طريق في رأس جبر


يبدو أن الإنتظار في طابور الخبز قد ألهم جبر لخوض مغامرة جديدة حان وقتها وهي قص شعر الرأس الذي كان يتسبب له بالحرج ليس بسبب كزبرة أو تقصف، بل على العكس تماما فقد كان ملساً وكثيفا مثل شعر اليابانيين.
كان هناك دكان حلاقة ملاصق للفرن على الشارع العريض ... كراسي جديدة هيدروليك ومرايا من الحيط للحيط. على فكرة، الحلاقة مهنة والفاعل حلاق والمفعول به محلوق له ... ولها معنى مجازي، فمثلا بيقولو ان الوزير فلان حلقوله، يعني شالوه. وهذا الفعل (حلاقة) منتشر عالميا وهناك أغنية You Better Shave up في فلم حمى ليلة السبت وبتقوم اليفيا نيوتن جون برفس جون ترافولتا برجلها وبتقلو أحلق بدي زلمة ... ورح احكيلكم يوما ما عن مغامرات جبر بعد حضورة للفلم في سينما الخيام بوسط البلد. ما علينا، فلنعود للحلاقة ... هذه الخطوة مختلفة عن غيرها فهي ليست حلاقة طاسة كالتي شاهدها في إحدى زياراته للكرك، ولا حلاقة بيتلز (الخنافس) الرائجة هذيك الأيام ولا حتى حلاقة درجة (2) ... إنها ... والله خايف أحكيها وخلينا نعيشها سوا.
دخل جبر للصالون رِجل ورا ورِجل قدام وكان الصالون فاضي ربما لأنه فتح جديد ولسه ما ربى زبائن. جلس على كرسي الجلد وسألة الحلاق: كيف بدك أياه، قله جبر ... على الصفر. جفل الحلاق ومسك شعرة وقله: انت متأكد، والله حرام هالشعرات وخلينا نقصر شوية. كان جبر قد اتخذ قرار ولم يدع مجالاً للحوار ... عالصفر عمو أنا بدي هيك. طب خلينا نحلقلك على الدرجة (2) برضو بظل شوية شعر بحموك من ضربة الشمس. لا عمو عالصفر يعني عالصفر. مسك الحلاق الماكينة أم ذراعين ونفخ فيها وقال بسم الله، بلش من الناصية ورجع رجوع بحركات ثابتة لأنة كان عارف طريقة حتى الرقبة. وما ان تحرك الحلاق جانبا حتى نظر جبر الى المرآة فإذا به يراه قد شق طريقا بعرض الماكينة، لا أدري ما الذي ذكرني بطريق جبر كلما شاهدت نشرة أخبار الثامنة على التلفزيون الأردني لأنهم يكررون عبارة: طريق الإصلاح واضح وهو متدرج ... تماما كحلاقة جبر.
وقع الفاس فس الرأس ولا مجال للتراجع، طأطأ جبر رأسه وسلّم رأسة للحلاق وقال في نفسة ... معلّم وبعرف شغله وما دام فتح الطريق فالقادم إسهل. وما هي إلا مدة لم يستطيع ان يحددها لأنه كان بمثابة المذهول فنكزة الحلاق... قوم عمو، خلصنا. نظر جبر مرة أخرى فإذا به شخص آخر (نيو لوك على قولة هالأيام) دفع خمسطعش وطلع.
كان لدى جبر عادة يعلن فيها عن قدومه للمنزل بدندلة رأسة من أول بسطة على درج الأربعة والأربعين والمطلة على الحوش. عرفوا صوته ولكن فاته ان المنظر من تحت غير من فوق، فالذي شاهدته أم جبر هو فطبول بني ... بتذكروه. وما أن وصل على عتبة الباب حتى أكل أول كف وثاني شلوط ... ولك شو اللي عامله بحالك ... وكل ما دخل واحد على البيت يسمع نفس العبارة وبيضربه بأي شيء جنبه. ومن كثر ما ناور لتفادي الضرب ارتطم راسه بالحيط ولاحظ ان الضرب بيعلّم مش مثل أول كان الشعر مخبي اللي تحته وبتطلع دنبيرة.
يا حزركو كان معي حق عندما تذكرت حادثة صديقي جبر عند الحديث عن الإصلاح في الأردن فالطريق واضح ولما نكمل المشوار بيصير لنا شكل جديد ... بس يا خوفي تكون حلاقة عالصفر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات