مودة وعرفان للدكتور محمد المسفر


سعادة الأخ/ الدكتور محمد المسفر, لعلك سعادتك خير من تعلم أننا في الأردن لم نكن نلقي بالا" لسياسة المصالح مع العرب في السابق, حيث كنا نعتمد معتقد راسخ في علاقتنا العربية, هي أشبه ما تكون بعلاقة الأسرة ! ونحسب أن لنا دول شقيقة, ودول هن شقائق كبرى, ودول نفطية ننسق معها أمننا المشترك ونخدم قضايا العرب المجمع عليها كرأس حربة في صراع لا ينتهي مع إسرائيل ! ولطالما كان للأردن دور, يعبر فيه عن العقلانية, يحسب لدوره الإقليمي والدولي, بسبب محافظته على مواثيقه وعهوده, ما أفقده بعض شعبيته في شارعه الأردني, ما أدى إلى تقلبات في الرأي لبعض رموزه الوطنية حول مسائل شتى, ألأمر الذي نتج عنه أن بعض من ساهموا في صياغة كثير من القرارات من أبنائه البارزين إلى النكوص عن مواقفهم السابقة, وخاصة من شارك في حكومات وبرلمانات, وممن شاركوا في لجان سياسية واقتصادية وتنموية في الشأن الأردني, وفي لجان المفاوضات الشاقة مع إسرائيل التي انبثق عنها اتفاقية السلام معها في وادي عربة, بالتشاور مع ما يعرف بدول الاعتدال العربية ومنها دول الخليج.
أن سياسة ألاعتدال التي تبنتهما الحكومات في بلدنا لم تكن تتوافق كليا مع أطروحات تيارات واسعة من المواطنين, ومنهم قادة في تكوين الرأي الآخر في الأردن اليوم ! لقد حلم البعض منا بسلام مع إسرائيل, ضمن معادلة الأرض مقابل السلام, من أجل التفرغ لتنمية مستدامة وفوائد مزعومة للسلام, لكن السلام المنشود لم يتحقق ! ولم يؤخذ فيها حساب لتحذيرات "الإسلاميين والقوميين" المحقة من قبل المطمئنين للسلام- أصحاب القرار- في مرحلة ما, مع العلم بأن القيادة في الأردن تدرك تمام الإدراك أن لديها رأي عام من شعب يصحو وينام على قراءة أخبار الفضاء الإلكتروني لفهم مدلولات ما يجري وينشر من متغيرات.
أما في هذه الفترة فقد وصل اقتصاد الأردن-كما يعلم الجميع- إلى مرحلة صعبة وحرجة ! فماذا عليه أن يفعل كي يتدبر أمره إذا تخلى عنه العرب وخاصة المالكون للنفط والغاز المبدد في كل الاتجاهات ؟ والذي يشكو الأردن من شحه تارة وانقطاعه تارة أخرى, والعرب يختبرون صبر الأردنيون, ولا يخطر على بالهم أن الأردنيون قد يضطرون إلى إحراج أشقائهم وأصدقائهم ويخيفوا أعدائه متى شاءوا, ولديههم من الأوراق ما قد يغير قواعد التعامل مع الإقليم برمته, مثل التنسيق مع قادة حماس، المغادرين سوريا- خاصة بعد وقف إطلاق النار في عدوان إسرائيل الغاشم على غزة, المنتصرة بصمود أبنائها وصواريخها المحلية الصنع التي طالت المحرم في تاريخ إسرائيل. مع العلم أن النظريات الأمنية السليمة حول ما نعتقد وتعتقد حماس تلتقيان وتتوافقان "في موضوع رفض الوطن البديل والتوطين على ألأرض الأردنية" وتلتقي مع خطاب حماس وخطاب الأخوان المسلين بشقيه السياسي والجهادي. ويستطيع الأردن أن يفتح أبواب جهنم على إسرائيل إن فتح الجسور, وهم يعرفون جيدا أن الآلاف اللذين وصلوا العراق وأفغانستان والشيشان يتوقون للوصول إلى أولى القبلتين. وعند ذلك سوف تفتح طاقة جهنم نحو بقاء إسرائيل. وسيتزعزع أمن الخليج, الذي يمتلك النفط وليس لديه القدرة على تدارك الخطر بسواعد جنوده وحدهم. كما قد يضطر الأردن لقبول عرض إيران الأخير لحل مشكلة التزود بالوقود لثلاثة عقود قادمة, دون منة الأشقاء الخليجيين. وعندها ستقلق السعودية ودول الخليج العربي من تقارب الأردن مع إيران الإسلامية لأسباب تتعلق بهم وبشعوبهم ولا تتعلق بالشعب الأردني, الذي ليس عنده حدود قريبة مع إيران وليس لديه العقدة المذهبية في التعامل مع إيران, الدولة الإسلامية التي تعادي إسرائيل منذ ثورتها التي غيرت كثير من المفاهيم والوقائع على الأرض ولم تتغير.
سعادة الأخ, أشكرك على مقالك الأخير "الأردن والفرص الضائعة" وما كتبت قبله من مقالات, وما حاضرت به من رؤى ونصح لدول الخليج على تدارك الأمر ودعم الأردن بالنفط والمال كما فعلت أوروبا مع اليونان والبرتغال واسبانيا. وشكرا لإنصافك وجليل كلماتك, وهي تسعد كل من أطلع عليها في الأردن, قبل أن يتمتعوا بدعم مالي لموازنة بلادهم, أو بضخ غاز قطري أو نفط سعودي بسعر تفضيلي يعيد التوازن في معاشهم.
وتحية لك يا الدكتور المسفر, على وفائك النادر, القادم من قطر محملا بمروءة عربية, تحاكي عزة النعمان بن المنذر ونخوة المعتصم الخليفة, والشكر موصول إليك أيها العربي الأبي على ما يخط قلمك, نحو الشعب الأردني الذي بدوره يسجي إليك بهائه وسنائه, محييا" فيك وفائك النادر لعروبتك, بعد غياب الوداد بين العرب والعرب الذي لن يطول بعون الله, وتناميه بين الأعراب والأعاجم, ولن يستمر طويلا بسبب عودة الوعي عند النشء الهاجر لبيت الطاعة للحكام المسرفين والمستبدين بحول الله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات