إدمان من نوع آخر


في القديم كان التواصل بين أفراد المجتمع عن طريق الرسائل الورقية التي كان العشاق يتبادلونها بينهم إما بتركها خلف الأبواب أو عن طريق الأطفال الصغار وأولاد الجيران وكانت للرسائل في ذالك الزمان وسيلة للتواصل بين أفراد المجتمع الداخلي والخارجي وبعدها أتى الهاتف السلكي الثابت والذي كان سببا رئيسيا في نسيان صديقنا البريد وكان البريد ورقة شجرة سقطت من رياح التطور والتغيير فكان للهاتف السلكي أثر كبير في التواصل بين الأشخاص ومع التطورات في ذالك الوقت أتى الهاتف الجوال الكبير في الحجم والثقيل في الوزن الباهظ بالثمن البسيط في التطبيقات فكان وسيلة التواصل الأسرع في ذاك الزمان ولكن عند فئة معينة للناس لإرتفاع الثمن وتكلفة المكالمات وكان أشبه بالحذاء بسبب حجمه الكبير وإن أرادا شخص إدخاله في جيبه كان عليه ربط البنطال بشكل جيد جداً لعدم سقوط البنطال بسبب وزن الهاتف الثقيل .
وكان الهاتف أو البريد المتحرك الجرعة الأولى من الإدمان الذي زاد الطلب عليه بشكل سريع والمطالبة بجرعات جديدة ومتنوع فإزدادت شركات التوزيع الإدماني لتنتج أحدث وأطور الاجهزة الخلوية التي تملك كافة المميزات التي كانت في الخيال بالسابق فبدأ المجتمع بتناول تلك الجرعات والإدمان عليها لتصبح شيء أساسي في الحياة اليومية وطلب المزيد منها بالذات بعد زواج زعيما الموزعين اللذان نالا حصة الأسد من المدمنين وهما الزوجان الحاسوب والإنترنت والذي تجاوز عدد أعضاء منظمتهما مئات الملايين بل آلف الملايين من العالم فأطلقا الجرعة الاولى لهما من زواجهما وهو الإبن الأكبر لهما الذي لقبوه بالياهو وسرعان ما أحببنا طفلهما وتناولنا جرعته الجميلة الفريدة من نوعها وأدمنا عليها فأصبحت جزء من حياتنا اليومية لانقدر على مفارقتها ليوم واحد وأنا أحد المدمنين في ذاك الوقت فبدأ الزعيمان يخططان لإنجاب طفلا آخر لتوسعة العائلة وليكون جرعا أقوى من العيار الثقيلة فأتى لنا الإبن المدلل وهوا الفيس بوك قنبلة الإدمان في هذا الزمان الذي عشقه الكبير قبل الصغير والفتاة قبل الشاب ليأخذ النصيب الأكبر في حياتنا اليومية فأصبحنا مدمنون الفيس نأخذ جرعاته في الصباح والمساء وقبل الطعام وبعده وقبل النوم وبعده وعند شروق الشمس وغروبها ياله من إدمان إين أنتي يا مكافحة .
فأصبح الفيس المدلل صديقنا الأول الذي يرافقنا أينما ذهبنا وهوا صاحب اكبر علاقات كبيرة يعرفه كل الأشخاص ومحبوب للجميع أينما ذهب , والفيس بوك بالنسبه لنا كالطفل الصغير يجب علينا تفقده في كل الأوقات وقبل النوم وبعد النوم , فأتفاجئ عندما أرى أشخاص كبار في السن يتجاوز أعمارهم العقد الخامس انهم من المدمنون اليوميين ويستخدموه كما يستخدمه المراهقيين وأيضا أقع في حيرا شديدة عندما ارى صغار السن الذين لم يتجاوزو سن الرشد قد أدمنو أيضا وهذا أمر مخيف وخطير جداً نحن نريد التطور والتواصل بيننا ولكن ليس بهذا القدر من الإدمان وبالذات عند الاطفال الصغار فنحن فوق موج نهر يسير بنا دون أن نشعر إلى هاوية الشلال فهل سيكون جيل الفيس وهم الأطفال الصغار حاليا قادر على تحمل المسؤولية في الكبر وأقصد هنا بالمسؤولية هموم الناس وقيادة الوطن والدفاع عنه كما فعل اجدادنا في القدم وإكمال ما بدأوا به لأجل الوطن والراية العربية , نحن الآن في حرب أشد من الحروب العالمية المسيلة للدماء والأرواح يقودها الغرب لتفكيك الامة العربية فكريا لإخراج جيل فاقد للقيادة باحث عن العلاقات والصداقات وهذا هوا الغزو الفكري ولو تأملنا دقيقة وسألنا أنفسنى من هوا موزع الإدمان لنا من هوا المصدر الأول لأدركنا أنهم الغرب وكيف نثق بمن قاتلو العرب وما زالوا .
انا لا أنكر أن له فوائد عدة إن أحسن إستعماله بأن لانعطيه كامل وقتنا وشباب هذا اليوم لاخوف عليهم كثيرا لأنهم واكبو الماضي والحاضر أما اطفالنا الصغار الجيل القادم هم من أخاف عليهم بشكل كبير جداً خاصة إن أتى مولود جديد للزوجان وسيكون أقوى مفعوله من الاخوان السابقين فعلينا ان لا نجعلهم كورقة شجرة تسقط فوق نهر فسارت بها رياح الإدمان إلى محيط عميق ولا رجوع منه علينا توعية هذا الجيل من الآن لما يحدث لنا من اطماع الغرب ببلادنا وثرواتنا لنجعلهم سيفا للدفاع عن الوطن لا لقتله .



تعليقات القراء

محب لك
أحسنت الطرح
مقال رائع ومعبر وجميل
وهو يمس الواقع الذي نعيش
وتراكيب لغوية وجمل تعبيرية بلاغية قمة في الروعة والإبداع
لا فض فوك أخي راكان
02-09-2012 01:40 PM
راكان
أشكرك اخي على هذا التعليق الجميل اتشرف بك صديق اتمنى ان تعمل لي اضافه على حسابي بالفيس بوك الإسم راكان المجالي-الكاتب المشاغب تحياتي لك صديقي ولقراء العزيزه جراسيا
02-09-2012 04:49 PM
مقال روعه
بجد مقال رائع من كاتب شاب ورائع وإسلوب ولا أروع بتوصيل الفكره بطريقة مشوقة ابدعت أخي
02-09-2012 07:20 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات