المحامي الدكتور ليث كمال نصراوين* - ما تزال تداعيات قرار المحكمة الدستورية الأخير بإعلان عدم دستورية المادة (5) من قانون المالكين والمستأجرين حول قطعية أجر المثل تلقي بظلالها على النقاشات الدائرة حاليا في أروقة مجلس النواب الذي عقد العزم على تعديل القانون ليتوافق مع ما جاء في قرار المحكمة الدستورية. فالأنباء التي تتسرب عن اللجنة القانونية تؤكد رغبة مجلس النواب في إلغاء أجر المثل والعودة إلى نظام الزيادات على الأجرة السنوية وفق نسب معينة يقررها مجلس الوزراء، وإن كانت المشكلة الأكبر التي تواجه تعديل القانون تتمثل في كيفية استرداد الحقوق المنقوصة للمستأجرين الذين صدر بحقهم قرارا مجحفا بأجر المثل ولم يثبت لهم حق الطعن به إلى جهة قضائية عليا في ظل النص القانوني على قطعية ذلك الحكم والذي تقرر فيما بعد عدم دستوريته بأثر فوري ومباشر.
وباستقراء باقي نصوص قانون المالكين والمستأجرين الحالي نجد أنه يتضمن بين ثناياه مخالفة أخرى صريحة وجسيمة لأحكام الدستور وذلك في المادة (7) منه التي تتعلق بالامتداد القانوني لعقد الإيجار إلى ورثة المستأجر، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة السابقة على أنه في العقارات المؤجرة لغايات السكن قبل 31/8/2000 فإنه يحق لأفراد أسرة المستأجر الذين كانوا يقيمون معه في العقار عند وفاة المستأجر أن يستمروا في اشغال المأجور لمدة ثلاث سنوات من تاريخ نفاذ القانون أو من الوفاة، وأنه في العقارات المؤجرة لغايات أخرى يستمر ورثة المستأجر الشرعيين أو أحدهم في اشغال المأجور لمدة ست سنوات على أن يراعى أجر المثل في كل الأحوال.
إن وجه مخالفة النص القانوني السابق لأحكام الدستور تكمن في أنه ينطوي على خرق صارخ لأحكام المادة (6) من الدستور التي تقرر المساواة بين الأردنيين أمام القانون وتحظر التمييز فيما بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين. فالنص القانوني قد قسم الأردنيين المستأجرين وورثتهم وفقا لغايات المأجور، فقرر لجميع الورثة في المأجور لغايات السكن امتدادا قانونيا في اشغال الماجور بعد وفاة المستأجر لمدة ثلاث سنوات، في حين أنه قصره في العقارات المخصصة لغايات أخرى كالمأجور التجاري بورثة المستأجر الشرعيين أو أحدهم ولمدة ست سنوات. فمظهر عدم الدستورية يتمثل في أن قانون المالكين والمستأجرين قد ميز بين الأردنيين على أساس الدين والعقيدة بأن توسع في نطاق الورثة الذين ينتقل إليهم حق الإجارة في المأجور المخصص لغايات السكن لتشمل كافة الورثة المقيمين مع المستأجر سواء كانوا ورثة شرعيين أم غير شرعيين، في حين أنه قد حصرها في الورثة الشرعيين في المأجور لأي غايات أخرى. فعلى فرض أن مستأجر لعقار تجاري متزوج من إمراة غير مسلمة وتوفي فإن حق الإجارة لا ينتقل إلى زوجته بحكم أنها لا تعد من الورثة الشرعيين له، في حين أنها ترث منه حق الإجارة في أي مأجور مخصص لغايات السكن وذلك لمدة ثلاث سنوات. فالزوجة غير المسلمة قد تكون شريكة مع زوجها في العمل التجاري وتملك القدرة والمعرفة على إدارة المشروع بعد وفاة زوجها، إلا أن القانون الأردني قد حرمها من حقها في الامتداد القانوني لعقد ايجار المحل التجاري بسبب ديانتها وعقيدتها.
كما تنطوي المادة (7) من قانون المالكين والمستأجرين على تمييز بين الأردنيين على أساس المهنة أو العمل التجاري الذي يقومون به وطبيعته، فالقانون قد فرض استمرارية ورثة المستأجر الشرعيين أو أحدهم في إشغال العقارات المؤجرة لغايات تجارية على الأشخاص الطبيعيين فقط دون الاعتباريين أو المعنويين من شركات ومؤسسات تجارية. فإذا كان العقار مؤجرا لشركة أو مؤسسة فردية لممارسة عمل تجاري وتوفي صاحب تلك الشركة، فإنه يسمح للشخص المعنوي الاستمرار في إشغال المأجور ولا تطبق على ورثة صاحب الشركة أحكام الامتداد القانوني المؤقت لعقد الإيجار.
ومن ناحية أخرى، فإن ما اشترطته المادة (7) من قانون المالكين والمستأجرين من بقاء الورثة لسنوات قليلة في المأجور بعد وفاة المستأجر من شأنه أن يسلط السيف على رقابهم لصالح إما زيادة الأجرة السنوية وفقا لمشيئة المالك المؤجر أو تسليم المأجور وتشريد العائلة من أطفال وبنات ومسنين، وفي ذلك مخالفة صريحة لأحكام المادة (6) بفقراتها المتعددة من الدستور والتي تعتبر الحفاظ على السلم الاجتماعي واجب مقدس على كل أردني، وأن الأسرة هي أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق، وأنه يجب على القانون أن يحفظ كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها، وأن يحمي الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والاستغلال. فقانون المالكين والمستأجرين بحلته الحالية الذي يعطي ورثة المستأجر من زوجته وأطفاله الصغار وبناته الذين هم في مقتبل العمر مدة ثلاث سنوات فقط للبقاء في المأجور السكني يهدم أواسط الأسرة الأردنية وكيانها الشرعي ويعادي الطفولة والشيخوخة ويدفع بالأطفال الصغار والأمهات والأرامل والبنات غير المتزوجات إلى التشرد ويجعلهن عرضة للجرائم وفريسة يسهل الانقضاض عليها، فيكون بذلك المشرع قد ساهم بتخريج كوكبة من المشردين الذين سيمتهنون الاجرام، فتزداد نسبة الجرائم في المجتمع بشكل يهدد الأمن والسلم الاجتماعي.
كما أن حكم النص القانوني السابق يتعارض بشكل كبير مع الالتزامات الدولية التي تقع على عاتق الدولة الأردنية المتعلقة بحقوق الطفل والمرأة والعجزة المقررة بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي أبرمها الأردن وصادق عليها ودخلت حيز النفاذ في النظام القانوني الداخلي.
في المقابل، فإن فكرة حصر الامتداد القانوني لعقد الإيجار بحق ورثة المستأجر بفترة زمنية معينة يحق بعدها للمالك إجبارهم على ترك المأجور يتنافى مع الغاية التي من أجلها تقرر أجر المثل للمالك المؤجر المتمثلة في زيادة الأجرة السنوية لضمان استقرار المستأجر وبقائه في المأجور. فما المغزى من تقرير أجر المثل وطلب المالك من المحكمة زيادة الأجرة السنوية ما دام أن وفاة المستأجر ستؤدي في النهاية إلى انتهاء عقد الإيجار وإخراج ورثة المستأجر من المأجور؟.
أما بخصوص الفقرة الثانية من المادة (7) من قانون المالكين والمستأجرين فإنها تنص على أن يستمر حق اشغال المأجور لغايات السكن إلى الزوجة المطلقة طلاقا بائنا أو انفصالا كنسيا باتا لمدة ثلاث سنوات من تاريح اكتساب الطلاق أو الانفصال الدرجة القطعية وذلك في العقود المبرمة قبل 31/8/2000. إن ما يؤخذ على هذا النص القانوني أنه قد جاء قاصرا عن معالجة كافة أشكال الانفصال بين الزوجين المتربطين بزواج كنسي، ذلك أن هناك بعض الطوائف المسيحية التي تحكم ببطلان عقد الزواج وأخرى تحكم بفسخه بالإضافة إلى الإنفصال الكنسي البات الذي أشار له القانون، وهذا ما يجعل النص القانوني مشوبا بعيب القصور في أحكامه.
خلاصة القول أنه إذا كانت ما تناقلته وسائل الإعلام من أن اللجنة القانونية في مجلس النواب قد أقرت إلغاء المادة (7) من قانون المالكين والمستأجرين، فإننا نشد على أيدي أعضائها وندعو مجلس النواب بكامله إلى التصويت على إلغاء تلك المادة غير الدستورية واستبدالها بأحكام أكثر مراعاة للمصلحة الاجتماعية للأسر المستأجرة. فعقد الإيجار في الإسلام هو من عقود المعاوضة، وهو عقد لازم لا يملك أحد المتعاقدين فسخه إلا إذا وجد ما يوجب الفسخ كوجود عيب فيه. فلا تفسخ الإجارة في الإسلام بموت أحد المتعاقدين في ظل سلامة المعقود عليه، ذلك أن الوارث يقوم مقام مورثه سواء أكان مؤجرا أو مستأجرا، وهذا ما أخذ به القانون المدني في المادة (709) منه والتي تنص على أنه 'لا ينتهي الإيجار بموت أحد المتعاقدين'.
laith@lawyer.com
* أستاذ القانون الدستوري المساعد في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
المحامي الدكتور ليث كمال نصراوين* - ما تزال تداعيات قرار المحكمة الدستورية الأخير بإعلان عدم دستورية المادة (5) من قانون المالكين والمستأجرين حول قطعية أجر المثل تلقي بظلالها على النقاشات الدائرة حاليا في أروقة مجلس النواب الذي عقد العزم على تعديل القانون ليتوافق مع ما جاء في قرار المحكمة الدستورية. فالأنباء التي تتسرب عن اللجنة القانونية تؤكد رغبة مجلس النواب في إلغاء أجر المثل والعودة إلى نظام الزيادات على الأجرة السنوية وفق نسب معينة يقررها مجلس الوزراء، وإن كانت المشكلة الأكبر التي تواجه تعديل القانون تتمثل في كيفية استرداد الحقوق المنقوصة للمستأجرين الذين صدر بحقهم قرارا مجحفا بأجر المثل ولم يثبت لهم حق الطعن به إلى جهة قضائية عليا في ظل النص القانوني على قطعية ذلك الحكم والذي تقرر فيما بعد عدم دستوريته بأثر فوري ومباشر.
وباستقراء باقي نصوص قانون المالكين والمستأجرين الحالي نجد أنه يتضمن بين ثناياه مخالفة أخرى صريحة وجسيمة لأحكام الدستور وذلك في المادة (7) منه التي تتعلق بالامتداد القانوني لعقد الإيجار إلى ورثة المستأجر، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة السابقة على أنه في العقارات المؤجرة لغايات السكن قبل 31/8/2000 فإنه يحق لأفراد أسرة المستأجر الذين كانوا يقيمون معه في العقار عند وفاة المستأجر أن يستمروا في اشغال المأجور لمدة ثلاث سنوات من تاريخ نفاذ القانون أو من الوفاة، وأنه في العقارات المؤجرة لغايات أخرى يستمر ورثة المستأجر الشرعيين أو أحدهم في اشغال المأجور لمدة ست سنوات على أن يراعى أجر المثل في كل الأحوال.
إن وجه مخالفة النص القانوني السابق لأحكام الدستور تكمن في أنه ينطوي على خرق صارخ لأحكام المادة (6) من الدستور التي تقرر المساواة بين الأردنيين أمام القانون وتحظر التمييز فيما بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين. فالنص القانوني قد قسم الأردنيين المستأجرين وورثتهم وفقا لغايات المأجور، فقرر لجميع الورثة في المأجور لغايات السكن امتدادا قانونيا في اشغال الماجور بعد وفاة المستأجر لمدة ثلاث سنوات، في حين أنه قصره في العقارات المخصصة لغايات أخرى كالمأجور التجاري بورثة المستأجر الشرعيين أو أحدهم ولمدة ست سنوات. فمظهر عدم الدستورية يتمثل في أن قانون المالكين والمستأجرين قد ميز بين الأردنيين على أساس الدين والعقيدة بأن توسع في نطاق الورثة الذين ينتقل إليهم حق الإجارة في المأجور المخصص لغايات السكن لتشمل كافة الورثة المقيمين مع المستأجر سواء كانوا ورثة شرعيين أم غير شرعيين، في حين أنه قد حصرها في الورثة الشرعيين في المأجور لأي غايات أخرى. فعلى فرض أن مستأجر لعقار تجاري متزوج من إمراة غير مسلمة وتوفي فإن حق الإجارة لا ينتقل إلى زوجته بحكم أنها لا تعد من الورثة الشرعيين له، في حين أنها ترث منه حق الإجارة في أي مأجور مخصص لغايات السكن وذلك لمدة ثلاث سنوات. فالزوجة غير المسلمة قد تكون شريكة مع زوجها في العمل التجاري وتملك القدرة والمعرفة على إدارة المشروع بعد وفاة زوجها، إلا أن القانون الأردني قد حرمها من حقها في الامتداد القانوني لعقد ايجار المحل التجاري بسبب ديانتها وعقيدتها.
كما تنطوي المادة (7) من قانون المالكين والمستأجرين على تمييز بين الأردنيين على أساس المهنة أو العمل التجاري الذي يقومون به وطبيعته، فالقانون قد فرض استمرارية ورثة المستأجر الشرعيين أو أحدهم في إشغال العقارات المؤجرة لغايات تجارية على الأشخاص الطبيعيين فقط دون الاعتباريين أو المعنويين من شركات ومؤسسات تجارية. فإذا كان العقار مؤجرا لشركة أو مؤسسة فردية لممارسة عمل تجاري وتوفي صاحب تلك الشركة، فإنه يسمح للشخص المعنوي الاستمرار في إشغال المأجور ولا تطبق على ورثة صاحب الشركة أحكام الامتداد القانوني المؤقت لعقد الإيجار.
ومن ناحية أخرى، فإن ما اشترطته المادة (7) من قانون المالكين والمستأجرين من بقاء الورثة لسنوات قليلة في المأجور بعد وفاة المستأجر من شأنه أن يسلط السيف على رقابهم لصالح إما زيادة الأجرة السنوية وفقا لمشيئة المالك المؤجر أو تسليم المأجور وتشريد العائلة من أطفال وبنات ومسنين، وفي ذلك مخالفة صريحة لأحكام المادة (6) بفقراتها المتعددة من الدستور والتي تعتبر الحفاظ على السلم الاجتماعي واجب مقدس على كل أردني، وأن الأسرة هي أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق، وأنه يجب على القانون أن يحفظ كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها، وأن يحمي الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والاستغلال. فقانون المالكين والمستأجرين بحلته الحالية الذي يعطي ورثة المستأجر من زوجته وأطفاله الصغار وبناته الذين هم في مقتبل العمر مدة ثلاث سنوات فقط للبقاء في المأجور السكني يهدم أواسط الأسرة الأردنية وكيانها الشرعي ويعادي الطفولة والشيخوخة ويدفع بالأطفال الصغار والأمهات والأرامل والبنات غير المتزوجات إلى التشرد ويجعلهن عرضة للجرائم وفريسة يسهل الانقضاض عليها، فيكون بذلك المشرع قد ساهم بتخريج كوكبة من المشردين الذين سيمتهنون الاجرام، فتزداد نسبة الجرائم في المجتمع بشكل يهدد الأمن والسلم الاجتماعي.
كما أن حكم النص القانوني السابق يتعارض بشكل كبير مع الالتزامات الدولية التي تقع على عاتق الدولة الأردنية المتعلقة بحقوق الطفل والمرأة والعجزة المقررة بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي أبرمها الأردن وصادق عليها ودخلت حيز النفاذ في النظام القانوني الداخلي.
في المقابل، فإن فكرة حصر الامتداد القانوني لعقد الإيجار بحق ورثة المستأجر بفترة زمنية معينة يحق بعدها للمالك إجبارهم على ترك المأجور يتنافى مع الغاية التي من أجلها تقرر أجر المثل للمالك المؤجر المتمثلة في زيادة الأجرة السنوية لضمان استقرار المستأجر وبقائه في المأجور. فما المغزى من تقرير أجر المثل وطلب المالك من المحكمة زيادة الأجرة السنوية ما دام أن وفاة المستأجر ستؤدي في النهاية إلى انتهاء عقد الإيجار وإخراج ورثة المستأجر من المأجور؟.
أما بخصوص الفقرة الثانية من المادة (7) من قانون المالكين والمستأجرين فإنها تنص على أن يستمر حق اشغال المأجور لغايات السكن إلى الزوجة المطلقة طلاقا بائنا أو انفصالا كنسيا باتا لمدة ثلاث سنوات من تاريح اكتساب الطلاق أو الانفصال الدرجة القطعية وذلك في العقود المبرمة قبل 31/8/2000. إن ما يؤخذ على هذا النص القانوني أنه قد جاء قاصرا عن معالجة كافة أشكال الانفصال بين الزوجين المتربطين بزواج كنسي، ذلك أن هناك بعض الطوائف المسيحية التي تحكم ببطلان عقد الزواج وأخرى تحكم بفسخه بالإضافة إلى الإنفصال الكنسي البات الذي أشار له القانون، وهذا ما يجعل النص القانوني مشوبا بعيب القصور في أحكامه.
خلاصة القول أنه إذا كانت ما تناقلته وسائل الإعلام من أن اللجنة القانونية في مجلس النواب قد أقرت إلغاء المادة (7) من قانون المالكين والمستأجرين، فإننا نشد على أيدي أعضائها وندعو مجلس النواب بكامله إلى التصويت على إلغاء تلك المادة غير الدستورية واستبدالها بأحكام أكثر مراعاة للمصلحة الاجتماعية للأسر المستأجرة. فعقد الإيجار في الإسلام هو من عقود المعاوضة، وهو عقد لازم لا يملك أحد المتعاقدين فسخه إلا إذا وجد ما يوجب الفسخ كوجود عيب فيه. فلا تفسخ الإجارة في الإسلام بموت أحد المتعاقدين في ظل سلامة المعقود عليه، ذلك أن الوارث يقوم مقام مورثه سواء أكان مؤجرا أو مستأجرا، وهذا ما أخذ به القانون المدني في المادة (709) منه والتي تنص على أنه 'لا ينتهي الإيجار بموت أحد المتعاقدين'.
laith@lawyer.com
* أستاذ القانون الدستوري المساعد في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
المحامي الدكتور ليث كمال نصراوين* - ما تزال تداعيات قرار المحكمة الدستورية الأخير بإعلان عدم دستورية المادة (5) من قانون المالكين والمستأجرين حول قطعية أجر المثل تلقي بظلالها على النقاشات الدائرة حاليا في أروقة مجلس النواب الذي عقد العزم على تعديل القانون ليتوافق مع ما جاء في قرار المحكمة الدستورية. فالأنباء التي تتسرب عن اللجنة القانونية تؤكد رغبة مجلس النواب في إلغاء أجر المثل والعودة إلى نظام الزيادات على الأجرة السنوية وفق نسب معينة يقررها مجلس الوزراء، وإن كانت المشكلة الأكبر التي تواجه تعديل القانون تتمثل في كيفية استرداد الحقوق المنقوصة للمستأجرين الذين صدر بحقهم قرارا مجحفا بأجر المثل ولم يثبت لهم حق الطعن به إلى جهة قضائية عليا في ظل النص القانوني على قطعية ذلك الحكم والذي تقرر فيما بعد عدم دستوريته بأثر فوري ومباشر.
وباستقراء باقي نصوص قانون المالكين والمستأجرين الحالي نجد أنه يتضمن بين ثناياه مخالفة أخرى صريحة وجسيمة لأحكام الدستور وذلك في المادة (7) منه التي تتعلق بالامتداد القانوني لعقد الإيجار إلى ورثة المستأجر، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة السابقة على أنه في العقارات المؤجرة لغايات السكن قبل 31/8/2000 فإنه يحق لأفراد أسرة المستأجر الذين كانوا يقيمون معه في العقار عند وفاة المستأجر أن يستمروا في اشغال المأجور لمدة ثلاث سنوات من تاريخ نفاذ القانون أو من الوفاة، وأنه في العقارات المؤجرة لغايات أخرى يستمر ورثة المستأجر الشرعيين أو أحدهم في اشغال المأجور لمدة ست سنوات على أن يراعى أجر المثل في كل الأحوال.
إن وجه مخالفة النص القانوني السابق لأحكام الدستور تكمن في أنه ينطوي على خرق صارخ لأحكام المادة (6) من الدستور التي تقرر المساواة بين الأردنيين أمام القانون وتحظر التمييز فيما بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين. فالنص القانوني قد قسم الأردنيين المستأجرين وورثتهم وفقا لغايات المأجور، فقرر لجميع الورثة في المأجور لغايات السكن امتدادا قانونيا في اشغال الماجور بعد وفاة المستأجر لمدة ثلاث سنوات، في حين أنه قصره في العقارات المخصصة لغايات أخرى كالمأجور التجاري بورثة المستأجر الشرعيين أو أحدهم ولمدة ست سنوات. فمظهر عدم الدستورية يتمثل في أن قانون المالكين والمستأجرين قد ميز بين الأردنيين على أساس الدين والعقيدة بأن توسع في نطاق الورثة الذين ينتقل إليهم حق الإجارة في المأجور المخصص لغايات السكن لتشمل كافة الورثة المقيمين مع المستأجر سواء كانوا ورثة شرعيين أم غير شرعيين، في حين أنه قد حصرها في الورثة الشرعيين في المأجور لأي غايات أخرى. فعلى فرض أن مستأجر لعقار تجاري متزوج من إمراة غير مسلمة وتوفي فإن حق الإجارة لا ينتقل إلى زوجته بحكم أنها لا تعد من الورثة الشرعيين له، في حين أنها ترث منه حق الإجارة في أي مأجور مخصص لغايات السكن وذلك لمدة ثلاث سنوات. فالزوجة غير المسلمة قد تكون شريكة مع زوجها في العمل التجاري وتملك القدرة والمعرفة على إدارة المشروع بعد وفاة زوجها، إلا أن القانون الأردني قد حرمها من حقها في الامتداد القانوني لعقد ايجار المحل التجاري بسبب ديانتها وعقيدتها.
كما تنطوي المادة (7) من قانون المالكين والمستأجرين على تمييز بين الأردنيين على أساس المهنة أو العمل التجاري الذي يقومون به وطبيعته، فالقانون قد فرض استمرارية ورثة المستأجر الشرعيين أو أحدهم في إشغال العقارات المؤجرة لغايات تجارية على الأشخاص الطبيعيين فقط دون الاعتباريين أو المعنويين من شركات ومؤسسات تجارية. فإذا كان العقار مؤجرا لشركة أو مؤسسة فردية لممارسة عمل تجاري وتوفي صاحب تلك الشركة، فإنه يسمح للشخص المعنوي الاستمرار في إشغال المأجور ولا تطبق على ورثة صاحب الشركة أحكام الامتداد القانوني المؤقت لعقد الإيجار.
ومن ناحية أخرى، فإن ما اشترطته المادة (7) من قانون المالكين والمستأجرين من بقاء الورثة لسنوات قليلة في المأجور بعد وفاة المستأجر من شأنه أن يسلط السيف على رقابهم لصالح إما زيادة الأجرة السنوية وفقا لمشيئة المالك المؤجر أو تسليم المأجور وتشريد العائلة من أطفال وبنات ومسنين، وفي ذلك مخالفة صريحة لأحكام المادة (6) بفقراتها المتعددة من الدستور والتي تعتبر الحفاظ على السلم الاجتماعي واجب مقدس على كل أردني، وأن الأسرة هي أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق، وأنه يجب على القانون أن يحفظ كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها، وأن يحمي الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والاستغلال. فقانون المالكين والمستأجرين بحلته الحالية الذي يعطي ورثة المستأجر من زوجته وأطفاله الصغار وبناته الذين هم في مقتبل العمر مدة ثلاث سنوات فقط للبقاء في المأجور السكني يهدم أواسط الأسرة الأردنية وكيانها الشرعي ويعادي الطفولة والشيخوخة ويدفع بالأطفال الصغار والأمهات والأرامل والبنات غير المتزوجات إلى التشرد ويجعلهن عرضة للجرائم وفريسة يسهل الانقضاض عليها، فيكون بذلك المشرع قد ساهم بتخريج كوكبة من المشردين الذين سيمتهنون الاجرام، فتزداد نسبة الجرائم في المجتمع بشكل يهدد الأمن والسلم الاجتماعي.
كما أن حكم النص القانوني السابق يتعارض بشكل كبير مع الالتزامات الدولية التي تقع على عاتق الدولة الأردنية المتعلقة بحقوق الطفل والمرأة والعجزة المقررة بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي أبرمها الأردن وصادق عليها ودخلت حيز النفاذ في النظام القانوني الداخلي.
في المقابل، فإن فكرة حصر الامتداد القانوني لعقد الإيجار بحق ورثة المستأجر بفترة زمنية معينة يحق بعدها للمالك إجبارهم على ترك المأجور يتنافى مع الغاية التي من أجلها تقرر أجر المثل للمالك المؤجر المتمثلة في زيادة الأجرة السنوية لضمان استقرار المستأجر وبقائه في المأجور. فما المغزى من تقرير أجر المثل وطلب المالك من المحكمة زيادة الأجرة السنوية ما دام أن وفاة المستأجر ستؤدي في النهاية إلى انتهاء عقد الإيجار وإخراج ورثة المستأجر من المأجور؟.
أما بخصوص الفقرة الثانية من المادة (7) من قانون المالكين والمستأجرين فإنها تنص على أن يستمر حق اشغال المأجور لغايات السكن إلى الزوجة المطلقة طلاقا بائنا أو انفصالا كنسيا باتا لمدة ثلاث سنوات من تاريح اكتساب الطلاق أو الانفصال الدرجة القطعية وذلك في العقود المبرمة قبل 31/8/2000. إن ما يؤخذ على هذا النص القانوني أنه قد جاء قاصرا عن معالجة كافة أشكال الانفصال بين الزوجين المتربطين بزواج كنسي، ذلك أن هناك بعض الطوائف المسيحية التي تحكم ببطلان عقد الزواج وأخرى تحكم بفسخه بالإضافة إلى الإنفصال الكنسي البات الذي أشار له القانون، وهذا ما يجعل النص القانوني مشوبا بعيب القصور في أحكامه.
خلاصة القول أنه إذا كانت ما تناقلته وسائل الإعلام من أن اللجنة القانونية في مجلس النواب قد أقرت إلغاء المادة (7) من قانون المالكين والمستأجرين، فإننا نشد على أيدي أعضائها وندعو مجلس النواب بكامله إلى التصويت على إلغاء تلك المادة غير الدستورية واستبدالها بأحكام أكثر مراعاة للمصلحة الاجتماعية للأسر المستأجرة. فعقد الإيجار في الإسلام هو من عقود المعاوضة، وهو عقد لازم لا يملك أحد المتعاقدين فسخه إلا إذا وجد ما يوجب الفسخ كوجود عيب فيه. فلا تفسخ الإجارة في الإسلام بموت أحد المتعاقدين في ظل سلامة المعقود عليه، ذلك أن الوارث يقوم مقام مورثه سواء أكان مؤجرا أو مستأجرا، وهذا ما أخذ به القانون المدني في المادة (709) منه والتي تنص على أنه 'لا ينتهي الإيجار بموت أحد المتعاقدين'.
laith@lawyer.com
* أستاذ القانون الدستوري المساعد في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
التعليقات
.........
كانت الاجرة 75 وكانت تعتبر مرافعة لمن تاجرنا البيت كانت الايجارات حولينا 50 ,
المهم هسع الاجره 100 ,وبعد قوانين .... اللي انفرضة على المستاجر .
صاحب الشقة بده الان 140 وانا ما بقدر ادفع قرش واحد فوق ال100
الخلاصة , القصة بالمحكمة وان رفعت المحكمة الاجرة نيرة واحدة ,.......
انتم واعضاء اللجنه المحترمين تعلمون مدى حاجة الناس وانتظارهم لتعديل قانون الظلم الاجتماعي والذي دمرهم ودمر حياتهم وحيات عائلاتهم , ولكن لاندري لماذا التباطؤ في الاجتماعات يوم تعقد الجلسه وايام كثيره لا تعقد الجلسات , نناشدكم ان تنهوا لنا هذا الموضوع , فكثيرا ما نقرأ على موقع المجلس الألكتروني أنه يوجد اليوم جلسه للجنه المشتركه , ونفاجأ عند موعد الأجتماع أنه لايوجد جلسه ولا مايحزنون , فالى متى سيبقى الوضع هكذا , والى متى يستمر شحشططة الناس , ومطمطة الوقت ,
لماذا كل القوانين تعدل ويكتمل نصاب لجانها الا هذه اللجنه !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
للعلم نصف سيارات التاكسي العاملة مستأجرة
المستأجر له كل البيوت لكن المالك الو بيته فقط اللي تعب فيه واولاده يعيشو في بيوت الناس
يقولون هناك تمييز بالله اسالكم اللي اجر بيته بعد الالفين الو الحق في بيته اما اللي قبل الالفين ما الو حق
مو غريب القانون يطبق على فئتين ويقسم المؤجرين الى قسمين ناس لها الحق في عقارها وناس ما لهاحق فيه
يا ناس في مستأجرين لهم عمارات وبدهم يظلو مسيطرين على بيوت الناس بحجة الايجار رخيص
في ناس معها ملايين وبتقول لك هو انا مجنون اضع راس مالي في عقار وانا مستأجر ب100 دينار متلا
ابحثو الموضوع من كل الجوانب يعني اسمعو وشوفو ما يكون القانون حسب اهواء بعض الناس
فضلأ عن ان الصفحات لا تتسع اذا ما خضنا بالاثار السلبية والمدمرة لبدل المثل على الامنيين الاقتصادي والاجتماعي والاخلال بالتركيب الديموغرافي للتجمعات السكانية والتجارية وطمس للمعالم التراثية والحضارية والارتفاعات الهائلة بمعدلات البطالة وعدم قدرة مئات الالاف من العائلات والاسر على دفع البدل
ليس هناك أي مبرر لأزدواجيه قانون المالكين والمستأجرين بل ان هذه الأزدواجيه تخل بقوانين اقتصاد السوق
فكيف يمكن للمنافسه الحره ان تستقيم بين تاجرين أحدهما يدفع الف دينار والأخر يدفع عشره الاف كأيجار سنوي وهما يمارسان نفس النشاط وفي نفس المنطقه
كل الشكر له على نشاطه المتواصل والذي ما بلحق يمسك قانون والا مخلصه أو معدله وبدون تراخي أو تأني وهو النائب الحقيقي والذي يشعر بحاجات المواطنين ويسعى لتعديل القوانين الظالمه المؤقته والتي تتحكم بحيات المواطنين وارزاقهم .
وبهذه المناسبه نهيب برئيس اللجنه المشتركه المختصه بتعديل قانون الضياع الاجتماعي أن تحذوا حذو اللجنه القانونيه وتشد حالها , لأنه لايعقل أن يكون قانون الضمان بدون تعديل حتى يومنا هذا , ومعظم هذا التأخير بسبب الغياب المتواصل لأعضاء اللجنه عن حضور الجلسات , وعدم حرصهم على حقوق المواطنين والذين انتخبوهم وهم يعلمون أن كل المشتركين والمتقاعدين في الضمان بستنوا خبر من هنا وهناك عن تعديل أكبر قانون ظالم تحكم بأرزاق المشتركين والمتقاعدين , فيا أعضاء اللجنه المشتركه نرجوكم ان لاتضيعوا وقتكم ووقتنا
الاصل في دول العالم اذا خالف اسبوع قبل ما تصل المشكلة للشرطة المستجر ملتزم بالعقد...........