منذ عدة اشهر ، تنادى جمع من ابناء الاردن ، من مختلف انحاء الوطن ، ومن الغيورين عليه ، الحريصون على وحدته ومستقبله ، وعلى رأسهم معالي الاستاذ محمد داودية ، لانشاء تجمع باسم 'مجموعة الحوار الوطني' ، وهي الان قيد التأسيس ، كجمعية سياسية غير حزبية ، اي انها ليست نواة لحزب سياسي ، بل تضم خليطا متجانسا من الاردنيين ، متعددو الانتماءات السياسية قوميين ويساريين وووطنيين مستقلين ، يلتقون على قواسم مشتركة ، ابرزها العمل على تعزيز الوحدة الوطنية ، وحماية الاردن من التطرف والغلو المؤديان للارهاب ، الذي اجتاح اقطارا شقيقة حولنا ، ومساندة مسيرة الاصلاح التي تتبناها قيادتنا ، وفضح ومحاربة كل اشكال الفساد ، من خلال الحوار الهادف البناء ، وهذا هو اساس تشكيل مجموعة الحوار الوطني ، اعتماد الحوار كوسيلة لتحقيق اهدافها .
نحن في الاردن ، نعيش حرية الكلمة والتعبير عن الراي ، منذ بداية عهد الديمقراطية عام 1989 ، لكننا نفتقد الحوار ، ان يدنو كل طرف من الاخر ، يقول كل طرف ما لديه ، ويستمع لرد الاخر وتوضيحاته ، وما لديه من معطيات ، تؤثر على القرار .
لو نظرنا الى حالنا في الاردن اليوم ، نجد اننا نعيش حالات من التشنج والتخبط والتمترس ، حول مطالب وشعارات ، قد لا تكون قابلة للتطبيق العملي ، فالمعلومة والارقام والتجارب ونتائجها ، عناصر مهمة في الحوار ، انها المعطيات الحقيقية لاتخاذ الموقف السليم ، تهيئنا للولوج الى الطريق الصحيح ، الذي به نحقق نتائج جزئية او كاملة ، سريعة او متانية ، حسب ما يمكن الاتفاق عليه ، وحسب ما تسمح به المعطيات ، وما يخلص اليه فهمنا المشترك ، لابعاد اي قضية وطنية .
اننا في الاردن نفتقد الحوار بين مختلف فئات شعبنا ، وبين مختلف احزابنا ، وبين الاحزاب والشعب ، وفي داخل احزابنا نفسها ، وبين نوابنا وناخبيهم بعد الفوز ، وبين كل هولاء والحكومة ، فالحراكات الشعبية ، التي انطلقت قبل ما يسمى بالربيع ، اختارت الشارع ، وتمترست فيه ، ورفعت شعارات جامدة ، ولم تنطلق اي مبادرة حوار بينها وبين الحكومات المتعاقبة ، لا بل ان هذه الحراكات الشعبية ، افتقدت الحوار بين اطرافها العديدين ، وعاشت الانقسمات والتشرذم ، ولم تستطع توحيد مطالبها ، كما افتقدت الحوار مع الاحزاب ، فاصبحت الحراكات في واد والاحزاب في واد اخر ، ولم يستطيعوا الالتقاء معا حتى في الشارع اثناء الحراك .
الاحزاب نفسها لم تستطع الاقتراب من الشعب ، والذي يفترض انه يشكل قوتها الدافعة ، وتعيش عزلة كبيرة عنه ، فلقد افتقدت الى لغة الحوار مع جماهيرها ، وهي اساس وجودها ، وعماد تطلعاتها المستقبلية ، اضافة الى ان بعضها ، يمارس فسادا وديكتاتورية ، تحتضن ما يمكن تسميتهم بالسحيجة لشخص راس الحزب ، والذي استغل هذا التسحيج ، كي يبقى زعيما للحزب ، ويلجأ للتخلص من العناصر الحزبية المعارضة ، تحت مسميات كاذبة ، كمسمى تطهير الحزب من العناصر الدخيلة ، او غيرها من المسميات ، التي يصفق لها سحيجة الحزب ، فمثل هذه الاحزاب ، تفتقد الى الحوار الديمقراطي الحقيقي بين اعضائها ، بل ان زعامتها تعادي الحوار ، الذي يعريها ويكشف عيوبها ، فكيف لها ان تمارس حوارا حقيقيا مع بعضها ومع الشعب والحكومات ؟
حتى نواب الشعب ، افتقدوا للحوار مع ناخبيهم بعد الفوز ، واقتصر الحوار المصلحي ، على فترة الدعاية الانتخابية ، حيث يتنافس المرشحون على التودد من الشعب ، وتشفيط الخدود بالتقبيل ، ووعود بانهار لبن وعسل سيجلبونها ، ثم يغيبون عن ناخبيهم ، لا بل يختبئون عنهم ، لحين موعد الانتخابات القادمة .
كل هولاء ، ما عدا النواب ، افتقدوا الحوار الحقيقي مع المسؤول الحكومي ، وهو الطرف الاهم في اي حوار ، لانه من يمتلك سلطة التنفيذ ، ومن يمتلك المعطيات ، حقائق وارقام وتجارب ونتائج التجارب ، فهذه المعطيات هي المؤثر الاكبر على اتخاذ القرار ، خاصة ان كانت الاطراف الاخرى ، حراكات واحزاب ، لا تمتلك البرامج البديلة الواقعية ، القابلة للتنفيذ العملي ، وتندرج معارضتها تحت بند المناكفة والاتهام فقط .
خلال عملي في شركة البوتاس العربية ، عقد المدير العام للشركة ، اجتماعا مع مدراء الدوائر ، لمناقشة شكوى احد المدراء ، من تقصير دائرة اخرى ، وبعد ان استمع المدير العام لوجهات نظر الطرفين ، قال للطرف المشتكي ، ما رايك ان اعينك مديرا لتلك الدائرة التي تشكو تقصيرها ، حتى تساهم في سد ثغرات التقصير في عملها ، فكان اقتراحا منطقيا ، خاصة ان مدير كل من تلك الدوائر ، قادر على ان يقوم بمهام الدائرة الاخرى ، طبعا رفض الطرف المشتكي ذلك الاقتراح ، بحجة انه غير ملم بظروف الدائرة الاخرى ، ولا يجد في نفسه الكفاءة للقيام بمهامها .
هذا هو حالنا في الاردن مع طرفي المعادلة الرئيسيين ، المسؤول الحكومي ، والمعارضون للسياسة الحكومية بشتى فصائلهم ، من هنا اقول ، ان تجربة مشاركة اطراف المعارضة في الحكم ، التي عشناها في الاردن في العقود الماضية ، كانت تجربة وطنية ناجحة الى حد كبير ، وبرأيي الشخصي انها لا يجب ان تنسحب على جميع اطراف المعارضة ، فهناك منهم من يسعى بمعارضته للوصول الى هذا الهدف ، لمنافع شخصية ، فالمسؤول الحزبي الذي يمارس الفساد الان ، وهو راس حزبه ، لا يمكن ان يؤتمن على منصب حكومي رفيع ، دون ان يمارس فساده فيه ، لكنني استطيع ان اقول ، انها في معظمها كانت ناجحة ، من خلال استعراض اسماء بعض الحزبيين ، الذين كانت مسيرتهم الحزبية عطرة ، والذين خاضوا تحربة العمل تحت الارض ، وتعرض بعضهم للسجن والملاحقة سابقا ، وها هم قد شاركوا في الحكم كوزراء ، لم يتخلوا عن مبادئهم التي من اجلها ناضلوا ، لكنها صقلت بالعقلانية .
اذكر من هذه الاسماء مع الاعتذار لمن فاتني ذكر اسمائهم ، ومع حفظ الالقاب ، مازن الساكت ، محمد داودية ، سمير الحباشنة ، ممدوح العبادي ، واعتبر من الظلم والتجني ، ان يتعرضوا لاتهامات البعض ، بانهم باعوا مبادئهم من اجل الحكم ، وهي تهمة جاهزة معلبة ، تطلق في وجه كل من اعمل العقل والمنطق في مبادئه ، فها هم اليوم ، ما زالوا قابضين على جمر مبادئهم واحلامهم ، واود هنا ان اذكر منهم ثلاثة تقربنا منهم بالالتقاء معهم ، اولهم الاستاذ مازن الساكت ، الذي كان لنا معه حوار في مجموعة الحوار الوطني قبل اسابيع ، بدا فيه كانه امين عام حزب قومي ، يفيض قومية وغيرة وطنية وقومية ، ويجاهر بافكار تقدمية ، جعلتنا نحن المتمترسين منذ عشرات السنين ، حول افكار متجمدة متعفنة ، نسيء الى كل مسؤول حكومي ، ونضعه في قائمة المعادين لطموحات الشعب ، والساعين لمصالح شخصية ، تناقض المصلحة الشعبية ، اما الثاني ، فهو الدكتور ممدوح العبادي ، الذي ما زال على العهد ، وطنيا وقوميا كما كان دوما ، والذي كان لنا فرصة الالتقاء به في ندوة حوارية ، مع مجموعة العمل الوطني ، اما الثالث ، الذي عرفته شخصيا منذ اشهر فقط ، هو الاستاذ محمد داودية ، رئيس مجموعة الحوار الوطني ، والمبادر الى انشائها ، وهو الحزبي الذي مارس العمل تحت الارض ، والاعلامي والكاتب ، الذي حورب بلقمة عيشه وعيش عائلته ابان الاحكام العرفية ، والذي وصل الى منصب وزير لمرتين برافعة عضويته في مجلس النواب ، وسفير لثلاث مرات ، وما زال على العهد ، يجمع الوفاء لانتماءه الحزبي مع الانتماء الوطني ، اما المهندس سمير حباشنة ، فاني اعرفه منذ سنوات طويلة ، من خلال عدة مناسبات اجتماعية ، ومما يشهد به الكثيرون عنه ، ما زال ايضا على وفائه لانتمائه القومي ، وهو الحزبي الذي سجن اكثر من مرة ، داخل الاردن وخارجه ، بسبب انتمائه الحزبي .
قبل عام 1989 ، وهو بداية عهد الديمقراطية ، كانت الاحزاب تعمل تحت الارض ، وكانت برامجها ، وخاصة في الخمسينات والستينات ، برامج انقلابية ، تهدف الى ازاحة نظام الحكم في الاردن ، واستبداله بنظام حكم ثوري جديد ، وبعد الديمقراطية ، اعترفت الاحزاب بالنظام في الاردن ، وبدأت العمل تحت رايته ، واصبحت معارضتها موجهة للحكومات وليس للنظام ، وبالتالي اصبحت الاحزاب جزء من الدولة الاردنية ، واصبحت مشاركة افراد منها في الحكم امرا طبيعيا ، ونتمنى على احزابنا ، ان تنسجم مع مبادئها واهدافها ، وان تصل ببرامجها والتفاف الجماهير حولها ، الى مرحلة تشكيل الحكومات ، وليس المشاركة بالحكم فقط .
من هنا نحن مدعون جميعا الى تعزيز ثقافة الحوار والالتقاء ، ومن هنا كانت مجموعة الحوار الوطني ، ففي الحوار ونتائجه الايجابية ، تعزيز لوحدتنا الوطنية ، ومنعة لبلدنا .
مالك نصراوين
عضو مؤسس في مجموعة الحوار الوطني
1\9\2015
منذ عدة اشهر ، تنادى جمع من ابناء الاردن ، من مختلف انحاء الوطن ، ومن الغيورين عليه ، الحريصون على وحدته ومستقبله ، وعلى رأسهم معالي الاستاذ محمد داودية ، لانشاء تجمع باسم 'مجموعة الحوار الوطني' ، وهي الان قيد التأسيس ، كجمعية سياسية غير حزبية ، اي انها ليست نواة لحزب سياسي ، بل تضم خليطا متجانسا من الاردنيين ، متعددو الانتماءات السياسية قوميين ويساريين وووطنيين مستقلين ، يلتقون على قواسم مشتركة ، ابرزها العمل على تعزيز الوحدة الوطنية ، وحماية الاردن من التطرف والغلو المؤديان للارهاب ، الذي اجتاح اقطارا شقيقة حولنا ، ومساندة مسيرة الاصلاح التي تتبناها قيادتنا ، وفضح ومحاربة كل اشكال الفساد ، من خلال الحوار الهادف البناء ، وهذا هو اساس تشكيل مجموعة الحوار الوطني ، اعتماد الحوار كوسيلة لتحقيق اهدافها .
نحن في الاردن ، نعيش حرية الكلمة والتعبير عن الراي ، منذ بداية عهد الديمقراطية عام 1989 ، لكننا نفتقد الحوار ، ان يدنو كل طرف من الاخر ، يقول كل طرف ما لديه ، ويستمع لرد الاخر وتوضيحاته ، وما لديه من معطيات ، تؤثر على القرار .
لو نظرنا الى حالنا في الاردن اليوم ، نجد اننا نعيش حالات من التشنج والتخبط والتمترس ، حول مطالب وشعارات ، قد لا تكون قابلة للتطبيق العملي ، فالمعلومة والارقام والتجارب ونتائجها ، عناصر مهمة في الحوار ، انها المعطيات الحقيقية لاتخاذ الموقف السليم ، تهيئنا للولوج الى الطريق الصحيح ، الذي به نحقق نتائج جزئية او كاملة ، سريعة او متانية ، حسب ما يمكن الاتفاق عليه ، وحسب ما تسمح به المعطيات ، وما يخلص اليه فهمنا المشترك ، لابعاد اي قضية وطنية .
اننا في الاردن نفتقد الحوار بين مختلف فئات شعبنا ، وبين مختلف احزابنا ، وبين الاحزاب والشعب ، وفي داخل احزابنا نفسها ، وبين نوابنا وناخبيهم بعد الفوز ، وبين كل هولاء والحكومة ، فالحراكات الشعبية ، التي انطلقت قبل ما يسمى بالربيع ، اختارت الشارع ، وتمترست فيه ، ورفعت شعارات جامدة ، ولم تنطلق اي مبادرة حوار بينها وبين الحكومات المتعاقبة ، لا بل ان هذه الحراكات الشعبية ، افتقدت الحوار بين اطرافها العديدين ، وعاشت الانقسمات والتشرذم ، ولم تستطع توحيد مطالبها ، كما افتقدت الحوار مع الاحزاب ، فاصبحت الحراكات في واد والاحزاب في واد اخر ، ولم يستطيعوا الالتقاء معا حتى في الشارع اثناء الحراك .
الاحزاب نفسها لم تستطع الاقتراب من الشعب ، والذي يفترض انه يشكل قوتها الدافعة ، وتعيش عزلة كبيرة عنه ، فلقد افتقدت الى لغة الحوار مع جماهيرها ، وهي اساس وجودها ، وعماد تطلعاتها المستقبلية ، اضافة الى ان بعضها ، يمارس فسادا وديكتاتورية ، تحتضن ما يمكن تسميتهم بالسحيجة لشخص راس الحزب ، والذي استغل هذا التسحيج ، كي يبقى زعيما للحزب ، ويلجأ للتخلص من العناصر الحزبية المعارضة ، تحت مسميات كاذبة ، كمسمى تطهير الحزب من العناصر الدخيلة ، او غيرها من المسميات ، التي يصفق لها سحيجة الحزب ، فمثل هذه الاحزاب ، تفتقد الى الحوار الديمقراطي الحقيقي بين اعضائها ، بل ان زعامتها تعادي الحوار ، الذي يعريها ويكشف عيوبها ، فكيف لها ان تمارس حوارا حقيقيا مع بعضها ومع الشعب والحكومات ؟
حتى نواب الشعب ، افتقدوا للحوار مع ناخبيهم بعد الفوز ، واقتصر الحوار المصلحي ، على فترة الدعاية الانتخابية ، حيث يتنافس المرشحون على التودد من الشعب ، وتشفيط الخدود بالتقبيل ، ووعود بانهار لبن وعسل سيجلبونها ، ثم يغيبون عن ناخبيهم ، لا بل يختبئون عنهم ، لحين موعد الانتخابات القادمة .
كل هولاء ، ما عدا النواب ، افتقدوا الحوار الحقيقي مع المسؤول الحكومي ، وهو الطرف الاهم في اي حوار ، لانه من يمتلك سلطة التنفيذ ، ومن يمتلك المعطيات ، حقائق وارقام وتجارب ونتائج التجارب ، فهذه المعطيات هي المؤثر الاكبر على اتخاذ القرار ، خاصة ان كانت الاطراف الاخرى ، حراكات واحزاب ، لا تمتلك البرامج البديلة الواقعية ، القابلة للتنفيذ العملي ، وتندرج معارضتها تحت بند المناكفة والاتهام فقط .
خلال عملي في شركة البوتاس العربية ، عقد المدير العام للشركة ، اجتماعا مع مدراء الدوائر ، لمناقشة شكوى احد المدراء ، من تقصير دائرة اخرى ، وبعد ان استمع المدير العام لوجهات نظر الطرفين ، قال للطرف المشتكي ، ما رايك ان اعينك مديرا لتلك الدائرة التي تشكو تقصيرها ، حتى تساهم في سد ثغرات التقصير في عملها ، فكان اقتراحا منطقيا ، خاصة ان مدير كل من تلك الدوائر ، قادر على ان يقوم بمهام الدائرة الاخرى ، طبعا رفض الطرف المشتكي ذلك الاقتراح ، بحجة انه غير ملم بظروف الدائرة الاخرى ، ولا يجد في نفسه الكفاءة للقيام بمهامها .
هذا هو حالنا في الاردن مع طرفي المعادلة الرئيسيين ، المسؤول الحكومي ، والمعارضون للسياسة الحكومية بشتى فصائلهم ، من هنا اقول ، ان تجربة مشاركة اطراف المعارضة في الحكم ، التي عشناها في الاردن في العقود الماضية ، كانت تجربة وطنية ناجحة الى حد كبير ، وبرأيي الشخصي انها لا يجب ان تنسحب على جميع اطراف المعارضة ، فهناك منهم من يسعى بمعارضته للوصول الى هذا الهدف ، لمنافع شخصية ، فالمسؤول الحزبي الذي يمارس الفساد الان ، وهو راس حزبه ، لا يمكن ان يؤتمن على منصب حكومي رفيع ، دون ان يمارس فساده فيه ، لكنني استطيع ان اقول ، انها في معظمها كانت ناجحة ، من خلال استعراض اسماء بعض الحزبيين ، الذين كانت مسيرتهم الحزبية عطرة ، والذين خاضوا تحربة العمل تحت الارض ، وتعرض بعضهم للسجن والملاحقة سابقا ، وها هم قد شاركوا في الحكم كوزراء ، لم يتخلوا عن مبادئهم التي من اجلها ناضلوا ، لكنها صقلت بالعقلانية .
اذكر من هذه الاسماء مع الاعتذار لمن فاتني ذكر اسمائهم ، ومع حفظ الالقاب ، مازن الساكت ، محمد داودية ، سمير الحباشنة ، ممدوح العبادي ، واعتبر من الظلم والتجني ، ان يتعرضوا لاتهامات البعض ، بانهم باعوا مبادئهم من اجل الحكم ، وهي تهمة جاهزة معلبة ، تطلق في وجه كل من اعمل العقل والمنطق في مبادئه ، فها هم اليوم ، ما زالوا قابضين على جمر مبادئهم واحلامهم ، واود هنا ان اذكر منهم ثلاثة تقربنا منهم بالالتقاء معهم ، اولهم الاستاذ مازن الساكت ، الذي كان لنا معه حوار في مجموعة الحوار الوطني قبل اسابيع ، بدا فيه كانه امين عام حزب قومي ، يفيض قومية وغيرة وطنية وقومية ، ويجاهر بافكار تقدمية ، جعلتنا نحن المتمترسين منذ عشرات السنين ، حول افكار متجمدة متعفنة ، نسيء الى كل مسؤول حكومي ، ونضعه في قائمة المعادين لطموحات الشعب ، والساعين لمصالح شخصية ، تناقض المصلحة الشعبية ، اما الثاني ، فهو الدكتور ممدوح العبادي ، الذي ما زال على العهد ، وطنيا وقوميا كما كان دوما ، والذي كان لنا فرصة الالتقاء به في ندوة حوارية ، مع مجموعة العمل الوطني ، اما الثالث ، الذي عرفته شخصيا منذ اشهر فقط ، هو الاستاذ محمد داودية ، رئيس مجموعة الحوار الوطني ، والمبادر الى انشائها ، وهو الحزبي الذي مارس العمل تحت الارض ، والاعلامي والكاتب ، الذي حورب بلقمة عيشه وعيش عائلته ابان الاحكام العرفية ، والذي وصل الى منصب وزير لمرتين برافعة عضويته في مجلس النواب ، وسفير لثلاث مرات ، وما زال على العهد ، يجمع الوفاء لانتماءه الحزبي مع الانتماء الوطني ، اما المهندس سمير حباشنة ، فاني اعرفه منذ سنوات طويلة ، من خلال عدة مناسبات اجتماعية ، ومما يشهد به الكثيرون عنه ، ما زال ايضا على وفائه لانتمائه القومي ، وهو الحزبي الذي سجن اكثر من مرة ، داخل الاردن وخارجه ، بسبب انتمائه الحزبي .
قبل عام 1989 ، وهو بداية عهد الديمقراطية ، كانت الاحزاب تعمل تحت الارض ، وكانت برامجها ، وخاصة في الخمسينات والستينات ، برامج انقلابية ، تهدف الى ازاحة نظام الحكم في الاردن ، واستبداله بنظام حكم ثوري جديد ، وبعد الديمقراطية ، اعترفت الاحزاب بالنظام في الاردن ، وبدأت العمل تحت رايته ، واصبحت معارضتها موجهة للحكومات وليس للنظام ، وبالتالي اصبحت الاحزاب جزء من الدولة الاردنية ، واصبحت مشاركة افراد منها في الحكم امرا طبيعيا ، ونتمنى على احزابنا ، ان تنسجم مع مبادئها واهدافها ، وان تصل ببرامجها والتفاف الجماهير حولها ، الى مرحلة تشكيل الحكومات ، وليس المشاركة بالحكم فقط .
من هنا نحن مدعون جميعا الى تعزيز ثقافة الحوار والالتقاء ، ومن هنا كانت مجموعة الحوار الوطني ، ففي الحوار ونتائجه الايجابية ، تعزيز لوحدتنا الوطنية ، ومنعة لبلدنا .
مالك نصراوين
عضو مؤسس في مجموعة الحوار الوطني
1\9\2015
منذ عدة اشهر ، تنادى جمع من ابناء الاردن ، من مختلف انحاء الوطن ، ومن الغيورين عليه ، الحريصون على وحدته ومستقبله ، وعلى رأسهم معالي الاستاذ محمد داودية ، لانشاء تجمع باسم 'مجموعة الحوار الوطني' ، وهي الان قيد التأسيس ، كجمعية سياسية غير حزبية ، اي انها ليست نواة لحزب سياسي ، بل تضم خليطا متجانسا من الاردنيين ، متعددو الانتماءات السياسية قوميين ويساريين وووطنيين مستقلين ، يلتقون على قواسم مشتركة ، ابرزها العمل على تعزيز الوحدة الوطنية ، وحماية الاردن من التطرف والغلو المؤديان للارهاب ، الذي اجتاح اقطارا شقيقة حولنا ، ومساندة مسيرة الاصلاح التي تتبناها قيادتنا ، وفضح ومحاربة كل اشكال الفساد ، من خلال الحوار الهادف البناء ، وهذا هو اساس تشكيل مجموعة الحوار الوطني ، اعتماد الحوار كوسيلة لتحقيق اهدافها .
نحن في الاردن ، نعيش حرية الكلمة والتعبير عن الراي ، منذ بداية عهد الديمقراطية عام 1989 ، لكننا نفتقد الحوار ، ان يدنو كل طرف من الاخر ، يقول كل طرف ما لديه ، ويستمع لرد الاخر وتوضيحاته ، وما لديه من معطيات ، تؤثر على القرار .
لو نظرنا الى حالنا في الاردن اليوم ، نجد اننا نعيش حالات من التشنج والتخبط والتمترس ، حول مطالب وشعارات ، قد لا تكون قابلة للتطبيق العملي ، فالمعلومة والارقام والتجارب ونتائجها ، عناصر مهمة في الحوار ، انها المعطيات الحقيقية لاتخاذ الموقف السليم ، تهيئنا للولوج الى الطريق الصحيح ، الذي به نحقق نتائج جزئية او كاملة ، سريعة او متانية ، حسب ما يمكن الاتفاق عليه ، وحسب ما تسمح به المعطيات ، وما يخلص اليه فهمنا المشترك ، لابعاد اي قضية وطنية .
اننا في الاردن نفتقد الحوار بين مختلف فئات شعبنا ، وبين مختلف احزابنا ، وبين الاحزاب والشعب ، وفي داخل احزابنا نفسها ، وبين نوابنا وناخبيهم بعد الفوز ، وبين كل هولاء والحكومة ، فالحراكات الشعبية ، التي انطلقت قبل ما يسمى بالربيع ، اختارت الشارع ، وتمترست فيه ، ورفعت شعارات جامدة ، ولم تنطلق اي مبادرة حوار بينها وبين الحكومات المتعاقبة ، لا بل ان هذه الحراكات الشعبية ، افتقدت الحوار بين اطرافها العديدين ، وعاشت الانقسمات والتشرذم ، ولم تستطع توحيد مطالبها ، كما افتقدت الحوار مع الاحزاب ، فاصبحت الحراكات في واد والاحزاب في واد اخر ، ولم يستطيعوا الالتقاء معا حتى في الشارع اثناء الحراك .
الاحزاب نفسها لم تستطع الاقتراب من الشعب ، والذي يفترض انه يشكل قوتها الدافعة ، وتعيش عزلة كبيرة عنه ، فلقد افتقدت الى لغة الحوار مع جماهيرها ، وهي اساس وجودها ، وعماد تطلعاتها المستقبلية ، اضافة الى ان بعضها ، يمارس فسادا وديكتاتورية ، تحتضن ما يمكن تسميتهم بالسحيجة لشخص راس الحزب ، والذي استغل هذا التسحيج ، كي يبقى زعيما للحزب ، ويلجأ للتخلص من العناصر الحزبية المعارضة ، تحت مسميات كاذبة ، كمسمى تطهير الحزب من العناصر الدخيلة ، او غيرها من المسميات ، التي يصفق لها سحيجة الحزب ، فمثل هذه الاحزاب ، تفتقد الى الحوار الديمقراطي الحقيقي بين اعضائها ، بل ان زعامتها تعادي الحوار ، الذي يعريها ويكشف عيوبها ، فكيف لها ان تمارس حوارا حقيقيا مع بعضها ومع الشعب والحكومات ؟
حتى نواب الشعب ، افتقدوا للحوار مع ناخبيهم بعد الفوز ، واقتصر الحوار المصلحي ، على فترة الدعاية الانتخابية ، حيث يتنافس المرشحون على التودد من الشعب ، وتشفيط الخدود بالتقبيل ، ووعود بانهار لبن وعسل سيجلبونها ، ثم يغيبون عن ناخبيهم ، لا بل يختبئون عنهم ، لحين موعد الانتخابات القادمة .
كل هولاء ، ما عدا النواب ، افتقدوا الحوار الحقيقي مع المسؤول الحكومي ، وهو الطرف الاهم في اي حوار ، لانه من يمتلك سلطة التنفيذ ، ومن يمتلك المعطيات ، حقائق وارقام وتجارب ونتائج التجارب ، فهذه المعطيات هي المؤثر الاكبر على اتخاذ القرار ، خاصة ان كانت الاطراف الاخرى ، حراكات واحزاب ، لا تمتلك البرامج البديلة الواقعية ، القابلة للتنفيذ العملي ، وتندرج معارضتها تحت بند المناكفة والاتهام فقط .
خلال عملي في شركة البوتاس العربية ، عقد المدير العام للشركة ، اجتماعا مع مدراء الدوائر ، لمناقشة شكوى احد المدراء ، من تقصير دائرة اخرى ، وبعد ان استمع المدير العام لوجهات نظر الطرفين ، قال للطرف المشتكي ، ما رايك ان اعينك مديرا لتلك الدائرة التي تشكو تقصيرها ، حتى تساهم في سد ثغرات التقصير في عملها ، فكان اقتراحا منطقيا ، خاصة ان مدير كل من تلك الدوائر ، قادر على ان يقوم بمهام الدائرة الاخرى ، طبعا رفض الطرف المشتكي ذلك الاقتراح ، بحجة انه غير ملم بظروف الدائرة الاخرى ، ولا يجد في نفسه الكفاءة للقيام بمهامها .
هذا هو حالنا في الاردن مع طرفي المعادلة الرئيسيين ، المسؤول الحكومي ، والمعارضون للسياسة الحكومية بشتى فصائلهم ، من هنا اقول ، ان تجربة مشاركة اطراف المعارضة في الحكم ، التي عشناها في الاردن في العقود الماضية ، كانت تجربة وطنية ناجحة الى حد كبير ، وبرأيي الشخصي انها لا يجب ان تنسحب على جميع اطراف المعارضة ، فهناك منهم من يسعى بمعارضته للوصول الى هذا الهدف ، لمنافع شخصية ، فالمسؤول الحزبي الذي يمارس الفساد الان ، وهو راس حزبه ، لا يمكن ان يؤتمن على منصب حكومي رفيع ، دون ان يمارس فساده فيه ، لكنني استطيع ان اقول ، انها في معظمها كانت ناجحة ، من خلال استعراض اسماء بعض الحزبيين ، الذين كانت مسيرتهم الحزبية عطرة ، والذين خاضوا تحربة العمل تحت الارض ، وتعرض بعضهم للسجن والملاحقة سابقا ، وها هم قد شاركوا في الحكم كوزراء ، لم يتخلوا عن مبادئهم التي من اجلها ناضلوا ، لكنها صقلت بالعقلانية .
اذكر من هذه الاسماء مع الاعتذار لمن فاتني ذكر اسمائهم ، ومع حفظ الالقاب ، مازن الساكت ، محمد داودية ، سمير الحباشنة ، ممدوح العبادي ، واعتبر من الظلم والتجني ، ان يتعرضوا لاتهامات البعض ، بانهم باعوا مبادئهم من اجل الحكم ، وهي تهمة جاهزة معلبة ، تطلق في وجه كل من اعمل العقل والمنطق في مبادئه ، فها هم اليوم ، ما زالوا قابضين على جمر مبادئهم واحلامهم ، واود هنا ان اذكر منهم ثلاثة تقربنا منهم بالالتقاء معهم ، اولهم الاستاذ مازن الساكت ، الذي كان لنا معه حوار في مجموعة الحوار الوطني قبل اسابيع ، بدا فيه كانه امين عام حزب قومي ، يفيض قومية وغيرة وطنية وقومية ، ويجاهر بافكار تقدمية ، جعلتنا نحن المتمترسين منذ عشرات السنين ، حول افكار متجمدة متعفنة ، نسيء الى كل مسؤول حكومي ، ونضعه في قائمة المعادين لطموحات الشعب ، والساعين لمصالح شخصية ، تناقض المصلحة الشعبية ، اما الثاني ، فهو الدكتور ممدوح العبادي ، الذي ما زال على العهد ، وطنيا وقوميا كما كان دوما ، والذي كان لنا فرصة الالتقاء به في ندوة حوارية ، مع مجموعة العمل الوطني ، اما الثالث ، الذي عرفته شخصيا منذ اشهر فقط ، هو الاستاذ محمد داودية ، رئيس مجموعة الحوار الوطني ، والمبادر الى انشائها ، وهو الحزبي الذي مارس العمل تحت الارض ، والاعلامي والكاتب ، الذي حورب بلقمة عيشه وعيش عائلته ابان الاحكام العرفية ، والذي وصل الى منصب وزير لمرتين برافعة عضويته في مجلس النواب ، وسفير لثلاث مرات ، وما زال على العهد ، يجمع الوفاء لانتماءه الحزبي مع الانتماء الوطني ، اما المهندس سمير حباشنة ، فاني اعرفه منذ سنوات طويلة ، من خلال عدة مناسبات اجتماعية ، ومما يشهد به الكثيرون عنه ، ما زال ايضا على وفائه لانتمائه القومي ، وهو الحزبي الذي سجن اكثر من مرة ، داخل الاردن وخارجه ، بسبب انتمائه الحزبي .
قبل عام 1989 ، وهو بداية عهد الديمقراطية ، كانت الاحزاب تعمل تحت الارض ، وكانت برامجها ، وخاصة في الخمسينات والستينات ، برامج انقلابية ، تهدف الى ازاحة نظام الحكم في الاردن ، واستبداله بنظام حكم ثوري جديد ، وبعد الديمقراطية ، اعترفت الاحزاب بالنظام في الاردن ، وبدأت العمل تحت رايته ، واصبحت معارضتها موجهة للحكومات وليس للنظام ، وبالتالي اصبحت الاحزاب جزء من الدولة الاردنية ، واصبحت مشاركة افراد منها في الحكم امرا طبيعيا ، ونتمنى على احزابنا ، ان تنسجم مع مبادئها واهدافها ، وان تصل ببرامجها والتفاف الجماهير حولها ، الى مرحلة تشكيل الحكومات ، وليس المشاركة بالحكم فقط .
من هنا نحن مدعون جميعا الى تعزيز ثقافة الحوار والالتقاء ، ومن هنا كانت مجموعة الحوار الوطني ، ففي الحوار ونتائجه الايجابية ، تعزيز لوحدتنا الوطنية ، ومنعة لبلدنا .
مالك نصراوين
عضو مؤسس في مجموعة الحوار الوطني
1\9\2015
التعليقات