خاص - كتب أدهم غرايبة - من رحم الحوادث البسيطة تولد الاسئلة الكبرى .
الم تكن حادثة سقوط التفاحة من على الشجرة نحو الارض حدثا عاديا تكرر مرارا امام اعين البشر لولا ان عبقريا مثل ' نيوتن ' تأمل بسقوطها و طرح سؤاله المعروف ' لماذا سقطت التفاحة الى اسفل ' ؟! ليكتشف لنا قانون الجاذبية بعد البحث و تشغيل العقل و عدم اكتفائه بقبول فكرة ان ما حدث هو مجرد ' قضاء و قدر ' كما نفعل نحن .
' جورج وسوف ' طرح هو الاخر و من ' مختبرات ' فنادق عمان الفخمة و في جلسة يفترض انها جلسة ' طرب ' على جمهوره سؤالا شبيها لسؤال ' نيوتن ' لا يقل اهمية برأيي , من طراز ' على شو رافعين راسكم ؟ ! ' قاصدا مريديه من الاردنيين الذين حضروا حفلته و اراد احدهم ان يحظى بصورة معه لولا افسد الامر تدخل بعض الحرس الخاص .
من الطبيعي ان تهب عاصفة شتم جماعيه بحق المطرب السوري المعروف الذي – بالمناسبة – لا يروق لي صوته و لا الحال الذي اصبح عليها جراء تناوله ' العقاقير ' .
من يتأمل بحال ' ابو وديع ' و يقارن صورته قبل عشرات العوام و ما آل اليه اليوم يستعيذ بالله من ارذل العمر و يسال الله ان يعفيه من شرور ' العقاقير ' , لكن ذلك لا يعفينا من البحث عن اجابة موضوعية لسؤال ' الوسوف ' .
من يتصدى اليوم – دون شتم و مكابره – ليجيب لنفسه على الاقل على سؤال من شاكلة ' على شو رافعين راسنا ' ؟!
كاتب هذا المقال ما زال يذكر مطلع العام 2010 حينما كان هو و رهط من رفاقه يتصدون لحالة الاحباط الوطني العام التي اصابت كل الاردنيين و انزواء شعورهم الوطني بفعل قسوة حقبة الديجتال التي اعلنت بوضوح معاداتها لاي حالة افتخار وطني و تصدت بلا هواده لتحطيم الشعور الوطني الاردني من خلال خطاب تضليلي كان فحواه ان الاردن بلا تاريخ و ان لا هوية وطنية للاردنيين !
ما زلت اذكر كيف كنا نوصف ب ' اليمين الاردني ' و ب 'الاقليميين ' و ' صناع الفتنة ' لمجرد اننا كنا نعيد تقليب التاريخ لاستحضار تاريخ الانباط و العمونيين و المؤابيين و على رأسهم ملكهم ميشع قاهر العبرانيين مرورا بتاريخ الاردن الحديث و نضالات رجال هية الكرك و انتفاضتهم بوجه المحتل ' العصملي ' و نضالات رجال مؤتمر ام قيس و المؤتمر الوطني الاردني الذي وضع اسس العقد الاجتماعي الاردني التي كانت تكفل بدولة تسودها الديمقراطية الاجتماعية لولا سلسة الانحرافات التي حدثت , ونضال الجيش الاردني و اصراره على القتال دائما رغم فارق الامكانات المادية . و تحدثنا عن مستقبل بلدنا – حتى بمعزل عن التاريخ - و حذرنا طويلا من فجائع مخرجات حملة بيع مقدرات الدولة الاردنية .
كنا – بوضوح – نستفز الشعور الوطني للاردنيين بعد حقبة تمادي من جهات متعددة استعذبت تبهيت الهوية الوطنية الاردنية بعضها لغايات بيع كل شيء يخص الاردنيين دون مقاومة منهم لطالما ان الشعور الوطني غير مسيطر عليهم , و من جهات اخرى لها احقاد سياسية بلا مبرر حقيقي و تريد ان تشفي غليلها القائم اصلا على الوهم و على نفسيات مضطربه و وقحه تنكر تضحيات الاردنيين .
من المضحك حقا ان البعض كان يصفنا بأننا ' احفاد سايكس – بيكو ' في محاولة للتشكيك بنوايانا ' الاردنية ' مع ان هؤلاء ذاتهم لا يطلقون على انفسهم هكذا لقب مع انهم يتغنون بدول قطرية عربية اخرى رسمت حدودها باقلام ' يايكس – بيكو ' و يدافعون عنها و يتغنون بها , يا للعجب !
اليوم ارتفع منسوب الشعور الوطني كثيرا , بصراحة , اين كنا و اين صرنا !. اسم الشهيد وصفي التل يستعاد بكثافة في الخطاب الوطني بعد عشرات السنين من ' الاقامة الجبرية ' و ' العزلة ' التي ضربت عليه مخافة التهم اياها . الذين يستحضرون اسم الشهيد التل ليسوا اليوم من ' اليمين الاردني ' للعلم , هناك عقلاء من الاردنيين من اصول فلسطينية يستجمعون شجاعتهم و عقلانيتهم فيعيدون البحث في سيرته التي ' كانت ' تتداول بطريقة ظالمه و تتوارث بدس الاكاذيب و التشويه المتعمد الذي عادة ما يحدث دون اي عقل نقدي و تحت وطأة الهوج العام و الارتخاء لما هو متداول شعبيا .
هل ابتعدت عن موضوع سؤال ' الوسوف ' ؟!
حتما لا . ما اود قوله ان الشعور الوطني الذي كان محرما و سعينا لاستعادة ليس هو ما اردناه تمام على هذا النحو . صحيح اننا اليوم نشهد تصاعد نسبة المؤمنين بالدولة الاردنية – خصوصا بعد كوارث انحراف الربيع العربي - لكن هؤلاء يكتفون بالعاطفة الوطنية وحدها دون تحكيم العقل , هؤلاء يظنون ان اي سؤال او اية ملاحظة هي تشكيك بوطنهم و يتعالمون معها بالتكفير الفوري .
نحن لا نرى الاردن مركز الكون على الاطلاق , لكننا ايضا لا نرى الاردن بلا حول و لا قوى و لا نراه دولة رخوة من حيث المبدأ بل ان الظروف و الاحداث اثبتت ان بلدنا قادر على لعب دور عروبي يكفل باستعادة التضامن العربي و وقف الانهيار لكن بشروط عدة اهمها وجود حكومات وطنية تقدمية . اذا كان الاردن مريضا فإننا نفكر - اولا - بعدم التخلي عنه لكونه مريضا و نفكر – ثانيا - في علاجه , لا في التخلي عنه و ادخاله لدار العجزة !
من اسوأ ما قاله احد الحضور ردا على سؤال' الوسوف ' : انا سلطي ! . للاسف هكذا اجابة تؤكد ان سؤال ' الوسوف ' سؤال مشروع حيث ان الاجابة لم تكن ' انا عربي اردني ' مثلا !
بأي حال نحن اليوم امام مديونية ضخمة جاوزت ال 30 مليارا من الدولارت لم ترتد علينا كشعب بشيء, في الوقت الذي كانت فيه اقل من ربع ذلك حتى اواخر التسعينات , الاهم من ذلك أننا كنا نملك حينها مياء الدولة الوحيد و مطاراته و اتصالاته و قطاعه التعديني و كنا ننعم بمستوى تعليم متميز و برعاية صحية متقدمة و كان دخل الموظف يغطي متطلبات الحياة و كانت المخدرات موضع استهجان و استعداء المجتمع و الدولة معا بعكس اليوم , و كنا مجتمعا متسامحا و معتدلا قل ان نبتلى بحمى الطائفية التي لم يكن لنا بها اي علاقة تاريخيا . الزراعه اليوم في تراجع رهيب . قطاع الصناعة ينزف مستثمرين , السياحة عاجزة تماما رغم ان لدينا البتراء التي تعتبر من اهم وجهات السياحة عالميا , نزاود على كل من يعادي الكيان برغم ان سفارته في عمان , جرائم يومية في بيوتنا , نشتم كل العرب برغم حاجتنا لهم و دعم بعضهم لنا !
اليوم , تأمل بحالك ايها الاردني المقدام و انت تنهال بالشتم فقط على مطرب بات صوته يشبه نعيق الغراب و يطرح سؤالا مؤلما من طراز ' على شو رافعين راسكم ' ؟!
' على شو رافعين راسنا ' اليوم بالذات ؟!
كن صادقا و لو مرة .
خاص - كتب أدهم غرايبة - من رحم الحوادث البسيطة تولد الاسئلة الكبرى .
الم تكن حادثة سقوط التفاحة من على الشجرة نحو الارض حدثا عاديا تكرر مرارا امام اعين البشر لولا ان عبقريا مثل ' نيوتن ' تأمل بسقوطها و طرح سؤاله المعروف ' لماذا سقطت التفاحة الى اسفل ' ؟! ليكتشف لنا قانون الجاذبية بعد البحث و تشغيل العقل و عدم اكتفائه بقبول فكرة ان ما حدث هو مجرد ' قضاء و قدر ' كما نفعل نحن .
' جورج وسوف ' طرح هو الاخر و من ' مختبرات ' فنادق عمان الفخمة و في جلسة يفترض انها جلسة ' طرب ' على جمهوره سؤالا شبيها لسؤال ' نيوتن ' لا يقل اهمية برأيي , من طراز ' على شو رافعين راسكم ؟ ! ' قاصدا مريديه من الاردنيين الذين حضروا حفلته و اراد احدهم ان يحظى بصورة معه لولا افسد الامر تدخل بعض الحرس الخاص .
من الطبيعي ان تهب عاصفة شتم جماعيه بحق المطرب السوري المعروف الذي – بالمناسبة – لا يروق لي صوته و لا الحال الذي اصبح عليها جراء تناوله ' العقاقير ' .
من يتأمل بحال ' ابو وديع ' و يقارن صورته قبل عشرات العوام و ما آل اليه اليوم يستعيذ بالله من ارذل العمر و يسال الله ان يعفيه من شرور ' العقاقير ' , لكن ذلك لا يعفينا من البحث عن اجابة موضوعية لسؤال ' الوسوف ' .
من يتصدى اليوم – دون شتم و مكابره – ليجيب لنفسه على الاقل على سؤال من شاكلة ' على شو رافعين راسنا ' ؟!
كاتب هذا المقال ما زال يذكر مطلع العام 2010 حينما كان هو و رهط من رفاقه يتصدون لحالة الاحباط الوطني العام التي اصابت كل الاردنيين و انزواء شعورهم الوطني بفعل قسوة حقبة الديجتال التي اعلنت بوضوح معاداتها لاي حالة افتخار وطني و تصدت بلا هواده لتحطيم الشعور الوطني الاردني من خلال خطاب تضليلي كان فحواه ان الاردن بلا تاريخ و ان لا هوية وطنية للاردنيين !
ما زلت اذكر كيف كنا نوصف ب ' اليمين الاردني ' و ب 'الاقليميين ' و ' صناع الفتنة ' لمجرد اننا كنا نعيد تقليب التاريخ لاستحضار تاريخ الانباط و العمونيين و المؤابيين و على رأسهم ملكهم ميشع قاهر العبرانيين مرورا بتاريخ الاردن الحديث و نضالات رجال هية الكرك و انتفاضتهم بوجه المحتل ' العصملي ' و نضالات رجال مؤتمر ام قيس و المؤتمر الوطني الاردني الذي وضع اسس العقد الاجتماعي الاردني التي كانت تكفل بدولة تسودها الديمقراطية الاجتماعية لولا سلسة الانحرافات التي حدثت , ونضال الجيش الاردني و اصراره على القتال دائما رغم فارق الامكانات المادية . و تحدثنا عن مستقبل بلدنا – حتى بمعزل عن التاريخ - و حذرنا طويلا من فجائع مخرجات حملة بيع مقدرات الدولة الاردنية .
كنا – بوضوح – نستفز الشعور الوطني للاردنيين بعد حقبة تمادي من جهات متعددة استعذبت تبهيت الهوية الوطنية الاردنية بعضها لغايات بيع كل شيء يخص الاردنيين دون مقاومة منهم لطالما ان الشعور الوطني غير مسيطر عليهم , و من جهات اخرى لها احقاد سياسية بلا مبرر حقيقي و تريد ان تشفي غليلها القائم اصلا على الوهم و على نفسيات مضطربه و وقحه تنكر تضحيات الاردنيين .
من المضحك حقا ان البعض كان يصفنا بأننا ' احفاد سايكس – بيكو ' في محاولة للتشكيك بنوايانا ' الاردنية ' مع ان هؤلاء ذاتهم لا يطلقون على انفسهم هكذا لقب مع انهم يتغنون بدول قطرية عربية اخرى رسمت حدودها باقلام ' يايكس – بيكو ' و يدافعون عنها و يتغنون بها , يا للعجب !
اليوم ارتفع منسوب الشعور الوطني كثيرا , بصراحة , اين كنا و اين صرنا !. اسم الشهيد وصفي التل يستعاد بكثافة في الخطاب الوطني بعد عشرات السنين من ' الاقامة الجبرية ' و ' العزلة ' التي ضربت عليه مخافة التهم اياها . الذين يستحضرون اسم الشهيد التل ليسوا اليوم من ' اليمين الاردني ' للعلم , هناك عقلاء من الاردنيين من اصول فلسطينية يستجمعون شجاعتهم و عقلانيتهم فيعيدون البحث في سيرته التي ' كانت ' تتداول بطريقة ظالمه و تتوارث بدس الاكاذيب و التشويه المتعمد الذي عادة ما يحدث دون اي عقل نقدي و تحت وطأة الهوج العام و الارتخاء لما هو متداول شعبيا .
هل ابتعدت عن موضوع سؤال ' الوسوف ' ؟!
حتما لا . ما اود قوله ان الشعور الوطني الذي كان محرما و سعينا لاستعادة ليس هو ما اردناه تمام على هذا النحو . صحيح اننا اليوم نشهد تصاعد نسبة المؤمنين بالدولة الاردنية – خصوصا بعد كوارث انحراف الربيع العربي - لكن هؤلاء يكتفون بالعاطفة الوطنية وحدها دون تحكيم العقل , هؤلاء يظنون ان اي سؤال او اية ملاحظة هي تشكيك بوطنهم و يتعالمون معها بالتكفير الفوري .
نحن لا نرى الاردن مركز الكون على الاطلاق , لكننا ايضا لا نرى الاردن بلا حول و لا قوى و لا نراه دولة رخوة من حيث المبدأ بل ان الظروف و الاحداث اثبتت ان بلدنا قادر على لعب دور عروبي يكفل باستعادة التضامن العربي و وقف الانهيار لكن بشروط عدة اهمها وجود حكومات وطنية تقدمية . اذا كان الاردن مريضا فإننا نفكر - اولا - بعدم التخلي عنه لكونه مريضا و نفكر – ثانيا - في علاجه , لا في التخلي عنه و ادخاله لدار العجزة !
من اسوأ ما قاله احد الحضور ردا على سؤال' الوسوف ' : انا سلطي ! . للاسف هكذا اجابة تؤكد ان سؤال ' الوسوف ' سؤال مشروع حيث ان الاجابة لم تكن ' انا عربي اردني ' مثلا !
بأي حال نحن اليوم امام مديونية ضخمة جاوزت ال 30 مليارا من الدولارت لم ترتد علينا كشعب بشيء, في الوقت الذي كانت فيه اقل من ربع ذلك حتى اواخر التسعينات , الاهم من ذلك أننا كنا نملك حينها مياء الدولة الوحيد و مطاراته و اتصالاته و قطاعه التعديني و كنا ننعم بمستوى تعليم متميز و برعاية صحية متقدمة و كان دخل الموظف يغطي متطلبات الحياة و كانت المخدرات موضع استهجان و استعداء المجتمع و الدولة معا بعكس اليوم , و كنا مجتمعا متسامحا و معتدلا قل ان نبتلى بحمى الطائفية التي لم يكن لنا بها اي علاقة تاريخيا . الزراعه اليوم في تراجع رهيب . قطاع الصناعة ينزف مستثمرين , السياحة عاجزة تماما رغم ان لدينا البتراء التي تعتبر من اهم وجهات السياحة عالميا , نزاود على كل من يعادي الكيان برغم ان سفارته في عمان , جرائم يومية في بيوتنا , نشتم كل العرب برغم حاجتنا لهم و دعم بعضهم لنا !
اليوم , تأمل بحالك ايها الاردني المقدام و انت تنهال بالشتم فقط على مطرب بات صوته يشبه نعيق الغراب و يطرح سؤالا مؤلما من طراز ' على شو رافعين راسكم ' ؟!
' على شو رافعين راسنا ' اليوم بالذات ؟!
كن صادقا و لو مرة .
خاص - كتب أدهم غرايبة - من رحم الحوادث البسيطة تولد الاسئلة الكبرى .
الم تكن حادثة سقوط التفاحة من على الشجرة نحو الارض حدثا عاديا تكرر مرارا امام اعين البشر لولا ان عبقريا مثل ' نيوتن ' تأمل بسقوطها و طرح سؤاله المعروف ' لماذا سقطت التفاحة الى اسفل ' ؟! ليكتشف لنا قانون الجاذبية بعد البحث و تشغيل العقل و عدم اكتفائه بقبول فكرة ان ما حدث هو مجرد ' قضاء و قدر ' كما نفعل نحن .
' جورج وسوف ' طرح هو الاخر و من ' مختبرات ' فنادق عمان الفخمة و في جلسة يفترض انها جلسة ' طرب ' على جمهوره سؤالا شبيها لسؤال ' نيوتن ' لا يقل اهمية برأيي , من طراز ' على شو رافعين راسكم ؟ ! ' قاصدا مريديه من الاردنيين الذين حضروا حفلته و اراد احدهم ان يحظى بصورة معه لولا افسد الامر تدخل بعض الحرس الخاص .
من الطبيعي ان تهب عاصفة شتم جماعيه بحق المطرب السوري المعروف الذي – بالمناسبة – لا يروق لي صوته و لا الحال الذي اصبح عليها جراء تناوله ' العقاقير ' .
من يتأمل بحال ' ابو وديع ' و يقارن صورته قبل عشرات العوام و ما آل اليه اليوم يستعيذ بالله من ارذل العمر و يسال الله ان يعفيه من شرور ' العقاقير ' , لكن ذلك لا يعفينا من البحث عن اجابة موضوعية لسؤال ' الوسوف ' .
من يتصدى اليوم – دون شتم و مكابره – ليجيب لنفسه على الاقل على سؤال من شاكلة ' على شو رافعين راسنا ' ؟!
كاتب هذا المقال ما زال يذكر مطلع العام 2010 حينما كان هو و رهط من رفاقه يتصدون لحالة الاحباط الوطني العام التي اصابت كل الاردنيين و انزواء شعورهم الوطني بفعل قسوة حقبة الديجتال التي اعلنت بوضوح معاداتها لاي حالة افتخار وطني و تصدت بلا هواده لتحطيم الشعور الوطني الاردني من خلال خطاب تضليلي كان فحواه ان الاردن بلا تاريخ و ان لا هوية وطنية للاردنيين !
ما زلت اذكر كيف كنا نوصف ب ' اليمين الاردني ' و ب 'الاقليميين ' و ' صناع الفتنة ' لمجرد اننا كنا نعيد تقليب التاريخ لاستحضار تاريخ الانباط و العمونيين و المؤابيين و على رأسهم ملكهم ميشع قاهر العبرانيين مرورا بتاريخ الاردن الحديث و نضالات رجال هية الكرك و انتفاضتهم بوجه المحتل ' العصملي ' و نضالات رجال مؤتمر ام قيس و المؤتمر الوطني الاردني الذي وضع اسس العقد الاجتماعي الاردني التي كانت تكفل بدولة تسودها الديمقراطية الاجتماعية لولا سلسة الانحرافات التي حدثت , ونضال الجيش الاردني و اصراره على القتال دائما رغم فارق الامكانات المادية . و تحدثنا عن مستقبل بلدنا – حتى بمعزل عن التاريخ - و حذرنا طويلا من فجائع مخرجات حملة بيع مقدرات الدولة الاردنية .
كنا – بوضوح – نستفز الشعور الوطني للاردنيين بعد حقبة تمادي من جهات متعددة استعذبت تبهيت الهوية الوطنية الاردنية بعضها لغايات بيع كل شيء يخص الاردنيين دون مقاومة منهم لطالما ان الشعور الوطني غير مسيطر عليهم , و من جهات اخرى لها احقاد سياسية بلا مبرر حقيقي و تريد ان تشفي غليلها القائم اصلا على الوهم و على نفسيات مضطربه و وقحه تنكر تضحيات الاردنيين .
من المضحك حقا ان البعض كان يصفنا بأننا ' احفاد سايكس – بيكو ' في محاولة للتشكيك بنوايانا ' الاردنية ' مع ان هؤلاء ذاتهم لا يطلقون على انفسهم هكذا لقب مع انهم يتغنون بدول قطرية عربية اخرى رسمت حدودها باقلام ' يايكس – بيكو ' و يدافعون عنها و يتغنون بها , يا للعجب !
اليوم ارتفع منسوب الشعور الوطني كثيرا , بصراحة , اين كنا و اين صرنا !. اسم الشهيد وصفي التل يستعاد بكثافة في الخطاب الوطني بعد عشرات السنين من ' الاقامة الجبرية ' و ' العزلة ' التي ضربت عليه مخافة التهم اياها . الذين يستحضرون اسم الشهيد التل ليسوا اليوم من ' اليمين الاردني ' للعلم , هناك عقلاء من الاردنيين من اصول فلسطينية يستجمعون شجاعتهم و عقلانيتهم فيعيدون البحث في سيرته التي ' كانت ' تتداول بطريقة ظالمه و تتوارث بدس الاكاذيب و التشويه المتعمد الذي عادة ما يحدث دون اي عقل نقدي و تحت وطأة الهوج العام و الارتخاء لما هو متداول شعبيا .
هل ابتعدت عن موضوع سؤال ' الوسوف ' ؟!
حتما لا . ما اود قوله ان الشعور الوطني الذي كان محرما و سعينا لاستعادة ليس هو ما اردناه تمام على هذا النحو . صحيح اننا اليوم نشهد تصاعد نسبة المؤمنين بالدولة الاردنية – خصوصا بعد كوارث انحراف الربيع العربي - لكن هؤلاء يكتفون بالعاطفة الوطنية وحدها دون تحكيم العقل , هؤلاء يظنون ان اي سؤال او اية ملاحظة هي تشكيك بوطنهم و يتعالمون معها بالتكفير الفوري .
نحن لا نرى الاردن مركز الكون على الاطلاق , لكننا ايضا لا نرى الاردن بلا حول و لا قوى و لا نراه دولة رخوة من حيث المبدأ بل ان الظروف و الاحداث اثبتت ان بلدنا قادر على لعب دور عروبي يكفل باستعادة التضامن العربي و وقف الانهيار لكن بشروط عدة اهمها وجود حكومات وطنية تقدمية . اذا كان الاردن مريضا فإننا نفكر - اولا - بعدم التخلي عنه لكونه مريضا و نفكر – ثانيا - في علاجه , لا في التخلي عنه و ادخاله لدار العجزة !
من اسوأ ما قاله احد الحضور ردا على سؤال' الوسوف ' : انا سلطي ! . للاسف هكذا اجابة تؤكد ان سؤال ' الوسوف ' سؤال مشروع حيث ان الاجابة لم تكن ' انا عربي اردني ' مثلا !
بأي حال نحن اليوم امام مديونية ضخمة جاوزت ال 30 مليارا من الدولارت لم ترتد علينا كشعب بشيء, في الوقت الذي كانت فيه اقل من ربع ذلك حتى اواخر التسعينات , الاهم من ذلك أننا كنا نملك حينها مياء الدولة الوحيد و مطاراته و اتصالاته و قطاعه التعديني و كنا ننعم بمستوى تعليم متميز و برعاية صحية متقدمة و كان دخل الموظف يغطي متطلبات الحياة و كانت المخدرات موضع استهجان و استعداء المجتمع و الدولة معا بعكس اليوم , و كنا مجتمعا متسامحا و معتدلا قل ان نبتلى بحمى الطائفية التي لم يكن لنا بها اي علاقة تاريخيا . الزراعه اليوم في تراجع رهيب . قطاع الصناعة ينزف مستثمرين , السياحة عاجزة تماما رغم ان لدينا البتراء التي تعتبر من اهم وجهات السياحة عالميا , نزاود على كل من يعادي الكيان برغم ان سفارته في عمان , جرائم يومية في بيوتنا , نشتم كل العرب برغم حاجتنا لهم و دعم بعضهم لنا !
اليوم , تأمل بحالك ايها الاردني المقدام و انت تنهال بالشتم فقط على مطرب بات صوته يشبه نعيق الغراب و يطرح سؤالا مؤلما من طراز ' على شو رافعين راسكم ' ؟!
' على شو رافعين راسنا ' اليوم بالذات ؟!
كن صادقا و لو مرة .
التعليقات