من إنشق عن الآخر .. ؟ بقلم م. عبدالرحمن "محمدوليد" بدران


المكان العاصمة السورية دمشق، الزمان يوم 27-03-1976م، إجتماع عاصف يجمع بين طرفين غير متوافقين على الإطلاق، كان من أهم ما دار فيه تلك الجملة الشهيرة التي توجه بها أحد أطراف الإجتماع للآخر، وقد كانت معبرة ودقيقة: (لن نسمح لكم بأن تحسموا عسكرياً، لأن هذا لن يعفيكم إذا ما حسمتم عسكرياً أن تحكموا من قهرتم، ولن نسمح للآخرين أن يحسموا عليكم لأنهم لن يستطيعوا أن يحكموكم هناك لأنهم قاهروكم).
القائل هنا هو الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد، متوجهاً بكلامه لزعيم الحركة الوطنية اللبنانية كمال جنبلاط، والتي كانت تقاتل قواتها في بداية الحرب الأهلية اللبنانية إلى جانب الفلسطينيين ضد قوات حزب الكتائب تساندها القوات السورية في تلك الفترة.
ما جعلنا نستذكر الحرب الأهلية اللبنانية اليوم، هو تخوفنا مما نراه من مقدمات لحرب أهلية أبشع، تدق أبوابها وبشدة في قلب بلاد الشام، أما إستذكارنا لتلك المقولة فهو لإهدائها لكل ظالم متجبر في النظام السوري اليوم، وهي دليل كاف على إدانة النظام، وعلى أنه يعلم يقيناً بأنه لا يمكن له أن يحكم من سيقهر، وإن فعل، فذلك لن يعفيه من جرائمه وإستبداده أبداً.
وإذا ما تأملنا في أحوال الأحبة في الشام اليوم، بعد تفجير مبنى الأمن القومي "المثير للجدل" وسط دمشق الشهر الفائت، ثم إستهداف وسط العاصمة مجدداً اليوم بتفجير رئاسة الأركان العامة للجيش السوري، وقبله سقوط أحد أهم رجالات سوريا في لبنان، ميشال سماحة الذي قبض عليه قبل أن يبث الرعب في شمال لبنان، تنفيذاً لأوامر النظام السوري، إضافة لإنشقاق الرجل الثالث في النظام السوري بعد الرئيس ونائبه، رئيس الوزراء الأسبق رياض حجاب، وقد أكد أن النظام لا يسيطر على أكثر من 30% من الأراضي السورية، ولا ننسى إنشقاق صديق رئيس النظام السوري العميد مناف طلاس، وما سبق ذلك ويتبعه بدون هوادة من مجازر يومية للنظام، إنتقاماً من شعب رفع رأسه، وقال للظلم "لا".
نتأكد من جديد دخول النظام في لعبة "الوقت بدل الضائع"، ولكننا في الوقت ذاته ننظر إلى حال أحبتنا في سوريا بكل الأسى والحزن، وقد تاهت بوصلتهم بين الخضوع لنظام لم يعرف غير طريق الإستبداد والقمع، ويزيد في طغيانه كل يوم، وبين معارضة لم تكفها الدماء التي أريقت حتى الآن لتقف صفاً واحداً موحداً في وجه الظلم للأسف، وبين العالم الذي ينظر للأزمة من بعيد، بترقب وتردد، وحذر شديد، خوفاً من إنتقال الأزمة إليه.
لكن أملنا في نصير الظالمين لا ينقطع، ونسأله في هذه الأيام المباركة عز وجل أن يعجل لأحبتنا في سوريا الخلاص القريب من الظلم والظالمين بإذن الله، كما نتمنى أن نرى أحبتنا في سوريا موحدين في وجه الطغاة الظالمين، فكفى بلاد الشام ما رأت من مآسي وآلالام حتى الآن، وعلى الثورة التي قامت ضد الظلم والإستبداد أن تحافظ على خطها، ولا تسمح لأحد بإستغلالها تحت أي مسمى ديني، أو عرقي، أو مذهبي، أو مناطقي، أو يظهرها بمظهر التطرف والظلم الذي ثارت ضده منذ البداية.
يبقى سؤال يحيرنا، عندما نرى بلاد الشام تتلاطم وسط الفتن التي أصبح معها الحليم حيراناَ.
ترى من إنشق عن الآخر؟
سوريا الحرية، سوريا المحبة والسلام، هي التي إنشقت عن نظام الأسد؟
أم نظام الأسد الساعي كل لحظه لتأكيد تميزه في الظلم والطغيان، هو من إنشق عن سوريا؟

سؤال تتكفل الأيام القادمة بإجابته، لكن ما نعرفه جيداً، أنه كما ذهبت زعامات الحرب الأهلية في لبنان من قبل، وبقي لبنان، فحتماً جميع الطغاة والظالمين سيذهبون يوماً، طال الزمان أو قصر، وستبقى الشــــــام، شامخة عزيزة بأهلها الأبطال، وحريتها وكرامتها، وكبريائها.

وفي الختام نتمنى من صميم قلوبنا أن يبلغنا الله عيد الفطر المبارك وأمة العروبة والإسلام تنعم بالحرية والهناء، بدون طغاة وظالمين وإراقة دماء ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات