قلب نظام الحكم !!


بعد أن جرى تحويل الناشطين معين الحراسيس ومحمد الرعود إلى محكمة مدنية بادئ الأمر ، ، تقصّد المدعي العام ولأسباب سياسية معروفة أن يوجه اتهامه للناشطين بالتحريض على قلب نظام الحكم !! وهي تهمة سياسية جاهزة لكل ناشط يدافع عن وطنه ، ولا علاقة لها بسلوك المعتقلين ،فلا الناشطان يقودان تنظيما مسلحا وخلايا إرهابية تم الكشف عنها تعمل في الخفاء وتنفذ عمليات ضد الوطن والنظام ، ولا هما أصلا من عشاق امتلاك الأسلحة ، ولم يحرضا أو حتى يندفعا للعنف كما كانت الحكومات تخطط في كل مسيرة تنظم في البلاد ، بل كانا حريصين على تنظيم المسيرة وإتاحة المجال للمارة والسيارات بالعبور ، ولم يكونا يوما في صف الحاقدين والفاسدين والناهبين لخيرات الوطن و الذين لا يجروء احد أن يقترب منهم لدواع قوة نفوذهم ونفوذ من يحميهم ، وكل ما ارتكباه معين ومحمد من " جريمة " من وجهة نظر الأجهزة الأمنية ، أنهما يطالبان بالإصلاح حفاظا على الوطن والنظام ، وكذلك هي " جرائم " أبناء الوطن من المعتقلين من الطفيلة والكرك وغيرهم .
تفصيل التهم غالبا ما تتم وفقا لقلم الأمن ومزاجه ، ولا تحتاج أي جهد من قبل المدعي العام لدراسة المشكلة ومتابعتها والتدقيق في تفاصيل التهم المعدة سلفا كما يفترض أن تكون ، ولا تحتاج القصة لأكثر من جلسة واحده يتم فيها توجيه لائحة الاتهام دفعة واحده تبعا للمسودّة المعدة من قبل منفذي الاعتقال ، فغالبا ما يحتاج المدعي العام إلى أيام وأسابيع للتحقق من رواية الأمن والقرائن والأفعال وربطها بعضها ببعض قبل أن يصل لقناعة بثبوت التهمة أو ردها ، أما أن تجري كما هي الحالة في الأردن ، فتلك خطيئة وخلل ومصادرة لحق المدعي العام أولا في التقصي والتحقق من التهم الحاضرة مسبقا مع المدعى عليه وتوريطه بتعقيدات أمنية وسياسية ، ولا تمنحه الوقت الكافي لإصدار التهم ، وهي كذلك مصادرة لحق المدعى عليه الدفاع عن نفسه وإثبات بطلان التهم ، ويشكو البعض أحيانا من منع محامين حضور تلك الجلسة ، في صورة تخالف حقوق المواطن ومعايير المحاكمات العادلة ، وبتنا جميعا نعلم أن التهم التي ستوجه لأي ناشط يطالب بالإصلاح محصورة بتهم تقويض امن الدولة أو قلب نظام الحكم أو إطالة اللسان ، فهل يوجد غير تلك التهم ! واجزم القول أن غالبية المدعين العامين يصدرون تُهم لم يكونوا أبدا قانعين بها ، ولكن لا حول ولا قوة لهم ، يرفعون عن أنفسهم عبء القضية وترسل إلى المحكمة حتى يبرأ بنفسه عن ظلم الناس ويضعها على عاتق المحكمة التي غالبا ما تأخذ بنفس التهم وتصدر أحكامها تبعا لبيان المدعي العام .
من حقنا كمواطنين أن نفاخر بالقضاء الأردني ، ومن حقنا أن نطالب بان يكون الأفضل بين أكثر دول العالم عدالة ومساواة واحتراما لحقوق البشر في التعبير عن الرأي والتظاهر ، ولكن يبدو أن من ُيعد قانونا للجمّ الحريات الإعلامية ومنع التظاهر واعتقال الناس وإرهاب الأهالي ساعات المساء وكأنهم إرهابيين من تنظيم إرهابي، باتت مسألة غير مقبوله ، فلا الطريقة التي اعتقل بها نشطاء الطفيلة وحي الطفايلة والكرك مقبوله ، ولا التهم التي وجهت إليهم مقنعة ، فالتقت هنا أحزمة الأمن والقانون والتشريع والبرلمان لتتفق جميعا على انتهاج منهج التقييد وتكميم الأفواه ومنع الحريات ، في سابقة خطيرة تشير إلى رغبة البعض إبقاء الوطن في دوامة الأزمات ومنع الخروج منها تبعا لأجندة خاصة بهم ،فبات الأردن مع قلة من الدول في العالم تنحاز لقانون عرفي عفا عليه الزمن ، تمارس فيه الحلول الأمنية دون غيرها حال فشلها في إدارة أزمة ،فبتنا الدولة الوحيدة كما يبدو في العالم التي تُعد قوانين ملاحقة كل من يهاجم المفسد أو يطالب بمحاكمته صورة او صوتا او كتابة !!
إذا لا عجب أن يصدر المدعي العام قرار إحالة الناشطين إلى محكمة أمن الدولة ، ليس تبعا للشواهد والوقائع والقرائن والبراهين التي تثبت تلك التهم ، ولكن تبعا لمزاج حكومي عام يتعلق باستحضار بضعة أحكام وإجراءات عُرفية ، نشطت الحكومة الحالية القيام بها من خلال إعداد قانون مطبوعات"متخلف " لايناسب دولة تعتبر نفسها الأنموذج في مجال الحريات في المنطقة ،وفي ظل وجود مجلس نواب لم يعد يمثل إلا نفسه ، يستقبل برحابة صدر كل ما يمكن أن يشكل مانعا لحرية المواطن وتوجهاته بعد إعلان الناس رفضهم الاعتراف بشرعية مجلس جاء غالبيتهم بطريقة غير شرعية وغير مقبولة شوهت صورة بلادنا وتجربته الفتية ..
لن تطول أزمة البلاد ، ولن يفرح الفاسدون بإبقاء الوطن في دوامة صراع وأزمات ، ولن توقف تلك الإجراءات الناس من الخروج والمطالبة بالإصلاح ، فالتراجع يعني ترك أعمدة البيت مائلة كي ينهار ، وسنخرج من هذه الأزمة بحالة أفضل طالما توفرت الإرادة والنيّة ، ولكن ما قد يشكل صفحة سوداء أو يلطخ تاريخ الوطن وصورته في مجال الحريات والحقوق وتحقيق العدالة ،هو الاستمرار والتغوّل على القضاء وجره إلى مستنقع الأزمة كي يكون مساندا متورطا في أفعال وسلوكات غير قانونية ، ويكفينا خراب السلطات التشريعية والتنفيذية وما آل إليه حالها ، فدعو القضاء عادلا نزيها دون تدخل أو تغوّل أو توجيه ،وأطلقوا سراح النشطاء وتوقفوا عن إثارة الأزمات .



تعليقات القراء

السعود
لقد ابدعت في مقالك وكل ما قلته هو الحقيقه اشكرك والى الامام
13-09-2012 01:25 PM
يا علي الحراسيس
انت شو مطلعك بهالحراكات ؟؟؟ هل غيرتك على الوطن ؟؟؟ لا والله ... هل تريد اصلاحا حقيقيا ؟؟؟ لا والله واجزم بذلك انت وجميع الحراكات .. كلكم تريدون مصالحكم الشخصية ... ولا ابالغ اذا قلت لكن انكم مدفوعوا الاجر ... نعم انتم تخرجون بالمظاهرات مقابل المال .... لذلك استحوا على حالكم .. وخلي مصلحةالوطن هي العليا وتفوق كل المصالح الضيقة الرخيصة ..
13-09-2012 03:22 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات