القضاء يرعب الحكومة وينبه النواب


صدور قرارات متتالية من السلطة القضائية تنتصر فيها للحرية والعدالة والحق يضع الدولة الأردنية على الطريق الصحيح ويعيد لها توازنها المفقود ويعزز أيمان الفرد بأمكانية الأصلاح ضمن حدود القانون مما يخلق حالة من الأستقرار العام الأستراتيجي .. 


القرارات القضائية الصادرة مؤخرا كانت بمثابة صفعة لوجه الرجعية والتخلف ووضعت حدا للنهج الأستبدادي للسلطة التنفيذية وتعسفها وتسلطها على الصحافة والمواطنين وحقهم في التعبير باعتباره حقا مكفولا بموجب أحكام الدستور ..


القرارات تضمنت ترسيخا لمباديء حرية التعبير والمساءلة وتعقيب المعلومة والتعليق عليها وتحليلها وأن الشخصية العامة ليست بمنأى عن النقد الوظيفي وأكدت على أن الصحافة والأعلام وسائل مشروعة للرقابة ..


وليس ببعيد عن مناقشة الحالة العامة للدولة الأردنية وما يطرأ عليها من متغيرات فلقد أظهر القضاء لدينا صلابة ومتانة كبيرة في مواجهة الفساد وفقا لأحكام القانون وبشكل عادل نزيه وبعيد عن التأثر بالرغبة الجامحة للرأي العام بأدانة كل من يتم أحالته للنيابة العامة بتهم الفساد ..


ففي مقابل التشدد بمواجهة مدير المخابرات العامة السابق محمد الذهبي لما توفر من أدلة دامغة نرى وقد أصدر القضاء قرارا ببراءة مدير عام الآثار ( السعد ) من التهم المسندة أليه والتي نشأت عن مزاجية حكومية في أحالته للنيابة العامة بالرغم من قرار سابق لهيئة مكافحة الفساد بعدم وجود ما يستدعي ذلك ومع أصرار الحكومة غير المبرر على أتهامه تدور أحاديث حول وجود جانب شخصي انتقامي في الموضوع وأن السبب يعود لرفض الرجل تنفيذ قرارات لا تصب في الصالح العام ..


لقد بات من الواضح أن القضاء له الكلمة الأخيرة ويمكن التعويل عليه وهو درع يمكن لكل مواطن معني بالشأن العام أن يتحصن به ويسند ظهره بطمأنينة أليه كونه لا يتأثر ولا ينصاع كغيره ( للرقم الخاص ) ولا يتلقى تعليمات من أحد ولا سلطان عليه لغير القانون ..


السلطة التنفيذية وأدواتها مرعوبة من القضاء النظامي المدني لذا فهي متخوفة من أن تقوم بتعديل قانون محكمة أمن الدولة ليتفق مع احكام الدستور وهي مرعوبة من مجرد التفكير بمحاكمة المدنيين والنشطاء السياسيين وأصحاب الرأي والمثقفين أمام القضاء النظامي المدني لأنها تعرف النتيجة مسبقا ..


أما بالنسبة للنواب فلقد أرسل لهم القضاء من بين سطور قراراته حكما مفاده ( أعطونا قانونا عادلا ولا تسلقوا بيضا ) فمعظم القوانين السابقة وخصوصا المؤقتة منها كانت بمثابة ( سلق بيض ) وليست عملية تشريع وقد ألحقت أذى كبيرا في الدولة لأبتعادها عن العدالة كما أنها كانت ولا تزال مدخلا لتشريع حالة شاذة من الفساد والأستبداد ..


فالقاضي مهما كانت درجة نزاهته واستقلاليته لا يستطيع الحكم ألا بحدود النص القانوني فمثلا لا يملك القاضي ألا ان يرد دعوى التعويض التي يقيمها متضرر مثل مدير عام الآثار على الحكومة ( الخزينة ) لما لحق به من ضرر مادي ومعنوي لأن قانون دعاوى الحكومة الأستبدادي يحرم الشخص من حقه في الرجوع بدعوى التعويض على الحكومة ألا في أربع حالات محددة لى سبيل الحصر ليس من بينها البريء من الجرم أو الذي يقضى بعدم مسؤوليته في حين انه قد يتم توقيفه وتقييد حريته وتشويه سمعته كما حصل مع ( السعد ) أو كما يحصل مع النشطاء السياسيين ..


اليوم وبعد سلسلة قرارات قضائية تحمي المواطن من أستبداد الحكومة وتعطي مؤشرا على أستعداد وقدرة القضاء النظامي المدني للنهوض بكامل مسؤوليات الولاية العامة القضائية نقول أنه لا حاجة فعلية لوجود محكمة أمن الدولة ونستطيع القول أن الأردن بدأ يتعافى ..


بقي أن نقول لكل أردني بأن النقد العلمي الموضوعي المدروس للشخصيات والمؤسسات العامة بحدود دورها الوظيفي والرقابة عليها وجلب المصلحة العامة ودرء المفاسد العامة ليس حقا كفله الدستور أو يقع تحت بند حرية الرأي والتعبير فحسب وأنما هو واجب دفاع وطني يقع على عاتق كل أردني سندأ لأحكام المادة الدستور وكل ما يخالف ذلك من نصوص قانونية فسيتساقط تحت أقدام القضاء الأردني ..


المحامي بشير المومني
basheerlawyer@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات