من الرائع أن يطل زياد المناصير على الشباب الأردني ،ليخاطبهم بحكم تجربته الشخصية ،ومن الرائع أن يعلن عن توفير 3000فرصة عمل للشباب الأردني عبر مشاريع يعمل عليها المناصير ضمن مجموعته الاقتصاديه ،ولكن هنا وبالتحديد وليس بعيدآ عن البروباغندا الإعلامية التي سوف تثار حول حديث المناصير ، لنعترف بالأردن بهذه الحقيقة وهي ” أنّ الشباب الأردني اليوم، يعيشُ حالة من الاغتراب في مجتمعه ووطنه الأم، وذلك نتيجة لارتباطه بمتغيرات وإفرازات المجتمع الذي ينشأ فيه، وكل ذلك بسبب سياسات تمارسها بعض الاقطاب التي تدور بفلك السلطة الحاكمة في الأردن على هذا الشباب المظلوم والمقهور، و الذي ما تزال أزمة البطالة تلاحقه في كل مكان، وهو عاجز عن توفير لقمة العيش والمسكن، كي يتزوج أو على الأقل أن يوفّر قوت يومه وهذا على الأقل سبب كاف لزيادة الشعور بالاغتراب داخل الوطن، وفي البيئة المجتمعية الحاضنة لهؤلاء الشباب”.
اليوم ،ومع احترامي لحديث المناصير ،ولكن أعتقد أن المناصير عاد من جديد لتكرار نفس الحديث الروتيني المعهود من قبل” بعض “ الساسة في الأردن ومتخذي القرار وصُنّاع القرار،والذي يدور بفلك واحد ،فقد كانت هنالك جملة شهيرة يرددها هؤلاء المسؤولين ومضمونها : “ إن الشباب هم من أسس البناء لمشاريع التغيير” كما يتحدثون ويضيفون هنا “ أنهم من مكونات مشاريع النهضة والمستقبل الأفضل للأردن “، ومع هذا الحديث ومع تقادم هذا الحديث وترديد نفس العبارات نستطيع أن نختصر هذا الحديث بمقولة “ نسمع جعجعة ولانرى طحين”، فقد بدأت علامات الشيخوخة والهرم تظهر على وجوه الشباب الأردني، ولم يشاهدوا من حديث مدّعي الحرص على مستقبل الشباب الأردني سوى الكلام.
هنا أود أن اوجه سؤال هام للمناصير تحديدآ، هل يعلم المناصير أن هناك حالة غير طبيعية لإفرازات حجم الظلم والتهميش الذي تتعرضُ له بعض نخب الشباب الأردني اليوم ، فاليوم يمكن القول بهذه المرحلة تحديداً، إن الكثير من الشباب الأردني مازال يعيشُ بين أرث الماضي القريب الذي تميّز بعيشه بواقعٍ مرير، وهضم لكامل حقوقه، وبين حاضر وواقع مؤلم تمثل بنظريات الإقصاء والتهميش لقطاعٍ هام من نُخب الشباب الأردني وتواكب هذا الشيء مع أزمات وظروفٍ خانقة، يعيشها الشباب الأردني هذه الأيام.
أدرك جيدآ أن زياد المناصير يعلم أن الشباب الأردني ،لايريد الكثير ،فهذا الشباب الطامح لمستقبلٍ أفضل، الطامح إلى حقوق تضمنُ له كرامته في وطنه، وتجعلهُ يشعر بالأمان المعيشي الدائم، الطامح حين يعبّر عن رأيه.. سواء كان مع أو ضدّ بأن يحترم رأيهُ، وحين يطالب بحقٍ من حقوقه المسلوبة، أن يُعطى حقوقه، فهو لايطلب الكثير ومايريده هو فقط أن يتم احتواء مشاكله و أفكاره، ومساعدته على تنمية قراراته، وتلبية مطالبه ، ومع كل هذا، ومن هذا المنطلق فإن تناول موضوع التحديات والمحددات والأزمات التي تواجه الشباب الأردني والتي أفرزت سياسة التهميش “الممنهجة والمقصودة” لقطاعٍ واسع منهم، يعدُ مسألة تتعلق بالتخطيط الاستراتيجي، كما تتعلق ببناء الخطط التنفيذية لاحتواء الشباب الأردني، ليتخلص من التهميش الممارس عليه في كل ميادين الحياة .
استطيع أن أجزم أن المناصير متابع جيد للمؤشرات الاقتصادية الدولية والمحلية بحكم مشاريعه الاقتصاديه ، ومن المؤكد إنه اطلع على تقرير منظمة العمل الدولية بتقريرها الصادر قبل فترة وجيزة،والذي أكد ارتفاع معدل البطالة في الأردن إلى 30% مع نهاية العام الماضي، نسبة إلى عدد السكان ،وأضافت المنظمة في تقريرها، إن معدل البطالة في الأردن يزيد على معدل البطالة في الشرق الأوسط البالغ 27%تقريباً ، ومن هذه النسبة نستطيع أن نحلل ونستنتج معدلات خطوط الفقر ومعدلات الفقر، وعدد جيوب الفقر، ولنقيس بواسطتها ونقارنها مع كلّ مقاييس الأقتصاد الأخرى، لنعرف حجم الأزمة الأقتصادية التي يعيشها الشباب الأردني، والتي تنعكسُ على الواقع السياسي والأجتماعي والثقافي للشباب الأردني.
إمّا سياسياً فمن المؤكد أن المناصير ، يعلم جيدآ إن دور الشباب الأردني في هذا الجانب مازال مُهمشاً بشكلٍ كامل فما تزال قضية تمكين الشباب سياسياً، وجعلهم يأخذون أدواراً متقدمه بهذا المجال مازال حبراً على ورق، وشعارات حبيسة ظلمة الأدراج ، فهي لا ترى نوراً للتشريعات والتغييرات، ولا تجدُ طريقاً للتطبيق إلّا ممارسة المزيد من التهميش لهم بهذا المجال.
وهنا وقبل أن اختم مقالي هذا أود إن أوجه رسالة خاصة للمناصير ومضمونها 'أن أفرزات وظروف وأزمات ومشاكل وتعقيدات الداخل الأردني تتحملُه الكثير من المؤسسات في الأردن ولايجوز أن نحمل الشباب الأردني ما لايحتمل ،فهذا الشباب بدأ يعيش بظل ظواهر خطيرة نراها اليوم في صفوف الشباب الأردني وهنا تبرزُ ظاهرة الإحباط والقبول به لدى الشباب، وهي أخطر ما يمكن أن يواجهه المجتمع، نتيجة إفرازات الواقع المعاش ، وتراكم الكبت الذي أصبح مركباً ومعقداً للغاية في ظل انخفاض العامل الديني الذي يعملُ على تحصين الشباب ويحوّله الى قوة ممانعة ترفض الفشل ، فقد انتشرت بين الكثير من الشباب الأردني حالة الاحباط جرّاء البطالة والفقر وعدم الاستقرار النفسي، فلا يجد بعضهُ وسيلة للخلاص إلّا بإلقاء نفسه في النار، ويسهم في ذلك الفراغ الروحي، فاليوم نرى حالة غير طبيعية بانتشار أفكار التطرف بين صفوف الشباب الأردني ، إضافة إلى أنتشار آفة المخدرات بشكلٍ كبير وملموس بين الشباب، ولنقس على هذه الظاهره باقي الظواهر .. عنف مجتمعي – عنف جامعي – ازدياد حالات الانتحار -الأزمات الأخلاقية و … ألخ، والتي أصبحت تنخر بالجسد المجتمعي للمجتمع الأردني وأخصّ فئة الشباب منه ، والفضل بكل ذلك يعود الى سياسة الفاسدين والمفسدين الذين قتلوا وحطموا مستقبل الشباب الأردني.
ختاماً، مشاكل الشباب الأردني ، قد يحل جزء منها بتشغيل بعضهم عاملي محطات وقود ،وهذا أمر رائع ،والكثير منهم يعمل اليوم بهذه المهنة المشرفة ،ولم يعد لدينا بالأردن ما يسمى بثقافة العيب ،فاليوم نرى الشباب الأردني يعمل بكل المجالات ، ولكن هل المطلوب أن يعمل كل أبناء الحراثين والفلاحين وأبناء الطبقة الكادحة مهما ارتفع تحصيلهم العلمي وكفائتهم بهذه المهن ،وان تبقى باقي الوظائف في الأردن حكرآ على أبناء المسؤوليين الذين بمعظمهم لايعرفون معنى الانتماء للوطن ، هذا السؤال يبقى برسم الاجابة لدى المناصير ،ولكن اعتقد بالنسبة لي كشاب أردني أن الصمت والحياد بهذه المرحلة على ما يتعرض له الشباب الأردني هو خطيئة وجريمة كبرى لاتغتفر بحقّ الأردن وشبابه ومجتمعه وأرضه ومستقبله ،فاليوم الشباب الأردني يقرع جميع أبواب المؤسسات الرسمية الأردنية بحثاً عن حلولٍ مشتركة لأزمات الشباب الأردني، والأهم الآن هو إيجاد الحلول مع هذه المؤسسات سريعاً، لوضع الرؤى المناسبة للحلول والقابلة للتطبيق على أرض الواقع ، فالشباب الأردني لم يعد يحتمل مزيداً من الضغوط، و أصبح اليوم يعيش بين مطرقة الواقع المعيشي المأساوي بكل تجلياته، وبين سندان المستقبل المظلم المعالم ، وهذا مايُبرز حجم الخطر المستقبلي الذي ستفرزهُ هذه الأزمات بمجموعها ،والتي لايمكن أبداً التنبئ بنتائجها المستقبلية بحال أنفجارها ..
*كاتب وناشط سياسي – الأردن .
من الرائع أن يطل زياد المناصير على الشباب الأردني ،ليخاطبهم بحكم تجربته الشخصية ،ومن الرائع أن يعلن عن توفير 3000فرصة عمل للشباب الأردني عبر مشاريع يعمل عليها المناصير ضمن مجموعته الاقتصاديه ،ولكن هنا وبالتحديد وليس بعيدآ عن البروباغندا الإعلامية التي سوف تثار حول حديث المناصير ، لنعترف بالأردن بهذه الحقيقة وهي ” أنّ الشباب الأردني اليوم، يعيشُ حالة من الاغتراب في مجتمعه ووطنه الأم، وذلك نتيجة لارتباطه بمتغيرات وإفرازات المجتمع الذي ينشأ فيه، وكل ذلك بسبب سياسات تمارسها بعض الاقطاب التي تدور بفلك السلطة الحاكمة في الأردن على هذا الشباب المظلوم والمقهور، و الذي ما تزال أزمة البطالة تلاحقه في كل مكان، وهو عاجز عن توفير لقمة العيش والمسكن، كي يتزوج أو على الأقل أن يوفّر قوت يومه وهذا على الأقل سبب كاف لزيادة الشعور بالاغتراب داخل الوطن، وفي البيئة المجتمعية الحاضنة لهؤلاء الشباب”.
اليوم ،ومع احترامي لحديث المناصير ،ولكن أعتقد أن المناصير عاد من جديد لتكرار نفس الحديث الروتيني المعهود من قبل” بعض “ الساسة في الأردن ومتخذي القرار وصُنّاع القرار،والذي يدور بفلك واحد ،فقد كانت هنالك جملة شهيرة يرددها هؤلاء المسؤولين ومضمونها : “ إن الشباب هم من أسس البناء لمشاريع التغيير” كما يتحدثون ويضيفون هنا “ أنهم من مكونات مشاريع النهضة والمستقبل الأفضل للأردن “، ومع هذا الحديث ومع تقادم هذا الحديث وترديد نفس العبارات نستطيع أن نختصر هذا الحديث بمقولة “ نسمع جعجعة ولانرى طحين”، فقد بدأت علامات الشيخوخة والهرم تظهر على وجوه الشباب الأردني، ولم يشاهدوا من حديث مدّعي الحرص على مستقبل الشباب الأردني سوى الكلام.
هنا أود أن اوجه سؤال هام للمناصير تحديدآ، هل يعلم المناصير أن هناك حالة غير طبيعية لإفرازات حجم الظلم والتهميش الذي تتعرضُ له بعض نخب الشباب الأردني اليوم ، فاليوم يمكن القول بهذه المرحلة تحديداً، إن الكثير من الشباب الأردني مازال يعيشُ بين أرث الماضي القريب الذي تميّز بعيشه بواقعٍ مرير، وهضم لكامل حقوقه، وبين حاضر وواقع مؤلم تمثل بنظريات الإقصاء والتهميش لقطاعٍ هام من نُخب الشباب الأردني وتواكب هذا الشيء مع أزمات وظروفٍ خانقة، يعيشها الشباب الأردني هذه الأيام.
أدرك جيدآ أن زياد المناصير يعلم أن الشباب الأردني ،لايريد الكثير ،فهذا الشباب الطامح لمستقبلٍ أفضل، الطامح إلى حقوق تضمنُ له كرامته في وطنه، وتجعلهُ يشعر بالأمان المعيشي الدائم، الطامح حين يعبّر عن رأيه.. سواء كان مع أو ضدّ بأن يحترم رأيهُ، وحين يطالب بحقٍ من حقوقه المسلوبة، أن يُعطى حقوقه، فهو لايطلب الكثير ومايريده هو فقط أن يتم احتواء مشاكله و أفكاره، ومساعدته على تنمية قراراته، وتلبية مطالبه ، ومع كل هذا، ومن هذا المنطلق فإن تناول موضوع التحديات والمحددات والأزمات التي تواجه الشباب الأردني والتي أفرزت سياسة التهميش “الممنهجة والمقصودة” لقطاعٍ واسع منهم، يعدُ مسألة تتعلق بالتخطيط الاستراتيجي، كما تتعلق ببناء الخطط التنفيذية لاحتواء الشباب الأردني، ليتخلص من التهميش الممارس عليه في كل ميادين الحياة .
استطيع أن أجزم أن المناصير متابع جيد للمؤشرات الاقتصادية الدولية والمحلية بحكم مشاريعه الاقتصاديه ، ومن المؤكد إنه اطلع على تقرير منظمة العمل الدولية بتقريرها الصادر قبل فترة وجيزة،والذي أكد ارتفاع معدل البطالة في الأردن إلى 30% مع نهاية العام الماضي، نسبة إلى عدد السكان ،وأضافت المنظمة في تقريرها، إن معدل البطالة في الأردن يزيد على معدل البطالة في الشرق الأوسط البالغ 27%تقريباً ، ومن هذه النسبة نستطيع أن نحلل ونستنتج معدلات خطوط الفقر ومعدلات الفقر، وعدد جيوب الفقر، ولنقيس بواسطتها ونقارنها مع كلّ مقاييس الأقتصاد الأخرى، لنعرف حجم الأزمة الأقتصادية التي يعيشها الشباب الأردني، والتي تنعكسُ على الواقع السياسي والأجتماعي والثقافي للشباب الأردني.
إمّا سياسياً فمن المؤكد أن المناصير ، يعلم جيدآ إن دور الشباب الأردني في هذا الجانب مازال مُهمشاً بشكلٍ كامل فما تزال قضية تمكين الشباب سياسياً، وجعلهم يأخذون أدواراً متقدمه بهذا المجال مازال حبراً على ورق، وشعارات حبيسة ظلمة الأدراج ، فهي لا ترى نوراً للتشريعات والتغييرات، ولا تجدُ طريقاً للتطبيق إلّا ممارسة المزيد من التهميش لهم بهذا المجال.
وهنا وقبل أن اختم مقالي هذا أود إن أوجه رسالة خاصة للمناصير ومضمونها 'أن أفرزات وظروف وأزمات ومشاكل وتعقيدات الداخل الأردني تتحملُه الكثير من المؤسسات في الأردن ولايجوز أن نحمل الشباب الأردني ما لايحتمل ،فهذا الشباب بدأ يعيش بظل ظواهر خطيرة نراها اليوم في صفوف الشباب الأردني وهنا تبرزُ ظاهرة الإحباط والقبول به لدى الشباب، وهي أخطر ما يمكن أن يواجهه المجتمع، نتيجة إفرازات الواقع المعاش ، وتراكم الكبت الذي أصبح مركباً ومعقداً للغاية في ظل انخفاض العامل الديني الذي يعملُ على تحصين الشباب ويحوّله الى قوة ممانعة ترفض الفشل ، فقد انتشرت بين الكثير من الشباب الأردني حالة الاحباط جرّاء البطالة والفقر وعدم الاستقرار النفسي، فلا يجد بعضهُ وسيلة للخلاص إلّا بإلقاء نفسه في النار، ويسهم في ذلك الفراغ الروحي، فاليوم نرى حالة غير طبيعية بانتشار أفكار التطرف بين صفوف الشباب الأردني ، إضافة إلى أنتشار آفة المخدرات بشكلٍ كبير وملموس بين الشباب، ولنقس على هذه الظاهره باقي الظواهر .. عنف مجتمعي – عنف جامعي – ازدياد حالات الانتحار -الأزمات الأخلاقية و … ألخ، والتي أصبحت تنخر بالجسد المجتمعي للمجتمع الأردني وأخصّ فئة الشباب منه ، والفضل بكل ذلك يعود الى سياسة الفاسدين والمفسدين الذين قتلوا وحطموا مستقبل الشباب الأردني.
ختاماً، مشاكل الشباب الأردني ، قد يحل جزء منها بتشغيل بعضهم عاملي محطات وقود ،وهذا أمر رائع ،والكثير منهم يعمل اليوم بهذه المهنة المشرفة ،ولم يعد لدينا بالأردن ما يسمى بثقافة العيب ،فاليوم نرى الشباب الأردني يعمل بكل المجالات ، ولكن هل المطلوب أن يعمل كل أبناء الحراثين والفلاحين وأبناء الطبقة الكادحة مهما ارتفع تحصيلهم العلمي وكفائتهم بهذه المهن ،وان تبقى باقي الوظائف في الأردن حكرآ على أبناء المسؤوليين الذين بمعظمهم لايعرفون معنى الانتماء للوطن ، هذا السؤال يبقى برسم الاجابة لدى المناصير ،ولكن اعتقد بالنسبة لي كشاب أردني أن الصمت والحياد بهذه المرحلة على ما يتعرض له الشباب الأردني هو خطيئة وجريمة كبرى لاتغتفر بحقّ الأردن وشبابه ومجتمعه وأرضه ومستقبله ،فاليوم الشباب الأردني يقرع جميع أبواب المؤسسات الرسمية الأردنية بحثاً عن حلولٍ مشتركة لأزمات الشباب الأردني، والأهم الآن هو إيجاد الحلول مع هذه المؤسسات سريعاً، لوضع الرؤى المناسبة للحلول والقابلة للتطبيق على أرض الواقع ، فالشباب الأردني لم يعد يحتمل مزيداً من الضغوط، و أصبح اليوم يعيش بين مطرقة الواقع المعيشي المأساوي بكل تجلياته، وبين سندان المستقبل المظلم المعالم ، وهذا مايُبرز حجم الخطر المستقبلي الذي ستفرزهُ هذه الأزمات بمجموعها ،والتي لايمكن أبداً التنبئ بنتائجها المستقبلية بحال أنفجارها ..
*كاتب وناشط سياسي – الأردن .
من الرائع أن يطل زياد المناصير على الشباب الأردني ،ليخاطبهم بحكم تجربته الشخصية ،ومن الرائع أن يعلن عن توفير 3000فرصة عمل للشباب الأردني عبر مشاريع يعمل عليها المناصير ضمن مجموعته الاقتصاديه ،ولكن هنا وبالتحديد وليس بعيدآ عن البروباغندا الإعلامية التي سوف تثار حول حديث المناصير ، لنعترف بالأردن بهذه الحقيقة وهي ” أنّ الشباب الأردني اليوم، يعيشُ حالة من الاغتراب في مجتمعه ووطنه الأم، وذلك نتيجة لارتباطه بمتغيرات وإفرازات المجتمع الذي ينشأ فيه، وكل ذلك بسبب سياسات تمارسها بعض الاقطاب التي تدور بفلك السلطة الحاكمة في الأردن على هذا الشباب المظلوم والمقهور، و الذي ما تزال أزمة البطالة تلاحقه في كل مكان، وهو عاجز عن توفير لقمة العيش والمسكن، كي يتزوج أو على الأقل أن يوفّر قوت يومه وهذا على الأقل سبب كاف لزيادة الشعور بالاغتراب داخل الوطن، وفي البيئة المجتمعية الحاضنة لهؤلاء الشباب”.
اليوم ،ومع احترامي لحديث المناصير ،ولكن أعتقد أن المناصير عاد من جديد لتكرار نفس الحديث الروتيني المعهود من قبل” بعض “ الساسة في الأردن ومتخذي القرار وصُنّاع القرار،والذي يدور بفلك واحد ،فقد كانت هنالك جملة شهيرة يرددها هؤلاء المسؤولين ومضمونها : “ إن الشباب هم من أسس البناء لمشاريع التغيير” كما يتحدثون ويضيفون هنا “ أنهم من مكونات مشاريع النهضة والمستقبل الأفضل للأردن “، ومع هذا الحديث ومع تقادم هذا الحديث وترديد نفس العبارات نستطيع أن نختصر هذا الحديث بمقولة “ نسمع جعجعة ولانرى طحين”، فقد بدأت علامات الشيخوخة والهرم تظهر على وجوه الشباب الأردني، ولم يشاهدوا من حديث مدّعي الحرص على مستقبل الشباب الأردني سوى الكلام.
هنا أود أن اوجه سؤال هام للمناصير تحديدآ، هل يعلم المناصير أن هناك حالة غير طبيعية لإفرازات حجم الظلم والتهميش الذي تتعرضُ له بعض نخب الشباب الأردني اليوم ، فاليوم يمكن القول بهذه المرحلة تحديداً، إن الكثير من الشباب الأردني مازال يعيشُ بين أرث الماضي القريب الذي تميّز بعيشه بواقعٍ مرير، وهضم لكامل حقوقه، وبين حاضر وواقع مؤلم تمثل بنظريات الإقصاء والتهميش لقطاعٍ هام من نُخب الشباب الأردني وتواكب هذا الشيء مع أزمات وظروفٍ خانقة، يعيشها الشباب الأردني هذه الأيام.
أدرك جيدآ أن زياد المناصير يعلم أن الشباب الأردني ،لايريد الكثير ،فهذا الشباب الطامح لمستقبلٍ أفضل، الطامح إلى حقوق تضمنُ له كرامته في وطنه، وتجعلهُ يشعر بالأمان المعيشي الدائم، الطامح حين يعبّر عن رأيه.. سواء كان مع أو ضدّ بأن يحترم رأيهُ، وحين يطالب بحقٍ من حقوقه المسلوبة، أن يُعطى حقوقه، فهو لايطلب الكثير ومايريده هو فقط أن يتم احتواء مشاكله و أفكاره، ومساعدته على تنمية قراراته، وتلبية مطالبه ، ومع كل هذا، ومن هذا المنطلق فإن تناول موضوع التحديات والمحددات والأزمات التي تواجه الشباب الأردني والتي أفرزت سياسة التهميش “الممنهجة والمقصودة” لقطاعٍ واسع منهم، يعدُ مسألة تتعلق بالتخطيط الاستراتيجي، كما تتعلق ببناء الخطط التنفيذية لاحتواء الشباب الأردني، ليتخلص من التهميش الممارس عليه في كل ميادين الحياة .
استطيع أن أجزم أن المناصير متابع جيد للمؤشرات الاقتصادية الدولية والمحلية بحكم مشاريعه الاقتصاديه ، ومن المؤكد إنه اطلع على تقرير منظمة العمل الدولية بتقريرها الصادر قبل فترة وجيزة،والذي أكد ارتفاع معدل البطالة في الأردن إلى 30% مع نهاية العام الماضي، نسبة إلى عدد السكان ،وأضافت المنظمة في تقريرها، إن معدل البطالة في الأردن يزيد على معدل البطالة في الشرق الأوسط البالغ 27%تقريباً ، ومن هذه النسبة نستطيع أن نحلل ونستنتج معدلات خطوط الفقر ومعدلات الفقر، وعدد جيوب الفقر، ولنقيس بواسطتها ونقارنها مع كلّ مقاييس الأقتصاد الأخرى، لنعرف حجم الأزمة الأقتصادية التي يعيشها الشباب الأردني، والتي تنعكسُ على الواقع السياسي والأجتماعي والثقافي للشباب الأردني.
إمّا سياسياً فمن المؤكد أن المناصير ، يعلم جيدآ إن دور الشباب الأردني في هذا الجانب مازال مُهمشاً بشكلٍ كامل فما تزال قضية تمكين الشباب سياسياً، وجعلهم يأخذون أدواراً متقدمه بهذا المجال مازال حبراً على ورق، وشعارات حبيسة ظلمة الأدراج ، فهي لا ترى نوراً للتشريعات والتغييرات، ولا تجدُ طريقاً للتطبيق إلّا ممارسة المزيد من التهميش لهم بهذا المجال.
وهنا وقبل أن اختم مقالي هذا أود إن أوجه رسالة خاصة للمناصير ومضمونها 'أن أفرزات وظروف وأزمات ومشاكل وتعقيدات الداخل الأردني تتحملُه الكثير من المؤسسات في الأردن ولايجوز أن نحمل الشباب الأردني ما لايحتمل ،فهذا الشباب بدأ يعيش بظل ظواهر خطيرة نراها اليوم في صفوف الشباب الأردني وهنا تبرزُ ظاهرة الإحباط والقبول به لدى الشباب، وهي أخطر ما يمكن أن يواجهه المجتمع، نتيجة إفرازات الواقع المعاش ، وتراكم الكبت الذي أصبح مركباً ومعقداً للغاية في ظل انخفاض العامل الديني الذي يعملُ على تحصين الشباب ويحوّله الى قوة ممانعة ترفض الفشل ، فقد انتشرت بين الكثير من الشباب الأردني حالة الاحباط جرّاء البطالة والفقر وعدم الاستقرار النفسي، فلا يجد بعضهُ وسيلة للخلاص إلّا بإلقاء نفسه في النار، ويسهم في ذلك الفراغ الروحي، فاليوم نرى حالة غير طبيعية بانتشار أفكار التطرف بين صفوف الشباب الأردني ، إضافة إلى أنتشار آفة المخدرات بشكلٍ كبير وملموس بين الشباب، ولنقس على هذه الظاهره باقي الظواهر .. عنف مجتمعي – عنف جامعي – ازدياد حالات الانتحار -الأزمات الأخلاقية و … ألخ، والتي أصبحت تنخر بالجسد المجتمعي للمجتمع الأردني وأخصّ فئة الشباب منه ، والفضل بكل ذلك يعود الى سياسة الفاسدين والمفسدين الذين قتلوا وحطموا مستقبل الشباب الأردني.
ختاماً، مشاكل الشباب الأردني ، قد يحل جزء منها بتشغيل بعضهم عاملي محطات وقود ،وهذا أمر رائع ،والكثير منهم يعمل اليوم بهذه المهنة المشرفة ،ولم يعد لدينا بالأردن ما يسمى بثقافة العيب ،فاليوم نرى الشباب الأردني يعمل بكل المجالات ، ولكن هل المطلوب أن يعمل كل أبناء الحراثين والفلاحين وأبناء الطبقة الكادحة مهما ارتفع تحصيلهم العلمي وكفائتهم بهذه المهن ،وان تبقى باقي الوظائف في الأردن حكرآ على أبناء المسؤوليين الذين بمعظمهم لايعرفون معنى الانتماء للوطن ، هذا السؤال يبقى برسم الاجابة لدى المناصير ،ولكن اعتقد بالنسبة لي كشاب أردني أن الصمت والحياد بهذه المرحلة على ما يتعرض له الشباب الأردني هو خطيئة وجريمة كبرى لاتغتفر بحقّ الأردن وشبابه ومجتمعه وأرضه ومستقبله ،فاليوم الشباب الأردني يقرع جميع أبواب المؤسسات الرسمية الأردنية بحثاً عن حلولٍ مشتركة لأزمات الشباب الأردني، والأهم الآن هو إيجاد الحلول مع هذه المؤسسات سريعاً، لوضع الرؤى المناسبة للحلول والقابلة للتطبيق على أرض الواقع ، فالشباب الأردني لم يعد يحتمل مزيداً من الضغوط، و أصبح اليوم يعيش بين مطرقة الواقع المعيشي المأساوي بكل تجلياته، وبين سندان المستقبل المظلم المعالم ، وهذا مايُبرز حجم الخطر المستقبلي الذي ستفرزهُ هذه الأزمات بمجموعها ،والتي لايمكن أبداً التنبئ بنتائجها المستقبلية بحال أنفجارها ..
*كاتب وناشط سياسي – الأردن .
التعليقات