لقد قرأت التحقيق المتعلق بتسريب الإمتحان ووجدت فيه ما يندى له الجبين مما وصلنا اليه من ان امتحانا عاما يريد ان يقيس مستوى وقدرات التلاميذ تصل به المهازل لهذه الدرجة و لهذا المستوى من الفساد والغش والتسريب والتغشيش والتسيب.
فالمسؤولية تقع على كل من ساهم بعملية الغش بداءا من الوزارة ان كان احد يساعد هؤلاء بتسريب الورقة الأمتحانية قبل موعدها كما فهمنا اوفي يوم امتحانها ، والمسؤولية تقع على المعلمين المراقبين ،والفراشين واصحاب المكتبات والمعلمين المتعاونين بحل الأسئلة لهذه العصابة وعلى بعض الأهل الذين لهم الدور الأكبر في هذا الفساد الذي وصلنا اليه في امتحان عام والذين يرضون لأنفسهم بمساعدة ابناءهم على الغش ، ويفرحون بنجاح ابنهم غشا وتزويرا ، فكيف سيكون موقعنا بين دول العالم من هذا العار.
والشيئ المخزي والمخجل ، الأب الذي يفاخر بأنه من اهل الفزعات لمساعدة ابنه ورفاق ابنه ويعمل على تحطيم وتكسير بل ألأعتداء احيانا على المراقبين من اجل ان يحصل ابنه على علامات عليا في امتحان الثانوية وهو فاشل ساقط ، فإذا كان هذا الأبن الهمام قد بدأ حياته بسرقة ونصب وفساد بمباركة من الأهل ، فكيف بهذا الصنديد عندما سيذهب للجامعة ويتخرج من الجامعة وهو اساسا غير كفؤ لها ، فخلال الدراسة سيكون دوره الأكبر في المشاجرات والمشاحنات والفوضى وعدم الإنتباه للدرس وعدم التقيد بالإنظمة والقوانين في الجامعة ،لأن ما بني على باطل فهو باطل .
فهل الفساد هو فقط سرقة المال العام او استغلال المنصب ، اليس هذا هو الفساد بعينه ؟ الغش في الأمتحان ، ومن غشنا ليس منا . والغش والسرقة بالوظيفة بعد التخرج .
وإن من بدأ حياته بالغش والتزوير سيستمر بها وسيظل بل تزداد شهيته لكل مافيه من غش و فساد لأنه الطريق الأقرب للوصول للمآرب على حساب الغير .
كنا في دولة الإمارات حين فترة عملي هناك بالتدريس يتم عمل اسئلة بديلة لكل مواد الثانوية لأنه في حال تم تسريب اسئلة لبحث ما فلا بد من ان تكون الأسئلة لبديلة جاهزة ويلغى الأمتحان الذي سرب ويعلن عن موعد جديد للأمتحان ثانية فيه حتى يأخذ الجميع حقه .
نطالب الوزارة التحقيق الفوري بهذا الأمر وعدم تركه على انه تقرير يريد منه وبه صاحبه الشهرة نحن نرى ان تعيدوا الهيبة للتعليم الذي كنا نفاخر به الدنيا واصبح اليوم مهزلة واي مهزلة ، وللأباء الشرفاء كيف ترضى لأبنك الفساد قبل ان يبدأ حياته العملية ؟ وللأبناء الأعزاء كونوا اهلا للثقة بأنفسكم كونوا اهلا للمسؤولية ؟ كونوا عونا للوطن بعلم نافع جاد وليس علما مزورا مغشوشا كطعامنا المغشوش الفاسد .
قد تكون هناك دوافع للغش ولكن لا يعني ان التوجيهي هو نهاية العالم ، لاحظت الكثير من العائلات التي يكون لديها ولد او بنت في التوجيهي تكون في حالة استنفار وقبل الدراسة من الصيف تعليم بالمراكز الصيفية ، معلمون لجميع المواد ، عدم الكلام في البيت إلا همسا ، توقف الزيارات والدعوات بحجة ان لدينا توجيهي ، هل هذا يعني اننا نساعد هذا القابع للدرس بالراحة والطمأنينة ونعطيهه الدافعية والقابلية للمتابعة في الدرس والجد والإجتهاد ،برأي الشخصي المتواضع ، اننا نزيده توترا وقلقا ولا نجعله يحس بالراحة ،بل يحس انه منبوذ ، لأنه ممنوع من الخروج ألا للأكل او الدخول للحمام اكرمكم الله.
فكيف بالله نعطيه الثقة ونعطيه الراحة ، ان الأمر ليس بهذه الصعوبة وبهذا التشدد والتضيق لمن في بيته توجيهي يا اخوان . دعوه يخرج، يتنفس يلهو قليلا .
ومن خبرتي كان لي ولدان قدما الثانوية العامة في الأمارات وحصل الأبن الأكبرمنهما على معدل 97 والثاني حصل على 94 وكانا يعيشان حياة طبيعية بل كانا يشاهدان برامجهما المفضلة على التلفاز وفي نهاية الأسبوع يخرجان للمرح مع اصحابهما دون منع ودون تشديد منا .
ومن المؤسف حين عدنا لتعليمهما في الأردن ودخولهما الجامعات قالوا بان الأمتحان خارج الأردن ليس بمصداقية امتحان الأردن وان التسعين بالخليج كما زعموا لا يعادل السبيعين في الأردن ""؟؟ وليتهم ما زعموا .
فلقد راينا وشاهدنا ما هو التوجيهي الأردني وما هو التوجيهي الخليجي "" حتى لم نجد لإبني الكبير في جامعاتنا الحكومية التجارية إلا مقعد على الموازي ، فهل هذا عدلا ، في حين الغشاش من قدم التوجيهي الأردني ولو بأقل من سبعين ربما يدخل بمنحة وقبول تنافسي او بمبلغ بسيط يدفعه ، فهل هذه مصداقية في التوجيهي الأردني ، وفي ادارات جامعاتنا التي تمتص عرق المواطن لتعليم ابنائه.
ولكن ومع ذلك ورغم تعلمهما والحمد لله من فلوسنا وليس على حساب اي جهة مانحة للأعطيات وقد تخرج احدهما مهندسا بحمد الله ، والثاني دخل في تخصص لم يضعه في باله وحسابه لأن معدله يؤهله لتخصص افضل ، ولكن والحمد لله تخرج ايضا ولله المنه ودرس على حسابنا الخاص
اقول لهؤلاء ممن اتهمموا التوجيهي بالخليج من ان النجاح هناك بالخليج يكون بجدارة صاحبه لا بالغش ولا بالتزوير ولا بالعنتريات ولا بالمحسوبيات التي نراها هنا في امتحان الثانوية الأردنية التي كنا نتباهى بمصداقيتها ، و التي اراها فقدت في هذا الزمن الذي نحن فيه ولكن نتمنى ان يعود للتوجيهي الأردني بريقه وألقه ، كما قدمناه في الماضي بجد وتعب وبكد وبلا غش و بلا تزوير وفساد وبلا موبيالات .