعقد فيها الحكومة الإسرائيلية جلستها على بعد أمتار من ثالث الحرمين، وأولى القبلتين؟
وأين خادم الحرمين عن خدمة الحرم الثالث؟ ألم تكن القدس أولى القبلتين؟
زرت مدينة القدس ثلاث مرات في حياتي، ولكنني صليت في المسجد الأقصى مرتين:
في المرة الأولى كنت شاباً يافعاً، يومها نقلتني الحافلة من مخيم خان يونس للاجئين، لأجد نفسي فجأة في مدينة تلتقي على ضفافها حضارات الأمم، وتزدهر بحاضر يتفاخر بانتمائه لأمة المسلمين، انبهرت لمشهد المدينة المقدسة، التي تعج بالزائرين والباعة المتجولين، ورحت أقارن سنة 1969 بين حياة المدينة المقدسة وحياة مخيم خان يونس للاجئين، وبين حجارة المدينة الضخمة المنحوتة من الصخر، وحجارة المخيم المصنوعة من رمل البحر، وانتبهت إلى الأسوار الشاهقة للمدينة المقدسة، ورحت أقارنها بجدران بيوت القرميد في المخيم، يومها أيقنت أن فلسطين هي القدس؛ مدينة ومسجداً وكنسيةً، وما دون القدس هي أماكن لتكاثر الفلسطينيين.
في ذلك اليوم صليت في المسجد الأقصى ركعتين.
وزرت القدس في المرة الثانية سنة 1983، دخلت المدينة المقدسة وأنا أقود سيارتي الخاصة، مررت بالأحياء اليهودية قبل أن أدخل الأحياء العربية، فاكتشفت أن القدس تضيع في زحمة الأيام، وتنمو على جدرانها المستوطنات اليهودية، واكتشفت أن المسجد الأقصى لم يعد خالصاً للمسلمين، فقد بدأت تحاصره البنادق الإسرائيلية، وصار يخضع للمراقبة على مدار الساعة، واكتشفت أن الناس في القدس يعانون شظف العيش، وتسلط القوانين الإسرائيلية الفاجرة.
وفي ذلك اليوم صليت في المسجد الأقصى ركعتين
وزرت القدس للمرة الثالثة والأخيرة في حياتي سنة 1993، فقد دخلت المدينة المقدسة وأنا سجين، مقيد اليدين والقدمين، مرهق الجسد، دخلت القدس محشوراً في سيارة نقل السجناء، التي جلبتني من سجن نفحة الصحراوي في أقصى جنوب فلسطين حتى المحكمة العليا في القدس، يومها انتظرت في زنازين محكمة القدس عدة ساعات قبل أن ينظر القضاء الإسرائيلي في طلبي تطبيق قانون انقضاء ثلثي المدة على الأسرى الفلسطينيين!.
لقد رفضت المحكمة أن تعامل السجناء الفلسطينيين معاملة السجناء الإسرائيليين، ولم أتمكن من رؤية القدس التي تحاصرها المستوطنات، ولم أتمكن من رؤية المسجد الأقصى الذي حجبته المباني اليهودية الشاهقة، ولم أتعرف من خلف زجاج حافلة نقل السجناء على معالم القدس العربية، التي انزوت أحياؤها حزينة، تحاصرها الأحقاد، غير قادرة على شد أزر سجين فلسطيني تقيده الأصفاد، لقد صرت أنا ومدينة القدس العربية غريبين، يختلس أحدنا النظر إلى الآخر من خلف شبابيك الحسرة، وأمام الواقع الذي سيطر عليه التطرف الصهيوني المتصاعد بعناد.
وفي ذلك اليوم لم أَصِلْ إلى المسجد الأقصى، ولم أُصَلِّ في رحابه ركعتين.
فكيف حال مدينتنا المقدسة اليوم، بعد عشرات السنين من التهويد؟
هل هي حزينة وهي ترى أعداءها يرقصون في ذكرى مرور خمسين عاماً على اغتصابها؟
كيف حال مدينة القدس الذي يزورها الرئيس الأمريكي ليتقرب إلى اليهود، ويقف أمام حائط البراق معترفاُ باسمه المزيف 'حائط المبكى' ؟
كيف حال مسجدنا الأقصى في هذه الأيام التي تعقد فيها الحكومة الإسرائيلية جلستها على بعد أمتار من ثالث الحرمين، وأولى القبلتين؟
وأين خادم الحرمين عن خدمة الحرم الثالث؟ ألم تكن القدس أولى القبلتين؟
زرت مدينة القدس ثلاث مرات في حياتي، ولكنني صليت في المسجد الأقصى مرتين:
في المرة الأولى كنت شاباً يافعاً، يومها نقلتني الحافلة من مخيم خان يونس للاجئين، لأجد نفسي فجأة في مدينة تلتقي على ضفافها حضارات الأمم، وتزدهر بحاضر يتفاخر بانتمائه لأمة المسلمين، انبهرت لمشهد المدينة المقدسة، التي تعج بالزائرين والباعة المتجولين، ورحت أقارن سنة 1969 بين حياة المدينة المقدسة وحياة مخيم خان يونس للاجئين، وبين حجارة المدينة الضخمة المنحوتة من الصخر، وحجارة المخيم المصنوعة من رمل البحر، وانتبهت إلى الأسوار الشاهقة للمدينة المقدسة، ورحت أقارنها بجدران بيوت القرميد في المخيم، يومها أيقنت أن فلسطين هي القدس؛ مدينة ومسجداً وكنسيةً، وما دون القدس هي أماكن لتكاثر الفلسطينيين.
في ذلك اليوم صليت في المسجد الأقصى ركعتين.
وزرت القدس في المرة الثانية سنة 1983، دخلت المدينة المقدسة وأنا أقود سيارتي الخاصة، مررت بالأحياء اليهودية قبل أن أدخل الأحياء العربية، فاكتشفت أن القدس تضيع في زحمة الأيام، وتنمو على جدرانها المستوطنات اليهودية، واكتشفت أن المسجد الأقصى لم يعد خالصاً للمسلمين، فقد بدأت تحاصره البنادق الإسرائيلية، وصار يخضع للمراقبة على مدار الساعة، واكتشفت أن الناس في القدس يعانون شظف العيش، وتسلط القوانين الإسرائيلية الفاجرة.
وفي ذلك اليوم صليت في المسجد الأقصى ركعتين
وزرت القدس للمرة الثالثة والأخيرة في حياتي سنة 1993، فقد دخلت المدينة المقدسة وأنا سجين، مقيد اليدين والقدمين، مرهق الجسد، دخلت القدس محشوراً في سيارة نقل السجناء، التي جلبتني من سجن نفحة الصحراوي في أقصى جنوب فلسطين حتى المحكمة العليا في القدس، يومها انتظرت في زنازين محكمة القدس عدة ساعات قبل أن ينظر القضاء الإسرائيلي في طلبي تطبيق قانون انقضاء ثلثي المدة على الأسرى الفلسطينيين!.
لقد رفضت المحكمة أن تعامل السجناء الفلسطينيين معاملة السجناء الإسرائيليين، ولم أتمكن من رؤية القدس التي تحاصرها المستوطنات، ولم أتمكن من رؤية المسجد الأقصى الذي حجبته المباني اليهودية الشاهقة، ولم أتعرف من خلف زجاج حافلة نقل السجناء على معالم القدس العربية، التي انزوت أحياؤها حزينة، تحاصرها الأحقاد، غير قادرة على شد أزر سجين فلسطيني تقيده الأصفاد، لقد صرت أنا ومدينة القدس العربية غريبين، يختلس أحدنا النظر إلى الآخر من خلف شبابيك الحسرة، وأمام الواقع الذي سيطر عليه التطرف الصهيوني المتصاعد بعناد.
وفي ذلك اليوم لم أَصِلْ إلى المسجد الأقصى، ولم أُصَلِّ في رحابه ركعتين.
فكيف حال مدينتنا المقدسة اليوم، بعد عشرات السنين من التهويد؟
هل هي حزينة وهي ترى أعداءها يرقصون في ذكرى مرور خمسين عاماً على اغتصابها؟
كيف حال مدينة القدس الذي يزورها الرئيس الأمريكي ليتقرب إلى اليهود، ويقف أمام حائط البراق معترفاُ باسمه المزيف 'حائط المبكى' ؟
كيف حال مسجدنا الأقصى في هذه الأيام التي تعقد فيها الحكومة الإسرائيلية جلستها على بعد أمتار من ثالث الحرمين، وأولى القبلتين؟
وأين خادم الحرمين عن خدمة الحرم الثالث؟ ألم تكن القدس أولى القبلتين؟
التعليقات