بورسعيد ضحية العدوان الثلاثي الجديد


تابعت كما تابع الملايين عبر شاشات التلفاز أعمال العنف في بورسعيد عقب النطق بالحكم في قضية شهداء ألتراس أهلاوى, و هالني ما رأيت و كأنني أشاهد فيلم اكشن هوليودى ,قتل هنا تخريب هناك, تدمير مؤسسات, مهاجمة منشآت ,ترويع للآمنين , طلقات رصاص تخترق حاجز الصوت , أدخنة الحرائق تصبغ سماء المدينة الباسلة بالسواد, تابعت المشهد و أنا لا أدري هل أبكي علي ما يحدث في بور سعيد أم أبكي علي حال مصر و ما آلت إليه الأوضاع ؟ هل نعزي البورسعيدية في ضحاياهم أم نعزي أنفسنا؟ فلا شك ان كل قطرة دم تسيل من أي مواطن مهما كان الإختلاف الفكري و الايديولوجي و العقائدي معه هو في الأخر دم مصري يكوي قلوبنا جميعا و يصيبنا بالهم و الحزن.

الإنفجار الذي حدث يوم السبت الماضي ببورسعيد هو نتيجة طبيعية و حتمية للضغوط التي مورست علي أهلها منذ المذبحة المشؤومة و التي راح ضحيتها شباب أبرياء , و كأن قد قدر علي هذه المدينة الباسلة أن تدفع ثمن جريمة تم التخطيط لها منذ فترة طويلة و بعناية , حيث كان من المتوقع تنفيذها في أحد المباريات بمدينة المحلة قبل مباراة الأهلي و المصري و لكن نجحت أجهزة الأمن بالغربية في إحباطها كما جاء في شهادة قيادة أمنية بالمحكمة.

إذا النية كانت مبيتة لعدة سيناريوهات جاهزة للتنفيذ فأذا فشلت في المحلة تنفذ في بور سعيد و إن فشلت في بورسعيد تنفذ في السويس \ بني سويف \ الإسكندرية .... الخ علي يد مأجورين من أبناء هذه المدن أو حتي من خارجها إذا المخطط كان سينفذ في أي مكان , لذا كان من المفترض التعامل مع المذبحة بمنأي عن بورسعيد كمدينة وشعب فـ المجرمين و القتلة لا وطن و لا دين لهم و القصاص منهم مطلب لا جدال و لا خلاف علية و لكن دون أن نحمل مدينة بأكملها وزر ما حدث و نعتها بما لا يليق أو أن يتم القبض علي بعضا ممن لا علاقة لهم بالحادث و محاكمتهم فقط لتهدئة الرأي العام يجب علي الجميع أن يحكم الضمير و إعمال العقل , حتي و ان كان هؤلاء المقبوض عليهم من نفذوا المذبحة فأين من حرض و خطط و دفع الأموال للتنفيذ لماذا دائما يتم القبض علي صغار المجرمين و ترك رؤوس الأفاعي تعث في الأرض فساداً؟

من خلال قراءتي للمشهد المتعلق بهذه القضية علي مدي الشهور الماضية أستطيع أن أقول :ما يجري في بورسعيد هو نتيجة حتمية وطبيعية لـ " العدوان الثلاثي " الغاشم الذي تعرضت له! لا تتعجب عزيزي القارئ نعم هناك عدوان ثلاثي مماثل لعدوان 1956 إجتاحها و لكن عدوان ثلاثي من نوع أخر أشد خطرا هذا العدوان تقوده ثلاث دول هي:

1: دولة التعصب
فعندما يتمكن التعصب من النفس يذهب بالعقل و يغيب الضمير ولا يعد هناك مكان للمنطق و الرؤية الصحيحة للحدث فقط ينظر للأمور من اتجاه واحد يمثل المصالح الشخصية الضيقة دونما مراعاة للمصلحة العامة وما سيترتب علي هذا التعصب الأعمي سواء كان تعصب كروي أو ديني أو تعصب لمدينة ضد أخري, التعصب و قود الفتنة و الفتنة أشد من القتل لعن الله من أيقظها.

2:دولة الإعلام الغير مهني
لعب الإعلام _ من خلال بعض القنوات التي تنتهج سياسة صب الزيت علي النار _ دورا في إشعال الأحداث و تصوير أهالي بورسعيد علي أنهم قتلة و بلطجية مع نقل الحدث بدون مهنية و بث شتائم الألتراس ضد البورسعيدية أثناء التظاهرات و وصفهم بـ أفظع الألفاظ و التركيز علي إستضافة شباب الألتراس و إجراء حوارات تتضمن لغة تحريضيه غير مسؤوله دون إستضافة الجانب الأخر للدفاع عن نفسه أو توضيح الحقائق كل ذلك أوغر صدر أهالي بورسعيد و أدي الي أن تشتد وتيرة التلويح بالعنف و الفوضي و التهديد بين الجانبين في حال أن جاءت الأحكام غير مرضية لأي منهم.

3: دولة الإستغلال
فهناك من وظف مذبحة شهداء الألتراس توظيف سياسيا مستغلاً حماس شباب الألتراس و الضغط بهم كورقة لتحقيق بعد الأهداف
متاجرين بدم الشهداء و مصير بلد.

بورسعيد ضحية مثلها مثل ضحايا المذبحة و ليس من الأنصاف أن نستمر في ذبحها بدماء باردة فأن أجرم بعض شبابها و تورط في مذبحة الألتراس فنحن كشعب و مؤسسة الرئاسة و المسؤولين بالدولة جميعنا متورطون في جريمة أكبر ألا وهي ذبح بورسعيد مدينة و شعب دون الإنتباه اننا بهذا الجرم نقطع شريان حياة من جسد مصر و نستأصله. دعوة لعقلاء هذا الوطن للتكاتف و إنقاذ بورسعيد بل إنقاذ مصر قبل السقوط المروع في بحور الفوضي مما يمهد لظهور دولة المليشيات التي تسعي بعض الأطراف الي فرضها! دعوة للشرفاء لتبني التهدئة و المصالحة علي أن يرضخ الجميع لكلمة القضاء من أجل إعلاء مصلحة البلاد و تذكروا يرحمكم الله إن الفوضي سيدفع ثمنها الجميع و ان العناد و العنف لا يثمر إلا مزيدا من الخراب و الدمار ..... حفظ الله مصر و حقن دماء شعبها ورحم شهدائها .

د. اوعاد الدسوقي
awaad99@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات