حماس و وهم الانتصار


لا نعرف من أوحى لحماس تصوير نفسها وكأنها احد النتائج العظيمة للربيع العربي ولماذا تصر الحركة أن تتصرف وكأن الربيع العربي جاء بها حالا الى السلطة حيث ما زالت تصدر خطابا يوحي بانها زاهدة في السلطة وانها حركة ما زالت تركب موج المقاومة.
الواقع يقول ان حماس سعت للسلطة باي ثمن وما اصعبه من ثمن حيث دفعه الفلسطينيون عامة انقساما لم يلتئم حتى الان وتناحرا فلسطينيا بدا الاختلاف مع اسرائيل اهون منه ويدفع اهل غزة خاصة كل يوم ثمن سلطة حماس من دمهم وأمنهم وأبناءهم وأعصابهم.
لذلك وغيره كان ينبغي أن يتصدر الربيع الفلسطيني ربيع العرب وأن يمسح الفلسطينيون هذه الفسائل التي آثرت السلطة وكانت القضية بالنسبة لها تجارة وتكسب وفتح في هذا اشد من حماس وآذت بل اماتت المشروع الوطني والتحرري والتي هزت شرعية قضيتهم حتى امام الاصدقاء ليكون ذلك النسخة الاولى من ربيعهم ويكون مقدمة للنسخة الاهم والاكبر بان يكنسوا الاحتلال واثاره من حياتهم.
حماس اليوم تتفاخر بانها حققت انتصارا هاما في طريق تحرير فلسطين والناطقون باسمها الذين يفوق عددهم ما للدول العظمى يصرحون ويشرحون لنا كيف ان اسرائيل دمرت غزة وقتلت اهل غزة ومع ذلك فقد هزمت وان حماس حققت انتصارا ساحقا لا يمكن مناقشته أو الاختلاف حوله.
من البداية عرفنا أن حماس منتصرة وأن الاعلام العربي الذي يذكرنا هذه الايام بمرحلة احمد سعيد يطبل للانتصار ولا اعرف اي حرب لنا مع إسرائيل خرجنا منها منهزمين منذ ذلك الحين.
قبل سنوات الهب زعيم المقاومة عواطفنا بانتصار عظيم على اسرائيل ما زلنا نحتفل به لنصحو على دمار بلد بأكمله وليصارحنا الزعيم بعدها بقليل بأنه لم يكن يتوقع أن تكون ردة فعل اسرائيل بهذه القسوة والا لكان احجم عن التحرش بها.
الغريب ايضا ان حماس كانت آنذاك مع حزب الله في محطة من محطات تحرير فلسطين وحزب الله كان مع حماس في جولة سابقة ايضا انتصرت فيها على اسرائيل في طريق تحرير فلسطين لكن لماذا لا يجتمعون اليوم حول مائدة فلسطين ؟ الم ينسب حزب الله وحماس انتصاراتهم السابقة الى دعم نظام الاسد لماذا اليوم لا يبارك هذا النظام مقاومة حماس ويبارك انتصارها؟ اليس تحرير فلسطين كان دائما بالنسبة لهم جميعا هدفا استراتيجيا لا يحيدون عنه؟ الم يفاخر نظام الاسد انه حرر لبنان مع حزب الله لكن لم يحرر الجولان مع الحزب اياه ؟ لأن التحرير لم يكن هدفهم قط.

حماس وقادتها المقاومين وضعوا بين أيدينا اسباب النصر العظيم مسبقا فهم أوحوا لنا أن اسرائيل "محصورة" بين "خيارين" اما أن تحقق ما تريد بالقصف الجوي وحماسنا منصورة – بإذن الله- حيث لن تجرؤ إسرائيل على الحرب البرية وإن دخلت في الحرب البرية فالنصر ايضا لحماسنا لان اسرائيل لم تستطع أن تحقق أهدافها من خلال القصف الجوي فخيارات النصر محسومة وما اشلاء أهل غزة ودمار بيوتهم وموت عائلات كاملة الا ثمنا رخيصا لهذا النصر العظيم وما علينا كعرب الا أن نقدم التهنئة ونبارك النصر.
ما يقوله الحمساويون أنفسهم أن القطاع تلقى ضربات اطاحت بكل شيء وأن الضحايا بالمئات بين قتيل وجريح وأن مئات المنازل وعشرات المدارس وملاعب رياضية ومباني حكومية قد دمرت وفي اسرائيل سقطت مئات الصواريخ بأسمائها وارقامها لكننا لم نسمع عن دمار او قتلى أو جرحى الا ما يمكن عده على اصابع اليد الواحدة.
حماس تصور لنا أن الربيع العربي بدوله وشعوبه يدعم اساليبها في التحرر والمقاومة وما زالت تتعاطى مع هذا الخطاب متجاهلة أن الربيع العربي هو قبل كل شيء تحرر الإنسان والعقل العربي من الخرف والافكار الهزيلة التي سوقتها الانظمة والتيارات المختلفة نفسها وكأنها راس حربة التحرر علما بأن السلطة كانت أسمى غاياتهم.
لا نعرف ما الذي قدمته قيادات الربيع العربي لأهل غزة اكثر من ذي قبل غير زيارات بائسة وخطب انشائية واجتماعات معروف سقفها سلفا منذ زمن ما قبل الربيع العربي.
بالمقابل فقد قام اصدقاء اسرائيل وهم اللاعبون المؤثرون في الساحة الدولية بزيارتها وقدموا الدعم والمساندة واعتبروا حماس مسئولة عما حدث.
قبل هذه المواجهة الاخيرة جلست مع احد ابناء غزة المتدينين وممن يتميز بالرصانة زارها من قريب وقبل المواجهة الاخيرة اكد ان المقاومين يطلقون صواريخهم بين الاشجار ويهربون وبعدها تغير اسرائيل لتعاقب سكان البيوت المجاورة ويدفع اهل غزة الثمن الغالي من دماءهم وأبناءهم وهكذا نستفز الوحش ونترك مواجهته لأطفال غزة.
اما إعلامنا العربي اليوم بما يملكه من امكانيات وفضائيات اشبه بالدكاكين التي تروج بضاعة فاسدة فهو يتعاطى مع الشأن العربي تماما مثل محطات التسلية التي تقدم "ما يطلبه الجمهور" و "على كيفك" وحسب النظرية الخالدة "الجمهور عاوز كده" لتسوق لنا انتصارات وهمية وتعاملنا كما الأنظمة باستخفاف وتعتمد على سذاجتنا في التصفيق لكل ما هو افك وضلال.
تخيلوا أن رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو كان عالقا فوق الشجرة وأنه كان يصرخ طالبا النجدة من اصدقائه كي توافق حماس على التهدئة وينقذ ماء وجهه وان باراك وزير الدفاع الذي خدم اسرائيل اكثر من خمسين عاما وقام بأعمال عظيمة لأجل شعبه عندما يقدم استقالته فكان بسبب هزيمة جيشه أمام حماس حيث أن الاستقالة مفردة لا يعرفها قاموس العرب بل أن "حركة" حماس استطاعت أن تصنع توازن الرعب مع اسرائيل حيث لم يستطع ذلك كل العرب عبر عقود ولو سقطت حكومة اسرائيل بعد اشهر في انتخابات حرة ونزيهة سيكون انتصار حماس نفسه لعنة لنتنياهو فقد كانت هذه القصة التي امتعنا بها إعلامنا العربي .
إن حالنا العربي اليوم وحال إعلامنا ومقاومتنا يذكرنا بقصة ذلك الاعرابي الخالدة في تراثنا حين سئل عن سرقة غنمه حينها قال نعم سرقوا الغنم لكني اشبعتهم شتما!
واخيرا اسمحوا لي ان اسال ببراءة وان شئتم بسذاجة متى وأين وأي حرب لم ننتصر فيها على اسرائيل؟
ولماذا ما زالت تتوسط خارطة وطننا العربي الكبير بارتياح؟!
منصور محمد هزايمة الدوحة - قطر



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات