من حقنا أن نسأل أي مسؤول في الدولة السؤال التاريخي المشروع الذي سأله السلف الصالح لأمرائهم: من أين لك هذا..؟! ففي تاريخنا الإسلامي الناصع الأول ثمّة منْ سأل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مثل هذا السؤال، فقد رُوِيَ أنه لما وقف عمر ذات يوم على المنبر خطيباً, تصدّى له أحدهم بقوله: والله لا نستمع إليك وقد ميّزت نفسك علينا يا أمير المؤمنين, فأعطيت لكل واحد منا جلباباً واحداً وأخذت لنفسك جلبابين..! ولم يَنْهَهُ عمر أو تُسكته حاشيته أو يقبض عليه حرسه ويخرجوه، فلم يكن له حاشية لا حرس.. بل استوعب كلامه بحصافة وحنكة القائد الحكيم ونادى عمر على ابنه عبد الله ليقول له: يا عبد الله, من صاحب الجلباب الثاني؟ فيقول عبد الله: إنه لي يا أمير المؤمنين, ولكنى تركته لك، فأكمل عمر: وأنتم كما تعلمون أنني رجل طوال'طويل القامة' وكان الجلباب الأول قصيراً, فأعطاني ولدي جلبابه فأطلت به جلبابي، فما كان من الرجل المعترض إلاّ أن بادر فوراً بالاعتذار منه قائلاً: الآن نسمع لك يا أمير المؤمنين ونطيع..
هذه المقدمة أردت أن أسوقها بين يدي سؤال أوجّهه لكل مسؤول في الدولة: من أين لك هذا.!؟ وسؤالي هنا مُنصبّ على قضايا كثيرة قام ويقوم بها مسؤولون كبار في الدولة، على حساب المصالح العامة، صنعوا منها ثروات كبيرة دون وجه حق، فكيف تم ذلك وهل حساب منْ..؟! هل هي أُعْطِيَة أم هدية من أحد أو من أي جهة كانت داخلية أو خارجية..!!؟ هل عمل هؤلاء في التجارة والسمسرة وهم يشغلون مناصبهم العليا..!!؟ هل استغلوا مواقعهم الوظيفية العامة لإنشاء الشركات والمصالح الخاصّة بهم وبأبنائهم وأزواجهم، مستفيدين من كل التشريعات والتسهيلات التي كان أمرُها بأيديهم..؟!! نسمع الكثير من الروايات وهنالك العديد من الشواهد حول هذه المسألة، وقد يكون بعضها شائعات، لكن الحقيقة بكل الأحوال مؤلمة، فكيف يقبل رجل الإدارة العامة رفيع المستوى هديّة أو أُعطية قد تصل قيمتها إلى مئات الآلاف من الدنانير، وربما الملايين، لا تُقدّم إليه لسواد عيينه أو لشخصه الكريم، وإنما للمنصب الرفيع الذي يشغله، بهدف الحصول على تسهيلات أو تجارة أو عطاء أو غيره..!!
أرجو أن لا يغضب أصحاب الذوات العليا من سؤالي، فأنا أعرف أن بعضهم كان ولا يزال يتصف بالنزاهة والبعد عن مواطن الشبهات، لكن البعض الآخر، وربما كانوا الأكثر، وقعوا في الإثم حين راحوا يجمعون بين الوزارة والتجارة، بين القرار والسمسرة، وخلطوا الأعطية بالأمنية، والرشوة بالهديّة، فأوغلوا في الإثراء غير المشروع على حساب الرعيّة من الضعفاء والمساكين والفقراء والملايين من أبناء الشعب الذين لا يكاد يجد كثيرون منهم حدود الكفاف..!!
من حقي ومن حق كل مواطن أن يوجّه مثل هذا السؤال لأي مسؤول كبير في الدولة، فلا يمكن لمواطن أن يشعر بالراحة النفسية إذا كانت لديه شكوك حول تصرفات كبار المسؤولين، أو إذا شعر بأنهم يميزون أنفسهم عن باقي الشعب ويختصّونها بأمور ما، أو أنهم لم يتصفوا بالنزاهة التي يطالبون بها الناس ويدبّجون مواثيقها، وأسوق هنا قصة أخرى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففي إحدى جولاته التفـتيشية التي كان يفاجئ بها الأسواق وجد إبلاً سمينة, فسأل لمن هذه؟ فقالوا: إنها إبل عبد الله بن عمر، فانتفض عمر بشدّة وأرسل في طلب ابنه عبد الله، وسأله: من أين لك بثمنها؟ فقال عبد الله: اشتريتها بمالي لأتاجر فيها، فقال عمر: أرْجِعها إلى بيت مال المسلمين, وخذ ما دفعته فيها فقط..
أما آخر الكلام فأقول: عندما يتكلم الفاسد.. انتبه لكلماته، فغالباً ما يُسقِط على النزاهة كلمات باطلة..!
Subaihi_99
من حقنا أن نسأل أي مسؤول في الدولة السؤال التاريخي المشروع الذي سأله السلف الصالح لأمرائهم: من أين لك هذا..؟! ففي تاريخنا الإسلامي الناصع الأول ثمّة منْ سأل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مثل هذا السؤال، فقد رُوِيَ أنه لما وقف عمر ذات يوم على المنبر خطيباً, تصدّى له أحدهم بقوله: والله لا نستمع إليك وقد ميّزت نفسك علينا يا أمير المؤمنين, فأعطيت لكل واحد منا جلباباً واحداً وأخذت لنفسك جلبابين..! ولم يَنْهَهُ عمر أو تُسكته حاشيته أو يقبض عليه حرسه ويخرجوه، فلم يكن له حاشية لا حرس.. بل استوعب كلامه بحصافة وحنكة القائد الحكيم ونادى عمر على ابنه عبد الله ليقول له: يا عبد الله, من صاحب الجلباب الثاني؟ فيقول عبد الله: إنه لي يا أمير المؤمنين, ولكنى تركته لك، فأكمل عمر: وأنتم كما تعلمون أنني رجل طوال'طويل القامة' وكان الجلباب الأول قصيراً, فأعطاني ولدي جلبابه فأطلت به جلبابي، فما كان من الرجل المعترض إلاّ أن بادر فوراً بالاعتذار منه قائلاً: الآن نسمع لك يا أمير المؤمنين ونطيع..
هذه المقدمة أردت أن أسوقها بين يدي سؤال أوجّهه لكل مسؤول في الدولة: من أين لك هذا.!؟ وسؤالي هنا مُنصبّ على قضايا كثيرة قام ويقوم بها مسؤولون كبار في الدولة، على حساب المصالح العامة، صنعوا منها ثروات كبيرة دون وجه حق، فكيف تم ذلك وهل حساب منْ..؟! هل هي أُعْطِيَة أم هدية من أحد أو من أي جهة كانت داخلية أو خارجية..!!؟ هل عمل هؤلاء في التجارة والسمسرة وهم يشغلون مناصبهم العليا..!!؟ هل استغلوا مواقعهم الوظيفية العامة لإنشاء الشركات والمصالح الخاصّة بهم وبأبنائهم وأزواجهم، مستفيدين من كل التشريعات والتسهيلات التي كان أمرُها بأيديهم..؟!! نسمع الكثير من الروايات وهنالك العديد من الشواهد حول هذه المسألة، وقد يكون بعضها شائعات، لكن الحقيقة بكل الأحوال مؤلمة، فكيف يقبل رجل الإدارة العامة رفيع المستوى هديّة أو أُعطية قد تصل قيمتها إلى مئات الآلاف من الدنانير، وربما الملايين، لا تُقدّم إليه لسواد عيينه أو لشخصه الكريم، وإنما للمنصب الرفيع الذي يشغله، بهدف الحصول على تسهيلات أو تجارة أو عطاء أو غيره..!!
أرجو أن لا يغضب أصحاب الذوات العليا من سؤالي، فأنا أعرف أن بعضهم كان ولا يزال يتصف بالنزاهة والبعد عن مواطن الشبهات، لكن البعض الآخر، وربما كانوا الأكثر، وقعوا في الإثم حين راحوا يجمعون بين الوزارة والتجارة، بين القرار والسمسرة، وخلطوا الأعطية بالأمنية، والرشوة بالهديّة، فأوغلوا في الإثراء غير المشروع على حساب الرعيّة من الضعفاء والمساكين والفقراء والملايين من أبناء الشعب الذين لا يكاد يجد كثيرون منهم حدود الكفاف..!!
من حقي ومن حق كل مواطن أن يوجّه مثل هذا السؤال لأي مسؤول كبير في الدولة، فلا يمكن لمواطن أن يشعر بالراحة النفسية إذا كانت لديه شكوك حول تصرفات كبار المسؤولين، أو إذا شعر بأنهم يميزون أنفسهم عن باقي الشعب ويختصّونها بأمور ما، أو أنهم لم يتصفوا بالنزاهة التي يطالبون بها الناس ويدبّجون مواثيقها، وأسوق هنا قصة أخرى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففي إحدى جولاته التفـتيشية التي كان يفاجئ بها الأسواق وجد إبلاً سمينة, فسأل لمن هذه؟ فقالوا: إنها إبل عبد الله بن عمر، فانتفض عمر بشدّة وأرسل في طلب ابنه عبد الله، وسأله: من أين لك بثمنها؟ فقال عبد الله: اشتريتها بمالي لأتاجر فيها، فقال عمر: أرْجِعها إلى بيت مال المسلمين, وخذ ما دفعته فيها فقط..
أما آخر الكلام فأقول: عندما يتكلم الفاسد.. انتبه لكلماته، فغالباً ما يُسقِط على النزاهة كلمات باطلة..!
Subaihi_99
من حقنا أن نسأل أي مسؤول في الدولة السؤال التاريخي المشروع الذي سأله السلف الصالح لأمرائهم: من أين لك هذا..؟! ففي تاريخنا الإسلامي الناصع الأول ثمّة منْ سأل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مثل هذا السؤال، فقد رُوِيَ أنه لما وقف عمر ذات يوم على المنبر خطيباً, تصدّى له أحدهم بقوله: والله لا نستمع إليك وقد ميّزت نفسك علينا يا أمير المؤمنين, فأعطيت لكل واحد منا جلباباً واحداً وأخذت لنفسك جلبابين..! ولم يَنْهَهُ عمر أو تُسكته حاشيته أو يقبض عليه حرسه ويخرجوه، فلم يكن له حاشية لا حرس.. بل استوعب كلامه بحصافة وحنكة القائد الحكيم ونادى عمر على ابنه عبد الله ليقول له: يا عبد الله, من صاحب الجلباب الثاني؟ فيقول عبد الله: إنه لي يا أمير المؤمنين, ولكنى تركته لك، فأكمل عمر: وأنتم كما تعلمون أنني رجل طوال'طويل القامة' وكان الجلباب الأول قصيراً, فأعطاني ولدي جلبابه فأطلت به جلبابي، فما كان من الرجل المعترض إلاّ أن بادر فوراً بالاعتذار منه قائلاً: الآن نسمع لك يا أمير المؤمنين ونطيع..
هذه المقدمة أردت أن أسوقها بين يدي سؤال أوجّهه لكل مسؤول في الدولة: من أين لك هذا.!؟ وسؤالي هنا مُنصبّ على قضايا كثيرة قام ويقوم بها مسؤولون كبار في الدولة، على حساب المصالح العامة، صنعوا منها ثروات كبيرة دون وجه حق، فكيف تم ذلك وهل حساب منْ..؟! هل هي أُعْطِيَة أم هدية من أحد أو من أي جهة كانت داخلية أو خارجية..!!؟ هل عمل هؤلاء في التجارة والسمسرة وهم يشغلون مناصبهم العليا..!!؟ هل استغلوا مواقعهم الوظيفية العامة لإنشاء الشركات والمصالح الخاصّة بهم وبأبنائهم وأزواجهم، مستفيدين من كل التشريعات والتسهيلات التي كان أمرُها بأيديهم..؟!! نسمع الكثير من الروايات وهنالك العديد من الشواهد حول هذه المسألة، وقد يكون بعضها شائعات، لكن الحقيقة بكل الأحوال مؤلمة، فكيف يقبل رجل الإدارة العامة رفيع المستوى هديّة أو أُعطية قد تصل قيمتها إلى مئات الآلاف من الدنانير، وربما الملايين، لا تُقدّم إليه لسواد عيينه أو لشخصه الكريم، وإنما للمنصب الرفيع الذي يشغله، بهدف الحصول على تسهيلات أو تجارة أو عطاء أو غيره..!!
أرجو أن لا يغضب أصحاب الذوات العليا من سؤالي، فأنا أعرف أن بعضهم كان ولا يزال يتصف بالنزاهة والبعد عن مواطن الشبهات، لكن البعض الآخر، وربما كانوا الأكثر، وقعوا في الإثم حين راحوا يجمعون بين الوزارة والتجارة، بين القرار والسمسرة، وخلطوا الأعطية بالأمنية، والرشوة بالهديّة، فأوغلوا في الإثراء غير المشروع على حساب الرعيّة من الضعفاء والمساكين والفقراء والملايين من أبناء الشعب الذين لا يكاد يجد كثيرون منهم حدود الكفاف..!!
من حقي ومن حق كل مواطن أن يوجّه مثل هذا السؤال لأي مسؤول كبير في الدولة، فلا يمكن لمواطن أن يشعر بالراحة النفسية إذا كانت لديه شكوك حول تصرفات كبار المسؤولين، أو إذا شعر بأنهم يميزون أنفسهم عن باقي الشعب ويختصّونها بأمور ما، أو أنهم لم يتصفوا بالنزاهة التي يطالبون بها الناس ويدبّجون مواثيقها، وأسوق هنا قصة أخرى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففي إحدى جولاته التفـتيشية التي كان يفاجئ بها الأسواق وجد إبلاً سمينة, فسأل لمن هذه؟ فقالوا: إنها إبل عبد الله بن عمر، فانتفض عمر بشدّة وأرسل في طلب ابنه عبد الله، وسأله: من أين لك بثمنها؟ فقال عبد الله: اشتريتها بمالي لأتاجر فيها، فقال عمر: أرْجِعها إلى بيت مال المسلمين, وخذ ما دفعته فيها فقط..
أما آخر الكلام فأقول: عندما يتكلم الفاسد.. انتبه لكلماته، فغالباً ما يُسقِط على النزاهة كلمات باطلة..!
Subaihi_99
التعليقات