طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

وصفي التل الرمز الوطني والكبرياء الاردني


من غير المعقول ان تذهب ذكرى وفاة العملاق الحي وصفي التل دون ان يتذكرها ويستقبلها الاردني الشريف بالحب والتقدير, ويقف عند ابرز مفارز حياته لاستلهام العبر منها وخاصة في ظل تفاقم أعداد الفاسدين هذه الايام من الذين تضخمت كروشهم وتوسعت ثرواتهم من اعتلاء المناصب العامة, التي ورثوها لابنائهم وبناتهم , فبئس الاب ,وبئس الابن ,وبئست الابنة .

فوصفي التل لا يتطرق الاردني الشريف لسيرته وذكراه للمتعة , فقد استمتع الاردنيين بماضيه النظيف بما فيه الكفاية , الى درجة أن مسلسل وصفي التل لا زال يعيش في الذاكرة الاردنية رغم مرور الزمن وتصويره بالابيض والاسود, ذلك المسلسل الذي يختزل المسافات ويعمق فينا الحنين كلما اشتاق القلب لرؤية الرجولة على اصولها , وحنت العين لمعرفة كيف تكون الوظيفة العامة جسرا لخدمة الناس لا وسيلة لنهب الثروات .

فالمنصف لا يستطيع ان يتحدث عن ذكرى وصفي التل دون ان يتذكر رفيقة دربه وحبيبة قلبه (سعدية ابراهيم بابان الكردية ) التي غادرت الدنيا كما غادرها وصفي التل دون ان يتمتعا بلذة الحياة واموالها , كما تفعل غالبية نساء كبار المسئولين الذين تناوبوا على الوظيفة العامة , فسطرت بذلك اروع قصة مجد لامرأة اردنية كانت يوما سيدة المجتمع دون منازع ودون ان تظهر للعلن , كما سطر زوجها مع هزاع المجالي وعبدالحميد شرف اروع قصة لاردنيين تقلدوا المناصب العليا في الاردن , وغادروها دون أن تغرهم الوظيفة العامة واموالها , ودون أن تهتك سمعتهم .

ففي حضرة وصفي التل الذي كنا ولا زلنا نعتبره الاب الروحي لكل حر وشريف يغار على الوطن , فإننا نقدم اعتذارنا لروحه إن تجرأنا وأقحمنا اسمه بأردنيي المناصب العليا في هذا الزمن الذي كثرت فيه الاقوال وانتفت فيه الافعال , وتضاعف الفساد وارتقى به الفاسدين واولادهم المناصب دون وجه حق ودون مؤهلات, اللهم سوى ان حمير جدهم قد مرت قبل غيرهم بهذه الابار, فكانت الحصيلة قطيع من الرجال هبطوا على الكراسي الحكومية بمظلات, بعضها له ارث تاريخي والاخر وهمي, فكثرت الازمات , وتفاقمت المديونية الى ارقام خيالية ليس لانها صُرفت على الشعب, بل لان المخطط الصهيوني يتطلب ذلك لتجويعنا وتركيعنا لنهب ثروات بلادنا,وتمرير قضية الوطن البديل على ارضنا .

فقليلون هم الذين يعرفون بأنك يا وصفي التل قد كنت مُدانا للسيد فهد العبداللات لمدة عشرة سنوات بقيمة الارض التي بنيت عليها بيتك في الكمالية اثناء رئاستك للوزراء , وقليلون هم الذين يعرفون بأنك غادرت الدنيا وانت رئيسا للحكومة وعليك ديونا بلغت ( 94 ) الف دينار هي قيمة المزرعة التي اشتريتها في الازرق لتعلمنا اهمية الارض وفائدة الزراعة وكيف نأكل من خيرات بلادنا لكي لا نكون تبعا وعبيداً للاخرين , وفي هذا الوقت يشترى غيرك المزارع باموال الشعب لتكون شققا حمراء للهو واللعب, فكم من مسؤول بعدك يا وصفي قد دخل الوظيفة العامة حافي القدمين وغادرها الى قصر بدابوق بملايين الدنانير. فاين انتم يا كبار المسئولين في وطني من هذا العملاق؟.

فيا وصفي التل قد عّز وندر وجود الرجال في هذا الزمن الذي اضحى فيه الارنب اسداً والاسد قد تحول فيه الى ارنب , فكم نحن بحاجة اليك لتعلمنا قتل الافاعي التي تعيش بيننا وتسمم افكارنا , كما علمك جدك ابراهيم بابان الكردي في صباك كيف تقتل الافعى التي حشرك معها في غرفة مغلقة .

فالله درك يا وصفي , علمتنا نظافة اليد وعشق الارض والتضحية والفداء , وكيف يكون حب الاوطان , وها نحن من بعدك نعاهدك بأن نعلم اطفالنا بأنك كما كنت مدرسة للشرفاء في حياتك, فقد كنت جامعة في مماتك , فقليلون هم الذين عاشوا كبارا كما عشت , وندرة هم الذين ماتوا عمالقة كما انت , فقتلوك بتهمة العداء لفلسطين وشعبها زورا وبهتاناً, وقد كنت من اكثر الناس الذين اشغلتهم القضية الفلسطينية وسكنت بجوارحهم .

وقفة للتأمل :' نعم ايها الاردني الحر والشريف في حضرة ذكرى وصفي التل , ارفع رأسك واشمخ بارضك ,وكن عزيزا في وطنك ودافع عنه بالغالي والنفيس , واياك ان تنحني لاياً كان مهما كانت الضرورة والبديل , فقد لا تأتيك الفرصة لكي ترفع رأسك مرة اخرى , فالرأس الاردني هذه الايام بحاجة لاردني حر كوصفي التل ليرتفع فوق الاحزان ويتحدى المؤامرات'.


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/128771