كتب ايهاب سلامة - تخيل .. لو كان الطفل الذي انفجرت به القنبلة يوم أمس في 'دوما' .. ابنك ! تخيل .. لو كانت المرأة التي تصرخ وهي تباع باسواق النخاسين بسورية .. أختك ! لو أن العجوز الذي يدوس على وقار شيباته كل المرتزقة والخنازير ببساطيرهم يأحياء الموصل والرمادي .. أبيك. تخيل .. لو أن الطفلة المرعوبة خوفا من أصوات القذائف تبكي باحثة عمن يحضنها في أحياء طرابلس وبنغازي .. ابنتك. لو كانت تلك الأشلاء المتناثرة على أرصفة الطرقات بغزة ورفح وخانيونس .. بقايا أمك .
لو كنت أنت المقيد بالسلاسل تراقب سفلة البشرية وقواديها في مدن الخراب العربي وهم يمزقون الثياب عن جسد زوجتك ويغتصبونها أمام مرأى عينيك وعجزك وضعفك. تخيل .. وتخيل ..
قبل أن يتخنث رجال هذه الأمة، ويصبحوا عبيدا للأفلام الخلاعية، وتتحول شواربهم مداساً لأحذية الغرب و'إسرائيل'، كانت كل امرأة عربية هي أختك أو أمك.
كانت سكاكين ضمائرنا تطعن أفئدتنا إذا ما تأوه واحدنا ألماً .. وكنا ندعي زوراً وكذباً بأننا : أعز بني الدنيا وأعلى ذوي العلا وأكــرم من فوق التراب ولا فخـرُ .
الان تذبح بلاد عربية بأكملها على مرأى أعيننا، دون أن تهتز شعرة واحدة من شوارب رجولتنا الكاذبة.
تغتصب العروبة كل لحظة في بث حي مباشر، وتدمر مدن وتهدم مساجد دون أن تستيقظ مشاعرنا المتحجرة.
ماتت ضمائرنا.. ماتت أحاسيسنا وانفعالاتنا.. ووصلنا الى أسفل درك البلادة وصارت لحومنا معروضة في أسواق البشرية للبيع ولا أرخص..
أصبحنا نقلّب قنوات التلفاز كالبهاليل باحثين عن أغنية هابطة، وتمر أمام نظراتنا المشدوهة أشلاء العروبة دون أن تتحرك فينا نخوة أو نذرف لو حتى دمعة.
صارت هذه الامة مرتعا لكل جراثيم البشرية، ويعيث القتلة والسفلة فيها، والسفاحين الجزارين، ومنهم من يذبح اطفالاً وهو يسمي بالله .. الله أكبر !
وتسألني لماذا الدمعة لا تنضب ؟
كيف يمكنني أن اسلخ ديني عني.. عروبتي ؟ كيف يمكنني أن أصنف نفسي كانسان وانا اسمع أصوات الرضّع يستغيثون بأمهاتهم اللواتي قتلن ببراميل البارود المتفجرة .. ولا تنهمر شلالات دماء من عيني ؟
كيف اهنأ بإطعام ابني الصغير، 'باكيت شيبس' أو 'رضعة حليب' وأنا أرى عشرات الآلاف من الأطفال بعمره في درعا والغوطة والانبار وصنعاء وفلسطين ...ينامون على أشلاء أمهاتهم ؟ وعلى أنقاض بيوتهم الملطخة بدماء أسرهم التي فجرها سياسيون يتناطحون على المناصب والمغانم.. كيف ؟
كيف يمكنني أن أرى أبنائي يرتدون ملابسهم الجميلة، وأنا أشاهد ملايين الأطفال في بلادي، لا يجدون ما يرتدونه سوى بقايا ملابس الشهداء والقتلى، وما خلفه الراحلون عنهم في خزائنهم المحطمة !؟
كيف يمكن لعربي.. أن يفاخر بعد اليوم انه عربي .. وملايين من أبناء العروبة مذبوحين مهجرين ينامون بلا حتى وطن ؟
كيف يمكن لبشر، انسان، أو حيوان.. أن يقنع نفسه أن أمور بلادنا بخير.. وان أمتنا بخير.. وان غدنا القادم أفضل، كيف ؟
********* استوقفتني بالأمس قصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، طالما تغنينا فيها ذات جهل وطفولة، نشرها طفل سوري لاجىء في السويد، على أحد مواقع التواصل، مرفقاً مع كلماتها صورة لمهجّرين سوريين يبكون عقب وصولهم مهربّين الى سواحل اليونان، ساخراً من معانيها التي تقول : سجل ..أنا عربي. سألته : من أين أنت يا بني ؟. أجابني : أنا بكل أسف.. عربي !.
كتب ايهاب سلامة - تخيل .. لو كان الطفل الذي انفجرت به القنبلة يوم أمس في 'دوما' .. ابنك ! تخيل .. لو كانت المرأة التي تصرخ وهي تباع باسواق النخاسين بسورية .. أختك ! لو أن العجوز الذي يدوس على وقار شيباته كل المرتزقة والخنازير ببساطيرهم يأحياء الموصل والرمادي .. أبيك. تخيل .. لو أن الطفلة المرعوبة خوفا من أصوات القذائف تبكي باحثة عمن يحضنها في أحياء طرابلس وبنغازي .. ابنتك. لو كانت تلك الأشلاء المتناثرة على أرصفة الطرقات بغزة ورفح وخانيونس .. بقايا أمك .
لو كنت أنت المقيد بالسلاسل تراقب سفلة البشرية وقواديها في مدن الخراب العربي وهم يمزقون الثياب عن جسد زوجتك ويغتصبونها أمام مرأى عينيك وعجزك وضعفك. تخيل .. وتخيل ..
قبل أن يتخنث رجال هذه الأمة، ويصبحوا عبيدا للأفلام الخلاعية، وتتحول شواربهم مداساً لأحذية الغرب و'إسرائيل'، كانت كل امرأة عربية هي أختك أو أمك.
كانت سكاكين ضمائرنا تطعن أفئدتنا إذا ما تأوه واحدنا ألماً .. وكنا ندعي زوراً وكذباً بأننا : أعز بني الدنيا وأعلى ذوي العلا وأكــرم من فوق التراب ولا فخـرُ .
الان تذبح بلاد عربية بأكملها على مرأى أعيننا، دون أن تهتز شعرة واحدة من شوارب رجولتنا الكاذبة.
تغتصب العروبة كل لحظة في بث حي مباشر، وتدمر مدن وتهدم مساجد دون أن تستيقظ مشاعرنا المتحجرة.
ماتت ضمائرنا.. ماتت أحاسيسنا وانفعالاتنا.. ووصلنا الى أسفل درك البلادة وصارت لحومنا معروضة في أسواق البشرية للبيع ولا أرخص..
أصبحنا نقلّب قنوات التلفاز كالبهاليل باحثين عن أغنية هابطة، وتمر أمام نظراتنا المشدوهة أشلاء العروبة دون أن تتحرك فينا نخوة أو نذرف لو حتى دمعة.
صارت هذه الامة مرتعا لكل جراثيم البشرية، ويعيث القتلة والسفلة فيها، والسفاحين الجزارين، ومنهم من يذبح اطفالاً وهو يسمي بالله .. الله أكبر !
وتسألني لماذا الدمعة لا تنضب ؟
كيف يمكنني أن اسلخ ديني عني.. عروبتي ؟ كيف يمكنني أن أصنف نفسي كانسان وانا اسمع أصوات الرضّع يستغيثون بأمهاتهم اللواتي قتلن ببراميل البارود المتفجرة .. ولا تنهمر شلالات دماء من عيني ؟
كيف اهنأ بإطعام ابني الصغير، 'باكيت شيبس' أو 'رضعة حليب' وأنا أرى عشرات الآلاف من الأطفال بعمره في درعا والغوطة والانبار وصنعاء وفلسطين ...ينامون على أشلاء أمهاتهم ؟ وعلى أنقاض بيوتهم الملطخة بدماء أسرهم التي فجرها سياسيون يتناطحون على المناصب والمغانم.. كيف ؟
كيف يمكنني أن أرى أبنائي يرتدون ملابسهم الجميلة، وأنا أشاهد ملايين الأطفال في بلادي، لا يجدون ما يرتدونه سوى بقايا ملابس الشهداء والقتلى، وما خلفه الراحلون عنهم في خزائنهم المحطمة !؟
كيف يمكن لعربي.. أن يفاخر بعد اليوم انه عربي .. وملايين من أبناء العروبة مذبوحين مهجرين ينامون بلا حتى وطن ؟
كيف يمكن لبشر، انسان، أو حيوان.. أن يقنع نفسه أن أمور بلادنا بخير.. وان أمتنا بخير.. وان غدنا القادم أفضل، كيف ؟
********* استوقفتني بالأمس قصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، طالما تغنينا فيها ذات جهل وطفولة، نشرها طفل سوري لاجىء في السويد، على أحد مواقع التواصل، مرفقاً مع كلماتها صورة لمهجّرين سوريين يبكون عقب وصولهم مهربّين الى سواحل اليونان، ساخراً من معانيها التي تقول : سجل ..أنا عربي. سألته : من أين أنت يا بني ؟. أجابني : أنا بكل أسف.. عربي !.
كتب ايهاب سلامة - تخيل .. لو كان الطفل الذي انفجرت به القنبلة يوم أمس في 'دوما' .. ابنك ! تخيل .. لو كانت المرأة التي تصرخ وهي تباع باسواق النخاسين بسورية .. أختك ! لو أن العجوز الذي يدوس على وقار شيباته كل المرتزقة والخنازير ببساطيرهم يأحياء الموصل والرمادي .. أبيك. تخيل .. لو أن الطفلة المرعوبة خوفا من أصوات القذائف تبكي باحثة عمن يحضنها في أحياء طرابلس وبنغازي .. ابنتك. لو كانت تلك الأشلاء المتناثرة على أرصفة الطرقات بغزة ورفح وخانيونس .. بقايا أمك .
لو كنت أنت المقيد بالسلاسل تراقب سفلة البشرية وقواديها في مدن الخراب العربي وهم يمزقون الثياب عن جسد زوجتك ويغتصبونها أمام مرأى عينيك وعجزك وضعفك. تخيل .. وتخيل ..
قبل أن يتخنث رجال هذه الأمة، ويصبحوا عبيدا للأفلام الخلاعية، وتتحول شواربهم مداساً لأحذية الغرب و'إسرائيل'، كانت كل امرأة عربية هي أختك أو أمك.
كانت سكاكين ضمائرنا تطعن أفئدتنا إذا ما تأوه واحدنا ألماً .. وكنا ندعي زوراً وكذباً بأننا : أعز بني الدنيا وأعلى ذوي العلا وأكــرم من فوق التراب ولا فخـرُ .
الان تذبح بلاد عربية بأكملها على مرأى أعيننا، دون أن تهتز شعرة واحدة من شوارب رجولتنا الكاذبة.
تغتصب العروبة كل لحظة في بث حي مباشر، وتدمر مدن وتهدم مساجد دون أن تستيقظ مشاعرنا المتحجرة.
ماتت ضمائرنا.. ماتت أحاسيسنا وانفعالاتنا.. ووصلنا الى أسفل درك البلادة وصارت لحومنا معروضة في أسواق البشرية للبيع ولا أرخص..
أصبحنا نقلّب قنوات التلفاز كالبهاليل باحثين عن أغنية هابطة، وتمر أمام نظراتنا المشدوهة أشلاء العروبة دون أن تتحرك فينا نخوة أو نذرف لو حتى دمعة.
صارت هذه الامة مرتعا لكل جراثيم البشرية، ويعيث القتلة والسفلة فيها، والسفاحين الجزارين، ومنهم من يذبح اطفالاً وهو يسمي بالله .. الله أكبر !
وتسألني لماذا الدمعة لا تنضب ؟
كيف يمكنني أن اسلخ ديني عني.. عروبتي ؟ كيف يمكنني أن أصنف نفسي كانسان وانا اسمع أصوات الرضّع يستغيثون بأمهاتهم اللواتي قتلن ببراميل البارود المتفجرة .. ولا تنهمر شلالات دماء من عيني ؟
كيف اهنأ بإطعام ابني الصغير، 'باكيت شيبس' أو 'رضعة حليب' وأنا أرى عشرات الآلاف من الأطفال بعمره في درعا والغوطة والانبار وصنعاء وفلسطين ...ينامون على أشلاء أمهاتهم ؟ وعلى أنقاض بيوتهم الملطخة بدماء أسرهم التي فجرها سياسيون يتناطحون على المناصب والمغانم.. كيف ؟
كيف يمكنني أن أرى أبنائي يرتدون ملابسهم الجميلة، وأنا أشاهد ملايين الأطفال في بلادي، لا يجدون ما يرتدونه سوى بقايا ملابس الشهداء والقتلى، وما خلفه الراحلون عنهم في خزائنهم المحطمة !؟
كيف يمكن لعربي.. أن يفاخر بعد اليوم انه عربي .. وملايين من أبناء العروبة مذبوحين مهجرين ينامون بلا حتى وطن ؟
كيف يمكن لبشر، انسان، أو حيوان.. أن يقنع نفسه أن أمور بلادنا بخير.. وان أمتنا بخير.. وان غدنا القادم أفضل، كيف ؟
********* استوقفتني بالأمس قصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، طالما تغنينا فيها ذات جهل وطفولة، نشرها طفل سوري لاجىء في السويد، على أحد مواقع التواصل، مرفقاً مع كلماتها صورة لمهجّرين سوريين يبكون عقب وصولهم مهربّين الى سواحل اليونان، ساخراً من معانيها التي تقول : سجل ..أنا عربي. سألته : من أين أنت يا بني ؟. أجابني : أنا بكل أسف.. عربي !.
التعليقات
يا الله شو المتني وبكيتني على واقعنا المؤسف والمخجل اشكرك واشكرك
سناء الرنتيسي
تغتصب العروبة كل لحظة في بث حي مباشر، وتدمر مدن وتهدم مساجد و "كنائس"
MMEME
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيبٌ سوانا ونهجو ذا الزمانَ بغير ذنبٍ ولو نطق الزمان لنا هجانا وليسَ الذئبُ يأكلُ لحمَ ذئبٍ ويأكلُ بعضنا بعضاً عيانا
سامي السطري
سيدي العزيز اصداء اصواتهم وترددات استغاثاتهم ستبقى عار على صدر كل عربي .. وسنسئل عنها في يوم لا بد منه ...هل للرجال ان يقولوا نشكوا ضعفنا وقلة حيلتنا ؟؟؟؟
المساعيد 2
كلام بيدمي القلب والله حسبي الله على العرب الخون اللي باعو اوطانهم وشرفهم عشان يرضلا عنهم اسيادهم
كل ما ذكرته هو الواقع ولكن بيد من هذه الاعمال أليست بأيدينا نحن وكلها باسم الدين او الديمقراطية المزعومه السنا نحن الذابحون والمذبوحون السنا نحن من يدمر والمدمرون نعم نحن أضحوكة العالم
احمد الاردني
لا فض فوك , واعاننا الله جميعا على ما نحن فيه ,نطقت بما هو في قلوبنا وصدورنا والله المستعان على ما تصفون , وربك ينظر لنا برحمته , فما لها الا الله فقط
موسى ثامر
انت لخصت الواقع المؤلم بجد0000انت رائع والله
ابو سلوم
صارت هذه الامة مرتعا لكل جراثيم البشرية، ويعيث القتلة والسفلة فيها، والسفاحين الجزارين، >>>>لله درك لقد قلت حق ...عسى ان تكون الصحوه قريبه.
فؤاد سلامه
لا تعليق
بدون اسم
فالامه تتحرك ولو الى الوراء ولكن في حاله حركه والشوائب التي نعاني منها لا يوجد لها طريق الا الى القعر وسنصل جميعا الى اليوم الذي يجب ان نقرر فيه انه لا يوجد اي طريق الا الى الامام.
لا يضيرك
للاسف ..كلام.. له معنى كبير .ارى ان الشعب العربي غير مستقر نفسياواجتماعيا نظرا للتشدد والتقاطع الفكري بين الدين وامور الحياه الاخرى..والتظارب الفكري بين المفسرين والبراغماتيين والليبراليين..
ابوطارق بني هاني
لكن سجل انا مسلم عربي والحمدلله.ولكن للاسف وجود بعض الالقيادات العربيةالدنيئة هيمن اوصلتنا لهذه الحال وليست عروبتنا.
عاجل...عاجل
أخي إيهاب الجرح ينزف والالام تكبر ولازالت فينا النخوة والشوارب تهتز لدينها وعروبتها وانت وكلنا يعرب أننا أسود الميدان لكن بعد الاسستعمار ماترك الارض العربية وضع وكلاء والاسود الان مكبلة بالجنازير
سعيد أسعد النتشة
لاتستطيع فك القيد لكن قريبا من الضغوط وكل مايمر بالامة العربية من محاولة نزع الدين من الصدور وتخلينا عن شرفنا وعروبتنا سيفشلون وهم يعرفون ذلك وسيرحل مارق الطريق وتعودالارض والنخوة لاهلهاوالعزةوالكرامه
سعيد أسعد النتشة
يالله يا استاذ ايهاب كم انت رائع في كتاباتك ولكن لن سيجدي النفع معنا شكرا لكاتبنا العظيم افضل كاتب في الوطن العربي وشكرا
احمد البورص
العربان دمى
حمدان1
يا ريت اتسلط الضوء يا سيد ايهاب على ما يجري في الشركات الحكومية شبه الخاصة و الخاصة من شلليات و محسوبيات و تفاوت رواتب كبير و قمع للمثقف و نبذ للمتعلم
دراسات
والله لقد ابكيتني يا صديقي وادميت قلبي ولفد تعبت عيوننا من كثرة لكن البكاء وحده البكاء الذي اصبح يوميا من كثرة القتل لكن البكاء وحده لن ينقذ الشعب السوري من محنته . لكم الله ايها السوريون !
الدكتور فخري العكور
أنا بكل أسف .. عربي
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
أنا بكل أسف .. عربي
كتب ايهاب سلامة - تخيل .. لو كان الطفل الذي انفجرت به القنبلة يوم أمس في 'دوما' .. ابنك ! تخيل .. لو كانت المرأة التي تصرخ وهي تباع باسواق النخاسين بسورية .. أختك ! لو أن العجوز الذي يدوس على وقار شيباته كل المرتزقة والخنازير ببساطيرهم يأحياء الموصل والرمادي .. أبيك. تخيل .. لو أن الطفلة المرعوبة خوفا من أصوات القذائف تبكي باحثة عمن يحضنها في أحياء طرابلس وبنغازي .. ابنتك. لو كانت تلك الأشلاء المتناثرة على أرصفة الطرقات بغزة ورفح وخانيونس .. بقايا أمك .
لو كنت أنت المقيد بالسلاسل تراقب سفلة البشرية وقواديها في مدن الخراب العربي وهم يمزقون الثياب عن جسد زوجتك ويغتصبونها أمام مرأى عينيك وعجزك وضعفك. تخيل .. وتخيل ..
قبل أن يتخنث رجال هذه الأمة، ويصبحوا عبيدا للأفلام الخلاعية، وتتحول شواربهم مداساً لأحذية الغرب و'إسرائيل'، كانت كل امرأة عربية هي أختك أو أمك.
كانت سكاكين ضمائرنا تطعن أفئدتنا إذا ما تأوه واحدنا ألماً .. وكنا ندعي زوراً وكذباً بأننا : أعز بني الدنيا وأعلى ذوي العلا وأكــرم من فوق التراب ولا فخـرُ .
الان تذبح بلاد عربية بأكملها على مرأى أعيننا، دون أن تهتز شعرة واحدة من شوارب رجولتنا الكاذبة.
تغتصب العروبة كل لحظة في بث حي مباشر، وتدمر مدن وتهدم مساجد دون أن تستيقظ مشاعرنا المتحجرة.
ماتت ضمائرنا.. ماتت أحاسيسنا وانفعالاتنا.. ووصلنا الى أسفل درك البلادة وصارت لحومنا معروضة في أسواق البشرية للبيع ولا أرخص..
أصبحنا نقلّب قنوات التلفاز كالبهاليل باحثين عن أغنية هابطة، وتمر أمام نظراتنا المشدوهة أشلاء العروبة دون أن تتحرك فينا نخوة أو نذرف لو حتى دمعة.
صارت هذه الامة مرتعا لكل جراثيم البشرية، ويعيث القتلة والسفلة فيها، والسفاحين الجزارين، ومنهم من يذبح اطفالاً وهو يسمي بالله .. الله أكبر !
وتسألني لماذا الدمعة لا تنضب ؟
كيف يمكنني أن اسلخ ديني عني.. عروبتي ؟ كيف يمكنني أن أصنف نفسي كانسان وانا اسمع أصوات الرضّع يستغيثون بأمهاتهم اللواتي قتلن ببراميل البارود المتفجرة .. ولا تنهمر شلالات دماء من عيني ؟
كيف اهنأ بإطعام ابني الصغير، 'باكيت شيبس' أو 'رضعة حليب' وأنا أرى عشرات الآلاف من الأطفال بعمره في درعا والغوطة والانبار وصنعاء وفلسطين ...ينامون على أشلاء أمهاتهم ؟ وعلى أنقاض بيوتهم الملطخة بدماء أسرهم التي فجرها سياسيون يتناطحون على المناصب والمغانم.. كيف ؟
كيف يمكنني أن أرى أبنائي يرتدون ملابسهم الجميلة، وأنا أشاهد ملايين الأطفال في بلادي، لا يجدون ما يرتدونه سوى بقايا ملابس الشهداء والقتلى، وما خلفه الراحلون عنهم في خزائنهم المحطمة !؟
كيف يمكن لعربي.. أن يفاخر بعد اليوم انه عربي .. وملايين من أبناء العروبة مذبوحين مهجرين ينامون بلا حتى وطن ؟
كيف يمكن لبشر، انسان، أو حيوان.. أن يقنع نفسه أن أمور بلادنا بخير.. وان أمتنا بخير.. وان غدنا القادم أفضل، كيف ؟
********* استوقفتني بالأمس قصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، طالما تغنينا فيها ذات جهل وطفولة، نشرها طفل سوري لاجىء في السويد، على أحد مواقع التواصل، مرفقاً مع كلماتها صورة لمهجّرين سوريين يبكون عقب وصولهم مهربّين الى سواحل اليونان، ساخراً من معانيها التي تقول : سجل ..أنا عربي. سألته : من أين أنت يا بني ؟. أجابني : أنا بكل أسف.. عربي !.
التعليقات
وما لزماننا عيبٌ سوانا
ونهجو ذا الزمانَ بغير ذنبٍ
ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليسَ الذئبُ يأكلُ لحمَ ذئبٍ
ويأكلُ بعضنا بعضاً عيانا