أمنُناَ الغِذَائِيُّ يَفتِكُ بِهِ حِيتانُ الفَسَادِ


قدرُ الشعبِ الأردنيِّ أنْ يعيشَ الفسادَ بكلِ صُوَرِهِ وأشكالهِ ؛فَمِنْ الفسادِ المؤسساتي المُتفشِي فِي البلدِ طولاً وعُرضًا ،مرورًاً بالفسادِ السياسيِّ وما ينتجُ عنهُ مِنْ أزْماتٍ متتاليةٍ أوصَلَتْ البلدَ الى حافةِ الانهيارِ الذي فاقَ كلَّ المقاييسِ والخيالِ ، حَطّتْ رِحالَ الفسادِ أخيرًاً على لُقمةِ عيشِهِم ،مُستهدفًا هذهِ المرةِ حياتَهم بشكلٍ مباشرٍ ،ضارباً أبسطَ حقوقِ المُواطِنِ الحياتِيَّةِ.
فالمواطنُ الأردنيُّ يعيشُ ومنذُ زمنٍ سلسلةً طويلةً وعديدةً من المُعاناةِ ؛وتُعَدُّ ظاهرةَ الأطعمةِ الفاسدةِ الوجهَ الاخرَ للإرهابِ ،فكثيرٌ مِن الأطعمةِ التي يتمُّ بيعَها في السوقِ الأردنِيِّ هي في حَقيقتِها غيرُ صالحةٍ للاستهلاكِ البَشرِيِّ ؛ وهي واحدةٌ مِنْ ازْمَاتِ الأردنِيين الكثيرةِ .
فالمُتلاعِبون بِمقدراتِ الأردنِيين كَثيرون ولا وجودَ لرادِعٍ أو قانونٍ يَحفظُ حقَّ المُواطنِ ؛ولا تُوجدُ جمعياتٌ لحمايةِ المُستهلِكِ وفي حالِ وجودِها فهي صُوريَّةٌ ؛حيثُ وجدنا كثيرًا مِنْ الاتفاقاتِ التِي عُقِدَتْ عَنْ طريقِ سماسِرةِ السوقِ لإدخالِ الأطعمةِ الفاسدةِ دونَ الاكتراثِ بأرواحِ الابرياءِ الذين أصبَحوا حَقلاً لتجاربِ كلِّ مَنْ هَبَّ وَدبَّ .
إنَّ استيرادَ الاطعمةِ الفاسدةِ هي جزءٌ مِن مُخططٍ كبيرٍ يستهدفُ كلَّ مناحِي الحياةِ ؛ليبقَى الشعبُ الأردنِيُّ عُرضةً للقتلِ ،حتَّى في تِلكَ الحقوقِ التِي تساوي بَينَنا وبينَ الحيواناتِ وهو الطعام .
إنَّ الكارثةَ التي حلّت بالأردنِّ مُؤخرًا وتسبّبَتْ بفضيحةٍ كُبرى هزَّتْ أركانَ المُجتمعِ الأردنِيِّ ؛وأثارتْ هلعاً كبيراً بين المواطنين بعدَما ضبطِتْ فِرَقِ التفتيشِ في مؤسسةِ الغذاءِ والدواءِ كاملَ موجوداتِ الشركةِ المُحتكِرةِ لسوقِ اللحومِ في المملكةِ فاسدٌ لا يَصلُحُ للاستهلاكِ البشرِيِّ ! بعدَ أيامٍ قلائلَ علَى إشادةِ وزيرِ التجارةِ والصناعةِ د. شبيب عمَّارِي صاحبُ الولايةِ بمعاييرِ السلامةِ الصحيَّةِ التِي تُطبِّقُّها الشركةُ في مَصانِعها ؛وقيامُها أيضًا بإغلاقِ عددٍ كبيرٍ مِن فروعِ المطاعمِ العالميةِ ومشاغلَ لِكبرى محالِّ الحلوياتِ والشاورما التي لا تحترمُ آدميةَ الإنسانِ الأردنيِّ ؛بعدما وجدتْ مَوجوداتُها مِنَ الدجاجِ الفاسدِ والموادِ الأوليَّةِ والزيوتِ المُأكسَدةِ التي تتسببُ بحدوثِ مَرضِ السرطانِ مُخزَّنًا في ظروفٍ غيرٍ صحيَّةٍ ؛بلْ بعضُها مخزَّنًا في أماكنِ الصرفِ الصحيِّ ،في ظلِ غِيابٍ واضحٍ للرقابةِ الرسميَّةِ وتراخِي الجِهاتِ المَعنيَّةِ في مراقبةِ السلامةِ الغذائيَّةِ والصحيَّةِ.
والسؤالُ الذي يتبادرُ للذهنِ : ماذا عَنْ مِئاتِ بلْ آلافِ الأطنانِ مِن اللحومِ والأسماكِ والدجاجِ الفاسدِ التِي بِيعَتْ خِلالَ السنواتِ والأشهرِ الماضِيةِ وهي منتهيةُ الصلاحيَّةِ ، وابتلعَها كلُّ مَنْ وُجِدَ على أرضِ الأردنِّ وأنتُمْ عنها ساهون .
سؤالٌ برسمِ الإجابةِ : أينَ كُنتم يا مؤسسةَ الغذاءِ والدواءِ طيلةَ السنواتِ الماضِيَةِ ؟ وماذا عن 61 طنًا مِن الألبانِ الفاسِدةِ التي ضبطتموها في إحدى الشركاتِ المُصنِّعةِ فاسدةً بموجبِ محضرٍ رسمِيٍّ حيثُ سمحتم للمصنعِ بتحويلِ الألبان الفاسدة الى لبنةٍ وجميدٍ سائلٍ ؛ وقُمتُمْ بنقلِ كافةِ الطاقمِ الذي قامَ بالتفتيشِ على المصنعِ بحجَّةِ واهيةٍ بدلاً مِنْ مكافأتِهم على إخلاصِهم . لِيُصارَ إلى تشكيلِ لجنةٍ جديدةٍ للكشفِ على المصنعِ ،ليخرجَ الفريقُ الجديدُ بكشفٍ يدَّعِي خلوَّ المصنعِ مِن ايِّ سلبياتٍ تُذكرُ بلْ زادت اللجنةُ الجديدةُ بأنَّ المصنعَ ،الذي كانَ قبلَ اسبوعٍ مُعرَّضًا للإغلاقِ ، مُطابقٌ لجميعِ الاشتراطاتِ الصادرةِ عن مؤسسةِ الغذاءِ والدواءِ !.
أينَ هي الرقابةُ الحكومِيَّةُ ؟ ،بل أينَ هي أمانةُ المَسؤوليَّةِ ؟! [أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ* لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ]المطففين4
لماذا لا يُقدِّمُ هؤلاءِ ومَنْ يتستَّرُ عليهم إلى النِيابةِ العامَّةِ بِجُرمِ مُحاولةِ القتلِ ؟ أمْ أنَّهُ سَيُصارُ إلى لَملمةِ الموضوعِ وكأنَّكَ يا أبو زيد ما غزيت ؟ لأنَّ هناكَ جهاتٍ نافذةٍ استفادتْ هي الأخرى مِن هذهِ التجارةِ الحرامِ ،وستعملُ على إعادةِ المِياهِ إلى مَجارِيها بينَ [الحيتانِ] وأصحابِ البطونِ الجائعةِ مِن خلالِ صَكِّ براءةٍ فاسدٍ هو الآخرُ ،كما فعلَ وزيرُ الصناعةِ والتِجارةِ ؟
أينَ دورُ حمايةِ المُستهلِكِ ؟ إنَّنِي أدعو إلى إنشاءِ هيئةِ طوارئٍ تُعنَى بالأمنِ الغذائِيِّ ، و كشفِ أسماءِ الموزِّعين وكلّ المطاعمِ والفنادقِ والمؤسساتِ التي اشترتْ وباعتْ هذهِ اللحومِ ليطمئنَّ المُواطنُ مِن جهةٍ ،وتبدأُ عمليَّةُ المحاسبةِ فعلياً لِوضعِ حدًّ لِهذهِ الجريمةِ.
فهلْ يجرؤ أحدٌ بعدَ ذلكَ أنْ يكبحَ جماحَ مَنْ يَعبثُ بِقوتِنا ؟ هلْ يجرؤ أحدٌ على اتخاذِ قرارٍ حاسمٍ بحقِ هؤلاءِ المُجرِمِين ؟ هلْ يجرؤُ السيِّدُ المسؤولُ مهما كانتْ صِفته أنْ يُعلِنَ صراحةً أنّهُ مُخطئٌ ومُقصّرٌ فيغادرَ؟
ويبقَى السؤالُ الأهمُّ ،ما هو تأثيرُ هذهِ الموادِّ الفاسدةِ على حياةِ النَّاسِ؟ يُؤكدُ المسؤولُ عن المختبراتِ في مُستشفى سان شارل الدكتور طوني فضّول أنّ “استهلاكَ اللحومِ الفاسدةِ فيه من الخطورةِ على صِحةِ المواطنِ إلى درجةِ إنهاءِ الحياةِ ! ويَعرِضُ تداعياتِ تناولِ اللحمِ الفاسدِ والعوارضِ الصحيَّةِ التي يمكنُ أنْ يشعرَ بها المريضُ ،فيقول إنَّ أنواعاً عديدةً من الطفيلياتِ يُمكنُ أنْ تحويها اللحومُ المنتهيةُ الصلاحيةُ والتي تسببُ مرضَ الزُحارِ (Dysentery)، كما أنَّها قد تؤدي إلى إصابةِ الحواملِ بداءِ المُقوِّساتِ أو Toxoplasmosis، الذي من شأنه أنْ يتركَ تشوهاتٍ خَلْقِيَّةٍ عند الجنينِ.
كما تحتوي اللحومُ الفاسدةُ أيضاً على الفيروساتِ الغدانيةِ Adenoviruses والفيروس العجلِي Rotavirus التي تسببُ الإسهالَ ،وهي ذاتُ خطورةٍ عاليةٍ إذا ما أصابتْ الأطفالَ .كما أنَّ هناكَ نوعاً من الطفيلياتِ Parasites يُؤدي إلى تشمّعِ كبدِ الإنسانِ ،إضافةً إلى مًرضِ الحلزونِ الذي يُصيبُ مُتناولِي اللحومِ النيئةِ .
هذهِ الأمراضُ ،عادةً ما تظهرُ عوارضُها فورَ تناولِ اللحومِ الفاسدةِ ،وفي أقصى الحالاتِ بعدَ ثلاثة ِأيامٍ لكنْ ثمَّةَ ما هو أخطرُ وأصعبُ! إذْ أنّ بعضَ الفيروساتِ والبكتيريا تظهرُ عوارضُها بعدَ مرورِ عشرِ سنواتِ.
إنّ بروتين البريون Prion المسببَ لمرضِ جنونِ البقرِ خطيرٌ جداً ويحتاجُ إلى حرارةِ تفوقُ الـ500 درجةٍ مؤيةٍ وهذا ما لا يحدثُ في أثناءِ الطبخِ ،ويتركُ ترسباتٍ على المَدى الطويلِ في الدماغِ مِن شأنِها أنْ تُعرِّضَ المريضَ إلى مَشاكلَ ،ومِنها فقدانُ التواصلِ معَ الواقعِ ،وحتى الموتِ. أمَّا الحُمّة المالطيَّة مثلاً فيمكنُ أنْ تستقرّ في العمودِ الفِقرِي مسببةً التهاباتٍ مزمنةٍ.
مِنْ ناحيةٍ أخرى لا نعرفُ ،هلْ تلاعبَ تُجَّارُ هذهِ اللحومِ الفاسدةِ بها عبر إضافةِ موادٍ كيماويةٍ أو مُلوِّناتٍ غذائيةٍ بُغيةَ حِفظِها لأكثرِ وقتٍ ممكنٍ ؟ علماً أنَّ هذهِ الموادِّ تُسبِبُ أمراضاً سرطانيةً.
الَّلهمَّ عليكَ بِمَن يعبثُ بلقمةِ عَيشِنا الَّلهمَّ شتتْ شّملَهم وأدِرْ عليْهم دائرةَ السوءِ واجعلْ تدمِيرَهم في تَدبيرِهم يا حيُّ يا قيومُ.
Montaser1956@hotmail.com








تعليقات القراء

ابو بركات
فساد حتى النخاع لا يمكن اصلاحه الا بالبتر ...... والباقي عندكوا
30-07-2012 03:38 PM
هاني المرشد
أمين يارب .. الله يسمع منك يا شيخ منتصر
30-07-2012 03:53 PM
خالد التميمي
والله يا شيخ منتصر مثل هؤلاء الفاسدين والذين يتلاعبون بقوتنا كان يجب على الحكومة ايقاع اقصى العقوبات بحق مثل هؤلاء وهو (الاعدام) وسحب تراخيص محلاتهم مدى الحياه ويكون قليلا عليهم لانهم عندما يبيعون لحوما فاسدة للشعب فانا اعتبرها انها محاولة قتل للناس مع سبق الاصرار
30-07-2012 09:02 PM
عدي منتصر الزعبي
والله الواحد مهو عارف من وين يلاقيها !! من حكوماتنا ولا من الأكل يلي بنشتري !! الله يعينك يا وطنا
01-08-2012 04:25 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات