أي أراضي أردنية


لا احد ينكر وجود فلسطين على الواقع، ولا يجهل احد بان فلسطين هذه دولة محتلة من العدو الإسرائيلي، وأيضا لا يجهل احد بان القوة الإسرائيلية تفوق إمكانيات الصمود العربي في وجهها، عدا عن كونها حليف قوي لأمريكا ودول العالم الغربي وروسيا، ومن المسلم به أيضا أن القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى، ولو قولا باللسان من غير أي عمل جدي على ارض الواقع، فالدول المحيطة بالدولة الفلسطينية المحتلة، دول مسالمة ووديعة إلى ابعد الحدود، عند التفكير باستخدام القوة ضد إسرائيل، فعند زعمائها قدرة إقناع كبيرة على تغليب حسابات المنطق، وترجيح الحل السياسي على اعتباره الحل الأمثل، لحل القضية الفلسطينية.

هذا كله ما اعتادت القيادات العربية إقناع نفسها به، وكانت تروج له بين الشعوب العربية كافة، حتى تأمل الناس بأوسلو الحلول والفرج، وكاد المواطنون الفلسطينيون المهجرين من بلادهم، أن يحزموا حقائبهم وأمتعتهم، استعدادا للعودة إلى أراضيهم المحتلة، بعد أن صُور لهم أن محادثات السلام ستعيد لهم ما اخذ منهم بالقوة.

ولكن سبحان الله بعد عشرات السنين من المفاوضات والآمال الخائبة، يزور الأمير الحسن نابلس، ويزف البشرى لنا بان أوسلو حلم استيقظ منه العرب، وتذكر الأمير أن الضفة الغربية أراضي أردنية محتله، وان الأردنيين كانوا متناسيين ملكيتها، وان الإرادة الشعبية الفلسطينية باستعادة أراضيهم، وإنشاء دولتهم المستقلة كانت من أحلام اليقظة، ولن تكون بعد الآن، فماذا جد على الأمير المفكر بعد قرابة ربع قرن، للعودة مجددا بالحديث عن الوحدة الأردنية الفلسطينية، واستذكار مشاعر الحزن والدموع التي ذرفت عند قرار فك الارتباط تلك الأيام.

وعلى الرغم من حساسية الحديث أو الكتابة عن العلاقات الأردنية الفلسطينية على المستوى الشعبي، لأن التهمة موجودة بإثارة النعرات والكراهية، وتأجيج مشاعر التفرقة بين الشعبين المتلاحمين، وان الحديث يبعث على الكراهية وإثارة الفتن، إلا انه لا بأس من بيان موقف من يقف في صف قرار فك الارتباط والمطالبة بدسترته، فالمؤيد لهذا القرار يرى أن فلسطين للفلسطينيين، وان الأردن للأردنيين، وأي محاولة لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن، فمعناه تخلي صريح عن فلسطين وتركها للصهاينة، وهذا معناه الخيانة والانهزام، فهل إعادة ضم ما تبقى من الضفة الغربية للأردن، سيكون محفز لصاحب القرار الأردني على العمل الجاد على تحرير الأراضي المحتلة من إسرائيل، وإذا كان ذلك ممكن فلماذا الانتظار عن فعل ذلك، أم هي فقط كلام جديد وبطريقة جديدة للمباركة لإسرائيل بان كل ما استولت عليه لن ينازعها علية احد، فالفلسطينيون سيستبدلون مشاهدة القوات الإسرائيلية بمشاهدة قوات الجيش والأمن الأردني، وسيوفر الإسرائيليون تكاليف ضبط الحدود، بين ما تبقى من أراضي الضفة الغربية التي سيعيدونها للأردن، وتلك التي ستبقى تحت احتلالهم، وبذلك تظهر إسرائيل للعالم بالدولة المحبة للسلام، والتي قبلت بالحل السلمي لإنهاء الصراع في المنطقة، وحينها نكون نحن قد خرجنا من قيود سايكس بيكو، إلى الوقوع في طامة حسنياهو الجديدة.

ثم يأتيك من يقول كيف تفرق بين أردني وفلسطيني، وكيف تفرق بين شرقي وغربي، وكأننا نعيش في عالم خيالي، ونتناسى الواقع والحقيقة، فمن ينكر على الفلسطينيين أصولهم الفلسطينية، أو ينكر على الأردنيين أصولهم الأردنية، إما أن يكون لا يدرك ماذا نقول، أو أن بيننا وبينه خلاف عميق في استخدام الألفاظ، يأخذها بحساسية الزئبق، ونأخذها نحن على مقياس رختر.


kayedrkibat@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات