شكراً لابناء المخيمات الفلسطينية في الاردن مرة اخرى الذين حكّموا عقولهم وانتصروا لأمنهم وأهلهم, وخيبّوا آمال من يسعى لزجهم بمسيرة الفتنة الهادفة لتخريب مشروع الانتخابات البرلمانية القادمة.

فعندما فشل المروجين للحراك عن تحقيق اهدافهم في القرى والارياف والبوادي , وحين تركتهم باقي احزاب المعارضة حائرين يلعبون لوحدهم بالساحة بعد ان قرروا بالمشاركة في الانتخابات النيابية بقوائم وطنية, وحين انشق البعض من ابنائهم عن جسدهم الحزبي بخوض الانتخابات غير آبهين بالعقوبات, قرّروا اللجوء الى ابناء المخيمات لاعتقادهم بانهم يمثلون السلاح الاخير بيدهم والملاذ الاخير لفتنتهم , فعقدوا النية على زجهم في صراع مع الحكومة ومؤسساتها الوطنية لإفشال العملية الانتخابية القادمة, فأوقعهم ابناء المخيمات الشجعان في المصيدة التي حاول المروجون للفتنة نصبها لهم, واحبطوا مخططهم ورفعوا شعارات مؤلمة لهم لم يتوقعوا ان ترفع بوجوههم كتلك التي تقول: ( الله الوطن الملك) ,( وحدتنا عقيدتنا ),( من يمس الاردن بسوء سنقطع يده, وسنحفر قبره بأيدينا ).
فمسيرة تخريب الانتخابات المزمع اقامتها يوم الجمعة الموافق 18/1 /2013 والمسماة جمعة الشعب ليست هي الاولى التي يسعى من خلالها تجّار الدين ولابسي عباءة الاسلام زج ابناء المخيمات بصراعات وهمية لا تفضي إلا الى المصالح الشخصية , فلقد سبقهم السلفيين المتشددين , الذين حاولوا نقل صراعهم الفاشل من الزرقاء الى مخيم البقعة , فتصدى لهم ابناء المخيم شيباً وشباناً وهبّوا هبّة رجل واحد, فبعثروهم وشتتوا شملهم وانتصروا لوطنهم وخيبوا ظن المخربين .
نعود لنقول لابناء مخيمات العاصمة ( الوحدات والحسين والنصر والطالبية) كما قلنا لابناء مخيمات المحافظات الاخرى، شكراً جزيلاً لكم من الاعماق , فإنتصاركم للاردن بعدم المشاركة في مسيرة التخريب يوم الجمعة هو بمثابة نثر الرماد في عيون ووجوه من لبس عمامة الدين وعباءة الاسلام ورفع شعارات لاستغلالكم والصيد في مياهكم واللعب على اوتار احبالكم, تمهيداً جركم الى طريق وعر واتون صراعات مع مؤسسات الدولة قد لا يُحمد عقباها لا قدر الله.
نعم انها الحقيقة التي يجب ان تقال باعلى الصوت نيابة , فلقد أثبتم يا ابناء المخيمات الاردنية بحرصكم ووعيكم وعلو كعبكم للاعداء ومن يدور بفلكهم من بني جلدتنا ,بانكم احرار ورقم صعب من المستحيل حله, وان الاردن وأمنه عندكم ليس خطاً احمر بل هو شريان ووريد , فتحية الاعتزاز بكم لانكم صفعتم بتلك الوقفة والهبة للاردن من اراد جركم لإلقاء الحجارة في البئر الذي منه شربتم حتى ارتويتم .
نعم انها الحقيقة الوطنية التي يجب ان لا نغفل عنها, فمن الاجحاف والظلم ان نمر عن بيان ابناء المخيمات ووقفتهم الرجولية في وجه من يحاول العبث بأمنهم وتجييشهم للمظاهرات وكأنهم دمى لا تمتلك قرارها , دون ان نكتب عن تلك الوقفة بما تستحق ولو سطراً واحداً في سفر الاردن الخالد .
فأبناء المخيمات الاردنية على امتداد الوطن الحبيب احبطوا تنفيذ المخططات الصهيونية بوقفتهم الرجولية تلك, فأثبتوا للعالم بان الاردن بخير , وأن ربيعه سيزهر ورداً عما قريب لا دماً كما يريده البعض من بني الجلدة , فأحرقوا بانتصارهم هذا قلب المتآمرين وأتلفوا كبد الجاحدين .
فاذا كانت اسرائيل هي المستفيدة الوحيدة فقط من أي فتنة تتحقق على الارض الاردنية فإن مجرد المشاركة بمسيرة الجمعة يمثل قمة الخيانة لتراب هذا الوطن, ومن يراهن على ابناء المخيمات في تجييش الناس لتنفيذ اخر المخططات لتخريب مسيرة الاصلاحات فقد ظل الطريق, وقد يندم طويلاً, فما جرى حولنا لن يجري على ارضنا, لاننا فهمنا اللعبة السياسية جيداً, وإن كنا نمني النفس ان لا يبقى فاسداً واحداً على كرسي المسؤولية لكي ننقذ الاردن.
وقفة للتأمل :"يحكى بأن لقيطاً القى به اهله في مكان ناءٍ , فأتى كلب ونهش موضع حبله السري , وأخر وضعوه اهله بكيس والقوه على قارعة الطريق , وعندما كبرا تمسكا بالوطن الذي يأويهم دون أن يعرفوا مَن هو اباهم ,ومَن هي امهم ,وما هو اصلهم, وما هو فرعهم , فليكن الاردن هو الاب والام والاصل والفرع والملاذ الاخير لنا جميعا لكي نُحطم جماجم المتآمرين علينا ".