مقاطعة الإخوان ,ماذا بعد؟


إن قرار الإخوان المسلمين بالمقاطعة جاء مخالفاً للتوقعات السياسية المدركة لحقيقة الواقع السياسي في الوطن وعلاقة الاخوان به ,فقانون الانتخاب الجدلي وعدم رضا الإخوان عنه من عدة جوانب وعلى رأسها القائمة الوطنية لايشكل مبرراً واقعياً من الناحية الاستراتيجية والمكاسب السياسية الحزبية اذا ما قارنا اثر المقاطعة على الوضع الوطني المأزوم اساساً وعلاقة النظام بالحزب.

جميعنا توقعنا أن يشارك الإخوان في العملية السياسية لأن الإخوان يؤمنون بمبدأ تغليب المصلحة الوطنية وماغابوا في الحقيقة عن المشهد السياسي منذ نشأة الوطن وإن تغيبوا ظاهرياً في بعض الأوقات سابقاً ولكنهم كانوا في الحقيقة لاعبين ومؤثرين على الساحة.

التاريخ يحفظ بين ثنايا أوراقة بأن الإخوان هم من تصدوا وأفشلوا الحركات الإنقلابية القومية والبعثية ضد النظام وكانوا حماة للعرش إبان العهد الثوري في خمسينيات القرن الماضي و حكومة رئيس الوزراء سليمان النابلسي الناصري فأصبحوا من وقتها طفل النظام المدلل على امتداد عقود.

الأحداث الساخنة خلال الأيام الماضية ومنها الصراع في البيت الإخواني مابين القيادات حول المقاطعة أو المشاركة والذي تجاوز صداه المؤسسة الاخوانية و زيارة خالد مشعل التي جاءت وحسب تصريحات مشعل بطلب حكومي للوصول إلى نقطة إلتقاء مابين النظام والإخوان ولقاء الإخوة مع مدير المخابرات, كلها عكست حجم أهمية المشاركة وحجم الرغبة الحكومية الجامحة في مشاركة الإخوان السياسية.

الاخوان المسلمين هم أول من التقطوا بذور الربيع العربي وزرعوها في الشارع الأردني فنتج عنها إصلاح حقيقي ونتج عنها ايضاً الحراكات الفئوية التي تم إستغلال العديد منها فسقطت شعاراتها بصبغة عنصرية فتاه الحق فيها مع العصبية والظلم فتاهت البوصلة وانحرفت عن مسارها.

الإخوان المسلمين يدركون بأنهم ليسوا فقط بالشارع وبأن هناك إختلاف مع الكثير من الحراكات في السقوف والأهداف ولكن هناك اتفاق على رؤيا الاصلاح, وإن الأحداث المتلاحقة من اجتماع قوى الحراكات في البيت الاخواني وحصول الاخوان على بيان مقاطعة من الحراكات يسبق اصدار بيانهم بهدف توحيد الشارع على الرفض كل ذلك حدث حين ادرك الاخوان بأنهم إن اتفقوا مع الحكومة على سقوف اقل من السقوف العالية التي اعلنوها كأساس للمشاركة فالشارع وحراكاتة سوف تستمر في الخروج وربما بشكل اكبر رداً على ذلك.

وهنا يظهر ان السبب الحقيقي في قرار المقاطعة الإخواني هو سبب خارجي متعلق بقوى المعارضة ككل بأحزابها وحراكاتها وجبهاتها وليس متعلقاً فقط بالجبهة الداخلية بالمؤسسة الإخوانية المبنية في النهاية على المؤسسية التي تعتبر هي مرجعية القرار فيها, وليس الشخوص الإخوانية الإعلامية.

لن ننكر بأن الربيع الأردني والمعارضة الوطنية عملت على تسريع عمليات الإصلاح وساهمت في تسريع التنفيذ للرؤية الملكية التي بدأت الإصلاح منذ عشر سنوات واكثر ولكنها كانت تحارب دائماً من قوى الشد العكسي التي ترتدي عباءة الحرس القديم بدعوى المحافظة على الهوية الأردنية الشرقية .

ان الحديث اليوم عن المقاطعة يعني الدخول في سراديب مجهولة النتائج,فرفض الإنضواء تحت قبة البرلمان لكافة القوى يعني التمسك بالشارع إلى أخر مدى والدخول إلى مرحلة جديدة من الشعارات والمطالب, وازدياد عدد الحراكات ومحاربة العملية الانتخابية اعلامياً وسياسياً وفي الشارع وهذا ما سيدخلنا في جميع الإحتمالات السيئة التي ستنتهي بالفوضى إن لم يتم تدارك الأمور عن طريق استمرار الحوار.

إن رفضنا لأي محاولة لإشراك المخيمات والأردنيين من أصول فلسطينية في هذه الحراكات جاءت من عدة أبواب فهذه الفئة هي دائماً من تدفع الثمن على مواقفها الوطنية لأنها تُستغل من قبل أصحاب الأجندات, وأحداث السبعين خير دليل وآثارها المستمرة لغاية الآن من ظلم وتهميش وسحب أرقام وطنية وغياب للعدالة في التوظيف المدني والعسكري والتمثيل البرلماني.

24 آذار كان تحولاً خطيراً حين حاولت العديد من الجهات المدسوسة إستغلال سمعة هذه الفئة الوطنية الوفية للنظام والوطن من الأصول الفلسطينية لمحاولة زرع بذور الفتنة بين الأردنيين وإلصاق أسباب إحداث الفوضى الوطنية بها فكان النأي بالنفس عن الشارع هو الضامن لعدم الإنجرار لفتنة يبحثون عنها .


نحن نحمل رسالة إصلاح وبرغم المعاناة التي خضناها للوصول إلى قبة البرلمان بأفكارنا التي يعتبرها الكثيرون من أصحاب المصالح والمكتسبات عنصرية, فكانت تسمية نواب الحقوق المنقوصة هي السبة التي ينعتوننا بها ونحن سنستمر بالمطالبة بحقوقنا الوطنية حتى العدالة الكاملة ونحن نطمح في المستقبل أن يكون في مجلس النواب عشرات النواب ينضوون تحت فكر وايديولوجيا نواب المخيمات التي تنادي بالعدالة الوطنية الحقيقية .

كل مانخشاه اليوم وغداً, أن تنحدر بنا الأمور وأن يسوء الوضع المجتمعي وتسود لغة الغاب في ظل إنفلات أمني سوف يزداد يوماً بعد يوم وعند كل حادثة صغيرة إن إستمرت سياسة الأمن الناعم والتراخي الأمني أو أن ندخل في حالة صعبة أخرى هي القمع الأمني إن حاولت القوى الامنية معالجة التسيب المرفوض بالعنف المضاد وهذا ماسوف يؤدي إلى دخولنا في دوامة العنف المتبادل والفوضى المجتمعية.

نسأل الله أن يحمي الوطن والشعب والمليك ويجنبنا الفتن ماظهر منها ومابطن



تعليقات القراء

مواطن قرفان
في ظل مقاطعة الاخوان ينتج عنا نواب مثلك نجحوا بالبراشوت عاجزين عن تمثيل أنفسهم فكيف سيمثلوا الشعب . عارفينك يا نائب انو حضرتك ما جاب 500 صوت
14-07-2012 04:02 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات