من اجل هذه الكلمات


تظل الكلمات هي الوجه الاوضح والاصدق للتعبير عما نحمله من أفكار، وما نؤمن به من عقائد وقيم ، وتختلف الكلمات بحسب مصدرها ،وما تمثّله وتعنيه لمن يؤمن بها ،باطلا كانت أو حقّا،فكما أن للحق وكلماته أنصارا وجنودا فإن للباطل كذلك أنصارا وجنودا تمسّكوا بها وصدّقوها وعملوا بمقتضاها
وتظلّ كلمات الله الصادقة المنزهة عن الزيغ وباطله،هي الأكثرشفافية وإيحاء عما تحتضنه جوانحنا من يقينيات تمتليء بهانفوسنا وتستيقنها ، و بقدر مانتأثر بكلمات الخطاب الربّاني الذي نتلقاه، وبحسب ما نتوقعه من روعتها وقدرتهاعلى الارتقاء بنا كبشر مكرمين ، تكون تضحياتنا وثباتنا على هذه الكلمات
ويحدثنا التاريخ بكل قرونه الممتدة ، وطيات صفحاته الممتابعة وعبره المتعاقبة ،عن أناس دفعوا حياتهم وهم يستقلون بها، وبذلوا أرواحهم وهم يسترخصونها ،ثمنا لهذه الكلمات المقدسة ،التي ارتقت بالإنسان إلى أعلى مراتب الإنسانية ،وأذاقته حلاوة العدل بعد مرارة الظلم ،وأخذت بيده عبر المتاهة الظلامية البشرية ،إلى آفاق النور الرباني المشرق الواضح الفطري الجميل.
يحدثنا التاريخ عن امراة،، في مقاييس الجاه أمة مملوكة ، وفي مقاييس الصور سوداء ،وفي مقاييس الأملاك والأطيان معدمة ، ولكنها في مقياس الإنسانية النقي الحقيقي إنسانة ممتلئة بإنسانيتها ،كريمة النفس متفكرة الفؤاد ، لامست كلمات الله وجدانها فالتقطتها ، وتمسكت بها، وقدأدركت أنها طوق النجاة الذي بحثت عنه طويلا ، ليرفعها على أجنحة الوحدانية المكرمة ،إلى أعلى مراتب السمو والكرامة ،ورددت تلك الكلمات الخالدة خلود الأبد{لا إله إلا الله} واستشعرت لذة القرب بعد الفقد ، وعزة الجانب بعد الذلة ،وخفة التحليق في أفق الحرية بعد ثقل الأغلال ، ووجدت في ترداد هذه الكلمات حنين روحها ،وبرد راحتها ، فاحتضنتها بكل جوارحها ،وقد نسيت ما سواها من الكلمات الفارغة الجوفاء.
وحين راودها الطغاة عن دينها وربها وكلماته المقدسة الغالية ،تلفتت حولها فإذا هي أم تحنو على فتاها الذي إختار نفس الاختيار، واعتنق ذات الدين ،وترنم بذات الكلمات ،ثم التفتت مرة أخرى لترى الزوج الحاني ،وقد أثقلته السنون وتبعات الجاهلية ، ومرهقات الغربة ،وضحكت مشاعرها ،وسمت روحها ،وامتزجت مشاعر الامومة والحنو، والمحبة والود ،بمشاعر الفخر والرضى، والخوف الطبيعي الأمومي، فطافت بها طائفات شتى ،ووجدت نفسها تقارن بين الأمومة وخالقها، وبين العاطفة ومسخرها، وبين المودة وملقيها في القلوب فلا ترى فيها سواه فتسكن إليه روحها وتنحاز إليه تعابيرها فتنطلق كلمات التوحيد ردا قاطعاوتبحث في مواثيق ربقة الجاهلية وإصرها ، وتقارنها بنور الإسلام وعدله، بين تلك الكلمات الخرقاء التي تمجد حجارة وجمادات وكل فان مهين ،وبين هذه العبارة الرحيبة والصادقة المهيبة ، الباعثة للحياة في أرواح ماتت فيها كل إشراقات الحياة ، فلاتأخذها مسيرة المقارنة طويلا، فالإختيار واضح لكل ذي لب لبيب ، والكلمات العظيمة أغلى من كل ماتملك ومن تحب ،واسمى من كل المشاعر والأحاسيس ماتحسه وتلمسه وتعيش في ظله ، منذ آمنت بانه لإله إلا الله، فاختارت الموت الكريم على الحياة المجردة من روح الحياة ، موقنة بأنه السبيل إلى الكرامة والخلود، فخلدت{ سمية }ذكرا وبطولةومثلا وفازت بسبق الإستشهاد.

ويحدثنا التاريخ وآه من حديث التاريخ حين يجنح به الريح إلى منازل العبر والعظات يحدثنا عن فرعون حين اصر على كلماته الخاسره وصدّق كذبته التي ألقاها في روعه شيطان الكبر وطاغوت الجاه {أنا ربكم الأعلى} فدارت عليه كأس السنن فشربها {فاخذه الله نكال الآخرة والاولى}
ويحدثنا التاريخ عن أمة عاشت في ظل كذبة كبرى ،مبنية على كلمات مكذوبه ،فاحرقت البلاد وأهلكت العباد ،واستباحت بيوت الله وحرماته ،وداست القيم وسرقت الأوطان، وزورت التاريخ ،وعلت في الأرض بغير الحق، وأسرفت في ظلمها وعلوها ،ولم تلق بالا لتلك الكلمات المقدسة المتوعدة الصادقه الربانية{فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم} كل هذا وهي تدعي {نحن أبناء الله وأحباؤه}
وتظل الكلمات مدارا يسير في مساره ، يعبر فيه أهل الصدق عن صدقهم، ويتلاعب فيه شيطان الكذب بأولياءه ، وتبقى النفوس الرحبة المطمئنة الرجّاعة إلى ربه،ا تدفع راضية مرضية ،ثمن ولاءها لكلمات الله الخالدة ،، لأنها تستحق التضحية وكيف ؟لا وهي النبع الفياض الدائم العصي على النفاد ،الماضي دون تراجع ولا تغيير ولاتبديل، وكيف يتبدل العدل وبم؟وكيف تنفد الرحمة والرزق والعطاء ولم؟{قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا} فتبقى كلمات الله هي الكلمات التي من اجلها تقبل الارواح على الموت وهي مستبشرة بصدق الوعد ورحمة الواعد وروعة اللقاء
{اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة }

رقية القضاة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات