شكرا لإيران .. وأنصح بالتعامل مع عرضها


لا أري ضير في دراسة ما تعرضه إيران علينا \"وهو ثلاثون عاما من الدعم النفطي المجاني بواسطة سعادة سفيرها في عمان \"مصطفى مصلح زادة\" من خلال حديثه في الصميم مع الدكتورة الإعلامية رولا الحروب على شاشة جوسات الفضائية, على أن يتم التعامل مع العرض إيجابيا, بما يتوافق مع ظروفنا !
كما أوصي- كمواطن أردني متابع- بتشكيل وفد رسمي أو شعبي للذهاب إلى طهران لمعرفة طبيعة وتفاصيل العرض وإفادة الجهات الرسمية بالجدوى منه. إنه عرض سخي لن نندم عليه, وسنصلح بموجبه إن تم من وضع الموازنة المتردي كي نبدأ بحلول عاجلة لمشكلة كلفة الطاقة المتفاقم. ونتفاعل معه كعرض غير مسبوق من إيران ولا متبوع من الأشقاء في دول الخليج العربي !
نحن نعرف كشعب ودولة ماذا تريد الجمهورية الإسلامية بالمقابل, إنها تريد سياحة دينية في مناطق مقدسة لهم ولنا في مؤتة في محافظة الكرك وغيرها من الأماكن المقدسة عندنا ولدى الطائفة الشيعية, وستؤدي حتما لبناء مقامات ومساجد في مناطق أردنية, أشبه بما هو موجود في بعض الأحياء التاريخية في القاهرة, مثل السيدة زينب والحسين والسيدة نفيسة, تؤسس لقدوم زوار وحجاج لمقامات الصحابة الكرام من إيران والعراق ولبنان وغيرها من الدول العربية والإسلامية. وقد يكون لإيران مطمح آخر وهو عدم تعاون الأردن مع حلول عسكرية غربية بدعم عربي متوقع للهجوم على سوريا, وهذه مطامح محقة لدولة إقليمية كبيرة مثل إيران علينا التفاعل معها. فإيران وتركيا ومصر دول هامة, لها مستقبلها ومصالحها في تكوين منظومة الشرق الأوسط, وما سينتج من أحداث عليها كدول شريكة مع قوى الغرب في صياغة ما سيقرر في شهور قادمة.
أما هنا في الأردن فعلينا أن نتفهم سياسة المصالح في بناء الدولة الأردنية المدنية الحديثة التي نبتغي, بعيدا عن المفاهيم والحساسيات التي لا تصنع الدولة, مثل: موروث الدولة الأبوية والدولة الشقيقة والشقيقة الكبرى والعظمى والدولة الدينية والطائفية ! فكل دولة لها ظروفها السياسية والسكانية والاقتصادية... ولها متطلباتها في بنيتها التحتية والفوقية. صحيح أنه كان للأردن الرسمي دور يعبر عن العقلانية وضبط النفس, يحسب الحساب لدوره الإقليمي وربما الدولي, نتيجة لمحافظته على مواثيقه وعهوده, ما أفقده بعض شعبيته في شارعه وشعبية العربية, علاوة على تقلبات في الرأي لدى بعض رموزه حول مسائل شتى, ألأمر الذي أدى أإلى أن بعض ممن ساهموا في صياغة كثير من القرارات من أبنائه إلى النكوص عنها, وخاصة من شارك في حكومات وبرلمانات سابقة, وفي لجان سياسية واقتصادية وتنموية في الشأن الأردني وكذا في لجان المفاوضات مع إسرائيل.
الحقيقة أن سياسة ألاعتدال التي تبنتهما الحكومات لم تكن تتوافق كليا مع أطروحات تيارات واسعة من الإسلاميين والقوميين, ومنهم قادة في تكوين الرأي الآخر في الأردن اليوم ! لقد حلم بعضنا بسلام مع إسرائيل, ضمن معادلة الأرض مقابل السلام, من أجل التنمية وفوائد السلام لكنه لم يأتي بالمطلق ! ولم يحسب عندها حساب لتحذيرات \"الإسلاميين والقوميين\" من قبل أصحاب القرار, المطمئنين للوعود في مرحلة ما, مع العلم بأن القيادة في الأردن تدرك تمام الإدراك أن لديها رأي عام من شعب يصحو وينام على قراءة أخبار الكون الإلكتروني وفهم مدلولات ما يجري وينشر. وعليه, فالأردن يستطيع أن يحرج أصدقائه ويخيف أعدائه متى شاء, ولديه من الأوراق ما قد يغير قواعد التعامل مع الإقليم برمته. فكل ما سبق وغيره يكسب جيلنا مناعة أصيلة ومكتسبة لأجيال ضد قبول إسرائيل كجار مغتصب في الإقليم, فكيف بالتعاطي معه حول مسائل تتعلق بالعيش المشترك ومصير المنطقة التي تغلي على صفيح ساخن. نعم يستطيع الأردن أن يخيف عدوه إن أراد, ومن أبسط الردود هو استقبال قادة حماس، المغادرين سوريا, خاصة بعد وقف إطلاق النار في عدوان إسرائيل الغاشم على غزة, المنتصرة بصمودها وصواريخها التي طالت المحرم في تاريخ إسرائيل, وهم اللذين لم يملّوا من إرسال رسائل الغزل\" لزيارة الأردن والعودة للماضي, علما أن النظريات الأمنية السليمة حول ما نعتقد وتعتقد حماس تلتقيان وربما تتوافقان \"في موضوع رفض الوطن البديل والتوطين على أرضنا الأردنية\" وتلتقي مع خطاب حماس وخطاب الأخوان المسلين, بشقيه السياسي والجهادي. ويستطيع الأردن أن يفتح أبواب جهنم على الإسرائيليين إن فتحت الجسور, وهم يعرفون جيدا أن الآلاف اللذين وصلوا العراق وأفغانستان والشيشان يتوقون للوصول زحفا وهرولة وسباحة فوق الأرض والماء ومن تحتهما للوصول إلى أولى القبلتين. وعندما تفتح الجسور باتجاهين سوف يفتح الأردن الرسمي والشعبي طاقة جهنم نحو وجود إسرائيل. وسيتزعزع أمن دول الخليج, الذي يمتلك النفط وليس لديه القدرة على تدارك الخطر بسواعد جنوده لوحدهم. كما يستطيع الأردن الآن قبول العرض الإيراني الجديد في حل مشكلة التزود بالوقود لثلاثة عقود قادمة دون منة الأشقاء الخليجيين. وعندها ستقلق السعودية ودول الخليج العربي من تقاربنا مع إيران الإسلامية لأسباب تتعلق بهم وبشعوبهم ولا تتعلق بالشعب الأردني, الذي ليس عنده حدود قريبة مع إيران وليس لديه العقدة المذهبية في التعامل مع إيران الدولة الإسلامية التي تعادي إسرائيل منذ ثورتها والتي غيرت كثير من المفاهيم على الواقع وعلى الأرض ولم تتغير.
على العرب الخليجيين أن لا يحرجوا الأردن الشعب والحكومة, بسبب فاتورة الطاقة, كي لا يضطروه لمراجعة مواقف سابقة -ولم يكن للأردن فيها ناقة ولا جمل- بخصوص الإجماع والثوابت الأخوية التي كان أغلبها نتيجة لتخوفات ومصالح دول الأخوة في الخليج العربي !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات