كيفَ بِكَ يا دَوْلَةَ الرَّئِيسِ إِذَا مَا أصَابَتْكَ دَعْوَةُ النّبِيِّ (فاشْقُقْ عَلَيْهِ)؟!


عَزِيزِيْ دَوْلَة رَئِيسِ الوُزَرَاءِ الأكرَمِ:

السَّلامُ عَليْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبعدُ :

إنَّ مِنْ رَحمةِ اللهِ بالإنسانِ أنْ يَجِدَ في الأحداثِ ومَا يشهدُه في حياتِهِ ما يُصحِّحُ بهِ مَسارَه ويُعَدّلُ بهِ طريقَهُ ويصلِحُ بهِ أعمَالَهُ ؛وإذا كانَ مِمَّن لا يستجيبُ للتوجيهاتِ الربَّانِيَّة ولا يهتدِي بالنصائحِ النبويَّةِ ولا تنفعْهُ النُذُرُ الإلهيةُ !فَحرِيٌّ بهِ أنْ يعتبِرَ بــالعظاتِ ليَفيدَ مِنْ ذلِكَ فها هو الصادِقُ المَصدوقُ - عليْهِ الصلاةُ والسلامُ - يقولُ : « مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّة يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ » مُتَّفَقٌ عليه.

فإذا كنتَ - لا قدَّرَ اللهُ - مَمَّن لا يعتقدُ قدسيةً لتلكَ النصوصِ التِي جاءَ فيها مِثلُ هذا التحذيرِ (الأخرويِّ) ولا يَرى أنَّه قدْ عرّضَ نفسَه لهُ بما كسبتْ يداهِ ؛فتنبَّه إلى ما جاءَ في بعضِ النصوصِ الأخرى من العقوباتِ (الدُنيويَّة) العاجلةِ قبلَ ما ينتظِرُك من الوعيدِ (الأخروِيّ) الآجلِ.

دولةَ رئيسِ الوزراءِ الأكرمِ :

لقدْ دعا النبِيُّ الكريمُ - عليه الصلاة والسلام - على مَن وَلِيَ مِن أمرِ أمَّتِهِ (شيئاً) فشقَّ عليهم بهذا الدعاءِ العظيمِ :« اللَّهُمَّ مَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَشَقَّ عليهم فاشققْ عليه ؛ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرَفَقَ بهم فارفُقْ بهِ . رواه مسلم

فماذا تنتظرُ يا دولةَ الرئيسِ إذا ما (شقّقت) على شعبِكِ الأردنيِّ في أمورِهم ؟فضيَّقتَ عليهم في معاشِهم ورفعتَ الأسعارَ عليهم ،أليسَ من واجبِك كَوَلِيِّ أمرٍ لهذا الشعبِ أنْ تتداركَ أمرَهم في ظِلِّ هذهِ المعاناةِ التي حلَّتْ وستحِلُّ بِهم ؟وذلِكَ بالبحثِ عن الأسبابِ الحقيقيَّةِ اللازمةِ ووضعِ الحلولِ المناسبةِ لها .

ألمْ تسمعْ يا دولة الرئيسِ بما قالَه الإمامُ النوويُّ – رحِمَهُ اللهُ - في شرحِ هذا الحديثِ قال :(هَذَا مِنْ أَبْلَغ الزَّوَاجِر عَنْ الْمَشَقَّة عَلَى النَّاس ، وَأَعْظَم الْحَثّ عَلَى الرِّفْق بِهِمْ ).

عزيزي دولة رئيس الوزراء الأكرم:

كثيرون لمْ يعقِلوا هذا الدعاءَ ، والبعضُ يرَى أنَّه لا يعنيهم مِن قريبٍ أو بعيدٍ !! ولسانُ حالِهم ومقالِهم يشهدُ عليْهم بذلك !!وبالتالي فإنَّهم لمْ يحرِصُوا بأفعالِهم وتصرفاتِهم لبذلِ الأسبابِ التي تجعلُهم في منأى عنهُ ؛فكانَ لا بدَّ مِن تذكيرِك ولفتِ انتباهِك ــ بقدرِ المستطاعِ ــ شفقة عليك لِيكنْ ،لكَ عِظةً وعبرةً ،واعلمْ أنَّ الجزاءَ مِن جنسِ العَمَلِ . جاء في الحديثِ (كما تَدِينُ تُدانُ) قالَ المناوي في شرحِ الحديثِ :(وقدْ استجيبَ فلا يُرَى ذُو وِلايةٍ جَارَ - أي شقَّ - إلَّا وعاقبةُ أمرِهِ البوارُ والخسارةُ).

فهلْ مِنْ مُعتَبِر ؟!

وهلْ مِنْ مُتَّعِظ ؟!

ماذا ينتظرُ مَنْ شَقَّ على شَعبِهِ وأهلِهِ ،وضيَّقَ عليْهم في مَعاشِهم ،وحرَمَهم حقوقَهم ،فلمْ يَعطِفْ عليْهم ،ولمْ يرْحمْهمُ ؟!

وماذا ينتظرُ مَنْ جعلَ حربَه على شعبه ،عندما رفعَ عقيرتَه وقالَ : سأرفعُ الأسعارَ وأتحمَّلُ المسؤوليةُ ؟! سَوى جرِّ البلادِ والعبادِ إلى مصيرٍ مجهولٍ ،ودعاءٍ مِن الرفيقِ بأمَّتِه - عليه الصلاة والسلام - الحريصِ عليها بقوله: ( فَاشْقُقْ عَلَيْهِ) دعاءٌ بأنْ يشقَّ اللهُ عليهِ إمَّا : بأسقامٍ في البدنِ أو في القلبِ أو في الصدرِ أو بلاءٍ في ألأهلِ أو المالِ أو الولدِ ؛لأنَّ الحديثَ مطلقٌ (فاشقُقْ عليهِ) ، بأيِّ شيءٍ يكونُ ، وربما لا يَظهَرُ للناسِ مَشقَّته ، فقدْ يكون في قلبهِ نارٌ تلظَّى ، والناسُ لا يعلمون ،لكنْ نحنُ نؤمنُ بأنَّهُ :إذا شقَّ أحدٌ على الأمَّةِ ونحنُ الشعبَ الأردنِيَّ جزءٌ مِن أمةِ محمدٍ – صلى الله عليه وسلم - فإنَّه مُستحِقٌّ لهذهِ العقوبةِ مِنَ اللهِ تعالى ؛إذاً فَلْيُبْشِرْ (كلُّ مَنْ شقَّ) على شعبِهِ بأنَّه قدْ عرَّضَ نفسَه بمشيئتِهِ وطوعِهِ واختيارِه لأنّْ يشقَّ اللهُ عليه عاجلاً أم آجلاً ؛فلا يظنَنّ ظانٌّ أنَّه يفلِتُ مِن اللهِ العزيزِ القهَّار !! أو أنَّ سنَّةَ اللهِ في كونِهِ وخلْقِهِ لا تجرِي عليْهِ!أو أنَّ دعاءَ المبعوثِ رحمةً للعالمين لا يشمَلُه !! ما أجهلَهُ ؟! وما أضعفَهُ ؟! وما أهونَهُ عند اللهِ ثمّ خَلْقِهِ.

دولة رئيس الوزراء الأكرم:

إنَّ لغلاءِ الأسعارِ آثارًا سيئةً على الفردِ والمجتمعِ ،حيثُ يعجزُ الفقيرُ عنْ شراءِ ما لا غِنَى لهُ عنهُ ،وقد يتحمَّلُ آخرون ديوناً يعجزون عن سدادِها ،وتكثرُ الضغوطُ الاجتماعيةَّ والاقتصاديَّةُ والنفسيَّةُ ،ويلجأُ البعضُ إلى طرقٍ غيرِ مشروعةٍ للحصولِ على المالِ وتوفيرِ ما يحتاجون ، وحينَها لا يُبالِي ضعيفُ الإيمانِ أمِنْ حلالِ أخذِ المالِ أمْ مِن حرامٍ ،وتتعمقُ الفجوةُ بينَ الناسِ ، وتنقطعُ الصلاتُ ،ولذا جاءَ الوعيدُ الشديدُ لِمَن دخلَ في شيءٍ مِن أسعارِ المسلمين ظلماً وعدواناً ليغليه عليهم ،عَنْ رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – قال : (مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَقْذِفَهُ فِي مُعْظَمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) أخرجه الإمام احمد.

دولة رئيس الوزراء الأكرم:

ولمواجهة غلاء الأسعار، لا بدَّ من مبادراتٍ يقومُ بها الشعبُ لكبحِ جماحِ الحكومةِ ،وهذهِ المبادراتُ حقٌّ لا يجوزُ منعُ الناسِ مِنه ، وواجبٌ لا يقومُ بهِ إلا الشعبُ نفسهُ. وهذهِ المبادراتُ ينبغي ألّا يُفهمَ مِنها أنَّها دعوةٌ للفوضى ،أو للخروجِ عن النظامِ ،أو دعوةٌ للتمردِ على الطاعةِ ،ولكنَّها أعمالٌ حضاريةٌ مشروعةٌ ضمنها الدستور، فيها أخذٌ بالأسبابِ ،وتحرُّرٌ من التواكلِ ،ومساهمةٌ في الإصلاحِ ،وحلِّ للمشكلاتِ الاقتصاديةِ بالطرقِ الصحيحةِ ،وليسَ مِن جيوب المواطنين ،ولكنْ باستعادةِ أموالِ الشعبِ المنهوبةِ مِن قبلِ الفاسدين.

وإنَّ مصادرةَ هذا الحقِّ مِن أهلهِ لهوَ الظلمُ بعينه ،وكلُّ مَنْ يحاولُ مصادرةَ هذا الحقِّ يوشكُ أنْ يكونَ متواطئاً على الشعبِ معَ الناهبين والسارقين والمتغوِّلين على مقدراتِ الوطنِ وهمْ من أوصلهُ إلى هذا الحالِ البائسِ.

ولذا يجبُ على الشعبِ أنْ يَعيَ تماماً أنَّ القضيةَ قضيتُه ،كما يجب عليه أيضا أنْ يعيَ أنَّ ثقافةَ الاتِّكالِ والانتظارِ بلا عملٍ هي مِن روافدِ المشكلاتِ التي توالتْ عليه ،وأنَّ هذهِ الثقافةَ التي اعتادَها وألِفَها ؛حتى أصبحتْ مِن طبعِهِ وسجيَّتِه، هي مِن أهمِّ الأسبابِ التي سلّطت عليهِ كثيراً مِن المشكلاتِ.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات