- ونحن بعد سويعات سنعبر العام الجديد 2016 ، ولأن الأعوام الأربعة الماضية كانت بالغة السوء ، لما شهده الإقليم الشرق أوسطي من إختلالات سياسية ، إقتصادية ، إجتماعية ، أمنية ودموية طمست معالم الفطرية الإنسانية ، ونزعت الشعور بالسعادة والحب في زمن الإرهاب ، آثرت أن أعيد للإنسان فطريته بهذه القصة ، البسيطة في شكلها والعميقة في محتواها ومضمونها .
- بالطبع ، السعادة حالة نفسية معقدة ، خاضعة لمفاهيم ثقافية وذات نسبية ، لا يُمكن تأطيرها ، صُنعها ، تعليبها أو تخزينها بحيث يُمكن للمرء أن يستعملها وينهل منها وقت يشاء ، فما يُسعد شخص ما ، ليس بالضرورة أن يُسعد آخر حتى لو كان أبوه ، أخوه أو صديقه المُقرّب ، فالسعادة حالة مُتحركة ، متباينة ، متنوعة وغير خاضعة لزمان أو مكان ، فما يُسعد المرء في لحظة ما ولسبب ما اليوم ، هذا لا يعني أن يتكرر شعور ذات الشخص بالسعاده ولذات السبب غدا أو حتى بعد حين ، '،،،هذا إن إستثنينا لحظة السعادة العامة التي تُنتج الحياة،،،'وهي تلك الحالة الغرائزية 'الشهوة' المُحببة التي تشعر بها وتبحث عنها ، لا بل تُطاردها جميع الكائنات الحية،،،!!!
- كثيرون ، وربما معظم البشر يظنون أن السعاد لا تتأتى إلا بكثرة المال ، الذي ولا شك أن له دور ، لكن سعادة المال مشروطة بنوعية الشخص الذي يحتويه ، وكيف يراه ويتعامل به ومعه ، إذ ليس كل صاحب مال ، جاه ، حضور أو كارزما بالضرورة أن يشعر بالسعادة ، كونها حالة نسبية وذات خاصية في لحظتها .
- قصة،،،
يُحكى أن صياد سمك فقير الحال ، يسكن في خُصٍٍ متواضعٍ عند شاطئ البحر ، له زوجة وأطفال ، يتراوح دخله اليومي من بيع ما يصطاد من السمك ، بين الثلاثين والسبعين قرشا في أحسن الحالات ، وطالما يكون قانعا ، راضيا، حامدا وشاكرا الله على هذا الرزق الحلال ، الذي يُنفقه على أسرته بأريحية وبدون تأفف ، إذ لا يحتوي قاموسه على الشعور باليأس ، ولا تخالجه نظرة حسد لؤلئك الأثريا ، الذين يتهافتون ويتسابقون على إستحواذ المال بشتى الطرق ، وحتى لو كان مال سُحت،،،!!!
- ذات يوم 'سعيد،،،!!!' رَزَق الله الصياد سمكة كبيرة ، فرح بها وحملها على كتفه ، وسار بها بثيابه البالية الممزقة وهو حافي القدمين ، ليبيعها في أحد الأحياء الراقية التي تعج بالغنى والمال ، القصور والفلل ، السيارات الفارهة وكل الأشكال والأدوات ، التي يتنافس على إقتنائها عبدة المال ، الذين يعتقد معظمهم أنهم سعداء بما يمتلكون ويتفاخرون ، في حين أن الكثيرين منهم يعانون ، القلق ، الضياع والشتات الأسري ، وقليل منهم من يكون صاحب دين وتقوى،،،!!!
- ما علينا،،،!!! ، ذهب الصياد بسمكته إلى دابوق أو ربما عبدون ، ينادي على 'سمكة سعده' وإذ بشاب يجلس عند بوابة فيلا فاخرة ، يتكئ على إحدى سياراته الفارهة ، وعلى أذنه آيفون أزاحه للحظة ونادى على الصياد ، وأوقفه حتى إنتهى من مكالمته التي كانت ممزوجة بين الضحك تارة وبين الصُراخ تارة أخرى ، والتي إنتهت بعبارة 'أوكي ، سي يو دارلنك،،،!!!' ، ومن ثم إلتفت الشاب للصياد البسيط وسأله عن ثمن السمكة، فرد عليه الصياد قائلا : أكتفي بما تمنحني سيدي،،،!!! ، وفي الأثناء رن الآيفون وبدأت مكالمة أخرى ، فيما كان الشاب أن أخرج من جيبه دينارين ونقدهما للصباد ، الذي علّق السمكة حيث أشار إليه الشاب .
- من هنا بدأت القصة حين رفع الصياد كفيه إلى السماء ، وقال للشاب المشغول مع عشيقته أو زبون أو شريك عمل ، الله يسعدك يا بني كما أسعدتني ، وغادر الصياد عائدا لبيته مغمورا بالفرح والسعادة،،،!!!
- ما أن إنتهى الشاب من مكالماته ، حتى نادى على الخادمة لتأخذ السمكة للطباخ ، وفي الأثناء تذكّر الشاب شكل الصياد الحافي بثيابه الرثة البالية ، وهو يدعو له بسعادة كما سعادته 'الصياد' ، فشعر الشاب بالذهول والحيرة، وهو يُقارن بين ما هو عليه من ثراء وبين ذاك الصياد وما هو عليه من فقر،،،!!! ، ولئن الفارق الطبقي عميق ، بين الصياد وبين ذاك الشاب الذي بقي عقله مشغولا بتلك الحادثة ، فقد استمر يتمنى لو أنه في حينها تنبه وسأل الصياد عن سعادته ، والتي يُريد مثلها له 'للشاب' في دعائه،،،!!!
- مضت أيام ، أسابيع وربما أشهر حتى حالف الحظ ذات الصياد ، بسمكة شبيهة بتلك التي كانت بداية هذه القصة ، والتي كانت الدافع في البحث عن مفاهيم السعادة والشعور بها بمناظير ، مقاييس وأحاسيس متباينة بين البشر ، الذين ضاقت ببعضهم الدنيا بما رحُبت ، حتى وصل الأمر بالعُصابيين منهم أن يرى السعادة ويتلذذ بها ، في مشهد القتل ، الذبح ، الحرق ، الإحتلال والعدوان على الآخر ، وخاصة حين يكون مغلفا بالإرهاب اليهودي والداعشي ، والمعطر برائحة الدم البشري ، وكل ذلك جريا وراء السيطرة ، الإستحواذ ، التمدد وإستعباد الآخر بطرق تآمرية جهنمية كما حال التآمر الصهيوأمريكي على فلسطين ، أرضها ، شعبها ، قُدسها ومقدساتها المسيحية والإسلامية على حد سواء .
- بالعودة للصياد الفقير وسعادته ، والشاب الثري وحيرته ، فقد صادف أو كما جاء في حبكة القصة ، أن ذهب الصياد بسمكة سعده الثانية إلى ذات الشارع ، وأن يلتقي بذات الشاب الذي إستوقف الصياد وسأله عن ثمن السمكة ، والذي كرر عبارته ': أكتفي بما تمنحني سيدي' ، ولما كان الشاب يريد أن يسبر غور الصياد ، أخرج من جيبه خمسة دنانير ونقدهما للصياد ، الذي رفع يديه للسماء مجددا ودعا للشاب قائلا : الله يسعدك كسعادتي،،،! ، هنا أوقف الشاب الصياد وتأمله مليا وسأله : ما هي سعادتك التي تريدها لي وأنا فيما أنا عليه من ثراء ، وفيما أنت على هذا النحو من الفقر،،،؟ .
- إبتسم الصياد وقال : أنا لي زوجة وإبن وبنت ، ويا ليتك تشعر بسعادتي حين أراهم اليوم كيف يتقافزون فرحا ، يهللون ويكبرون حين أقبل عليهم ، أحمل لهم ما يفتقدونه وبحاجة ماسة له ، للولد صندل ، للبنت فستان ، للزوجة شال ، وبيدي شيئ من الطعام الدسم وبعض الحلوى ، لنقضي ليلتنا بمزيد من القناعة والرضا ، نحمد الله ونشكره ونحن ننعم بدفء الحب .
- نعم ، هكذا هي السعادة ، قناعة ، رضا وحب دافئ ، وكل عام وأنتم سعداء .
- ونحن بعد سويعات سنعبر العام الجديد 2016 ، ولأن الأعوام الأربعة الماضية كانت بالغة السوء ، لما شهده الإقليم الشرق أوسطي من إختلالات سياسية ، إقتصادية ، إجتماعية ، أمنية ودموية طمست معالم الفطرية الإنسانية ، ونزعت الشعور بالسعادة والحب في زمن الإرهاب ، آثرت أن أعيد للإنسان فطريته بهذه القصة ، البسيطة في شكلها والعميقة في محتواها ومضمونها .
- بالطبع ، السعادة حالة نفسية معقدة ، خاضعة لمفاهيم ثقافية وذات نسبية ، لا يُمكن تأطيرها ، صُنعها ، تعليبها أو تخزينها بحيث يُمكن للمرء أن يستعملها وينهل منها وقت يشاء ، فما يُسعد شخص ما ، ليس بالضرورة أن يُسعد آخر حتى لو كان أبوه ، أخوه أو صديقه المُقرّب ، فالسعادة حالة مُتحركة ، متباينة ، متنوعة وغير خاضعة لزمان أو مكان ، فما يُسعد المرء في لحظة ما ولسبب ما اليوم ، هذا لا يعني أن يتكرر شعور ذات الشخص بالسعاده ولذات السبب غدا أو حتى بعد حين ، '،،،هذا إن إستثنينا لحظة السعادة العامة التي تُنتج الحياة،،،'وهي تلك الحالة الغرائزية 'الشهوة' المُحببة التي تشعر بها وتبحث عنها ، لا بل تُطاردها جميع الكائنات الحية،،،!!!
- كثيرون ، وربما معظم البشر يظنون أن السعاد لا تتأتى إلا بكثرة المال ، الذي ولا شك أن له دور ، لكن سعادة المال مشروطة بنوعية الشخص الذي يحتويه ، وكيف يراه ويتعامل به ومعه ، إذ ليس كل صاحب مال ، جاه ، حضور أو كارزما بالضرورة أن يشعر بالسعادة ، كونها حالة نسبية وذات خاصية في لحظتها .
- قصة،،،
يُحكى أن صياد سمك فقير الحال ، يسكن في خُصٍٍ متواضعٍ عند شاطئ البحر ، له زوجة وأطفال ، يتراوح دخله اليومي من بيع ما يصطاد من السمك ، بين الثلاثين والسبعين قرشا في أحسن الحالات ، وطالما يكون قانعا ، راضيا، حامدا وشاكرا الله على هذا الرزق الحلال ، الذي يُنفقه على أسرته بأريحية وبدون تأفف ، إذ لا يحتوي قاموسه على الشعور باليأس ، ولا تخالجه نظرة حسد لؤلئك الأثريا ، الذين يتهافتون ويتسابقون على إستحواذ المال بشتى الطرق ، وحتى لو كان مال سُحت،،،!!!
- ذات يوم 'سعيد،،،!!!' رَزَق الله الصياد سمكة كبيرة ، فرح بها وحملها على كتفه ، وسار بها بثيابه البالية الممزقة وهو حافي القدمين ، ليبيعها في أحد الأحياء الراقية التي تعج بالغنى والمال ، القصور والفلل ، السيارات الفارهة وكل الأشكال والأدوات ، التي يتنافس على إقتنائها عبدة المال ، الذين يعتقد معظمهم أنهم سعداء بما يمتلكون ويتفاخرون ، في حين أن الكثيرين منهم يعانون ، القلق ، الضياع والشتات الأسري ، وقليل منهم من يكون صاحب دين وتقوى،،،!!!
- ما علينا،،،!!! ، ذهب الصياد بسمكته إلى دابوق أو ربما عبدون ، ينادي على 'سمكة سعده' وإذ بشاب يجلس عند بوابة فيلا فاخرة ، يتكئ على إحدى سياراته الفارهة ، وعلى أذنه آيفون أزاحه للحظة ونادى على الصياد ، وأوقفه حتى إنتهى من مكالمته التي كانت ممزوجة بين الضحك تارة وبين الصُراخ تارة أخرى ، والتي إنتهت بعبارة 'أوكي ، سي يو دارلنك،،،!!!' ، ومن ثم إلتفت الشاب للصياد البسيط وسأله عن ثمن السمكة، فرد عليه الصياد قائلا : أكتفي بما تمنحني سيدي،،،!!! ، وفي الأثناء رن الآيفون وبدأت مكالمة أخرى ، فيما كان الشاب أن أخرج من جيبه دينارين ونقدهما للصباد ، الذي علّق السمكة حيث أشار إليه الشاب .
- من هنا بدأت القصة حين رفع الصياد كفيه إلى السماء ، وقال للشاب المشغول مع عشيقته أو زبون أو شريك عمل ، الله يسعدك يا بني كما أسعدتني ، وغادر الصياد عائدا لبيته مغمورا بالفرح والسعادة،،،!!!
- ما أن إنتهى الشاب من مكالماته ، حتى نادى على الخادمة لتأخذ السمكة للطباخ ، وفي الأثناء تذكّر الشاب شكل الصياد الحافي بثيابه الرثة البالية ، وهو يدعو له بسعادة كما سعادته 'الصياد' ، فشعر الشاب بالذهول والحيرة، وهو يُقارن بين ما هو عليه من ثراء وبين ذاك الصياد وما هو عليه من فقر،،،!!! ، ولئن الفارق الطبقي عميق ، بين الصياد وبين ذاك الشاب الذي بقي عقله مشغولا بتلك الحادثة ، فقد استمر يتمنى لو أنه في حينها تنبه وسأل الصياد عن سعادته ، والتي يُريد مثلها له 'للشاب' في دعائه،،،!!!
- مضت أيام ، أسابيع وربما أشهر حتى حالف الحظ ذات الصياد ، بسمكة شبيهة بتلك التي كانت بداية هذه القصة ، والتي كانت الدافع في البحث عن مفاهيم السعادة والشعور بها بمناظير ، مقاييس وأحاسيس متباينة بين البشر ، الذين ضاقت ببعضهم الدنيا بما رحُبت ، حتى وصل الأمر بالعُصابيين منهم أن يرى السعادة ويتلذذ بها ، في مشهد القتل ، الذبح ، الحرق ، الإحتلال والعدوان على الآخر ، وخاصة حين يكون مغلفا بالإرهاب اليهودي والداعشي ، والمعطر برائحة الدم البشري ، وكل ذلك جريا وراء السيطرة ، الإستحواذ ، التمدد وإستعباد الآخر بطرق تآمرية جهنمية كما حال التآمر الصهيوأمريكي على فلسطين ، أرضها ، شعبها ، قُدسها ومقدساتها المسيحية والإسلامية على حد سواء .
- بالعودة للصياد الفقير وسعادته ، والشاب الثري وحيرته ، فقد صادف أو كما جاء في حبكة القصة ، أن ذهب الصياد بسمكة سعده الثانية إلى ذات الشارع ، وأن يلتقي بذات الشاب الذي إستوقف الصياد وسأله عن ثمن السمكة ، والذي كرر عبارته ': أكتفي بما تمنحني سيدي' ، ولما كان الشاب يريد أن يسبر غور الصياد ، أخرج من جيبه خمسة دنانير ونقدهما للصياد ، الذي رفع يديه للسماء مجددا ودعا للشاب قائلا : الله يسعدك كسعادتي،،،! ، هنا أوقف الشاب الصياد وتأمله مليا وسأله : ما هي سعادتك التي تريدها لي وأنا فيما أنا عليه من ثراء ، وفيما أنت على هذا النحو من الفقر،،،؟ .
- إبتسم الصياد وقال : أنا لي زوجة وإبن وبنت ، ويا ليتك تشعر بسعادتي حين أراهم اليوم كيف يتقافزون فرحا ، يهللون ويكبرون حين أقبل عليهم ، أحمل لهم ما يفتقدونه وبحاجة ماسة له ، للولد صندل ، للبنت فستان ، للزوجة شال ، وبيدي شيئ من الطعام الدسم وبعض الحلوى ، لنقضي ليلتنا بمزيد من القناعة والرضا ، نحمد الله ونشكره ونحن ننعم بدفء الحب .
- نعم ، هكذا هي السعادة ، قناعة ، رضا وحب دافئ ، وكل عام وأنتم سعداء .
- ونحن بعد سويعات سنعبر العام الجديد 2016 ، ولأن الأعوام الأربعة الماضية كانت بالغة السوء ، لما شهده الإقليم الشرق أوسطي من إختلالات سياسية ، إقتصادية ، إجتماعية ، أمنية ودموية طمست معالم الفطرية الإنسانية ، ونزعت الشعور بالسعادة والحب في زمن الإرهاب ، آثرت أن أعيد للإنسان فطريته بهذه القصة ، البسيطة في شكلها والعميقة في محتواها ومضمونها .
- بالطبع ، السعادة حالة نفسية معقدة ، خاضعة لمفاهيم ثقافية وذات نسبية ، لا يُمكن تأطيرها ، صُنعها ، تعليبها أو تخزينها بحيث يُمكن للمرء أن يستعملها وينهل منها وقت يشاء ، فما يُسعد شخص ما ، ليس بالضرورة أن يُسعد آخر حتى لو كان أبوه ، أخوه أو صديقه المُقرّب ، فالسعادة حالة مُتحركة ، متباينة ، متنوعة وغير خاضعة لزمان أو مكان ، فما يُسعد المرء في لحظة ما ولسبب ما اليوم ، هذا لا يعني أن يتكرر شعور ذات الشخص بالسعاده ولذات السبب غدا أو حتى بعد حين ، '،،،هذا إن إستثنينا لحظة السعادة العامة التي تُنتج الحياة،،،'وهي تلك الحالة الغرائزية 'الشهوة' المُحببة التي تشعر بها وتبحث عنها ، لا بل تُطاردها جميع الكائنات الحية،،،!!!
- كثيرون ، وربما معظم البشر يظنون أن السعاد لا تتأتى إلا بكثرة المال ، الذي ولا شك أن له دور ، لكن سعادة المال مشروطة بنوعية الشخص الذي يحتويه ، وكيف يراه ويتعامل به ومعه ، إذ ليس كل صاحب مال ، جاه ، حضور أو كارزما بالضرورة أن يشعر بالسعادة ، كونها حالة نسبية وذات خاصية في لحظتها .
- قصة،،،
يُحكى أن صياد سمك فقير الحال ، يسكن في خُصٍٍ متواضعٍ عند شاطئ البحر ، له زوجة وأطفال ، يتراوح دخله اليومي من بيع ما يصطاد من السمك ، بين الثلاثين والسبعين قرشا في أحسن الحالات ، وطالما يكون قانعا ، راضيا، حامدا وشاكرا الله على هذا الرزق الحلال ، الذي يُنفقه على أسرته بأريحية وبدون تأفف ، إذ لا يحتوي قاموسه على الشعور باليأس ، ولا تخالجه نظرة حسد لؤلئك الأثريا ، الذين يتهافتون ويتسابقون على إستحواذ المال بشتى الطرق ، وحتى لو كان مال سُحت،،،!!!
- ذات يوم 'سعيد،،،!!!' رَزَق الله الصياد سمكة كبيرة ، فرح بها وحملها على كتفه ، وسار بها بثيابه البالية الممزقة وهو حافي القدمين ، ليبيعها في أحد الأحياء الراقية التي تعج بالغنى والمال ، القصور والفلل ، السيارات الفارهة وكل الأشكال والأدوات ، التي يتنافس على إقتنائها عبدة المال ، الذين يعتقد معظمهم أنهم سعداء بما يمتلكون ويتفاخرون ، في حين أن الكثيرين منهم يعانون ، القلق ، الضياع والشتات الأسري ، وقليل منهم من يكون صاحب دين وتقوى،،،!!!
- ما علينا،،،!!! ، ذهب الصياد بسمكته إلى دابوق أو ربما عبدون ، ينادي على 'سمكة سعده' وإذ بشاب يجلس عند بوابة فيلا فاخرة ، يتكئ على إحدى سياراته الفارهة ، وعلى أذنه آيفون أزاحه للحظة ونادى على الصياد ، وأوقفه حتى إنتهى من مكالمته التي كانت ممزوجة بين الضحك تارة وبين الصُراخ تارة أخرى ، والتي إنتهت بعبارة 'أوكي ، سي يو دارلنك،،،!!!' ، ومن ثم إلتفت الشاب للصياد البسيط وسأله عن ثمن السمكة، فرد عليه الصياد قائلا : أكتفي بما تمنحني سيدي،،،!!! ، وفي الأثناء رن الآيفون وبدأت مكالمة أخرى ، فيما كان الشاب أن أخرج من جيبه دينارين ونقدهما للصباد ، الذي علّق السمكة حيث أشار إليه الشاب .
- من هنا بدأت القصة حين رفع الصياد كفيه إلى السماء ، وقال للشاب المشغول مع عشيقته أو زبون أو شريك عمل ، الله يسعدك يا بني كما أسعدتني ، وغادر الصياد عائدا لبيته مغمورا بالفرح والسعادة،،،!!!
- ما أن إنتهى الشاب من مكالماته ، حتى نادى على الخادمة لتأخذ السمكة للطباخ ، وفي الأثناء تذكّر الشاب شكل الصياد الحافي بثيابه الرثة البالية ، وهو يدعو له بسعادة كما سعادته 'الصياد' ، فشعر الشاب بالذهول والحيرة، وهو يُقارن بين ما هو عليه من ثراء وبين ذاك الصياد وما هو عليه من فقر،،،!!! ، ولئن الفارق الطبقي عميق ، بين الصياد وبين ذاك الشاب الذي بقي عقله مشغولا بتلك الحادثة ، فقد استمر يتمنى لو أنه في حينها تنبه وسأل الصياد عن سعادته ، والتي يُريد مثلها له 'للشاب' في دعائه،،،!!!
- مضت أيام ، أسابيع وربما أشهر حتى حالف الحظ ذات الصياد ، بسمكة شبيهة بتلك التي كانت بداية هذه القصة ، والتي كانت الدافع في البحث عن مفاهيم السعادة والشعور بها بمناظير ، مقاييس وأحاسيس متباينة بين البشر ، الذين ضاقت ببعضهم الدنيا بما رحُبت ، حتى وصل الأمر بالعُصابيين منهم أن يرى السعادة ويتلذذ بها ، في مشهد القتل ، الذبح ، الحرق ، الإحتلال والعدوان على الآخر ، وخاصة حين يكون مغلفا بالإرهاب اليهودي والداعشي ، والمعطر برائحة الدم البشري ، وكل ذلك جريا وراء السيطرة ، الإستحواذ ، التمدد وإستعباد الآخر بطرق تآمرية جهنمية كما حال التآمر الصهيوأمريكي على فلسطين ، أرضها ، شعبها ، قُدسها ومقدساتها المسيحية والإسلامية على حد سواء .
- بالعودة للصياد الفقير وسعادته ، والشاب الثري وحيرته ، فقد صادف أو كما جاء في حبكة القصة ، أن ذهب الصياد بسمكة سعده الثانية إلى ذات الشارع ، وأن يلتقي بذات الشاب الذي إستوقف الصياد وسأله عن ثمن السمكة ، والذي كرر عبارته ': أكتفي بما تمنحني سيدي' ، ولما كان الشاب يريد أن يسبر غور الصياد ، أخرج من جيبه خمسة دنانير ونقدهما للصياد ، الذي رفع يديه للسماء مجددا ودعا للشاب قائلا : الله يسعدك كسعادتي،،،! ، هنا أوقف الشاب الصياد وتأمله مليا وسأله : ما هي سعادتك التي تريدها لي وأنا فيما أنا عليه من ثراء ، وفيما أنت على هذا النحو من الفقر،،،؟ .
- إبتسم الصياد وقال : أنا لي زوجة وإبن وبنت ، ويا ليتك تشعر بسعادتي حين أراهم اليوم كيف يتقافزون فرحا ، يهللون ويكبرون حين أقبل عليهم ، أحمل لهم ما يفتقدونه وبحاجة ماسة له ، للولد صندل ، للبنت فستان ، للزوجة شال ، وبيدي شيئ من الطعام الدسم وبعض الحلوى ، لنقضي ليلتنا بمزيد من القناعة والرضا ، نحمد الله ونشكره ونحن ننعم بدفء الحب .
- نعم ، هكذا هي السعادة ، قناعة ، رضا وحب دافئ ، وكل عام وأنتم سعداء .
التعليقات