المواطن والوطن


 في البداية كل عام والوطن بخير وأبناء الوطن في ألف خير ، وندعو الله العلي القدير أن يعيد العيد القادم والمواطن الأردني بخير وبحال أفضل من العام الحالي الذي شهد بعض المنعطفات الحرجة في تاريخ الدولة الأردنية.

صبيحة كل يوم يتنهد الملايين من أبناء الوطن شاكين حالهم مع الوطن ، وبين ثنايا هذه الشكاوي التي تحمل في أبعادها هماً إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً يأمل المواطن دائماً في تحسن أموره مع الوطن راجياً في أن يكون مستقبل الوطن أكثر أمناً وعطفاً على أبناءه.

هنالك مدلولات ومعاني عميقة تستوقفنا جميعا عند التأمل في الحال الاقتصادي والسياسي والإجتماعي للوطن في الوقت الحاضر، يبرز في مقدمتهما لدى المواطن غلاء الأسعار وإرتفاع تكاليف المعيشة والفساد والشفافية وتعاظم الفجوة ما بين الطبقة الغنية والطبقة والفقيرة وإجحاف بعض التشريعات في تلمس هم المواطن وليس أقل من ذلك قانون المالكين والمستأجرين وقانون الضمان الإجتماعي وقانون ضريبة الدخل !!

أما على الجانب السياسي فحال المواطن الأردني على المحك ، فتراه سياسي محنك تارةً وسياسي تائه تارةً أخرى يعتمد في ذلك على الشخص المقابل والموضوع السياسي المطروح على الطاولة، فقانون الإنتخاب وقانون المطبوعات وغيرها من القوانين الناظمة للحياة السياسية كانت ولا زالت مثاراً للجدل لدى الكثير من المواطنين.

إن من المفارقات اليومية التي يعيشها الموطن الأردني مع وطنه تتجلى في تناقض الدعوات السياسية والإقتصادية المؤيدة والمعارضة لأي قانون هنا أو هناك. تناقضاً يحمل في جعبته مصلحة وطنية في حالة ، وفي حالات أخرى كثيرة تغليباً للمصالح الشخصية على أي مصالح وطنية فتسمو الأنانية على الإيثار والذات على الكل وهنا يخسر الوطن والمواطن !

لقد أضحت العلاقة بين الوطن والمواطن في مواقع عديدة مثاراً للجدل التي تستوجب الوقوف والتأمل ، ساهم في هذه الحيرة تعاقب الحكومات التي أغفلت ولسنوات طويلة جانباً من الهم الوطني ولم تقرأ أفكار المواطن بشكل أكثر واقعية ومنطقية وفشلت في تطوير أنظمة رشيدة ومؤسسات قادرة على ضمان المشاركة المتوازنة لكافة الفئات وتحقيق العدالة في توزيع الثروة بين مختلف أطياف المجتمع كما وتناست بعضاً من إحترام التنوع الفكري.
إن تزايد حالات الطلاق والعنوسة والجريمة والمشاجرات تعتبر من الآفات التي أرهقت تفكير الموطن وأستنفذت جزءاً من موارد وسمعة الوطن وأسهمت في تشتيت الرؤيا لواقع الوطن الإيجابي في كثير من الجوانب. إضف إلى ذلك الهم القديم الجديد المتمثل في البطالة والفقر الذي يعتبر باكورة الهموم الإقتصادية الأجتماعية التي شغلت الوطن والمواطن.

إن حال الوطن يستلزم مواجهة الحقائق السياسية والإقتصادية والإجتماعية بنظرة أكثر شمولية وواقعية ، فالفقر والبطالة والجريمة والدين العام والمساعدات الخارجية وعجز الموازنة ومعدلات النمو الاقتصادي ودعم السلع وتنمية المحافظات والمعدلات الضريبية والحوافز الإستثمارية والنمو السكاني ومخرجات التعليم العالي وغيرها من الأمور يجب أن يتم النظر إلى كافة أحوال الوطن والمواطن بشكل شمولي مترابط وليس بمعزل عن بعضها البعض !! فالفشل في مواجهة هذه التحديات قد يهدد الاستقرار الإقتصادي الاجتماعي والسياسي في المملكة ، ولاسيما إذا أخذنا الإحباط السياسي والشعبي في كثير من الحالات والناجم عن المشاكل العالقة والمتزايدة.

يتعين على الحكومات المتعاقبة أن تعي وتدرك أن الإصلاح المنشود للوطن يجب أن يكون أكثر واقعية وجدية وأن يتم إعطاء إهتمام أكبر إلى شبكة الضمان الإجتماعي والمشاريع الإستثمارية وتطوير المزيد من البرامج الموجَّهة إلى المجتمعات المحلية الفقيرة في المحافظات وتعزيز دور القطاع الخاص في المشاريع التنموية من أجل تمكين المواطن الأردني من لعب الدور الصحيح الملقى على عاتقه في بناء الوطن المعاصر القادر على مواجهة التحديات بخطوات جرئية ثابتة.


a.qatawneh@zuj.edu.jo






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات