لماذا تضع الحكومة نفسها في دائرة الشبهة ؟


إن وصول الحكومة إلى هذه المرحلة وتضع نفسها في دائرة الشبهة وخصوصا من قضايا تمس الصالح العام بجوانبه السياسية والإجتماعية والاقتصادية هذا الوصول لايأتي من فراغ أو وليد ليلة وضحاها ، بل هو نتيجة لتراكمات زمنية طويلة ومتعاقبة من حيث الحكومات وأصحاب القرار سواء السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي ويأتيك أحد المسؤولين ويقدم إستغرابه من فقدان المصداقية لكل ما يصدر عن الحكومة بجوانب علاقتها المختلفة مع المواطن الذي هو يمثل الشعب .
وتكون نتيجة هذه الحالة بروز الكثير من التحليلات والتقارير التي تحاول أن تبحث عن أسباب هذه الحالة من الشبهة في تصرف هذه الحكومة أو تلك ، والسبب الرئيسي لذلك هو عدم تحقق مبدأ الشفافية في العلاقة ما بين طرفي مكونات الدولة الحكومة والشعب ، وقد يأتي أحدهم ويقول أن الشفافية سلعة من الصعب شرائها أو إعادة تجميعها لأنها تأتي في الأصل من خلال اللبنة الأولى في بناء ما يسمى الدولة وإذا لم تتوفر في تلك المرحلة من البناء فأن جميع الجهود المبذولة لإيجادها ستذهب أدراج الرياح وتمثل حالة من إستهلاك زمن الوطن والمواطن .
ويمثل إتخاذ الموقف الدفاعي من قبل الحكومة أمام الشعب نتاج هذه الحالة من فقدان الشفافية ، ويؤدي ذلك إلى إستخدام كل الطاقات الممكنة من قبل الحكومة كي تحصن دفاعاتها كي تستمر في البقاء وإن كان فقط في هامش بسيط من حياة المواطن اليومية ، وللخروج من هذا المأزق التاريخي في الحياة السياسية الأردنية علينا أن نبتعد عن أن العطار لايصلح ما أفسده الدهر لأننا نتعامل مع مؤثرات وعوامل ليست طبيعية تكون هي المؤثر الرئيسي في فساد هذه العلاقة بل نتحدث عن قوانين ونظم وتشريعات يتم وضعها بناء على الحاجة البشرية وليس حاجة هذه النظم نفسها ، و يفترض أن وجود مثل هذه النظم والتشريعات يحقق للبشر حاجاتهم ويكون الحصول عليها سهلا وقائم على مبادىء كالعدل والمساواة .
وفي الأردن إعتدنا على عكس هذه المعادلة البشرية من التفكير في علاقتنا مع النظم والتشريعات وتم وضعها في قوائم المقدس لدينا والمحرم كسره وحرصنا على وضعه داخل صناديق متينة تمثل عقولنا ، وكانت النتيجة دائما أن الحكومة وما يصدر عنها هو في دائرة الشبهة ولايملك أية مصداقية بالنسبة للمواطن .
والأدلة على ذلك كثيرة ومتنوعة وتبدء من رفض العقل المواطني في الأردن لأي تصريح حكومي وأن كان يحمل في طياته صدقا واضحا ونقوم بإحاطته بشهبات سوء النية ، ويتعبه بالتالي البحث عن تداعيات هذا التصريح في سلوكيات واداء الحكومة وأعضائها كمن يصيد في الماء العكر بغية تحقيق ما يرغب وليس ما ترغب به الحقيقة .
والان وفي الوقت الحاضر يمر الاردن من خلال ممران ضيقان أحدهما داخلي يتمثل في الانتخابات والثاني داخلي كذلك ولكنه يلبس عبائة الخارجي ويتمثل في الاجئين السوريين ، وهما ممران لابد من عبورهما بأمان وهذا الأمان لايمكن تحقيقه دون البدء بمصداقية واضحة لطبيعة الخطاب الرسمي عما يدور في كواليسهما والابتعاد عن تجيير المسببات لأمور خارجه عن إرادتها كحكومة .
ولنكن صريحين في توضيح حجم الكارثة المقبلة سواء بملف الانتخابات أو الملف السوري ، وهناك حكمة بدويىة قديمة تقول أن تكون مانع للكسر خير من أن تجبره بعد أن يكسر .. وهذه هي المشيخة الحقيقة إذا رغبت الحكومة أن تصبح شيخا لمضارب الشعب الأردني ؟



تعليقات القراء

حسام البطيخي
رائع جدآ أستاذ احمد
31-08-2012 02:58 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات