نحتاج في الاردن الى أكثر من ثورة فكرية لتتغير الاهداف و الطموحات , فلم يأتي تصنيفنا بدول العالم الثالث من فراغ , ولم نسعى يوما ما وبشكل جدي لتحدي الصعاب و النهوض بهذا الوطن , فما زال طموح كل مواطن اردني تحقيق الاكتفاء لذاته وملذاته , متناسيا انه لن يحقق هذا الاكتفاء الا اذا تحقق الاستقرار المالي والاقتصادي للأردن , فكنا وما زلنا نتخبط في زوبعةٍ من الانتكاسات المالية و العجز في الموازنة الذي يطال ظله يوم بعد يوم حاجاتنا الاساسية , وتتزايد الاصوات يوم بعد يوم بجدية الاصلاح ومحاربة الفساد , فالإصلاح أساس النهوض والرقي, ووجود الفساد يمثل تحدياً لأي مشروع تنموي في الاردن .

وتجدُ المواطن الاردني فقد ثقته بأي مشروع تنموي لخدمة هذا البلد , خوفا من ان يكون للفساد مكانا بين ثنايا هذا المشروع , وتنهش الشكوك اي حلمٍ لأي مشروع للبقاء , ولا ننسى في وقتنا هذا نشأ وترعرع عدد كبير من المستفهمين و المقنعين الذي يحاولون إيجاد مكان لهم داخل مجتمعنا ، ويقومون بإطلاق الشكوك وإدعاء الخوف على مصلحة هذا البلد في اي مشروع تنموي سيقام في الوقت الحاضر وسيكون لهم دور كبير في زرع الفشل مستقبلا حتى وإن لم يكن الفساد حاضراً .

يعيش الاردن حالةً من التوهان اقتصاديا, ففكرة الفساد انتشرت وتوغلت في عقول الاردنين وهدمت ثقته بما هو أت , فالمتابع للمشهد الاردني المعارض للبرنامج النووي يرى الكثير من التخوفات التي تحوم حول هذا المشروع وجدوى إنشاء هكذا مشروع في الاردن, مع العلم ان الاردن يستورد 96% من إحتياجاته للطاقة من الخارج , والتي تستنزف ثلث ميزانيته تقريباً, وانقطاع الغاز المصري عن الاردن أدى الى خسائر توازي ثمن بناء مفاعل نووي .

فما زلنا نقرأ مُبررات و أسباب بعيده كل البعد عن العلم بل وتعبر عن تخوف غير مبرر من الطاقة النووية, أدت الى تشتيت الرأي العام الاردني , وجعله ينظر الى المشروع النووي الاردني من جانب واحد , وغُيب عن رؤية الجانب المضئ المتمثل بمستقبل نووي واعد بعيد عن احلام الطاقة المتجدده التي لم يتم الاعتماد عليها بشكل كامل بأي دوله في العالم سوى في عقول وخيال المعارضين .

وألتفت حولي لأجد دولاً عربية تتسابق ببناء المفاعلات النووية كمصر والسعودية والامارات حيث تحظى بالدعم الكامل من شعوبها , ودول كالتي أعلنت عن تخليها عن الطاقه النووية كاليابان عدلت عن قرارها وعادت كسابق عهدها بعدما ايقنت بأنه لا بديل عن الطاقه النوويه لسد الاحتياجات المتزايده للطاقة بل وبدأت ببناء المزيد من المفاعلات , ونحن ما زلنا نتناقش في جدوى هذا المشروع .

لننظر الى الدول المتحضرة والمتقدمة هل يوجد من بينها دولة واحدة تطورت بدون الطاقة النووية ,
هل سنبقى نعتمد اسلوب (التشكيك) استنادا الى (المناكفات) و(الإشاعات) ومبدأ (بيقولوا) , العالم و المنطقة تتجه نحو الطاقة النووية , فهل ننتظر لنكون اخر الواصلين !!!