فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام
( إذا أفضتم ) شرط للمقصود وهو : فاذكروا الله
والإفاضة هنا : الخروج بسرعة ، وأصلها من فاض الماء إذا كثر على ما يحويه ، فبرز منه وسال ؛ ولذلك سموا إجالة القداح في الميسر إفاضة والمجيل مفيضا ؛ لأنه يخرج القداح من الربابة بقوة وسرعة ؛ أي : بدون تخير ولا جس لينظر القدح الذي يخرج ، وسموا الخروج من عرفة إفاضة ؛ لأنهم يخرجون في وقت واحد وهم عدد كثير فتكون لخروجهم شدة ، والإفاضة أطلقت في هاته الآية على الخروج من عرفة والخروج من مزدلفة .
والعرب كانوا يسمون الخروج من عرفة الدفع ، ويسمون الخروج من مزدلفة إفاضة ، وكلا الإطلاقين مجاز ؛ لأن الدفع هو إبعاد الجسم بقوة ، ومن بلاغة القرآن إطلاق الإفاضة على الخروجين ؛ لما في ' أفاض ' من قرب المشابهة من حيث معنى الكثرة دون الشدة .
ولأن في تجنب ' دفعتم ' تجنبا لتوهم السامعين أن السير مشتمل على دفع بعض الناس بعضا ؛ لأنهم كانوا يجعلون في دفعهم ضوضاء وجلبة وسرعة سير ، فنهاهم النبيء صلى الله عليه وسلم عن ذلك في حجة الوداع ، وقال : ليس البر بالإيضاع فإذا أفضتم فعليكم بالسكينة والوقار .
و ( عرفات ) اسم واد ، ويقال : بطن ، وهو مسيل متسع تنحدر إليه مياه جبال تحيط به تعرف بجبال عرفة بالإفراد ، وقد جعل عرفات علما على ذلك الوادي بصيغة الجمع بألف وتاء ، ويقال له : عرفة بصيغة المفرد ، وقال الفراء : قول الناس يوم عرفة مولد ليس بعربي محض ، وخالفه أكثر أهل العلم فقالوا : يقال عرفات وعرفة ، وقد جاء في عدة أحاديث : يوم عرفة ، وقال بعض أهل اللغة : لا يقال : يوم عرفات ، وفي وسط وادي عرفة جبيل يقف عليه ناس ممن يقفون بعرفة ويخطب عليه الخطيب بالناس يوم تاسع ذي الحجة عند الظهر ، ووقف عليه [ ص: 239 ] النبيء صلى الله عليه وسلم راكبا يوم عرفة ، وبني في أعلى ذلك الجبيل علم في الموضع الذي وقف فيه النبيء عليه الصلاة والسلام فيقف الأئمة يوم عرفة عنده .
ولا يدرى وجه اشتقاق في تسمية المكان عرفات أو عرفة ، ولا أنه علم منقول أو مرتجل ، والذي اختاره الزمخشري وابن عطية أنه علم مرتجل ، والذي يظهر أن أحد الاسمين أصل ، والآخر طارئ عليه ، وأن الأصل عرفات من العربية القديمة ، وأن عرفة تخفيف جرى على الألسنة ، ويحتمل أن يكون الأصل عرفة وأن عرفات إشباع من لغة بعض القبائل .
وذكر ( عرفات ) باسمه في القرآن يشير إلى أن الوقوف بعرفة ركن الحج ، وقال النبيء صلى الله عليه وسلم الحج عرفة .
سمي الموضع عرفات ؛ الذي هو على زنة الجمع بألف وتاء ، فعاملوه معاملة الجمع بألف وتاء ، ولم يمنعوه الصرف مع وجود العلمية .
وجمع المؤنث لا يمنع من الصرف ؛ لأن الجمع يزيل ما في المفرد من العلمية ، إذ الجمع بتقدير مسميات بكذا ، فما جمع إلا بعد قصد تنكيره ، فالتأنيث الذي يمنع الصرف مع العلمية أو الوصفية هو التأنيث بالهاء .
وذكر الإفاضة من عرفات يقتضي سبق الوقوف به ؛ لأنه لا إفاضة إلا بعد الحلول بها ، وذكر عرفات باسمه تنويه به يدل على أن الوقوف به ركن ، فلم يذكر من المناسك باسمه غير عرفة والصفا والمروة ، وفي ذلك دلالة على أنهما من الأركان ، خلافا لأبي حنيفة في الصفا والمروة ، ويؤخذ ركن الإحرام من قوله : فمن فرض فيهن الحج ، وأما طواف الإفاضة فثبت بالسنة وإجماع الفقهاء .
و ( من ) ابتدائية .
والمعنى : فإذا أفضتم خارجين من عرفات إلى المزدلفة .
والتصريح باسم عرفات في هذه الآية للرد على قريش ؛ إذ كانوا في الجاهلية يقفون في جمع وهو المزدلفة ؛ لأنهم حمس ، فيرون أن الوقوف لا يكون خارج الحرم ، ولما كانت مزدلفة من الحرم كانوا يقفون بها ولا يرضون بالوقوف بعرفة ؛ لأن عرفة من الحل كما سيأتي ، ولهذا لم يذكر الله تعالى المزدلفة في الإفاضة الثانية باسمها وقال : من حيث أفاض الناس [ ص: 240 ] لأن المزدلفة هو المكان الذي يفيض منه الناس بعد إفاضة عرفات ، فذلك حوالة على ما يعلمونه .
و ( المشعر ) اسم مشتق من الشعور أي : العلم ، أو من الشعار أي : العلامة ؛ لأنه أقيمت فيه علامة كالمنار من عهد الجاهلية ، ولعلهم فعلوا ذلك لأنهم يدفعون من عرفات آخر المساء فيدركهم غبس ما بعد الغروب وهم جماعات كثيرة ، فخشوا أن يضلوا الطريق فيضيق عليهم الوقت .
ووصف المشعر بوصف ( الحرام ) لأنه من أرض الحرم بخلاف عرفات .
والمشعر الحرام هو المزدلفة ، سميت مزدلفة ؛ لأنها ازدلفت من منى ؛ أي : اقتربت ؛ لأنهم يبيتون بها قاصدين التصبيح في منى .
فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام
( إذا أفضتم ) شرط للمقصود وهو : فاذكروا الله
والإفاضة هنا : الخروج بسرعة ، وأصلها من فاض الماء إذا كثر على ما يحويه ، فبرز منه وسال ؛ ولذلك سموا إجالة القداح في الميسر إفاضة والمجيل مفيضا ؛ لأنه يخرج القداح من الربابة بقوة وسرعة ؛ أي : بدون تخير ولا جس لينظر القدح الذي يخرج ، وسموا الخروج من عرفة إفاضة ؛ لأنهم يخرجون في وقت واحد وهم عدد كثير فتكون لخروجهم شدة ، والإفاضة أطلقت في هاته الآية على الخروج من عرفة والخروج من مزدلفة .
والعرب كانوا يسمون الخروج من عرفة الدفع ، ويسمون الخروج من مزدلفة إفاضة ، وكلا الإطلاقين مجاز ؛ لأن الدفع هو إبعاد الجسم بقوة ، ومن بلاغة القرآن إطلاق الإفاضة على الخروجين ؛ لما في ' أفاض ' من قرب المشابهة من حيث معنى الكثرة دون الشدة .
ولأن في تجنب ' دفعتم ' تجنبا لتوهم السامعين أن السير مشتمل على دفع بعض الناس بعضا ؛ لأنهم كانوا يجعلون في دفعهم ضوضاء وجلبة وسرعة سير ، فنهاهم النبيء صلى الله عليه وسلم عن ذلك في حجة الوداع ، وقال : ليس البر بالإيضاع فإذا أفضتم فعليكم بالسكينة والوقار .
و ( عرفات ) اسم واد ، ويقال : بطن ، وهو مسيل متسع تنحدر إليه مياه جبال تحيط به تعرف بجبال عرفة بالإفراد ، وقد جعل عرفات علما على ذلك الوادي بصيغة الجمع بألف وتاء ، ويقال له : عرفة بصيغة المفرد ، وقال الفراء : قول الناس يوم عرفة مولد ليس بعربي محض ، وخالفه أكثر أهل العلم فقالوا : يقال عرفات وعرفة ، وقد جاء في عدة أحاديث : يوم عرفة ، وقال بعض أهل اللغة : لا يقال : يوم عرفات ، وفي وسط وادي عرفة جبيل يقف عليه ناس ممن يقفون بعرفة ويخطب عليه الخطيب بالناس يوم تاسع ذي الحجة عند الظهر ، ووقف عليه [ ص: 239 ] النبيء صلى الله عليه وسلم راكبا يوم عرفة ، وبني في أعلى ذلك الجبيل علم في الموضع الذي وقف فيه النبيء عليه الصلاة والسلام فيقف الأئمة يوم عرفة عنده .
ولا يدرى وجه اشتقاق في تسمية المكان عرفات أو عرفة ، ولا أنه علم منقول أو مرتجل ، والذي اختاره الزمخشري وابن عطية أنه علم مرتجل ، والذي يظهر أن أحد الاسمين أصل ، والآخر طارئ عليه ، وأن الأصل عرفات من العربية القديمة ، وأن عرفة تخفيف جرى على الألسنة ، ويحتمل أن يكون الأصل عرفة وأن عرفات إشباع من لغة بعض القبائل .
وذكر ( عرفات ) باسمه في القرآن يشير إلى أن الوقوف بعرفة ركن الحج ، وقال النبيء صلى الله عليه وسلم الحج عرفة .
سمي الموضع عرفات ؛ الذي هو على زنة الجمع بألف وتاء ، فعاملوه معاملة الجمع بألف وتاء ، ولم يمنعوه الصرف مع وجود العلمية .
وجمع المؤنث لا يمنع من الصرف ؛ لأن الجمع يزيل ما في المفرد من العلمية ، إذ الجمع بتقدير مسميات بكذا ، فما جمع إلا بعد قصد تنكيره ، فالتأنيث الذي يمنع الصرف مع العلمية أو الوصفية هو التأنيث بالهاء .
وذكر الإفاضة من عرفات يقتضي سبق الوقوف به ؛ لأنه لا إفاضة إلا بعد الحلول بها ، وذكر عرفات باسمه تنويه به يدل على أن الوقوف به ركن ، فلم يذكر من المناسك باسمه غير عرفة والصفا والمروة ، وفي ذلك دلالة على أنهما من الأركان ، خلافا لأبي حنيفة في الصفا والمروة ، ويؤخذ ركن الإحرام من قوله : فمن فرض فيهن الحج ، وأما طواف الإفاضة فثبت بالسنة وإجماع الفقهاء .
و ( من ) ابتدائية .
والمعنى : فإذا أفضتم خارجين من عرفات إلى المزدلفة .
والتصريح باسم عرفات في هذه الآية للرد على قريش ؛ إذ كانوا في الجاهلية يقفون في جمع وهو المزدلفة ؛ لأنهم حمس ، فيرون أن الوقوف لا يكون خارج الحرم ، ولما كانت مزدلفة من الحرم كانوا يقفون بها ولا يرضون بالوقوف بعرفة ؛ لأن عرفة من الحل كما سيأتي ، ولهذا لم يذكر الله تعالى المزدلفة في الإفاضة الثانية باسمها وقال : من حيث أفاض الناس [ ص: 240 ] لأن المزدلفة هو المكان الذي يفيض منه الناس بعد إفاضة عرفات ، فذلك حوالة على ما يعلمونه .
و ( المشعر ) اسم مشتق من الشعور أي : العلم ، أو من الشعار أي : العلامة ؛ لأنه أقيمت فيه علامة كالمنار من عهد الجاهلية ، ولعلهم فعلوا ذلك لأنهم يدفعون من عرفات آخر المساء فيدركهم غبس ما بعد الغروب وهم جماعات كثيرة ، فخشوا أن يضلوا الطريق فيضيق عليهم الوقت .
ووصف المشعر بوصف ( الحرام ) لأنه من أرض الحرم بخلاف عرفات .
والمشعر الحرام هو المزدلفة ، سميت مزدلفة ؛ لأنها ازدلفت من منى ؛ أي : اقتربت ؛ لأنهم يبيتون بها قاصدين التصبيح في منى .
فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام
( إذا أفضتم ) شرط للمقصود وهو : فاذكروا الله
والإفاضة هنا : الخروج بسرعة ، وأصلها من فاض الماء إذا كثر على ما يحويه ، فبرز منه وسال ؛ ولذلك سموا إجالة القداح في الميسر إفاضة والمجيل مفيضا ؛ لأنه يخرج القداح من الربابة بقوة وسرعة ؛ أي : بدون تخير ولا جس لينظر القدح الذي يخرج ، وسموا الخروج من عرفة إفاضة ؛ لأنهم يخرجون في وقت واحد وهم عدد كثير فتكون لخروجهم شدة ، والإفاضة أطلقت في هاته الآية على الخروج من عرفة والخروج من مزدلفة .
والعرب كانوا يسمون الخروج من عرفة الدفع ، ويسمون الخروج من مزدلفة إفاضة ، وكلا الإطلاقين مجاز ؛ لأن الدفع هو إبعاد الجسم بقوة ، ومن بلاغة القرآن إطلاق الإفاضة على الخروجين ؛ لما في ' أفاض ' من قرب المشابهة من حيث معنى الكثرة دون الشدة .
ولأن في تجنب ' دفعتم ' تجنبا لتوهم السامعين أن السير مشتمل على دفع بعض الناس بعضا ؛ لأنهم كانوا يجعلون في دفعهم ضوضاء وجلبة وسرعة سير ، فنهاهم النبيء صلى الله عليه وسلم عن ذلك في حجة الوداع ، وقال : ليس البر بالإيضاع فإذا أفضتم فعليكم بالسكينة والوقار .
و ( عرفات ) اسم واد ، ويقال : بطن ، وهو مسيل متسع تنحدر إليه مياه جبال تحيط به تعرف بجبال عرفة بالإفراد ، وقد جعل عرفات علما على ذلك الوادي بصيغة الجمع بألف وتاء ، ويقال له : عرفة بصيغة المفرد ، وقال الفراء : قول الناس يوم عرفة مولد ليس بعربي محض ، وخالفه أكثر أهل العلم فقالوا : يقال عرفات وعرفة ، وقد جاء في عدة أحاديث : يوم عرفة ، وقال بعض أهل اللغة : لا يقال : يوم عرفات ، وفي وسط وادي عرفة جبيل يقف عليه ناس ممن يقفون بعرفة ويخطب عليه الخطيب بالناس يوم تاسع ذي الحجة عند الظهر ، ووقف عليه [ ص: 239 ] النبيء صلى الله عليه وسلم راكبا يوم عرفة ، وبني في أعلى ذلك الجبيل علم في الموضع الذي وقف فيه النبيء عليه الصلاة والسلام فيقف الأئمة يوم عرفة عنده .
ولا يدرى وجه اشتقاق في تسمية المكان عرفات أو عرفة ، ولا أنه علم منقول أو مرتجل ، والذي اختاره الزمخشري وابن عطية أنه علم مرتجل ، والذي يظهر أن أحد الاسمين أصل ، والآخر طارئ عليه ، وأن الأصل عرفات من العربية القديمة ، وأن عرفة تخفيف جرى على الألسنة ، ويحتمل أن يكون الأصل عرفة وأن عرفات إشباع من لغة بعض القبائل .
وذكر ( عرفات ) باسمه في القرآن يشير إلى أن الوقوف بعرفة ركن الحج ، وقال النبيء صلى الله عليه وسلم الحج عرفة .
سمي الموضع عرفات ؛ الذي هو على زنة الجمع بألف وتاء ، فعاملوه معاملة الجمع بألف وتاء ، ولم يمنعوه الصرف مع وجود العلمية .
وجمع المؤنث لا يمنع من الصرف ؛ لأن الجمع يزيل ما في المفرد من العلمية ، إذ الجمع بتقدير مسميات بكذا ، فما جمع إلا بعد قصد تنكيره ، فالتأنيث الذي يمنع الصرف مع العلمية أو الوصفية هو التأنيث بالهاء .
وذكر الإفاضة من عرفات يقتضي سبق الوقوف به ؛ لأنه لا إفاضة إلا بعد الحلول بها ، وذكر عرفات باسمه تنويه به يدل على أن الوقوف به ركن ، فلم يذكر من المناسك باسمه غير عرفة والصفا والمروة ، وفي ذلك دلالة على أنهما من الأركان ، خلافا لأبي حنيفة في الصفا والمروة ، ويؤخذ ركن الإحرام من قوله : فمن فرض فيهن الحج ، وأما طواف الإفاضة فثبت بالسنة وإجماع الفقهاء .
و ( من ) ابتدائية .
والمعنى : فإذا أفضتم خارجين من عرفات إلى المزدلفة .
والتصريح باسم عرفات في هذه الآية للرد على قريش ؛ إذ كانوا في الجاهلية يقفون في جمع وهو المزدلفة ؛ لأنهم حمس ، فيرون أن الوقوف لا يكون خارج الحرم ، ولما كانت مزدلفة من الحرم كانوا يقفون بها ولا يرضون بالوقوف بعرفة ؛ لأن عرفة من الحل كما سيأتي ، ولهذا لم يذكر الله تعالى المزدلفة في الإفاضة الثانية باسمها وقال : من حيث أفاض الناس [ ص: 240 ] لأن المزدلفة هو المكان الذي يفيض منه الناس بعد إفاضة عرفات ، فذلك حوالة على ما يعلمونه .
و ( المشعر ) اسم مشتق من الشعور أي : العلم ، أو من الشعار أي : العلامة ؛ لأنه أقيمت فيه علامة كالمنار من عهد الجاهلية ، ولعلهم فعلوا ذلك لأنهم يدفعون من عرفات آخر المساء فيدركهم غبس ما بعد الغروب وهم جماعات كثيرة ، فخشوا أن يضلوا الطريق فيضيق عليهم الوقت .
ووصف المشعر بوصف ( الحرام ) لأنه من أرض الحرم بخلاف عرفات .
والمشعر الحرام هو المزدلفة ، سميت مزدلفة ؛ لأنها ازدلفت من منى ؛ أي : اقتربت ؛ لأنهم يبيتون بها قاصدين التصبيح في منى .
التعليقات