الأردنية أم الجامعات


خمسون عام ذهبية من العطاء الموصول على تأسيس "أم الجامعات" الجامعة الأردنية. تعني نصف قرن من الأداء المتميز للعاملين فيها, عليهم وعليها أفضل التحية السلام. أساتذتها الأجلاء, ملئوا صفحات المجلات قديمها وحديثها بخلاصة أبحاثهم وعطائهم, وازدانت الجامعة بعلو قاماتهم ومحاضراتهم وأسفارهم في أرجاء المعمورة, وأغلب منابر العلم ومؤتمرات المعرفة, طوبى لهم ولصنعتهم لما بذلوا وما زالوا وما بدلوا. في أركانها كان هناك العلماء الرواد -مع حفظ الألقاب- أمثال عبد العزيز الدوري وعبد الكريم غرايبه وناصر الدين الأسد ومصطفى الزرقا, وكان هناك أو ما يزال من المتميزين في حضور المشهد الأردني الموصول بالعطاء كعدنان بدران وعادل درويش ومحمد الحموري وعدنان البخيت وعلى محافظه وكامل العجلوني وفوزي غرايبه وكامل أبوجابر ومصطفى العبادلة وغيرهم الكثير من منتجي المعرفة وصناع الإرادة. تفخر الجامعة الأردنية بعلمائها وإدارييها كما تزهو بالخريجين من طلبتها, اللذين دخلوا نسيج عقل الدولة الأردنية ودول أخرى متبوئين أعلى مراتبها, لا حاجة لذكر أمثالهم في بلدنا, فهم أكثر من أن يحصى لهم عدد في الكم والمقام وعلو الهمة, ولكن سأذكر البعض من الأسماء لذوات وأصحاب قرار في المحيط الإقليمي والعالمي أمثال وزير خارجية تركيا "أحمد داوود أغلو" ووزير خارجية العراق "هوشيار زيباري" ومدير قناة الجزيرة السابق "وضاح خنفر" ومدير عام قناة المنار "نايف كريم" ورئيس القيادة الأمريكية الوسطى "الجنرال جون أبا زيد" وغيرهم كثير من القادة في علوم الفكر والسياسة والقانون والاقتصاد والإدارة والعلوم بأنواعها. تنوع يعطي الجامعة بعد عالمي, علاوة على أبعاد التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع و كذلك البعد الاستثماري حديث التوجه ! نعم, بعد إقليمي وعالمي يميز الجامعة الأردنية كما جامعاتنا الرائدات, وهو بعد أقنع الرئيس الأمريكي السابق "جيمي كارتر" ليكون عضو في مجلس الجامعة الأردنية, يجتمع مع نخبة أردنية من الرؤساء والعمداء والذوات في مجلس الجامعة من مختلف الأصول -بلا شكوك ولا تشكيك- وهو فهم كلي حصيف, وانفتاح محسوب في العمل المؤسسي الجامعي؟ يوم كان الأستاذ الجامعي قائد ذو فاعلية بعلمه وحسن أخلاقه وسوية سلوكه, يشهد له طلابه من ذلك النشء بالتميز والعطاء. نعم بعد نصف قرن من الانجاز نحتاج إلى استعادة عقلية الرواد لتصويب ما تم تجاوزه "من هنات الآن" لتعزيز ما سبق انجازه في كل جامعاتنا, يوم كانت الجامعة منارة علم وقيم -قبل أن تتسرب الفهلوة الطارئة على خطوط جامعاتنا- وقتها كان الأستاذ الجامعي يدرك الحبل السري الدقيق ما بين علمه ودوره كرائد للمعرفة والثقافة الإنسانية, وكان يدرك أن مهمته تعليم الطالب لا إحباطه كي يرى أملا في نهاية مساره التعليمي, في أن الطالب سيصبح مثل أستاذه وربما أفضل منه, لأنه سيحمل علمه وعلوم عصر قادم, لن يتأتى لأستاذه بحكم تتابع الأجيال وحكم الأقدار.

للجامعة الأردنية شوق, كلما غبت عن فعالياتها, أكحل عيني بالنظر لقبابها من مدخلها الغربي -عند قدومي ورواحي من اربد لعمان- وتكاد لا تفوتني نظرة حميمة لأسوارها وكل ما يكتنف جنبتاها من تفاصيل لشوارعها الضيقة وأشجارها العتيقة. وحنيني غير منقطع لأجوائها, ينتابني كلما ذكرت مختبراتها ومدرجاتها وقاعاتها, وتفاصيل كثيرة أثناء خدمتي في حرمها الجامعي عند استضافتني أستاذ زائر قبل سنوات. يغمرني الفخر وطيب الذكرى كلما جاءني هاتف من أصدقاء وزملاء في الاختصاص, لمناقشة رسالة للدراسات العليا لأحد طلابهم في قسم الكيمياء, عندما يتصل معي أساتذة كرام, أمثال الدكتور محمد الحوراني والدكتور محمود علاوي والدكتورة منار فياض وغيرهم لتكليفي كممتحن خارجي لطلبتهم, فأذهب لأداء مهمتي بكل غبطة وسرور, للبحث مع زملائي هناك, في أصالة وعمق المنتج العلمي الجديد, بعد تمحيص فيه, علاوة على سبر أغور المعلومة لدى الطالب المرشح للدرجة المطلوبة, بسؤل عن مساءل في رسالة المرشح للشهادة العلمية الرفيعة, كما هي العادة في ضبط جودة الخريجين وجدوى أبحاثهم وتطبيقاتها العملية, في غذاء الناس ودوائهم وبيئتهم, وكما هي متطلبات البحث العلمي الرصين في تطوير تقنيات معروفة أو ابتداع طرائق جديدة للتحليل الدقيق في مختبرات الكيمياء في أم الجامعات الأردنيات. أنها ولا شك الجامعة الأم لكل الجامعات على مساحة الوطن, وفيها قدوة للباحثين عن المعرفة, والسائلين عن الحقائق أينما وجدت وكيفما أخبئت.
فكل عام وأنت بخير أيتها الجامعة الزاهرة ومزيدا من العطاء يا أم الجامعات, وحقيق بك الريادة والصدارة كما جامعتي العلوم والتكنولوجيا, وجامعات واليرموك ومؤتة وكل جامعاتنا الزهرات على مساحة الوطن, وطوبى لمن يعطي تلك الصروح من جليل جهده وعلمه, وللقائمين على إعلاء شأنها نقول: لكم البهاء والسناء وجزيل الشكر والثناء يا أيها العظماء, يجعل الله جميل عطائكم مبارك في ميزان حسناتكم والله لا يضيع أجر المحسنين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات