طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

الكرك أقرب من القلب !


كتب ادهم غرايبة: قبل أيام قدر الله لعائلة أردنية من أحدى قرى شمال الأردن أن يتوفى الوالد و ثلاثة من أطفاله و معهم شقيق الزوجة , و أن تصاب الزوجة و طفلين أخرين في حادث سير مروع على الطريق الصحرواي ما بين الكرك و العقبة , فيتم نقل المتوفين و المصابين الى مستشفى الكرك .

في الاثناء يصارع أقارب المعنيين بالحادث أوجاعهم , فينخرطون في موكب من اقصى شمال الاردن الى الكرك لمتابعة الامر , مكابدين مشقة السفر الطويل و الهم الثقيل و الحزن السائل في عروقهم من أجل إستلام الجثث لدفنها و نقل المصابين لمستشفيات قريبة , فتبدو الكرك أبعد من المريخ !

يصل الموكب ليجد بانتظاره بعض العائلات الكركية و قد إنخرطت في متابعة أمور المصابين بمجرد سماعهم عنه , كركيات مطرزات بالهيبة و العفة يقفن الى جانب الأم المكلومة , منهن من يعتبرنها أختا لهن , و منهن من يعتبرنها بنتا, و منهن من يعتبرها أما .

فيما بعض رجال الكرك ممن خلقهم الله من طين الأصالة المروي بالرجولة قد أعدوا الطعام و المبيت لمن حضروا من أقصى الشمال بعد ان تكبدوا كل هذه المشقة , فتبدو الكرك و أهلها أقرب من القلب و أغلى من العيون ! .

أعرف أن قصصا كهذه لا تشبه كسوف الشمس و لا خسوف القمر فهي تحدث يوميا على نحو ما و في غير مكان في بلدنا, لكني وددت مشاركتها نكاية بالإعلام الكئيب الذي يبقي هكذا أخبارا في زوايا النسيان و التهميش على حساب اخبار القتل و الدمار . هذا ليس فقط من باب ' التنبلة ' الاعلامية فحسب, بل هو – على حد زعمي – أمر متعمد , هدفة إغراق الناس في إحباطهم و تفريغ إحتياط الشهامة من نفوسهم و ابقائهم منقسمين بلا سبب منطقي , من اجل استكمال نهب الاردن عبر ابراز نماذج منفرة تدعوا لليأس و الاحباط و الاهتمام بالذات و الانزواء عن الشأن العام فحسب .

هذه أكثر مره أتمنى لمقالي أن ينتشر , و ان يقرأه كل اردني ليعرف ان ' الدنيا بخير ' و ان هكذا نموذج في التآخي و الاحساس باوجاع الاخرين يجب ان يبقى و يتعزز, و ان شعبنا طيب و نبيل و أصيل و أن عاصفة المجون التي نكلت بالدولة و ابنائها قد أصابت بعض سيقان زيتونة إنتماءنا بالجفاف لكنها لم تستطع ان تقتلع جذورنا .

الأموال التي سرقت منا سنستعيدها يوما ما , و سنحاسب كل من وفر الرعاية للصوص الاردن, هذا ليس وهما عندي بل هو إيمان مطلق لطالما أن ثمة نشامى يهبَون لنجدة ابناء بلدهم بدون معرفة مسبقة بينهم و لا رابط دم , سوى رابطة القيم الاردنية النبيلة .

لا اكتب عن الكرك على بياض حتما , فبعض اأهلها من شارك في النهب العام و بعضهم من ينتهز الفرص بطرق شتى . لكن قلبي لا يرى هؤلاء, و لا اسمح للزوان ان يمنع فرحتي بوافر الخير من سنابل الشهامة في الكرك .

عندي خليط مشاعر ازاء الحادثة . أتخيل حالة الأسرة بعد ما أصابها فينهمر من قلبي دمع الحزن , و أتخيل نخوة أهل الكرك فينهمر من عيني دموع الفرح , فبلدنا بخير و شعبنا طيب !


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/180882