من يوميات عقله (نعمة الامن والامان )


بعيداً عن روتين المقال العادي أحببت أن أتجه للكتابه بطريقة مختلفه ، وستكون كتاباتي على شكل يوميات من دفتر شخص اسمه عقله ، وأود أن انبه بأن عقله أسم تعبيري فلا دخل لمن اسمه الحقيقي عقله بما سأكتب .
عقله ليس سياسياً متمرساً ، ولا هو قائداً فذا ، ولم يتقلب في المناصب على مدى ثلاثين عاماً ، من مدير الى سفير الى وزير الى رئيس ، ولا هو حزبي يحمل افكاره على مدى نصف قرن من الزمن لم يستطع ان ينفذها أو يبثها لأنه حورب في فكره وماله وفي عمله وعائلته ، ولا هو صحفي أو مذيع ردح ومسح وصفق وهلل حتى أصبح ينطق بهوى السلطة والدوله ، ولا هو تاجر أجاد الغش والاحتكار وجرده الطمع من ضميره ، فجاء بقمامة الدنيا الينا ، فأكلناها ونحن لا نعلم ، ولا هو شيخ عشيره نصب نفسه على الناس عنوة وراح ينهل من خيرات وأعطيات السلطة على حساب الناس .
عقله مواطن بسيط ، وبالتأكيد ستكون يومياته بسيطه ، لا تدخل فيها حسابات الارقام والارصده ، ولا حجم الصفقات والاتفاقيات ، ولا إغراء المناصب والمكاسب ، يومياته ستكون من يوميات الحياة التي ومن رحم المعاناة التي يعيشها ، بالتأكيد يومياته لاتخلو من الآه ... ولا تخلو من الالم ولكن فيها أيضا بعض الكرامه ، وسيكون حديثنا في اولى اليوميات بعنوان

الامن والامان

خرج عقله يمشي في مناكب الارض كما كان يمشي كل يوم ، ليأكل من رزقه ، لا يسعى الا الى تحصيل ما قرره الله له من رزق ، فلا المناصب ولا الصفقات لها مكان في قاموسه ، كان دوما يعشق الارض يحرثها ويبذرها ويأكل مما تطرحه له ، ربما لم يستطع عقله ــ ولظروف الحياه أن يكمل تعليمه ــ ، ولكنه في نفس الوقت قد يكون ، أكثر ثقافة وعلماً ممن يحملون شهادات عليا ، فما يقرأ على الورق ليس بالضرورة أن يخرج الى ميدان التطبيق لأسباب كثيره لا مجال لذكرها هنا .
مر عقله من أمام منزل صديق له كان رفيقه في الحارة وفي الحقل وفي المضافة وفي السوق ، عاشوا معا قصصا كثيرة مليئة بالاثارة والدهشة ، والخوف أحياناً ، فأحب أن يعرج عليه ليسأل عنه ، طرق عقلة الباب ، ففتح له صاحبه وأدخله للداخل في دعوة على كاسة أو كباية من الشاي على رأي عقله ، ودار بينهما حديث طويل استعادوا فيه ذكريات الماضي البعيد وراحوا يقارنوا حياتهم الماضيه بما هو قائم الان ، وسولافه تجر سولافه كما يقول الناس وصل بهم الحديث عن الوضع الحالي في الدول العربيه المحيطه بنا ومدى تأثيرها على وضعنا هنا ، وطال الحديث الى أن تنهد صاحب عقله تنهيدة طويله وقال لعقله : بكفينا نعمة الامن والامان .
صمت عقله برهة ونظر في وجه صاحبه وكأنه لم تعجبه عبارة الامن والامان ودار بينهما حوار:

عقله : أي أمن وأمان يا صاحبي اللي احنا فيه وهينا بنعيش حالة من الحيرة والفوضى أحياناً .

صاحبه : الامن والامان ، بكفي انك تمشي في الشارع بدون مايتعرض لك حد ا أو إنه يجرك شرطي بالشارع أو أنك تتعرض لأي اعتداء .

عقله: وفي دوله بالعالم فيها شرطي بجر الناس بالشارع بدون ذنب او مخالفه ؟
صاحبه : ياأخي والله وضعنا كثير ممتاز وفي أمن .

عقله : طيب خلينا ، شو أخبار العنزه الشاميه اللي كانت عندك ، خابرها بتحلب كويس .

صاحبه : ما دريت ، والله العنزه انسرقت قبل اسبوع .

عقله : طيب كيف

صاحبه : ربطتها باب الدار ورحت اجيب شوال التبن ، اطلعت ما لقيتها ، ودور ، دور ، ولا هون حدا .

عقله : الله يعوض عليك .

صاحبه : والله والبقره تبعت جارنا ابو يوسف ، انحلت من الخشه وهو نايم معها ورابط الرسن بأيده ، دخلوا عليه وحلوها واختفوا.

عقله : بعوضكوا الله ، شو اخبار اولادك، ان شاء الله بخير .

صاحبه : والله الاولاد بخير ، بس محمود بالمستشفى .

عقله : خير

صاحبه : والله وهو قاعد بدكانته أجوه اثنين أخذوا شوية غراض وما دفعوا حقهن وتهاوش معهم وضربوه .

عقله : واشتكيتوا عليهم

صاحبه : قدمنا شكوى بالمخفر ، وبعدها ، وهظكموا دايرين بالقريه وما حدا سائلهم .

عقله : بعين الله وشو في اخبار

صاحبه : ابو صالح قرابتنا ، بتعرفه

عقله :ماله

صاحبه : راح ع الزيتونات تبعاته اللي بالجزو الغربي لقاهن مقطعات

عقله : ول ، ول ،ول ، كلهن

صاحبه : آه والله 180 زيتونه

عقله : طيب مين قطعهن

صاحبه : مش مبين ، بس بقولو انه واحد من ولاد ابو سويلم ، قال ابن صالح لاد عليه لده مش معجبيته.

عقله : وشو صار

صاحبه : ولا إشي أجت الشرطه والبحث الجنائي ، وعند عمك طحنا

عقله : له له له ، هاي خربانه ، وأنا ما بدري يا زلمه

صاحبه: آه والله يا خوي وكل يوم مشكله وكل يوم شغله وصارلنا فتره حايسين .

نظر عقله الى صاحبه نظرة عميقه وسأله : ما زلت مؤمنا بفزاعة الامن والامان ، ثم ودعه وخرج ، طبعا عقله كان يعلم بكل هذه الاحداث لانه ابن المنطقه لكنه أراد أن يوصل رسالته الى صاحبه وهو يعي في قرارة نفسه أن الامن والامان لا بد أن يكون اجتماعيا وأخلاقيا واقتصاديا بعيدا عن حسابات الضرب والجر في الشارع من قبل الشرطه ، الامن والامان ان يأكل المواطن غذاءاً صالحا للآستهلاك البشري ، الامن والامان أن تتوفر مياه الشرب للمواطن بأستمرار بعيداً عن حسابات الحصص والدور ، الامن والامان أن يكفي راتب الموظف الى ما بعد العشرين من الشهر وليس الى اليوم الخامس منه ، الامن والامان أن تجد العدالة بين الناس في كل مناحي الحياه ، ترى هل وجد صاحبنا الامن والامان في هذا حتى يقول : بكفينا نعمة الامن والامان .



تعليقات القراء

ابو ميرا
اشكر الكاتب لطرح الموضوع بطريقه يفهمها المفكر والكاتب والطبيب والساءق والمزارع والمراسل نعم نعمه الامن والامان مش جر شخص فى وسط الشارع هى اكثر من هذا كما تحدثت فى قصتك شكرا لك خالد العلاونه انا سرق بيتى وشعرت كم هناك امن
30-08-2012 05:48 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات