الإرهاب والعشائرية


قد يكون مفهوم الإرهاب اخذ قوة وقعه في الآذان بعد أحداث أيلول الأسود بنسخته الأمريكية، عقب تفجيرات برجي التجارة العالمية، وسعي الأمريكان للثأر لأنفسهم ممن التصقت بهم تهمة التخطيط لتلك الهجمة، فذهب ضحية لذلك، امن أفغانستان، واستقرار باكستان، وكسرت جمجمة العرب بقتل صدام، وتدمير العراق.
وأصبحنا في باقي بلاد العرب والمسلمين، ننتفض كلما سمعنا كلمة إرهاب، ونلقي بها بعيدا عنا، لكونها أصبحت دلالة على كل عمل تخريبي لا يصب في مصلحة أمريكا و طفلها المدلل، ولو كان هذا العمل مقاومة الاحتلال، في الضفة أو القطاع، واستسلمنا لهم حتى أصبحنا اجبن مما يتوقعون.
ولم نكتفي بذلك، بل تعلمنا منهم أيضا كيف ننقلب على مفهوم العشائرية، التي تعتبر سياج امن المجتمع، ونحاربها وكأنها هي سبب تخلفنا، وسبب انهزاميتنا، فأصبح يخرج من بين كنفات البيوت، من ينادي بقتل العشائرية، قاصدا من دعوته هذه، تفكيك الروابط الاجتماعية بين أبناء المجتمع، باسم الديمقراطية والمصلحة الوطنية، متناسيا أن الرابطة العشائرية، متلازمة لرابطة مكانية، فلينظر من ينادي بقتل العشائرية لتوزيع السكان في بلادنا، وليقل كيف السبيل لإيجاد أية روابط حزبية، كفيلة بتجميع المناصرين لها بقدر رابطة العشيرة.
نعم ننظر لدعوى التخلي عن العشائرية في المجتمع، على أنها دعوى يراد بها تقطيع روابط القربى وصلة الأرحام، واستبدالها برابطة المصلحة والمنفعة المشتركة، سعيا لتحقيق مكاسب ما كان يمكن أن تكون في ظل وجود العشائرية.
أما من يعتقد أن العشائرية ولاء أعمى، أو أنها انجرار بلا قيود، فهو كمن يتوهم السراب ماء، فالعشائرية تركيبة معقدة، تبدأ من وحدة النسب، إلى تشعب الأرحام، ثم تلازمية المكان، وتعدد الأفكار، وتنتهي بمتانة النسيج الاجتماعي، الذي يتمثل بعصبة العشيرة.
فإذا كانت الأفكار الحديثة في الرقي والتطوير والتحديث، لا يمكن أن تقوم إلا على أنقاض العشائرية، فهذا دليل على هشاشتها وضعفها، فالعشائرية يمكنها التكيف مع الدين، ومع السياسة وفضائل الأخلاق، ولا تتناقض رغم وجود ما يشوبها من تصرفات فردية، في مواقف مختلفة من البعض، وهنا يغلب حكم العام على الخاص، إلا لمن قصر نظرة، وساءت نيته.
أما من يريد فقط أن يعزل السياسة عن العشائرية، كفرع من أصل، فلن يمكنه ذلك، إلا إذا استطاع أن يخترع قانون انتخاب يقوم على القوائم الوطنية، وبدون دوائر محلية.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات