حقيقة الطرح الإيراني للأردن في السياق الإستراتيجي !


قبل الدخول في موضوع الطرح علينا أن نتعرف على حقيقة الطرح أولاً، ومن ثم البحث فيه ضمن السياق الإستراتيجي، فما الذي قاله السفير الإيراني بداية ؟ وهل عرض علينا النفط مجاناً لمدة ثلاثين عاماً ؟ في الحقيقة ما قاله السفير الإيراني في لقائه مع "جوسات" مؤخرا عن مقترح ( أن تجتمع الوفود الإيرانية الأردنية المعنية، للتفاوض حول تطوير العلاقات التجارية والسياسية والثقافية، وأن يتم عبر هذه المفاوضات توضيح البضائع التي يمكن للأردن تقديمها لإيران مقابل النفط ) ، ما يعني أنه لم يعرض علينا النفط مجاناً ، إذاً لا وجود لذلك العرض الذي تحدثت عنه وسائل إعلامنا الأردنية .
والسؤال الأهم وليس المهم فقط ضمن هذا المسار : ما هي حقيقة هذا الطرح ضمن المفهوم الجديد وعبر السياق الإستراتيجي ؟ للأسف الأردن فاقد للإرادة السياسية ، وقد نعيت هذه الإرادة عبر قناة جوسات ، الموضوع باختصار شديد أن إيران لم تكن تتصور هذه الهشاشة في السياسية الأردنية لعدة أسباب أهمها أننا كإنسانيين كنا نخجل من الإشارة لهذا الأمر ، وتركنا هذه القضية إلى التقديرات الإيرانية ، واليوم حين تدخل إيران على خط الأزمة الأردنية وتقدم مجموعة من الحلول فإنها في الحقيقة تقدم عرضاً ، لكن ما سر هذا العرض ؟ إن المتتبع لمسار السياسة الإيرانية في المنطقة يدرك أن هنالك جولات مكوكية إيرانية شملت قبل العرض كل من سوريا ولبنان وتركيا ، وعلى ما يبدو أن في الجعبة الإيرانية شيء أكبر من الوضع الاقتصادي ، وأكبر من العرض جملة وتفصيلاً ، ولكن ما هو ؟ إنهم يحملون خارطة العالم الجديد
ـ أي خارطة العالم من خلال مشروع التعدد القطبي ـ ، وما هذه الجولات إلا عبارة عن مجسات لتبيان من هي الدول التي ممكن أن تنظم لنادي العالم الجديد ، وهنا قد يأتي أحد الأشخاص ويقول ، لماذا كإنسانيين لما توضحوا للإيرانيين خفايا السياسية الأردنية ؟ من ناحية ولماذا لم تبينوا لصاحب القرار الأردن سر الطرح الإيراني ؟! وللإجابة نقول : نحن لسنا وسطاء بين الجانبين الرسميين وأي تجاوز لعلاقتنا الشرعية مع الإخوة الإيرانيين يعتبر خيانة ، وكإنسانيين نحن نرتبط مع كافة المتناقضات ، ولو كنا على النحو الذي يذهب إليه البعض لما رحبت فينا التناقضات السياسية في المنطقة ،وبخاصة مجموعة دول القطب الأوحد ومجموعة الدول التي تأتي ضمن مشروع التعدد القطبي ، إضافة إلى أننا تركنا للجانب الإيراني رؤية الأشياء على حقيقتها وفهم مركب الفساد السياسي والاقتصادي الأردني ودن أي تدخل منا كإنسانيين .
ويبقى الملفت أن الأردن من ضمن الدول التي تسرقها السكين الأمريكية ، على الرغم من توالي الهزائم الأمريكية في المنطقة ، لهذا نجدها ما زالت تخضع التجارة مع إيران لبعض القيود المستمدة من العقوبات التي فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (مجلس الأمن الدولي) على إيران من خلال قرار مجلس الأمن رقم 1737 من 23 من كانون الأول 2006، وقرار مجلس الأمن رقم 1747 من آذار 2007، وقرار مجلس الأمن رقم 1803 من آذار 2008وقرار مجلس الأمن رقم 1929 من حزيران 2010 ، علماً بأننا لو تمعنا جيداً في تطبيق العقوبات لوجدنا أنها لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت فيه ، سيما وأن إيران لها علاقات اقتصادية مع غالبية الدول في العالم والتي لا يمكن أن تستغني عنها كشريك إستراتيجي في التجارة الإقليمية والدولية ، نقول ذلك ليفهم بعض من يعتقد انه سياسي : أن إيران لا تحتاج إلى الأردن لفك الحصار ، لأنها في الأصل تمتلك من المنافذ التجارية التي تجعلها مستغنية تماماً عن الأردن .
لا أعرف من يحتاج من، إيران تحتاج الأردن أم الأردن يحتاج إيران ؟! في الحقيقة نحن نعيش في الأردن أزمات مركبة ، وإذا كان حقيقة الطرح من الجانب الإيراني إلى الحكومة الأردنية فإن إيران تكون قد تجاوزت دستورها الثوري الذي من المفترض أنه وضع لتحرير الشعوب ، وما أقصده : أن أي نوع من التفاوض في المستقبل يجب أن يكون مع الشعب سواء الأردني أو غيره وليس مع الجانب الرسمي المكبل بقيود واتفاقيات لا يعلم سرها إلا الله ، ومع ذلك نقول على الرغم من وجود أزمات متعددة ومتنوعة لدينا في الأردن إلا أننا نحتاج إلى بعضنا البعض كشعبين أردني وإيراني ، وبخاصة أن إيران متقدمة بكافة الجوانب التي تشكل لنا أزمات مثل الجانب الاقتصادي والسياسي و العدالة المجتمعية و التربية والتعليم وأزمة التقنية المائية وأزمة التعليم المتخلف بأبعاده الجامعية التي أصبحت تشكل أعباء إضافية على السوق الأردني والأسواق الإقليمية وأزمة غياب الثقافة القانونية والمؤسسية والعديد من الأزمات التي لا يمكن حصرها في هذه العجالة .
نعود للتصريحات الإيرانية وهنا أريد أن أفترض أن السفير الإيراني قال : ( إيران مستعدة لتزويد الأردن بالنفط والطاقة مجانًا ولمدة 30 عاما مقابل السماح بتبادل السياحة الدينية بين البلدين") فإن مثل هذا الطرح يحتاج إلى لجان شعبية من الطرفين لدراسته وتقديم التوصيات إلى حكومة البلدين ، ولتعميم الفائدة على الجميع نقول للجميع : ما يتم طرحه بصور مختلفة كان قد طرح على الإيرانيين من قبلنا كإنسانيين ، بمعنى أخر نحن من طلب مساعدات للأردن من الجانب الإيراني وهذا الأمر معروف لدى الأجهزة المختصة في الأردن ولدى الحكومات المتعاقبة ، وما زلنا نصر على هذه الطلبات ، والتي تأتي منا بشكل مستقل،ولكن ضمن اتفاقيات تعقد معنا نحن الإنسانيين عبر لجان تمثل الشعب الأردني ولا تمثل الجانب الرسمي الحكومي ، والذي يأتي دوره للموافقة على تلك المشاريع المطروحة باسمنا كأردنيين ومن خلال القوانين المعمول فيها بالمملكة الأردنية الهاشمية ، وهنا أوجه سؤال إلى كافة المعنيين الرسميين في الأردن : ما الذي يخيفكم من السياحة الدينية الإيرانية ؟ وما المشكلة إذا كان لدينا شيعة ؟ ما المشكلة في بناء مساجد لهم و حسينيات ؟! نحن ننطلق في في طرح الأسئلة من مضامين رسالة عمان ، لأننا نتحدث عن السماحة الدينية من ناحية ونتعثر للأسف بالتسامح المذهبي من ناحية ثانية !
كيف نزعم أننا متسامحين مع إخواننا المسيحيين واليهود ونحن نكن العداء للمسلمين من مذهب مخالف لنا ، إن في ذلك تخلف واضح إلى درجة يمكن وصفها بعدم الاتزان العقلي والذي يفرض علينا ترسيخ التسامح المذهبي ومن ثم الانطلاق نحو التسامح الديني العام ، ومع ذلك فإن ما حدث جعل إيران تتمكن من رؤية الأشياء على حقيقتها وفهم مركب الفساد السياسي والاقتصادي الأردني ودن أي تدخل منا كإنسانيين ، وهذه بعض حقائق ملامح الطرح الإيراني للأردن في السياق الإستراتيجي . خادم الإنسانية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات