عزوف الشباب عن الزواج


ما هي أسباب عزوف الشباب عن الزواج في الوطن العربي الاسلامي ؟

لقد اصبحت ظاهرة العزوف عن الزواج عند معظم الشباب وفي جميع ارجاء الوطن العربي الاسلامي في تزايد كبير مما يدعو إلى ضرورة التفات الجميع إلى تلك الظاهرة وتكثيف الجهود من أجل اعادة الامور الى مسارها الطبيعي ، ففي الماضي لم تكن ظاهرة تأخر سِن الزواج موجوده ، ففي زمان الصحابة والسلف الصالح وحتى في العهد القريب كان الزواج المبكر شيء تمتاز به مجتمعاتنا الإسلامية والعربية ، على الرغم من إن الدين الإسلامي لم يحدِد سِن للزواج ، إلأ أنه كان يدعو ويحبب الشباب في الزواج المبكر فقد قال الحبيب عليه الصلاة والسلام “يا معشر الشباب، مَن استطاع الباءة منكم فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء” (صحيح البخاري). ففي العهود السابقة كان الزواج أمراً ميسراً بدون اي تعقيدات ومتطالبات زادة ، ولكن في زماننا ومطالبه التي أصبحت تثقل على كاهل الشاب فترهقه أصبح الشاب يعكف عن الزوج ويعود ذلك الى عدات اسباب ماتشابكه بعضها البعض منها الوازع الديني ، الاقتصادي ، التربوي ، المجتعي ، التعليمي لذلك اسمحو لي انا اتطرق بختصر عن بعضها .

- ضعف الوازع الديني وقلة معرفتنا بالشريعة الاسلامية بسبب الغزو الفكري والإعلامي والعولمي، فالقد بعدنا عن تعاليم الإسلام التي تحفظ الأسرة والعقول والقلوب واندمجنا كلياً و بشكل كبير في المجتمع الذي نعيش فيه دون العودة إلى الأصول، مما أدّى إلى سهولة تقبّلنا للبضاعة المعروضة في المجتمع والتي تهدف أغلبها إلى إفساد المجتمع العربي الاسلامي بشكل خاص ، عبر وسائل الإعلام التي تعبث في عقول ومفاهيم أبناء الأمّة.. ويكمن خطره في قدرته على برمجة التفكير وتذويب المبادى وتغيير الأخلاق و القِيَم وتشكيل الثقافة وتوجيه الإدراك كيفما يريد، وكثير من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة تساهم في نشر أفكار غريبة عن مجتمعاتنا الإسلامية والمستقاة في أكثر الأحيان من المجتمعات الغربية.. مثل تأخير سن الزواج للشباب وللفتيات -بشكل أخَص- بدعوات مختلفة كضرورة التعلّم العالي وتأمين مورد مالي ووظيفة محترمة، وتحث على تقوية الشخصية والنضج والتساوي مع الرجل حتى لا “يسيطر” عليها فتصبح له تبعاً! وهي غالباً ما تُظهر للمرأة أنها حين تتزوج فستكون في موضع ضعف ومكسراً للعصا وعرضةً للعنف والاحتقار والخيانة والطلاق وكأنّ الحياة الزوجية عذاب وجحيم ما يجعلها تخشى الإقدام على الزواج.. في حين أن الشاب يتاثر بالإعلام الذي يظهِر المشاكل الأسرية بطريقة مشوّهة ومضخّمة فتنأى نفسه عن هذه المسؤولية المُكلِفة مادياً ومعنوياً!

- التغييرات الاقتصادية في ظل البطالة والفقر وندرة العمل والأزمة الاقتصادية ، ما يجعل الشاب غير قادر تأمين السكن وتكاليف الزواج وعلى تحمل مسؤولية البيت مادياً كم علينا إن لا ننسى غلاء المهور وتكاليف الزواج وكثرة متطلبات أهل العروس والتي تزيد على كاهل الشاب ، والعادات والتقاليد التي تحتاج الى المزيد من النفقات المالية ... ورفض الكثير من الفتيات السكن مع أهل الشاب تحت بند اللاستقلالية وخوفاً من المشاكل مع الاهل في المستقبل علمنا إن الوضع الاقتصادي في الماضي كان اسوء بكثير من اليوم لكن كان يسود ما يدعى بالتكافل الاجتماعي الغني يساعد الفقير والجار يدعم الجار ... والزواج من إجل الستره على الشباب وعدم ارتكاب المعاصي ، امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي بإسناد حسن عن أبي حاتم وهو:" إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد قالوا يا رسول الله وإن كان فيه. قال إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه .ثلاث مرات".أين نحن من هذا الحديث اليوم !!!!!!!!!!!!! لكن اليوم للاسف كثيرون هم من يبحث عن ماذا يملك او تمتلك من امول لأ ماذا يمتلك او تمتلك من اخلاق .

- التغيرت في تربية الآباء والأمهات للأولاد فترعرعوا وهم فاقدين القدرة على تحمل المسؤولية ونشأوا دون توعية مناسِبة وتفهم لمعاني الزواج وتحضيرهم منذ الصِغر للقيام بدورهم في المستقبل.. عدا عن تعليمهم فنون التباهي والتعلق بالماديات فخرَجوا أبناءا راغبين بالدنيا معرضين عن الدِين متمسِكين بالشكليات والمظاهر.. ليس لديهم الرغبة في تحمل المسؤولية أو تقييد الحرية الشخصية، حتى حين الاقبال على الزواج يبدوان التفتيش عن شروط معينة ومواصفات عالية في شريك الحياة خاصة إن كان الشاب أو الفتاة يتمتع بمميزات خاصة ...مثل المستوى التعليمي العالي للفتاة وطلبها لمَن يماثلها تعليمياً أو اجتماعياً رغبة الشاب غالباً بالفتاة الأقل منه سِناً وعلماً ..

قد يقول قائل أن مجتمعنا قد تغير شئنا أم أبينا ولا نستطيع أن نعود لأيام السلف فقد اختلفت المعايير وكيفية الحياة ، أقول نعم قد تغيرت ولكن بأيدينا أن نرفض هذه المعايير الجديدة ولكن هل نجرؤ فعلياً على ذلك أم أنها تناسب أهواءنا وتعلّقنا بالدنيا وبالتفاخر أمام الناس؟ أليست في زماننا للأمور المادية والطبقية الأولوية في قبولنا للشاب؟ أو ربما للفتاة؟! هل وعينا خطورة تأخر الزواج على بناتنا وشبابنا وإمكانية وقوعهم في الفاحشة والمعاصي أو تعرضهم لأمراضٍ نفسية وجسدية؟ ما نحتاجه فعلياً هو إعادة صياغة لتفكيرنا ومبادئنا ونظرتنا للقضايا وتجريدها من مسحة الجاهلية فيها والتعرف على نظرة الشرع لاتّباعه.


بقلم : صدام فلاح الدعجة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات