عجبا ممن ينكرون الحقائق الواضحة و عجبا ممن يتباكون على القضية الفلسطينية و عجبا ممن يزعمون العروبة و القومية و أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة…عجبا من عرب لا يملكون من أنفسهم الا تلك الخطب الفارغة الممجوجة و تلك الاحاديث الصحفية البالية بل عجبا ممن لم يعد لهم من العروبة و الشهامة العربية الا تلك الشهادات التى تأتى من الادارة الامريكية و غرف الاستخبارات الاسرائيلية.

يزعمون تقديم ” معونات” و هبات للسلطة الفلسطينية فعن أية ” سلطة” ” يتحدثون ؟ سلطة فاسدة حد النخاع تدعمـــــها السعودية عـــن سابق اصرار و ترصد لانها تخدم المصالح الامريكية الصهيونية و لانها لا تلوى الذراع الخليجية التى تطالب دوما بمزيد التنازلات حتى لم يبق من القضية الا أسمها أما بقية العناوين التى قام عليها مؤتمر القمة العربى بالخرطوم فقد ذهبت الى مقبرة التاريخ بفعل فاعل هو هذا المحور العميل الذى يسمى محور الاعتدال العربى و الذى سقط منه أخيرا ضلع بفعل الثورة المصرية التى خلعت هذا الضرس المسوس الذى كان “رأس الحربة” الصهيونى فى المنطقة.

يزعمون خبثا و نفاقا أنهم دعاة وحدة صف عربى و حوار حضارات و حوار بين الاديان و حوار بين المذاهب و الطوائف فى حين أن واقعهم يغرد خارج السرب و بلا هوادة هم يخونون العهد و يذرفون دموع التماسيح على أطفال غزة والعراق و لبنان و أقاصى دول آسيا حتى جفت عيون خبثهــــم و صار البعض منهم يبحث عن ماء من آبار الخيانة التى ردموها بخروجهم الماكر عن كل أدبيات السياسة العربية و عن كل الثوابت و عن كل المواثيق العربية التى جاء بها “ميثاق” جامعة عربية مخطوفة.

يزعمون أن إيران هى العدو و أنها سبب كل القلاقل و الحروب و الهزائم العربية المتلاحقة و هذا الطوفان من صفقات الاسلحة التى يعرفون أنها لا تغنى و لا تسمن من جوع عندما ترعد السماء الايرانية…يزعمون أن إيران هى سبب هروب نومهم و أرقهم المتواصل لانها تدخــــــــل العالم النووى و النادى النووى من أوسع أبوابه فى حين أنهم يعرفون أنهم الاولى بهذا الانجاز و الاولى بأن يكونوا السباقين اليه لحماية الاسلام و المسلمين من دولة باغية عنصرية حاقدة مستعمرة متلهفة على الموارد النفطية و الخيرات العربية و الارض العربية…

يقولون أن إيران تصدر ثورتها و تصدر فكرها ” الشيعى” اليهم فأين ذهبت مناهج تعليمهم و أين ذهبت ثقافتهم و أين ذهبت طبقتهم المثقفة التى لا نراها الا عند تقديم واجبات الانحناء الاعلامى و الفكرى لملك صنعوا منه آلاها اليه ينحنون و عنه لا يزيغون…. تصدر اليهم “أفكارها” فلماذا لم يصدروا اليها أفكارهم بالمقابل أم هم قاصرون عن الرد حتى “بالكلام”…كيف لدولة عربية تزعم قيادة العالم العربى و هو فى الحقيقة غنى عنها و عن قيادتها و عن فكرها و توجهاتها قلت تزعم قيادة العرب و هى خائفة من “مد” شيعى جعلته منه تسونامى فكرى و فزاعة لا ينام الخليج و يستيقظ الا عليها…ألهذا الحد لا تملك سعودية الاسلام سلاحا لمجابهة فكر بفكر و ثقافة بثقافة و جدال بجدال و حجة بحجة و هى منبع الشريعة و الفقه الاسلامى…ألهذا الحد تخاف السعودية من المد الشيعى حتى تنغلق على نفسها و تبنى الستائر الاسمنتية لكى لا يتسرب الاشعاع الايرانى اليها.

اذا كانت السعودية لا تملك رد ” العدوان” الخارجى عليها بالسلاح كما فى الحالة العراقية سنة 1990 و لا تملك استرجاع جزرها المحتلة اسرائيليا و لا تملك “مقاومة” ما تزعمه من تمدد شيعى و اذا كانت قطر هذه النقطة فى خريطة الخليج قد أصبحت ترنو الى قيادة ” الزعامة” الخليجية فكيف يتحدث البعض عن السعودية بألف و لام التعريف و الحال أنها أصبحت مجرد كائن ماض مندثر و غابر فى تاريخ المنطقة.

يتحدث بعض اعلام سعودية ال سعود عن سماحة السيد حسن نصر الله بكثير من الحقد و التهور الجدلى و ينتهون دائما الى نقطة الصفر التى بدؤوا منها و هى أن هذا الرجل لا يمثل الا نفسه فى أقصى الحالات و هو سبب كل مشاكل الكون ما حصل منها و ما سيحصل بعد سنوات..أن هذا الرجل قد خسر حروبه و هو مجرد دون كيشوت فى قصة سرفانتس الشهيرة…

لان موشى ديان يعرف العرب كما يعرف طاقية عينه اليسرى التى فقدها فى حروبه الاستعمارية فلم يكن يعبث عندما قال أن العرب لا يقرؤون…نعم السعودية لا تقرأ و إن قرأت لا تفهم و إن فهمت لا تحلل و الا ما ضيرها أن تقرأ تقرير فينوغراد الذى تحدث عن هزيمة عسكرية غير مسبوقة بأتم معنى الكلمة للجيش الاسرائيلى الذى زعمت أنه لا يقهر و بان بالكاشف أن دويلته أوهن من بيت العنكبوت …أليس العدو اعرف منها بما حصل هل كان نصرا لحرب الوعد الصادق أم هزيمة تقر عين السنيورة و الحريرى و وليد جنبلاط و سمير جعجع.

طيب اذا كان سماحته مجرد دون كيشوت فلماذا تتحرك الالة الاعلامية الصهيونية صباح مساء لتشويهه و لهذا الفرز الطائفى الذى نراه فى لبنان و هذا الفزع المذهبى الذى تتصاعد نيرانه الملتهبة فى طرابلس و فى كامل الشمال اللبنانى…لماذ تحمق سعودية آل سعود عليه و هو لا يمثل شيئا لها و مجرد دون كيشوت يتسائل متسائلون ..

أن يغيضهم كما البعض فى الغرب و فى تركيا و فى مجلس اسطنبول أن يبقى الرجل على العهد مع النظام السورى و مع ما يمثله النظام السورة من أدبيات ثابتة و مستقرة منذ عشرات السنين فهذا ” منطقى” الى حد ما لانهم لا يعرفون معنى الوفاء و كان ديدنهم دائما التقلب على كل الجنبات حسبما يتطلبه الظرف و الاملاءات الامريكية الصهيونية…أن يجد عقلهم الخيانى عقلا وفيا فهذا ما يزعجهم و يجعلهم هيستيريون بهذا الشكل المبالغ فيه.

أن يقدم السيد للمقاومة السنية الحمساوية الدعم تحت كل عناوينه فهنا تقوم الدنيا و لا تقعد لا لانهم يريدون تقديم الدعم حصريا للمقاومة فى غزة بعد أن توقف شريانها فى الجانب الفتحاوى فهذا ليس مربط الفرس بل لان هذا سيعرى كذبهم المفضوح لان أشد ما ينقمهم أن يقدم “شيعى” دعما ” لسنى”.

نعم هم يكرهون سيد المقاومة ليس لانه شيعى فهذا وجه إاخر من الحقيقة و لكن لانه شيعى يقدم دعما لقضية ” سنية” بالاساس أرادها العرب الخونة أن تكون كذلك حتى يمكنهم وضعها فى الثلاجة و فى آخر الاهتمامات و فى الاركان الخلفية عند مقابلتهم لزعيمهم العم سام…يكرهون سماحته لانه يعطى بدون مقابل و يتألم لانه لا يعطى أكثر بسبب الحدود العربية المغلقة المراقبة …لانه يتكلم بلغة الواثق الشريف المقاوم فى حين يعلمــــــون سرهم و نجواهم…يعلمون خيانتهم و سقوطهم الاخلاقى فى قضية نبيلة يساندها الاحرار فى العالم باعوها فى لحظات سكر واضح .

معكم أن الجمهورية الاسلامية الايرانية تساند سماحة سيد المقاومة و معكم أنهم ينكرون عليه هذا التماهى مع ايران و لكن ألم يسأل سماحته العرب ماذا قدموا للمقاومة فى غزة و لماذا هكذا حالها و لماذا يسارعون الى نهش العراق و سوريا و مصر و اليمن و تونس و لا يسارعون على الاقل بنفس الدرجة فى القضية الام و القضية التاريخ و القضية الامانة…..ماذا منعهم من تسليح المقاومة أم أن تسليح الارهابيين فى سوريا هو فخر كبير و واجب و فرض عين فى حين أن تسليح المقاومة الفلسطينية لاسترجاع الارض المغتصبة و مكان الاسراء و المعراج هو إرهاب و عصيان و خروج عن الحاكم الاسرائيلى….لماذا لا يجيبون و يقنعون ؟

إذا كان فيهم من يعتقد أن تلك الاموال التى تذهب الى جيوب بارونات فتح و أندية القمار هى كل ما يجب من دعم فانهم واهمون لانهم يعرفون تماما أن المقاومة لا تنتفع بهذا الدعم و أن ما يقبض هو من “يقبض” على المقاومة و يعتبرها عبثية و لا طائل من وراءها…

أن تقدم نفسك قربانا للمقاومة فى لبنان فهذا لوحده كاف و لا يستطيعه أنصاف الرجال و أن تفكر دائما فى جهوزية قتالية ضد عدو ماكر متحفز ناقم مقهور غاضب فهذا يحتاج منك أن تكون من كوكب إخر و تملك عقلا ليس ككل العقول و على كل حال ليس كعقول أصحاب” العقال”…أن تنام دائمــا و أبدا و تستيقظ على هموم المقاومة و ما تتطلبه المقاومة ليس كمن ينام و يستيقظ على وقع ما قامه بالامس و ما سيقوم به اليوم و الغد من خيانة و غدر و سقوط أخلاقى…هنا الفارق و الفرق…هنا العقل و “العقال”…هنا الفرق بين صاحب المشروع و من “يخدم” مشروعا…

فى كل الاحوال هذا سنى آخر يضاف الى رصيد المقاومة العربية الشريفة…هذا سنى آخر يعرف أن الرصاص الامريكى أو الاسرائيلى ليس ذكيا لدرجة التفريق بين السنى و الشيعى و لذلك فهو ينطق بلغة سنية يظنها البعض للاسف شيعية أو يريدونها كذلك حتى يصبون الزيت دائما على النيران الملتهبة التى يزيدها اعلام العار غربة و اشتعالا.

سماحتك نتشرف بأنك سنى أكثر منا و بأنك مقاوم اكثر منا و ندين اليك بكل لحظات رجولة و شهامة عشناها فى تموز 2006…رأينا الوعد الصادق و رأينا السفينة الاسرائيلية المغرورة تغرق فى البحر …دمعت عينانا خجلا من عروبة سنية ما زالت تعيش عهد اللات و العزى…ما زالت تعيش الاصنام و الكهنوت…

إليك سمير القنطار كل اعتذرات عن ألم تسبب فيه بعض السفهاء التونسيون… اليك سمير القنطار اعتذارا لان الشرفاء لا يستحقون الا الاعتذار.

اليك مروان البرغوثى بطاقة معايدة ليست ككل البطاقات لان الثوار لا يعرفون الاعياد…إليك تونس تهفو أن تراك محررا بفضل رجال عاهدوا الـــله و ما خلفوا يقودهم خادم أمين أسمه حسن نصر الله.

كاتب تونسي - عن بانوراما الشرق الاوسط