أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية


يزداد الحديث والضغط الإعلامي في هذه الأيام حول أسلحة الدمار الشامل السورية، بسبب تردي الأوضاع الأمنية في سوريا، والانفلات الأمني، وازدياد حالات الانشقاق من المؤسسة العسكرية خاصة، والسياسية بشكل عام، مما جعل البعض يدعو لمناقشة مصير أسلحة الدمار الشامل السورية، سواء كانت الأسلحة الكيميائية أم البيولوجية كذلك.
ويغلف ذلك الخطاب الإعلامي والضغط السياسي بالخشية من وقوع تلك الأسلحة بأيدي مجموعات غير منضبطة أو غير مسيطر عليها من الثوار الخارجين على النظام السوري الحالي، أو خشية وقوعها في يد مجموعات إسلامية مسلحة سواء كانت سورية أم غيرها، أو أن تنقل تلك الأسلحة إلى حليف سوريا القريب حزب الله. أو أن يستخدم تلك الأسلحة بعض تيارات النظام عند انقطاع خطوط الاتصال بالقيادة العليا، وقبل المرحلة الأخيرة من انهيار النظام في حال حدوثه. أو أن يعمل النظام السوري على استخدام تلك الأسلحة في حال تأكده التام من الانهيار، وعندئذ قد يصل به الأمر للمثل السائر: عليّ وعلى أعدائي.
ولذا تأتي تلك الدعوات السياسية والإعلامية باستخدام كل أنواع الإقناع وأساليبه بضرورة معالجة تلك المسألة. وقد ظهرت أيضاً مطالب تدعو للتدخل العسكري المباشر لنزع تلك الأسلحة والسيطرة عليها. فقيل عن جاهزية قوات دولية وتواجدها في عدد من دول الأقليم، وجاهزيتها للتدخل والسيطرة على تلك الأسلحة. وقيل كذلك عن تدريب بعض قوات الدول المجاورة لسوريا على أساليب ووسائل السيطرة على أسلحة الدمار السورية. وذهبت _ما يسمى _ بإسرائيل لأبعد من ذلك بتوزيع الكمامات على اليهود في أرض فلسطين المحتلة ، وإجراء المناورات العسكرية والمدنية، وفحص إجراءات الدفاع المدني، لمواجهة إحتمالية استخدام تلك الأسلحة من أي جهة معادية لهم.
وإزاء ذلك أوضح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أنه لن يستخدم أي أسلحة دمار شامل في حال إندلاع مواجهة شاملة مع الصهاينة حتى ولو وجدت لديه، لأن ذلك محرم شرعاً من وجهة نظره، فلا يجوز قتل المسالمين من النساء والأطفال ورجال الدين ، وكذلك الرجال المدنيين، وهذا الكلام صحيح شرعاً؛ لنهي الإسلام عن قتل غير المحاربين، وتحريمه إحراق الأشجار وتدمير المزروعات أو هدم البيوت وتدمير المنشأت دون ضرورة ملحة. والسيد حسن نصرالله _ أمين عام حزب الله _ يحترمه أعداؤه قبل أصدقائه، ويصفونه بالصادق، والملتزم بقوله ووعده. ولذا فإن احتمال استخدام حزب الله لأسلحة الدمار في حال نقل بعضها إليه قد تكاد تكون معدومة، لأسباب سياسية وشرعية.
ومن المعلوم بالضرورة أن استخدام تلك الأسلحة الفتاكة من أي طرف في المنطقة لن يؤثر فقط على الطرف المعادي ، بل سيتعداه للطرف المستخدم أيضاً، ولأطراف أخرى كذلك. وعلة هذا الأمر أن المنطقة محدودة المساحة، ومتداخلة التضاريس الجغرافية، كما أن عوامل المناخ ومنها هبوب الرياح وتأثيرها على المنطقة جمعاء واضحة للعيان. وعلى فرض استخدام أسلحة كيميائية ضد اسرائيل مثلاً ، فلن يكون تأثيرها محصوراً بالصهاينة ، فسوف يمتد للعرب في اسرائيل أولاً وللضفة الغربية، وللدول المجاورة، كالأردن وسوريا ولبنان، ومصر ولشمال وغرب السعودية وغرب العراق. ولذا فمن المستبعد استخدام تلك الأسلحة من جهات مسؤولة وعاقلة تحت أي ظرف.
ولكن السؤال الجدير بالإجابة، لماذا دائماً التخوف من امتلاك العرب والمسلمين لأسلحة الدمار الشامل، سواء كانت نووية أم كيميائية أم بيولوجية؟
والإجابة على ذلك تنبع من نظرة الغرب للعرب أولاً، وللمسلمين بشكل عام . فالغرب ينظر للعرب على أنهم جهلة، وسفهاء، وحمقى، وأنهم رعاة الجمال والأغنام؛ تبعد الحضارة عنهم بعد الأرض عن السماء. ولذا فمن الجدير على من كانت تلك صفته أن يحجر عليه، وأن لا يُملك زمام أمره، وأن يقوم غيره العاقل بإدارة شؤونه. فإن منح مالاً فيجب أن يبقى بالحدود الدنيا، وأما الثروة المالية العربية الهائلة فيجب أن تبقى في بنوك الغرب، وأسهمه، أوأن تهدر في حروب داخلية، ومشاريع غير مجدية، وتنمية ونهضة زائفة.
وإن مُنح ذلك الأحمق تكنولوجيا فهي استهلاكية بالدرجة الأولى. وإن استورد السلاح فالواجب أن يكون محدود التأثير، ويراد به استعراض القوة الزائفة في المهرجانات ، أمام الشعوب المقهورة ، وللدفاع عن الحدود المصطنعة غربياً فيما بين العرب أنفسهم. وقد ظهرت الجيوش العربية أنها عاجزة أمام القوة الغربية الغاشمة منذ بداية القرن في ميسلون وفرض الانتداب وانتهاء بغزو العراق ، والضربات الجوية في ليبيا، حيث برز التفوق النوعي الغربي واضحاً للعيان، على الرغم من الميزانيات الضخمة جداً للجيوش العربية الجرارة.
والمبرر الأخر للغرب هو العداء المستحكم للإسلام كعقيدة والخوف من اتجاه تلك الدول المسلمة لمعادة الغرب مستقبلاً، حتى ولو كانت موالية لهم الآن كباكستان، والتي وقف الغرب وما يزال ضد امتلاكها للقدرات والأسلحة النووية، ونتذكر أيضاً موقف الغرب من تركيا عضو حلف الناتو والحليف للغرب من الانضمام للإتحاد الأوروبي، حيث ما زالت تركيا تمنع من الانضمام للاتحاد الأوروبي بينما دول حديثة الاستقلال من أوروبا الشرقية دخلت الاتحاد الأوروبي فوراً ودون أي معوق يذكر.
ولذا يعمل الغرب بكل قوته وجهده على منع العرب أو المسلمين من امتلاك أي نوع من أنواع أسلحة الدمار،لأنهم وباختصار غير مؤهلين عقلياً وسياسياً لامتلاك مثل تلك الأسلحة. والتي قد يستخدمونها مستقبلا، مما يؤدي لهلاك الملايين من البشر. ولذا يحاول الغرب أيضاً منع تلك التقنية عن العرب والمسلمين، حتى وإن كانت لأغراض سلمية، خوفاً من إمكانية استخدامها مستقبلا لأغراض عسكرية.
وللعلم فقط فإن الغرب هم الذين أشعلوا الحروب العالمية الكبرى، وهم الذين استخدموا أسلحة الدمار الشامل، وهم الذين استخدموا كل أشكال الأسلحة المحرمة دولياً. أما العرب والمسلمون فقد كانوا حقل تجارب لأسلحة الغرب ومخططاته .فالحرب العالمية الثانية مثلاً والتي فاق عدد قتلاها على 30 مليون لم يشعلها العرب ولا المسلمين. والعرب منذ مئات السنين لم يحاولوا احتلال أي دولة غربية. أما هم فما زالت جيوشهم وقواعدهم وبوارجهم في كل مناحي ديار العرب والمسلمين ، وتحيط بها إحاطة السوار للمعصم، بل إن بوارجهم تكاد لا تبعد عن مكة والمدينة 70كم.
أما اسرائيل والتي لديها ما يزيد عن مائتين رأس نووي، وهي أول دولة في الشرق الأوسط تدخل التسلح النووي للمنطقة، وتبني المفاعل النووي ولأغراض عسكرية، وهي غير منضوية في المنظمات الدولية أو الاتفاقات الدولية حول أسلحة الدمار الشامل. فهذه لا تثريب عليها، ولا خطر منها في نظر الغرب، ولا تتأتى لهم فكرة أن إسرائيل في وقت ما قد تخرج عن طاعة الغرب، إذا تضاربت المصالح وتباعدت، ومن الممكن أن تصبح تلك الأسلحة خطراً على الغرب قبل غيرهم.
إن الخطر الحقيقي يكمن الآن في أسلحة الدمار الشاملة الإسرائيلية، فعلى فرض أن الآخرين سيهاجمون اسرائيل بإسلحة غير تقليدية، مما قد ينتج عن ذلك الهجوم المفترض تدمير بعض أسلحة اسرائيل الشاملة، كما وإن مفاعلها سوف يصيبه الضرر الجزئي أوالكلي ، ولنا أن نتصور حجم وأثر تلك المخاطر ليس على إسرائيل فقط بل وعلى المنطقة جميعاً حينئذ.
ثم هنالك فرضية أخرى تقول: بأن إسرائيل سوف ترد بأسلحة دمار شاملة على أي هجوم تستخدم فيه أسلحة دمار شامل ، ومن المؤكد لدى العالم أن إسرائيل تمتلك تلك الأسلحة، وهي أكفأ من غيرها وأدق، والغرب يعلم ذلك قبل غيره، لأنه المزود لتلك الأسلحة ، بينما غيرها مشكوك في تملكه لها أصلاً، أوأنه سوف يملكها فيما بعد، بالإضافة إلى الشك في قوة ودقة وقوة تلك الأسلحة ومدى فاعليتها.
ومن المعلوم أن الترسانة العسكرية الإسرائيلية الكبيرة والضخمة من مختلف أنواع الأسلحة ،ومن مصادر عدة، بالإضافة للصناعات الإسرائيلة العالية الجودة والتقنية. ولا ننسى وجود مستودعات ضخمة للأسلحة الأمريكية والغربية في إسرائيل، وأنها قد تحتوي على أسلحة دمار شامل كذلك.
وإزاء كل ذلك تلوح في الأفق مؤشرات عدة تؤكد على أن إسرائيل تخطط لعمل عسكري ضخم وكبير، وقد يكون على عدة جبهات، وباستخدام كل أنواع الأسلحة، فمن المناورات الشاملة، والتدريب على الحرب عسكرياً ومدنياً، وطلب المزيد من الأسلحة الفتاكة، ونصب الصوارخ المضادة للصواريخ، وتدمير حقول الألغام؛ والتي قد تدل على ترك حرية أكبر لسلاح المدرعات في استخدام الأرض ليس للدفاع بل للهجوم والانتقال لمناطق المعارك، وتجهيز الملاجئ وتوزيع الكمامات ...الخ. كما ويدرك الغرب أن لإسرائيل تفوقاً عالياً في الجاهزية العسكرية العالية، وهو مما يشهد له عالمياً. كل تلك الإشارات وغيرها تنبئ بأن اسرائيل قد حددت ساعة الصفر. وقد لا تتجاوز نهاية شهر تشرين/ اكتوبر القادم.
ولهذا أرسلت الولات المتحدة رسالة لإيران ، تطلب فيها عدم قصف قواعدها العسكرية، أو ضرب منشأتها في الخليج وغيره، وذلك في حالة إقدام إسرائيل على توجيه ضربة عسكرية للمنشأت النووية الإيرانية، وأن تلك الضربة لن تكون بتنسيق معها ، لا بل هي تعارضها. كما ويعتزم عدد من وزراء خارجية الدول الأوروبية زيارة إسرائيل لثنيها عما هي عازمة عليه.
إن الخطر الأعظم سيكون بالدرجة الأولى من أسلحة الدمار الإسرائيلية الشاملة وفي الأحوال، سواء كانت إسرائيل هي من يبدأ بالهجوم، أو أن غيرها سيطلق النار على مواقع سلاح إسرائيل للدمار الشامل ومراكزها النووية، مما يجعل من الناس في المنطقة في مرمى أسلحة الدمار الإسرائيلية وغيرها.
إن على الغرب وفي هذه المرحلة أن يفكر ملياً في عواقب إمتلاك إسرائيل لأسلحة دمار شاملة، وعليه كذلك إدراك حجم المأساة الحقيقة في حالة إندلاع حرب شاملة تستخدم فيها أي دولة لأسلحة الدمار الشاملة.
للمراسلة : sulaiman59@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات