قراقوش .. العصر


قراقوش: وهو لفظ تركي معناه بالعربي العُقاب، الطائر المعروف، وبه سمي الإنسان.
قضى مايزيد على الثلاثين عاما في خدمة السلطان صلاح الدين الأيوبي وابنيه.
أبو سعيد قراقوش بن عبد الله الأسدي الملقب بهاء الدين كان خادم صلاح الدين الأيوبي وقيل خادم أسد الدين شيركوه، عم صلاح الدين فأعتقه.
ولما استقل صلاح الدين بالديار المصرية جعل له زمام القصر، ثم ناب عنه مدة بالديار المصرية، وفوّض أمورها إليه، واعتمد في تدبير أحوالها عليه. كان رجلاً مسعودًا، حسن المقاصد، جميل النية، وصاحب همة عالية، فآثاره تدل على ذلك، فهو الذى بنى السور المحيط بالقاهرة، ومصر وما بينهما، وبنى قلعة الجبل، وبنى القناطر التي بالجيزة على طريق الأهرام .
والناس ينسبون إليه أحكاماً عجيبة في ولايته، حتى إن للأسعد بن مماتي له جزء سماه "الفاشوش في أحكام قراقوش"، وفيه أشياء يبعد وقوع مثلها منه، والظاهر أنها موضوعة، حيث إن صلاح الدين كان معتمدا عليه في أحوال المملكة، ولولا وثوقه بمعرفته وكفايته ما فوضها إليه، وتوفي بالقاهرة سنة (597هـ).
ولو أخذنا بعض ما تواتر عن قراقوش من تصرفات وقرارات لوجدنا العجب العجاب ، وإن كان ما نسب إليه فيه من التجني والظلم بحقه ،ولنذكر بعض هذه النهفات كما يحلو للبعض تسميتها في لغة الجيل والتي قد لا ترقى إلى ما يصيبنا من قراقوش العصر الذي يعيش بيننا ويجعل من قراراته وتصرفاته قراقوشيات غريبة عجيبة .
قراقوش و أموال الصدقة
كان من عادة قراقوش كل عام و في وقت خاص أن يتصدّق بمبلغ كبير من المال على الفقراء والمحتاجين.
و أتى يوم و قد وزع قراقوش هذا المبلغ كله، إذ أتته امرأة تشكو له وفاة زوجها وهي لا تجد ثمن كفنه.
فقال لها قراقوش : إن مال الإحسان قد صرف كله هذا العام فارجعي الينا في العام المقبل لنعطيك بمعونة الله ثمن الكفن !!
قراقوش و قصة المرأة الحامل
وحدث أن نزل جندي في مركب فيها فلاح و امرأته، فضرب الجندي امرأة الفلاح و كانت حاملاً في سبعة أشهر فأجهضها.
فمضى الفلاح إلى قراقوش يشكو له أمر هذا الجندي .
فحكم قراقوش على الجندي أن يأخذ امرأة الفلاح في داره حتى تحمل مرة أخرى في سبعة أشهر ثم يردها إلى زوجها كما كانت.
وعندما سمع الفلاح هذا الحكم قال : أيها السيد العظيم، إني ارجع عن شكوى و اترك أمري إلى الله وعدالته .
قراقوش و اللص
شكا رجل إلى قراقوش أن بعض اللصوص قد سرقوا داره ، فسأله : هل هناك باب خاص يقفل الحارة التي تقطنها ؟
فأجاب الرجل : بنعم .
فأمر قراقوش أن يخلعوا هذا الباب و يأتوا به اليه ، و لما احضروا الباب ، أمر أيضاً أن يسوقوا إليه جميع سكان الحارة، و في حضرة هؤلاء اقترب قراقوش من الباب و كلمه همساً ثم التفت إلى الجميع و قال: لقد سألت هذا الباب فأجابني أن للسارق ريشة فوق رأسه .
و كان أن رفع أحدهم يده فوق رأسه ليتلمس موضع الريشة، و قبض عليه قراقوش وأمر بضربه حتى اعترف بالسرقة .
قراقوش و الميت الحي
أراد ولد أن يتخلص من أبيه البخيل بأن يدفنه حياً فجاء إليه و بعض الرجال ، فانتهزوا فرصة نوم الرجل العجوز ووضعوه في النعش و حملوه إلى مدفنه .
في الطريق مرَّ بهم قراقوش فصرخ الرجل من داخل نعشه العدالة و الرحمة ، فاستوقفهم قراقوش و سألهم عن الخبر، فتكلم الميت و شرح القصة و لكن الابن احتج قائلاً :
أيها السلطان العظيم إني أؤكد موته و لكنه لم يفعل هذا إلا ليسبب لي المتاعب بعد وفاته كما سببها لي في حياته و اسألوه شهودي يؤمنوا على قوله.
و أمن الشهود للسلطان على أن الرجل ميت حقاً .
فقال السلطان : إذن فقد انتهى الأمر ، إن شهادة شخص واحد لنفسه لا تكفي فاحملوا هذا الرجل سريعاً إلى المقبرة إذا لو استمعنا إلى كلامه لما رغب أحد أو رضي أن يدفن كما أراد له الله .
أود من القارئ اللبيب أن يقارن حالنا بحال من سبقنا في زمن قراقوش ، وهل قراقوش هذا الزمن الذي يعيش بيننا ،الذي أذاقنا مر الويل بأحكامه وقوانينه وقراراته التي لا تتماشى مع رأي الجمهور ، وإنما هي التي تتماشى مع هواه الشخصي ونرجسيته ، فمن جعل من عيد ميلاده مناسبة تعطل بها الدولة أليس هذا قرارا غريبا عجيبا وغرورا ؟
وإن ارتحل عنا قراقوش قبل اكثر من سبعمائة عام؟ فإن قراقوش باق بيننا ويأتينا في السنة أكثر من قراقوش "" كفصول السنة الأربعة ؟ وحسبي الله ونعم الوكيل .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات