ألأردن , إلى المجهول


أخذت الحراكات الشعبية الأردنية صفة الإستمرارية , فهي والوضع على حاله .. لن تنتهي . وهو الأمر الذي يجعل الإرتباك يسود في أذهان صانعي القرار الذين أخطأوا باستعجالهم في حل البرلمان سيء الصيت والذكر , بعدما انتزعوا منه المصادقة على قانون للإنتخاب أكثر سوءاً منه . متناسين حجم الصراعات الخفية المحتدمة بينهم أنفسهم ومتناسين لقوة التماسك والُّلحمة في صفوف الحركة الإسلامية وذراعها السياسي ( حزب جبهة العمل الإسلامي ) , وهو الحزب الأكبر على الساحة السياسية الداخلية . والذي لم تفلح وسائل الإعلام المأجورة حكومياً في التشويش عليه طيلة العقدين الأخيرين على أقل تقدير , بل زادته قوة وتأثيراً في الشارع الأردني . وأما الأحزاب المترددة , التي كانت تصف نفسها بالمعارضة وانطوت تحت الجبهة الوطنية للإصلاح بزعامة السيد أحمد عبيدات ثم غادرتها لتعلن مشاركتها في الإنتخابات القادمة عادلة عن موقفها للمقاطعة ثم عادت ثانية لخيار المقاطعة فالأفضل لها أن تّحلّ نفسها وتغادر الساحة السياسية على الفور , فهي , وفي المراحل السابقة , لم تستطع تمثيل نفسها برلمانياً ومواقفها , تدل على تبعيتها . والشارع يرى في السفيرين الإسرائيلي والسوري ( سِيّان ) في عمّان .

وفي الوقت الراهن , وحيث نجد الحراكات تغمر جميع المحافظات والمدن والقرى والبوادي والأرياف , فإن مَنْ على عينيه غشاوة فقط , هو الذي يعتقد أن الإنتخابات القادمة والتي ستجري في الثالث والعشرين من يناير القادم ستحل المشكلة . لأنها , وببساطة , إن جرت في موعدها , فإنها ستُتخرج برلماناً أسوأ بكثير من سابِقَيْه النفعِيّيْن , وسيرتفع سقف هتافات الشارع التي تجاوزت حسب العُرف الأردني كل الخطوط الحمراء . وسيتمسك النفعيون القادمون , الذين سيسيطرون بغالبية ساحقة على المجلس المقبل , بمطالب سابقيهم الشخصية والتي تتمثل في رواتب مدى الحياة ومكافآت ربما لا تكفيها أموال النفط العالمي لا العربي فحسب , وهو ما يراه الشارع أنه الفساد بعينه وقد أصر على البقاء الدائم .

أضِف إلى ما سبق , ما يحدث في دول الجوار خصوصاً والبلدان العربية الأخرى عموماً , من صعودٍ مُتنام للتيار الإسلامي فيها يستحيل وقفه . فمحاربته لم تعد ممكنة كما كان في السابق على الإطلاق . وقيادته للمرحلة الحالية يراها الشارع العربي واجبة بعد أن غمره الفساد والإفساد والتبعية والإستبداد والظلم والإضطهاد . ألأمر , الذي , وبالإضافة إلى الحراكات الشبابية الشعبية التي أخذت تتماسك أكثر فأكثر أعطت الإسلاميين الأردنيين دفعاً قوياً , ليتمسكوا بخيار مقاطعة الإنتخابات , ليتركوا الصراع يحتدم بين مراكز القوى والنفوذ نفسها التي يراها الشارع فاسدة , وبينها وبين الشارع المتنامية حراكاته من جهة أخرى .

حكومة الدكتور فايز الطراونة السابقة , هي المسؤولة , عن حالة الإحتقان هذه . فقد نظرت إلى الأمور من زاوية واحدة أوصلت البلاد إلى هذا الحد . وأما الدكتور عبدالله النسور رئيس الوزراء الحالي , فغلطته التي ستهلكه سياسياً أنه قبل بتشكيل حكومة يعرف مهمتها الآنية مُسبقاً , والحق يُقال , أنها لا تليق به .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات