افقت من غفوتي التي اعتقد انها لم تتجاوز النصف ساعة , ولاحضت ان ' رفيقي في الغرفة وهو 'ضابط من احدى الدول العربية - المترفه - لم يكن موجوداً , لم يدهشني ذلك فهو من الطراز الذي يبحث عن الاثارة , والمتعة , وهي فرصة من -وجهة نظره - لا يجب تفويتها .
كنا في زيارة رسمية لوشنطن نظمها مكتب ' الضباط الحلفاء ' - وهو المكتب الذي يعنى بشؤون ضباط الدول المشاركة بدورات في الولايات المتحدة الامريكية - في سياق برنامج الدورة ؛ طويلة الامد , التي كنا نشارك بها من مختلف دول العالم المرتبطة بالولايات المتحدة الاميركية.
كانت اقامتنا في ( فندق وشنطن ) البالغ الفخامة , والذي يقع في منطقة متوسطة للعاصمة الاميركية , حيث كان من الممكن مشاهدة , المسلة , والنصب التذكاري ' للنكولن ' من المقهى ' الكوفي شوب ' الذي يقع في احد الطوابق العلوية للفندق .
غادرت غرفتي لابحث عن رفاق الدورة , واستقليت المصعد الفاخر , الذي وجدت به ' روي ' الرائد البرتغالي , والذي ارتبطت معه بصداقة امتدت لهذه اللحضة , و' زمان ' الرائد البنغالي ذو الاطوار الخاصة ؛ بادرتهم بالتحية , ردوا التحية باشين .
سألتهم الى اين ؟ اجاب روي نستطلع الفندق , لنلق نظرة على المقهى , ومن ثم نذهب الى ' الهوسبيتالتي رووم ' - غرفة الضيافة - وهي غرفة يعدها مكتب ' الضباط الحلفاء ' لتقديم الضيافة للضباط , في كل مكان كنا نذهب اليه تحتوى مرطبات , ورقائق البطاطا ' الشيبس ' , والمكسرات الفاخرة ,والمشروبات الكحولية لمن يرغب , الخ ...
سالوني ما رأيك ؟ اجبت : لم لا , قد نجد بقية الرفاق هناك .
توقفنا عند الطابق الحادي عشر , وانفرج باب المصعد عن شرفة للمقهى التي تطل على واشنطن , كانت ممتلئة بالزبائن , شاهدنا عدد من رفاق الدورة على احدى الطاولات فانظممنا اليهم , لكني لم ار النقيب نواف رفيقي في الغرفة .
سالت عنه فاجابني احد الرفاق مازحاً : بانه ذهب الى واشنطن لعله يحصل على رفيقة , او سهرة ممتعة في احد النوادي , او حتى - شمة - واستطرد مازحاً ما انت عارف نواف.
تبسمت , وانشغلت مع الرفاق في مناقشة مشروع سهرة الليلة , وفجأة اطلت علينا فتاة فائقة الجمال , بصحبة عدد من الشباب والفتيات يبدو عليها الهلع الشديد , يلاحقها احد موظفي المقهى , لكنها جلست على طاولتنا واخبرت النادل انها بانتظار' نواف ' , ونظرت الينا متوسلة أن نطلب من النادل ان يدعها , ففعلنا . غادر النادل ,ثم بعد قليل غادر بقية من معها .
بادرتها بالسؤال , اين نواف ؟
اجابت : سيأتي بعد قليل , لقد قابلته في الشارع , - كانت تتحدث وهي بحالة هلع شديد - , وطلب مني انتظاره في المقهى ووصف لي هذه الطاولة .
اخبرتنا انها تريد ان تهاتف والدتها , لكن ادارة الفندق رفضت أن تسمح لها لأنها لأنها لن تتمكن من دفع اجرة المكالمة نقداً فهي لاتملك نقوداً , ولا يمكنها دفع اجرة المكالمة بواسطة - الفيزا كارد لأنها - ' تين ايجر' ( دون الثامنة عشرة ) ولا يمكنها اجراء مكالمة (كولكت كول ) اي على حساب المتلقي , كونها ليست نزيلة الفندق .
مجموعة من الاسئلة تدفقت الى خاطري , كيف اهتدت هذه الفراشة الملونة للفندق , ولم هذا الرعب ولماذا اختارت المقهى ؟ ولماذا اختارت طاولتنا ؟ ثم لماذا غادر زملائها وبقيت هي ؟ امر مدهش .
وابتدأت بسرد حكايتها :
كنت ضمن جماهير تتظاهر بذكرى وفاة المصلح الاميركي - مارتن لوثر كنغ - في الشارع الموازي للفندق وهي تظاهرات تُنظم سنوياً وفقاً للدستور وقواعد – الديمقراطية الأميركية – ويقوم على المشاركة بها متظاهرون من شتى انحاء الولايات المتحدة , وقد قدمت انا من ولاية بنسلفانيا ضمن مجموعات استخدمت وسائط نقل جماعية ,كنا نتظاهر سلمياً , حين هرعت قوات الشرطة واخذت تقمع التظاهرة بشكل دموي ,همجي , وعملت على تفريقها , والقاء القبض على عناصرها , مما اضطرني ورفاقي للفرار في الأزقة , والشوارع , وقد طاردتني قوات الشرطة , وتعرضت للضرب , والاهانة , لكني تمكنت من الفرار اخيراً , وتشتت شملنا .
أنا في حيرة من امري , فقد غادرت وسائط النقل التي اقلتني وزملائي , ولا املك مالاً , ولا ادري ماذا افعل , وقد التقيت زميلكم ' نواف ' في أحد الازقة أثناء هروبي وشرحت له المسألة , فطلب مني ان اقضي ليلتي معه مقابل ان يمنحني مبلغاً اتمكن بواسطتة أن اهاتف والدتي , والعودة لولايتي , وقد أعطاني رقم الطاولة التي تجلسون الآن عليها وطلب من ان انتظرقدومه .
كانت أحداث مريعة , اذ كيف تقمع المظاهرات السلمية التي تحتفي بذكرى وفاة القس داعية الحرية , والديمقراطية , وحقوق الانسان وازالة التمييز العرقي والعنصري في بلد يدعي انه - معقل الحرية , والديمقراطية -, انة أمرٌ مشين !
ثم كيف يفعل رفيقنا (الضابط العربي ) الذي - يفترظ – به ان يذود عن القيم , والا يستغل فتاة ' قاصر ' ويطلب منها قضاء ليلتها معه مقابل المال الذي تحتاجه لاجراء مكالمة هاتفية واجرة تذكرة قطار العودة لولايتها ! اي عار هذا ؟!
انهلت عليها بتلك الاسئلة , اجابت : نحن من ندعي اننا بلد الديمقراطية قتلنا داعية الحقوق مارتن لوثر , وقصفنا هيروشيما ,وناجازاكي بالقنابل النووية , وقتلنا الشعب الفيتنامي , والكمبودي , والكوري , واللاوسي , ولا زلنا نمارس التمييز العنصري وديمقراطية الطبقة التي تملك كل شيئ , وقد رأيت الدبابات تقمع المتظاهرين في واشنطن , اي مهزلة هذه ؟
اما عن قبولي عرض رفيقكم فلم يكن امامي خيار آخر , اما ان اقضي ليلتي بالسجن , أو بالشارع , أو بغرفة دافئة فاخرة ' بواشنطن هوتيل ' واتمكن من العودة لاسرتي .
سألتها : لو تمكنت من الاتصال بوالدتك هل ستحل المشكلة , ام ان لديك رغبة في قضاء الليلة مع نواف ؟
اجابت : بالتأكيد ستحل , ولا ارغب في صحبة نواف الا اذا اضطررت .
دعوت النادل وطلبت منه ان يمكن الفتاة من الاتصال بوالدتها , وان يسجل المكالمة على غرفتي .
غادرت الفتاة بصحبة النادل لاجراء المكالمة , وعادت بعد دقائق باشة , فقد اجرت المكالمة – على حساب والدتها - وحصلت على اذن منها باستخدام ' الفيزا كارد ' وبذا ستتمكن من شراء بطاقة ال ' أيم تراك ' القطار الذي يطوف الولايات المتحدة وتعود لولايتها .
تقدمت الى مبتسمه وقالت : شكراً ساغادر الان وسأتذكر ما حصل في هذا اليوم طويلاً , وداعاً , تحياتي لنواف .
لم يمضي وقت طويل حتى اطل نواف , القى التحية ثم جلس , اخبرته بما جرى فتسائل مستنكراً : هل فعلتها ومكنت هذه الفراشة من المضي ؟!
قلت : نعم
اجاب : لعنة الله عليك لم فعلتها ؟ لقد منيت النفس بقضاء ليلة حمراء بصحبة هذه الفاتنة .
اجبت بحنق : لم اعهدك انتهازياً الى هذا الحد , الفتاة التي منيت النفس بها كانت تناضل من اجل قضية نبيلة , وتعرضت لموقف بالغ الحرج , وكانت فرصتك لتسجل موقفاً مشرفاً .
اجاب وهويكاد ينفطر غيظاً : اذا كان مارتن لوثر الذي دعى للمساواة والعدل للمجتمع الاميركي قد قتل على ايدي المجتمع الاميركي نفسه , تطلب مني ان اكون اكثر عدلا منه ؟! امرك غريب يا اخي ,وانصرف غاضباً .
عدت الى غرفتي بعد ان امضيت سهرة ممتعة مع الرفاق بمقهى الفندق , واندهشت حين وجدت – الرائد روي البرتغالي - في غرفتي مستلق على سرير نواف بلباس النوم .
سألته ماالذي تفعله , واين نواف ؟ اجاب مبتسماً , لقد ابتلاني بك , فقد استبدل رفقتك التي افقدته فريسته الفاتنة برفيق آخر ! فهو لن يطيق ان ينظر لوجهك بقية الليل ويتحسر , فقد ذهب ليبحث عن فاتنة لا تمارس السياسة , بعيدا عنك .
ثم استطرد قائلاً:.
اطفئ النور , دع ليلتنا تمض على خير .
افقت من غفوتي التي اعتقد انها لم تتجاوز النصف ساعة , ولاحضت ان ' رفيقي في الغرفة وهو 'ضابط من احدى الدول العربية - المترفه - لم يكن موجوداً , لم يدهشني ذلك فهو من الطراز الذي يبحث عن الاثارة , والمتعة , وهي فرصة من -وجهة نظره - لا يجب تفويتها .
كنا في زيارة رسمية لوشنطن نظمها مكتب ' الضباط الحلفاء ' - وهو المكتب الذي يعنى بشؤون ضباط الدول المشاركة بدورات في الولايات المتحدة الامريكية - في سياق برنامج الدورة ؛ طويلة الامد , التي كنا نشارك بها من مختلف دول العالم المرتبطة بالولايات المتحدة الاميركية.
كانت اقامتنا في ( فندق وشنطن ) البالغ الفخامة , والذي يقع في منطقة متوسطة للعاصمة الاميركية , حيث كان من الممكن مشاهدة , المسلة , والنصب التذكاري ' للنكولن ' من المقهى ' الكوفي شوب ' الذي يقع في احد الطوابق العلوية للفندق .
غادرت غرفتي لابحث عن رفاق الدورة , واستقليت المصعد الفاخر , الذي وجدت به ' روي ' الرائد البرتغالي , والذي ارتبطت معه بصداقة امتدت لهذه اللحضة , و' زمان ' الرائد البنغالي ذو الاطوار الخاصة ؛ بادرتهم بالتحية , ردوا التحية باشين .
سألتهم الى اين ؟ اجاب روي نستطلع الفندق , لنلق نظرة على المقهى , ومن ثم نذهب الى ' الهوسبيتالتي رووم ' - غرفة الضيافة - وهي غرفة يعدها مكتب ' الضباط الحلفاء ' لتقديم الضيافة للضباط , في كل مكان كنا نذهب اليه تحتوى مرطبات , ورقائق البطاطا ' الشيبس ' , والمكسرات الفاخرة ,والمشروبات الكحولية لمن يرغب , الخ ...
سالوني ما رأيك ؟ اجبت : لم لا , قد نجد بقية الرفاق هناك .
توقفنا عند الطابق الحادي عشر , وانفرج باب المصعد عن شرفة للمقهى التي تطل على واشنطن , كانت ممتلئة بالزبائن , شاهدنا عدد من رفاق الدورة على احدى الطاولات فانظممنا اليهم , لكني لم ار النقيب نواف رفيقي في الغرفة .
سالت عنه فاجابني احد الرفاق مازحاً : بانه ذهب الى واشنطن لعله يحصل على رفيقة , او سهرة ممتعة في احد النوادي , او حتى - شمة - واستطرد مازحاً ما انت عارف نواف.
تبسمت , وانشغلت مع الرفاق في مناقشة مشروع سهرة الليلة , وفجأة اطلت علينا فتاة فائقة الجمال , بصحبة عدد من الشباب والفتيات يبدو عليها الهلع الشديد , يلاحقها احد موظفي المقهى , لكنها جلست على طاولتنا واخبرت النادل انها بانتظار' نواف ' , ونظرت الينا متوسلة أن نطلب من النادل ان يدعها , ففعلنا . غادر النادل ,ثم بعد قليل غادر بقية من معها .
بادرتها بالسؤال , اين نواف ؟
اجابت : سيأتي بعد قليل , لقد قابلته في الشارع , - كانت تتحدث وهي بحالة هلع شديد - , وطلب مني انتظاره في المقهى ووصف لي هذه الطاولة .
اخبرتنا انها تريد ان تهاتف والدتها , لكن ادارة الفندق رفضت أن تسمح لها لأنها لأنها لن تتمكن من دفع اجرة المكالمة نقداً فهي لاتملك نقوداً , ولا يمكنها دفع اجرة المكالمة بواسطة - الفيزا كارد لأنها - ' تين ايجر' ( دون الثامنة عشرة ) ولا يمكنها اجراء مكالمة (كولكت كول ) اي على حساب المتلقي , كونها ليست نزيلة الفندق .
مجموعة من الاسئلة تدفقت الى خاطري , كيف اهتدت هذه الفراشة الملونة للفندق , ولم هذا الرعب ولماذا اختارت المقهى ؟ ولماذا اختارت طاولتنا ؟ ثم لماذا غادر زملائها وبقيت هي ؟ امر مدهش .
وابتدأت بسرد حكايتها :
كنت ضمن جماهير تتظاهر بذكرى وفاة المصلح الاميركي - مارتن لوثر كنغ - في الشارع الموازي للفندق وهي تظاهرات تُنظم سنوياً وفقاً للدستور وقواعد – الديمقراطية الأميركية – ويقوم على المشاركة بها متظاهرون من شتى انحاء الولايات المتحدة , وقد قدمت انا من ولاية بنسلفانيا ضمن مجموعات استخدمت وسائط نقل جماعية ,كنا نتظاهر سلمياً , حين هرعت قوات الشرطة واخذت تقمع التظاهرة بشكل دموي ,همجي , وعملت على تفريقها , والقاء القبض على عناصرها , مما اضطرني ورفاقي للفرار في الأزقة , والشوارع , وقد طاردتني قوات الشرطة , وتعرضت للضرب , والاهانة , لكني تمكنت من الفرار اخيراً , وتشتت شملنا .
أنا في حيرة من امري , فقد غادرت وسائط النقل التي اقلتني وزملائي , ولا املك مالاً , ولا ادري ماذا افعل , وقد التقيت زميلكم ' نواف ' في أحد الازقة أثناء هروبي وشرحت له المسألة , فطلب مني ان اقضي ليلتي معه مقابل ان يمنحني مبلغاً اتمكن بواسطتة أن اهاتف والدتي , والعودة لولايتي , وقد أعطاني رقم الطاولة التي تجلسون الآن عليها وطلب من ان انتظرقدومه .
كانت أحداث مريعة , اذ كيف تقمع المظاهرات السلمية التي تحتفي بذكرى وفاة القس داعية الحرية , والديمقراطية , وحقوق الانسان وازالة التمييز العرقي والعنصري في بلد يدعي انه - معقل الحرية , والديمقراطية -, انة أمرٌ مشين !
ثم كيف يفعل رفيقنا (الضابط العربي ) الذي - يفترظ – به ان يذود عن القيم , والا يستغل فتاة ' قاصر ' ويطلب منها قضاء ليلتها معه مقابل المال الذي تحتاجه لاجراء مكالمة هاتفية واجرة تذكرة قطار العودة لولايتها ! اي عار هذا ؟!
انهلت عليها بتلك الاسئلة , اجابت : نحن من ندعي اننا بلد الديمقراطية قتلنا داعية الحقوق مارتن لوثر , وقصفنا هيروشيما ,وناجازاكي بالقنابل النووية , وقتلنا الشعب الفيتنامي , والكمبودي , والكوري , واللاوسي , ولا زلنا نمارس التمييز العنصري وديمقراطية الطبقة التي تملك كل شيئ , وقد رأيت الدبابات تقمع المتظاهرين في واشنطن , اي مهزلة هذه ؟
اما عن قبولي عرض رفيقكم فلم يكن امامي خيار آخر , اما ان اقضي ليلتي بالسجن , أو بالشارع , أو بغرفة دافئة فاخرة ' بواشنطن هوتيل ' واتمكن من العودة لاسرتي .
سألتها : لو تمكنت من الاتصال بوالدتك هل ستحل المشكلة , ام ان لديك رغبة في قضاء الليلة مع نواف ؟
اجابت : بالتأكيد ستحل , ولا ارغب في صحبة نواف الا اذا اضطررت .
دعوت النادل وطلبت منه ان يمكن الفتاة من الاتصال بوالدتها , وان يسجل المكالمة على غرفتي .
غادرت الفتاة بصحبة النادل لاجراء المكالمة , وعادت بعد دقائق باشة , فقد اجرت المكالمة – على حساب والدتها - وحصلت على اذن منها باستخدام ' الفيزا كارد ' وبذا ستتمكن من شراء بطاقة ال ' أيم تراك ' القطار الذي يطوف الولايات المتحدة وتعود لولايتها .
تقدمت الى مبتسمه وقالت : شكراً ساغادر الان وسأتذكر ما حصل في هذا اليوم طويلاً , وداعاً , تحياتي لنواف .
لم يمضي وقت طويل حتى اطل نواف , القى التحية ثم جلس , اخبرته بما جرى فتسائل مستنكراً : هل فعلتها ومكنت هذه الفراشة من المضي ؟!
قلت : نعم
اجاب : لعنة الله عليك لم فعلتها ؟ لقد منيت النفس بقضاء ليلة حمراء بصحبة هذه الفاتنة .
اجبت بحنق : لم اعهدك انتهازياً الى هذا الحد , الفتاة التي منيت النفس بها كانت تناضل من اجل قضية نبيلة , وتعرضت لموقف بالغ الحرج , وكانت فرصتك لتسجل موقفاً مشرفاً .
اجاب وهويكاد ينفطر غيظاً : اذا كان مارتن لوثر الذي دعى للمساواة والعدل للمجتمع الاميركي قد قتل على ايدي المجتمع الاميركي نفسه , تطلب مني ان اكون اكثر عدلا منه ؟! امرك غريب يا اخي ,وانصرف غاضباً .
عدت الى غرفتي بعد ان امضيت سهرة ممتعة مع الرفاق بمقهى الفندق , واندهشت حين وجدت – الرائد روي البرتغالي - في غرفتي مستلق على سرير نواف بلباس النوم .
سألته ماالذي تفعله , واين نواف ؟ اجاب مبتسماً , لقد ابتلاني بك , فقد استبدل رفقتك التي افقدته فريسته الفاتنة برفيق آخر ! فهو لن يطيق ان ينظر لوجهك بقية الليل ويتحسر , فقد ذهب ليبحث عن فاتنة لا تمارس السياسة , بعيدا عنك .
ثم استطرد قائلاً:.
اطفئ النور , دع ليلتنا تمض على خير .
افقت من غفوتي التي اعتقد انها لم تتجاوز النصف ساعة , ولاحضت ان ' رفيقي في الغرفة وهو 'ضابط من احدى الدول العربية - المترفه - لم يكن موجوداً , لم يدهشني ذلك فهو من الطراز الذي يبحث عن الاثارة , والمتعة , وهي فرصة من -وجهة نظره - لا يجب تفويتها .
كنا في زيارة رسمية لوشنطن نظمها مكتب ' الضباط الحلفاء ' - وهو المكتب الذي يعنى بشؤون ضباط الدول المشاركة بدورات في الولايات المتحدة الامريكية - في سياق برنامج الدورة ؛ طويلة الامد , التي كنا نشارك بها من مختلف دول العالم المرتبطة بالولايات المتحدة الاميركية.
كانت اقامتنا في ( فندق وشنطن ) البالغ الفخامة , والذي يقع في منطقة متوسطة للعاصمة الاميركية , حيث كان من الممكن مشاهدة , المسلة , والنصب التذكاري ' للنكولن ' من المقهى ' الكوفي شوب ' الذي يقع في احد الطوابق العلوية للفندق .
غادرت غرفتي لابحث عن رفاق الدورة , واستقليت المصعد الفاخر , الذي وجدت به ' روي ' الرائد البرتغالي , والذي ارتبطت معه بصداقة امتدت لهذه اللحضة , و' زمان ' الرائد البنغالي ذو الاطوار الخاصة ؛ بادرتهم بالتحية , ردوا التحية باشين .
سألتهم الى اين ؟ اجاب روي نستطلع الفندق , لنلق نظرة على المقهى , ومن ثم نذهب الى ' الهوسبيتالتي رووم ' - غرفة الضيافة - وهي غرفة يعدها مكتب ' الضباط الحلفاء ' لتقديم الضيافة للضباط , في كل مكان كنا نذهب اليه تحتوى مرطبات , ورقائق البطاطا ' الشيبس ' , والمكسرات الفاخرة ,والمشروبات الكحولية لمن يرغب , الخ ...
سالوني ما رأيك ؟ اجبت : لم لا , قد نجد بقية الرفاق هناك .
توقفنا عند الطابق الحادي عشر , وانفرج باب المصعد عن شرفة للمقهى التي تطل على واشنطن , كانت ممتلئة بالزبائن , شاهدنا عدد من رفاق الدورة على احدى الطاولات فانظممنا اليهم , لكني لم ار النقيب نواف رفيقي في الغرفة .
سالت عنه فاجابني احد الرفاق مازحاً : بانه ذهب الى واشنطن لعله يحصل على رفيقة , او سهرة ممتعة في احد النوادي , او حتى - شمة - واستطرد مازحاً ما انت عارف نواف.
تبسمت , وانشغلت مع الرفاق في مناقشة مشروع سهرة الليلة , وفجأة اطلت علينا فتاة فائقة الجمال , بصحبة عدد من الشباب والفتيات يبدو عليها الهلع الشديد , يلاحقها احد موظفي المقهى , لكنها جلست على طاولتنا واخبرت النادل انها بانتظار' نواف ' , ونظرت الينا متوسلة أن نطلب من النادل ان يدعها , ففعلنا . غادر النادل ,ثم بعد قليل غادر بقية من معها .
بادرتها بالسؤال , اين نواف ؟
اجابت : سيأتي بعد قليل , لقد قابلته في الشارع , - كانت تتحدث وهي بحالة هلع شديد - , وطلب مني انتظاره في المقهى ووصف لي هذه الطاولة .
اخبرتنا انها تريد ان تهاتف والدتها , لكن ادارة الفندق رفضت أن تسمح لها لأنها لأنها لن تتمكن من دفع اجرة المكالمة نقداً فهي لاتملك نقوداً , ولا يمكنها دفع اجرة المكالمة بواسطة - الفيزا كارد لأنها - ' تين ايجر' ( دون الثامنة عشرة ) ولا يمكنها اجراء مكالمة (كولكت كول ) اي على حساب المتلقي , كونها ليست نزيلة الفندق .
مجموعة من الاسئلة تدفقت الى خاطري , كيف اهتدت هذه الفراشة الملونة للفندق , ولم هذا الرعب ولماذا اختارت المقهى ؟ ولماذا اختارت طاولتنا ؟ ثم لماذا غادر زملائها وبقيت هي ؟ امر مدهش .
وابتدأت بسرد حكايتها :
كنت ضمن جماهير تتظاهر بذكرى وفاة المصلح الاميركي - مارتن لوثر كنغ - في الشارع الموازي للفندق وهي تظاهرات تُنظم سنوياً وفقاً للدستور وقواعد – الديمقراطية الأميركية – ويقوم على المشاركة بها متظاهرون من شتى انحاء الولايات المتحدة , وقد قدمت انا من ولاية بنسلفانيا ضمن مجموعات استخدمت وسائط نقل جماعية ,كنا نتظاهر سلمياً , حين هرعت قوات الشرطة واخذت تقمع التظاهرة بشكل دموي ,همجي , وعملت على تفريقها , والقاء القبض على عناصرها , مما اضطرني ورفاقي للفرار في الأزقة , والشوارع , وقد طاردتني قوات الشرطة , وتعرضت للضرب , والاهانة , لكني تمكنت من الفرار اخيراً , وتشتت شملنا .
أنا في حيرة من امري , فقد غادرت وسائط النقل التي اقلتني وزملائي , ولا املك مالاً , ولا ادري ماذا افعل , وقد التقيت زميلكم ' نواف ' في أحد الازقة أثناء هروبي وشرحت له المسألة , فطلب مني ان اقضي ليلتي معه مقابل ان يمنحني مبلغاً اتمكن بواسطتة أن اهاتف والدتي , والعودة لولايتي , وقد أعطاني رقم الطاولة التي تجلسون الآن عليها وطلب من ان انتظرقدومه .
كانت أحداث مريعة , اذ كيف تقمع المظاهرات السلمية التي تحتفي بذكرى وفاة القس داعية الحرية , والديمقراطية , وحقوق الانسان وازالة التمييز العرقي والعنصري في بلد يدعي انه - معقل الحرية , والديمقراطية -, انة أمرٌ مشين !
ثم كيف يفعل رفيقنا (الضابط العربي ) الذي - يفترظ – به ان يذود عن القيم , والا يستغل فتاة ' قاصر ' ويطلب منها قضاء ليلتها معه مقابل المال الذي تحتاجه لاجراء مكالمة هاتفية واجرة تذكرة قطار العودة لولايتها ! اي عار هذا ؟!
انهلت عليها بتلك الاسئلة , اجابت : نحن من ندعي اننا بلد الديمقراطية قتلنا داعية الحقوق مارتن لوثر , وقصفنا هيروشيما ,وناجازاكي بالقنابل النووية , وقتلنا الشعب الفيتنامي , والكمبودي , والكوري , واللاوسي , ولا زلنا نمارس التمييز العنصري وديمقراطية الطبقة التي تملك كل شيئ , وقد رأيت الدبابات تقمع المتظاهرين في واشنطن , اي مهزلة هذه ؟
اما عن قبولي عرض رفيقكم فلم يكن امامي خيار آخر , اما ان اقضي ليلتي بالسجن , أو بالشارع , أو بغرفة دافئة فاخرة ' بواشنطن هوتيل ' واتمكن من العودة لاسرتي .
سألتها : لو تمكنت من الاتصال بوالدتك هل ستحل المشكلة , ام ان لديك رغبة في قضاء الليلة مع نواف ؟
اجابت : بالتأكيد ستحل , ولا ارغب في صحبة نواف الا اذا اضطررت .
دعوت النادل وطلبت منه ان يمكن الفتاة من الاتصال بوالدتها , وان يسجل المكالمة على غرفتي .
غادرت الفتاة بصحبة النادل لاجراء المكالمة , وعادت بعد دقائق باشة , فقد اجرت المكالمة – على حساب والدتها - وحصلت على اذن منها باستخدام ' الفيزا كارد ' وبذا ستتمكن من شراء بطاقة ال ' أيم تراك ' القطار الذي يطوف الولايات المتحدة وتعود لولايتها .
تقدمت الى مبتسمه وقالت : شكراً ساغادر الان وسأتذكر ما حصل في هذا اليوم طويلاً , وداعاً , تحياتي لنواف .
لم يمضي وقت طويل حتى اطل نواف , القى التحية ثم جلس , اخبرته بما جرى فتسائل مستنكراً : هل فعلتها ومكنت هذه الفراشة من المضي ؟!
قلت : نعم
اجاب : لعنة الله عليك لم فعلتها ؟ لقد منيت النفس بقضاء ليلة حمراء بصحبة هذه الفاتنة .
اجبت بحنق : لم اعهدك انتهازياً الى هذا الحد , الفتاة التي منيت النفس بها كانت تناضل من اجل قضية نبيلة , وتعرضت لموقف بالغ الحرج , وكانت فرصتك لتسجل موقفاً مشرفاً .
اجاب وهويكاد ينفطر غيظاً : اذا كان مارتن لوثر الذي دعى للمساواة والعدل للمجتمع الاميركي قد قتل على ايدي المجتمع الاميركي نفسه , تطلب مني ان اكون اكثر عدلا منه ؟! امرك غريب يا اخي ,وانصرف غاضباً .
عدت الى غرفتي بعد ان امضيت سهرة ممتعة مع الرفاق بمقهى الفندق , واندهشت حين وجدت – الرائد روي البرتغالي - في غرفتي مستلق على سرير نواف بلباس النوم .
سألته ماالذي تفعله , واين نواف ؟ اجاب مبتسماً , لقد ابتلاني بك , فقد استبدل رفقتك التي افقدته فريسته الفاتنة برفيق آخر ! فهو لن يطيق ان ينظر لوجهك بقية الليل ويتحسر , فقد ذهب ليبحث عن فاتنة لا تمارس السياسة , بعيدا عنك .
ثم استطرد قائلاً:.
اطفئ النور , دع ليلتنا تمض على خير .
التعليقات