للقاسية قلوبهم .. عيادات مجانية للشفاء


قال تعالى : ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ الآية (74) من سورة البقرة . وقال تعالى : ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ الآية (23) من سورة الزمر .

إذن فهناك قلبٌ قاسٍ وقلبٌ ليِّن فالقلب إذن هو منبع اليقين ومصب الإيمان، فالقلب القاسي هو الذي يتنكر لحق الخالق وعدم الإيمان به والإبتعاد كل البعد عن تأديته لواجباته تجاه الخالق فهو إذن قلبٌ قاسٍ ومتمرد وغير معترف بالآء الخالق عليه وهنا لا يوجد فيه رأفة أو رحمة ، في حين أن القلب اللين هو ذلك القلب الذي يمتلئ بالإيمان واليقين بحق الخالق وآداء واجباته تجاهه وممتلئ بالرأفة والرحمة ، فالقلب حينما ينسى ذكر الله يقسو ، وإذا قسى القلب فهو يعادي الله وينسى أن مرده إليه ، ويلتهي بدنياه محاولاً أن يكسب منها بالظلم والطغيان والإحتراف بأخذ حقوق الآخرين بشتى طرق السرقة والنصب والإحتيال ، ثم يستحوذ عليها ولا يفرط فيها بإعتبارها هدفه ومبتغاه . فهذا القلب الذي سوف يرثي حاله ويندم على قساوته في يوم تشخص له الأبصار ، وقبل أن يأخذ القلب منحدراً خطر في مستويات القساوة ، يجب على الإنسان مراجعة نفسه وضميره ، وسؤال نفسه لماذا خلقه الله ليحيى عمراً مقدراً له ثم يموت بعده ، وما هي صفات عباد الله التي قلوبهم لينة والعامرة بالتقوى والإيمان وبذكر الله ومخافته والعمل بما يرضي وجه الكريم وطبيعة العلاقات الحسنة بينها وبين الآخرين من عباد الله ، والتي يحبها الله ويرضى عنها ، فشتان ما بين القلوب اللينة وتلك القلوب القاسية والتي تحتاج إلى علاج متواصل وفعال للرجوع إلى الله واللجوء إليه تعالى قبل أن تخسر دنياها وآخرتها .

فإلى القاسية قلوبهم هذه بعض العيادات المتواضعة في علاج قلوبهم والتعجيل بشفائها والفوز برضى الله تعالى ونيل رحمته ومغفرته على ما تقدم أو تأخر من أعمارها أسوقها إليكم لعلى وعسى أن تليُّن القلوب وتشفيها من ما ألم بها من تمرد ونكران ونسيان لفضل الله ونعمه لبني الإنسان ، ومن هذه العيادات :

1 - عيادة الإكثار من نوافل الصلوات ( بعد القيام بالفرائض على وجهها ) ومن صلاة الضجى والوتر والسنن ، كما ورد في الحديث الصحيح : " ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ....." .

2 - عيادة الإكثار من ذكر الله : قال تعالى ( فاذكروني أذكركم ) يا لروعة الخالق ! الله يذكرك ..! من أنت حتى يذكرك الله رب السماوات والأرض ؟ ولكنه كرمه الواسع ورحمته العظيمة .

3 - عيادة الإقبال على القرآن الكريم : قال تعالى : " ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ الآية (78) من سورة الإسراء . حيث يشهد لك لقراءة آيات من القرآن الكريم ملائكة الليل والنهار ، فهل تستطيع أن تقيس ما مدى فرح الإنسان وسعادته حينما يعلم علم اليقين بأن الله تعالى قد أرسل إليه ملائكته ليشهدوا له بتلك القراءة أمام الله تعالى .

4 - عيادة الإقبال على الدعاء ، والإلحاح فيه ، والتضرع ، ومناجاة الرحمن : قال تعالى : ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ الآية (186) من سورة البقرة، وقوله تعالى: ﴿وقال ربكم ادعوني أستجب لكم﴾ الأية 60) من سورةغافر . وفي حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث؛ إما أن يعجل له دعوته، وإما إن يدخر له، وإما إن يكف عنه من السوء بمثلها. قالوا: إذن نكثر؟ قال: الله أكثر) رواه أحمد .

5 - عيادة الصدقات : قلت أم كثرت ، فإن الصدقة تطفئ غضب الرب سبحانه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ الصَّدَقَةَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ ، وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ . وخاصة إذا أحسن العبد القصد بتأديتها و أخلص العمل لوجه الله فإنها تزيل الخطايا، و تغسّل صحيفة صاحبها من الأدناس، و تطهّرها من الذنوب، فهي وسيلة من وسائل تطهير النفس و تهذيب الأخلاق . ومما يدلّ على ذلك قول حذيفة رضي الله عنه قال: قال عمر رضي الله عنه: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفتنة؟ قال: قلت: أنا أحفظه كما قال، قال: إنك عليه لجريء فكيف قال؟ قلت: « فتنة الرجل في أهله وولده وجاره تكفّرهـا الصلاة والصدقة والمعروف ».

6 - عيادة حضور مجالس العلم والذكر والوعظ: فإنها مجالس مباركة تحفها الملائكة ، وما لأجوائها من صدى واضح على كل من تردد عليها ، وزاحم بالركب فيها ، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده " أخرجه مسلم.

نفعنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه .
سميح علوان الطويفح



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات